اللواء محمود الناطور “ابو الطيب”: في الذكرى السابعة والثلاثين لاستشهاد القائد خليل الوزير “ابو جهاد”

اللواء محمود الناطور “ابو الطيب” 16-4-2025: في الذكرى السابعة والثلاثين لاستشهاد القائد خليل الوزير “ابو جهاد”
يوافق السادس عشر من نيسان هذا العام ، الذكرى السابعة والثلاثين لاستشهاد خليل الوزير “أبو جهاد” (نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية)، الذي أقدمت اسرائيل على اغتياله، مستخدمة اخطر الامكانيات العسكرية، في مشهد اعتادت اسرائيل على استخدامه في عمليات الاغتيال، لإبعاد القادة الفلسطينيين الأكثر قربا للوعي النضالي الفلسطيني والأكثر تأثير في مجريات الصراع.
لقد جاء قرار اغتيال القائد خليل الوزير “ابو جهاد”، مع استمرار الانتفاضة الاولى ونجاحها في اختراق جدارالصمت العربي والدولي الذي حاول أن يلف القضية الفلسطينية ويعزلها عن حقائق الحق والعدل والحرية .. وعجز جيش الاحتلال الإسرائيلي بكافة أدواته عن وقف هذا الاندفاع الثوري للشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
وعندما أكتب قصة استشهاد الأخ (أبو جهاد) فإنني لا أروي ذكريات، أو تفاصيل أحداث مضت، إنما أسطّر دروس وعبر هي من حق أجيالنا المقبلة ليعلموا أن مسيرته النضالية كانت نتاجا طبيعيا للمسيرة التي قادتها حركة فتح، متسلحا ببرامجها وشعاراتها السياسية، كما التزم الأخ الشهيد بذلك مقدما مفهوم الرافعة السياسية لحركة فتح وللقوى الوطنية الفلسطينية وهي الرافعة التي أوجدت جيلا من المناضلين في المجالات العسكرية والأمنية والجهاد في سبيل أهدافنا الوطنية، ذلك الجيل الذي جعل من حركة فتح هي الرد الطبيعي والتاريخي والسياسي والأخلاقي والإنساني على النكبة التي تعرض لها شعبنا في العام 1948، وفجر من خلالها الثورة والكفاح المسلح والانتفاضة وما تحقق عنها من مكاسب وطنية.
وبعد هذه السنوات الطويلة، اسعى الى الكشف عن احد اهم الاسرار التي دفعت اسرائيل لاغتيال الشهيد ابو جهاد ، الذي وقف وراء اخطر العمليات الفدائية في تاريخ الصراع ، ليس فقط عملية كمال عدوان الفدائية في العام 1978م بقيادة دلال المغربي والتي عرفت بأنها من اخطر واجرأ العمليات الفدائية الفلسطينية. وعملية مفاعل ديمونا التي نفذتها مجموعة فدائية من حركة فتح ضمت كل من محمد خليل صالح الحنفى، محمد عبد القادر محمد الحسينى وقائد العملية الشهيد البطل عبد الله عبد المجيد كلاب ، والتي نجح فيها الشهداء الثلاثة باختطاف باص يقل مجموعة من العلماء الاسرائيلين العاملين في مفاعل ديمونة. فالعملية البطولية التي خطط لها الشهيد ابو جهاد في العام 1985 لاقتحام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية وأسر كبار الضباط والعاملين في الوزارة بما فيهم اسحق رابين وزير الدفاع آنذاك، وفق رؤيته القائلة: “سنجبر إسرائيل على البقاء في حالة استنفار”. رغم أن العملية لم تنجح كما خطط لها أبو جهاد، إلا أنهاكانت بالنسبة للقيادة الإسرائيلية ناقوس خطر مرعب خرق قواعد الصراع بين الطرفين.
لقد كانت كلمات الشهيد ابو جهاد الاخيرة التي قال فيها “لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة “، تجسد وصيته أن نواصل الطريق وان يستمر النضال من اجل فلسطين وحريتها واستقلالها. ومن هنا فاننا نؤكدان هدفنا دائما وأبداً سيركز على ضرورة واهمية الرد على الرواية الاسرائيلية التي تحمل الكثير والكثيرمن الاكاذيب، والتي سنسعى لدحضها ، رغبة منا في ايصال الرواية الفلسطينية الحقيقية عن هذه المرحلة الى الأجيال الصاعدة، “فمعركة الرواية” لا تقل ابدا عن أهمية المعارك العسكرية التي خاضتها الثورةالفلسطينية طوال سنوات نضالها من اجل حرية واستقلال الشعب الفلسطيني.
ولعل من اهم الأسباب التي دفعتني الى نبش الذاكرة الفلسطينية، هو هذا الفيديو الذي انتشر على الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي قبل عدة سنوات، والذي اعتبرته بمثابة كارثة في تاريخنا الفلسطيني المعاصر عندما فشل الكثير من طلاب جامعاتنا في التعرف على شخصية الشهيد خليل الوزير ابو جهاد. واعتبرته “عار وطني” نتحمل جميعا مسؤوليته .. فنقل التاريخ لهذا الجيل هو مسؤوليتنا جميعا .. لا ان تبقى حبيسة في ذاكرة البعض منا. وهو ما قد يسمح للكثيرين بالتأمر لاعادة كتابة هذا التاريخ وتزويره وفقا لمصالحهم الشخصية واهواءهم وتعاونهم مع جهات معادية لتاريخنا وشعبنا وثورتنا .
ولذلك فإنني أضع الأمانة أمام هذا الجيل الصاعد ، والتي تحتوي الكثير من تفاصيل واسرار عملية اغتيال الشهيد القائد ابو جهاد ، والتي وردت في الفصل العاشر من كتابنا:”حركة فتح بين المقاومة والاغتيالات” ، محاولا تقديم الحقائق والمعلومات حول عملية الاغتيال وأهدافها وأوجه القصور التي شابتها وأدت إلى نجاح المخابرات الإسرائيلية في الوصول إلى أهدافها، حتى يكون لدينا القدرة على استخلاص العبر والتعلم من دروس المضي والتاريخ الذي صنع بدم أولئك الشهداء الذين روت دماؤهم الطاهرة طريق الحرية والاستقلال.
[
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook