اللواء محمود الناطور “ابو الطيب”: المدرسة الوطنية للإدارة وصناعة الامل

اللواء محمود الناطور “ابو الطيب” 4-10-2023: المدرسة الوطنية للإدارة وصناعة الامل
لقد تشرفت بزيارة المدرسة الوطنية للادارة أحد مؤسسات دولة فلسطين، المؤسسة الفلسطينية الرائدة في تطوير قدرات موظفي القطاع العام وإدارة وتنمية الموارد البشرية والاستشارات وإعداد الدراسات العلمية والعملية لمؤسسات دولة فلسطين الحكومية. والتي أصبحت واقعاً مؤثرا، وعملت على إحداث نقلة نوعية في الجهاز الإداري، واصبحت صرحا وطنيا لتطوير الإدارة العامة في مؤسسات دولة فلسطين من خلال رفدها بالقيادات ذات الكفاءات الادارية والقيادية، لرفع كفاءة وفاعلية المؤسسات الحكومية نحو مزيداً من الإنجاز.
واطلعني الاخ موسى ابو زيد رئيس ديوان الموظفين العام ورئيس مجلس إدارة المدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة على مخططات تطوير وتنمية قدرات الموارد البشرية، والمرحلة المتقدمة التي وصلت اليها تلك المخططات واحدثت نهضة حقيقية في مؤسسات دولة فلسطين، من خلال البرامج التدريبية النوعية التي تقدمها المدرسة الوطنية وأنشطتها المختلفة التي تستهدف موظفي القطاعات العاملة في دولة فلسطين.
ورغم كل التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني، إلا أنه استطاع أن يبني تجربة مهمة في مجال الإدارة العامة والخدمة المدنية، وتمكن من نقل خبراته ليس فقط داخل فلسطين وإنما خارجها، رغم أنها لا تتمتع بالاستقرار، فالكل باستطاعته صناعة الفرق في مجال عمله.
ولقد كان من دواعي اعتزازنا ان نشهد تخريج دورة الادارة العليا لمتدربين من دول افريقية، في اطار برنامج تدريبي يشكل متدربين من نحو 50 دولة في مجالات ادارية مختلفة في المدرسة الوطنية. وعلمت ان المدرسة الوطنية للادارة قد نظمت، في مقرها في بلدة أبو شخيدم شمال رام الله، برنامج تدريبي خاص في الإدارة والقيادة، لكبار الموظفين 9 دول من شرق ووسط أوروبا: شمال مقدونيا ومولدوفا، بالإضافة إلى هنغاريا، لتوانيا، الجبل الأسود، بولندا، بلغاريا، لاتفيا رومانيا، كانت بمثابة فرصة رائعة لتعزيز علاقات الصداقة الدائمة، والتفاهم المشترك، من خلال المتدربين الذي يعملون كسفراء ينقلون الخبرة ومعاناة شعبنا إلى شعوبهم.
وهو الامر الذي ينطلق من الايمان العميق ان العلاقات بين الشعوب هي التي تصنع التأثير الاعمق على الحكومة التي تظل العلاقات معها مقتصرة على الاشكال الرسمية التي قد تخضع لتأثيرات قطاعات جماهيرية وشعبية مؤثرة، وهو ما يمكن ان يبنى عليه من خلال الدورات الادارية التي تقوم بتنفيذها وتنظيمها مدرسة الادارة الوطنية الفلسطينية. التي تشكل بالفعل إضافة نوعية نحافظ من خلالها على علاقتنا عبر الموارد البشرية المتميزة، والبقاء على خارطة العالم.
وهو الموقف الذي اعاد الى الاذهان تلك المرحلة التي كان اسم فلسطين يلمع في الافاق بالرغم من كل التحديات، عندما كانت مؤسسات الثورة الفلسطينية في بيروت تستقبل العديد من المناضلين من حركات التحرر من دول العالم المختلفة، وهو ما جعلها في تلك المرحلة يطلق عليها “ملتقى الثوار”، وكانت مكاتب ومعسكرات الثورة الفلسطينية في تلك المرحلة تعمل على تجهيز وتدريب تلك الكوادر الثورية التي عادت الى بلادها لتصنع تاريخاً، كان الفضل الاول والاخير فيه لفلسطين وثورتها.
لقد كنا شهوداً عندما شكلت انطلاقة حركة فتح، ولادة حقيقية لحركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة بعد النكبة، لتعيد الاعتبار لهوية الشعب الفلسطيني وشخصيته الوطنية، وتلفت كل الأنظار إلى القضية الفلسطينية وعدالتها ومكانتها بين حركات التحرر في أرجاء العالم. وانتقلت حركة فتح من حركة تحرر وطني، واصبحت إحدى أبرز حركات التحرر الوطني في العالم.
وعايشنا التجربة عندما كان يقوم الاخ القائد الرمز ياسر عرفات بتأجيل اجتماعاته لاستقبال وفداً من حركات التحرر من امريكا اللاتينية، وعندما كان يعود الاخ خليل الوزير “ابو جهاد” مسرعا من قواعد الثورة الفلسطينية في جنوب لبنان لاستقبال وفدا من حركات التحرر من افريقيا، ونجح في نسج علاقات صداقة وتضامن واسعة مع العديد من زعماء حركات التحرر الوطني في العالم. وعندما كان فاروق القدومي “أبو اللطف” يمتلك ملكة التنظير السياسي التي اخترق بها أهم النظم العربية واكتسب تأييدها لصالح الاعتراف بحركة فتح والثورة الفلسطينية، فهو أول من التقى بالرئيس عبد الناصر بصحبة صلاح خلف، والعديد من القادة العرب وقادة حركات التحرر الوطني. الذين كان لهم دورا هاما ومؤثرا في دعم نشاطات حركة فتح والثورة الفلسطينية ومساندة كفاح الشعب الفلسطيني في جميع انحاء العالم.
وها هي الايام تعود مجدداً بفضل جيل جديد من المناضلين، امثال الاخ موسى ابو زيد، الذي اعاد فلسطين الى قلب صناعة الحدث، من خلال تأهيل جيل جديد من القيادات في دول العالم، في مدرسة الادارة والارادة الفلسطينية، على الرغم من كل الصعوبات والتحديات التي نعيشها، ما يساهم في تعزيز العلاقات الفلسطينية مع شعوب ودول العالم.
لقد شاهدنا هذا الانجاز، الذي بعث فينا الكثير من الفخر والاعتزاز، وكذلك الامل، انه وعلى الرغم من حالة الاحباط التي نعيشها جميعا، فانه يبرز امامنا اشخاص يعيدون الينا الامل في الغد، ويؤكدون على ان فلسطين ستبقى في قلب الحدث، كما سيظل هؤلاء الاشخاص في قلب صناعة الامل.