#أقلام وأراءغزة

اللواء محمود الناطور “أبو الطيب” والدكتور يوسف يونس: الحرب على غزة: تقدير موقف (6)

اللواء محمود الناطور “أبو الطيب” والدكتور يوسف يونس 22-12-2023: الحرب على غزة: تقدير موقف (6)

في إطار متابعة تطورات الحرب على غزة في يومها الـ75 نستعرض في اطار هذا التقرير اخر المعلومات المتعلقة بصفقة تبادل الاسرى الجاري العمل على ابرامها، ومواقف الاطراف المختلفة. والتطورات المتعلقة بالعمليات العسكرية في محاور القتال المختلفة.

صفقة التبادل:

  • كشفت تقديرات استخبارية امريكية عن توجهات لدى اسرائيل وحماس للتوصل الى صفقة تبادل في هذه المرحلة، وفق المؤشرات التالية:
  • حركة حماس، لديها رغبة للتوصل الى صفقة تبادل لوقف الضغط العسكري التي تتعرض له في ميدان المعركة، وتحاول استغلال ضغوط الشارع الاسرائيلي للموافقة على صفقة تبادل، وقامت الحركة بنشر فيديو بعض الاسرى يطالبون بوقف الحرب والعمل على اطلاق سراحهم، في رسالة واضحة الى الرأي العام الاسرائيلي.
  • وإسرائيل لديها توجه للتوصل الى صفقة تبادل، وهناك نقاشات لدى المستوى السياسي تتعلق بحدود الصفقة وتفاصيلها، ولكنها لا تريد ان تكون هي من بادر الى طلب الصفقة. الا انه وفي ضوء ضغوط عائلات المخطوفين، لإبرام صفقة، يطالبون بوقف اطلاق النار مؤقتا حتى يتم ابرام الصفقة، ويعتبرون ان الحل العسكري لم يأت بأية نتائج لإطلاق سراح المخطوفين. وهناك ضغوط من احزاب الائتلاف الحكومي لإنجاز صفقة وتصفية السنوار، للخروج بـ”صورة نصر” لتسويقها لتعزيز قوتهم الحزبية والتي تراجعت وفق استطلاعات الرأي.
  • المستوى العسكري الاسرائيلي يتمسك بمواصلة المعركة، لكنه يدرك ان إعادة المخطوفين من اهداف المعركة، ولذلك فان قيادة الجيش لا تعارض اية صفقة تبادل تؤدي الى عودة المخطوفين، مع استمرار العمليات العسكرية. ويواصل الجيش الحديث عن معارك ضارية في محاور القتال في قطاع غزة ونشر معلومات حول الخسائر البشرية في صفوفه لتهدئة عائلات المخطوفين واظهار قسوة المعارك التي يخوضها الجيش في قطاع غزة.
  • وعلى الرغم من اعلان نتنياهو انه لن يتم وقف الحرب حتى يتم القضاء على حماس واعادة المخطوفين وانهاء التهديد من غزة، في اشارة الى تبنيه موقفا تكتيكيا معارضا للصفقة، ما يعزز التقديرات التي تشير الى ان محاكمة نتنياهو ستلعب دورا مؤثرا لإطالة امد الحرب.
  • ووفق المعلومات اعطى المستوى السياسي الاسرائيلي الضوء الاخضر لرئيس الموساد للبدء في مفاوضات صفقة تبادل اسرى جديدة، وتوجه الى العاصمة البولندية (وارسو) للاجتماع مع رئيس الـCIA ورئيس الوزراء القطري، للبحث في تفاصيل الصفقة.
  • وكشفت المعلومات أنه لم يتم احراز اي تقدم في المفاوضات، لازالت الفجوة بعيدة عن احتمال التوصل لصفقة جديدة للتبادل، بسبب الصعوبات في المفاوضات: حماس تصر على وقف إطلاق النار قبل استئناف المفاوضات، وهدنة لمدة اسبوعين، وإطلاق سراح العديد من الاسرى القدامى، والجهاد الاسلامي يطالب بانسحاب القوات الاسرائيلية من قطاع غزة. وفي المقابل اسرائيل تطالب بإطلاق النساء والاطفال وكبار السن والمرضى، وترى ان هناك امكانية لوقف اطلاق النار لمدة اسبوعين واطلاق سراح اسرى فلسطينيين “امنيين”.
  • وعلى الرغم من ان صعوبة المفاوضات التي قد تستغرق وقتا طويلا، الا ان المعلومات اشارت الى ان المفاوضات وصلت الى مرحلة متقدمة، حيث بدا الحديث عن شروط كل طرف، والاتصالات متواصلة حول التفاصيل التقنية، سواء هوية المطلوب إطلاق سراحهم لدى الجانبين، وفترة وقف اطلاق النار، وهو ما يعني ان كل الاطراف معنية بابرام الاتفاق سريعا، ولكنها تسعى لتحقيق اقصى ما يخدمها، من خلال تبني مواقف متشددة.
  • الموقف الامريكي لازال داعما قويا لإسرائيل في المعركة، وبينما اعلن الرئيس الامريكي جو بايدن انه ليس “هناك اقتراب من صفقة جديدة”، اكد وزير الدفاع الامريكي أثناء زيارته الى اسرائيل وقطر، ان هناك فرصة لاستغلال الموقف لبلورة صفقة تبادل جديدة من خلال ضغوط مصرية وقطرية على حماس. وفي هذا الاتجاه جاءت زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنيه، وزياد النخالة قائد حركة الجهاد الاسلامي، الى القاهرة، اضافة الى تواجد رئيس جهاز الموساد دافيد بارنياع في قطر واجتماعه مع رئيس المخابرات الامريكية ورئيس الوزراء القطري.
  • وكشفت المباحثات بين الجانبين الاسرائيلي والامريكي انه لا يوجد خلافات بين اسرائيل وامريكا في المنحى الاستراتيجي، سواء هدف القضاء على حركة حماس او عودة المخطوفين، ولم يتم تحديد مهلة زمنية امريكية محددة لهذه الحرب، والخلافات تنحصر في المنحى التكتيكي، حيث تأتي الضغوطات الامريكية في اطار ما يتعلق بمطالبة اسرائيل بضرورة موائمة الخطة العملياتية العسكرية والخطة الدبلوماسية وفق جداول زمنية، وفيما يتعلق بالمنحى الاستراتيجي للحرب تطالب الولايات المتحدة اسرائيل بتقديم تصوراتها حول اليوم التالي لانتهاء الحرب ومستقبل قطاع غزة، حيث طالب اوستن من اسرائيل بالعودة حل الدولتين واحياء دور السلطة وعارض نشاطات المستوطنين في الضفة الغربية.

ميدانيا:

  • على صعيد المعارك العسكرية تستمر المواجهات العسكرية الضارية في الشجاعية وخانيونس وجباليا، وتواصل طائرات الاحتلال هجماتها على مناطق كثيرة في قطاع غزة، بالتزامن مع قصف مدفعي في الكثير محاور القتال، وتركز قوات الجيش عملياتها على محاولات العثور على المزيد من الانفاق الهجومية والاستراتيجية، خصوصاً في الاماكن التي يتم اعلان السيطرة العملياتية عليها.
  • وتركز اسرائيل جهودها على محاولة الربط بين الانفاق التي يتم اكتشافها في المناطق ذات “الابعاد الخاصة” لتعزيز روايتها لدى المجتمع الدولي المساند لاسرائيل، وخصوصا الانفاق التي يتم الاعلان عن ضبطها في المساجد والمدراس والامم المتحدة وروضات الاطفال، وقامت بنشر التحقيقات مع مدير مستشفى كمال عدوان، التي افاد فيها ان قيادات حماس العسكرية والسياسية كانوا يختبئون في المستشفى، وان أحد الجنود الذين تم اسرهم في السابع من اكتوبر تم احضاره الى المستشفى.
  • وتتواصل المعارك في شمال وادي غزة، حيث تتقدم قوات الاحتلال في منطقة الشجاعية، من غرب الشجاعية على محور صلاح الدين باتجاه المناطق الشرقية، والتي كانت تمثل خط الدفاع الاول في الخطة العسكرية لكتائب القسام، وتشهد هذه المنطقة مواجهات ضارية، استطاعت المقاومة ايقاع خسائر في صفوف قوات الاحتلال، اعتمادا على الانفاق والمنازل المفخخة. وشرع سلاح الهندسة في جيش الاحتلال في تفجير المربعات السكنية، بهدف تفجير الكثير من الكمائن بالتزامن مع استمرار القصف الجوي والمدفعي لهذه المنطقة، حيث تضغط قوات الاحتلال بكل قوتها لحسم السيطرة على منطقة الشجاعية في الايام القريبة القادمة.
  • وفي مدينة غزة تقدمت قوات الاحتلال باتجاه محور التفاح والدرج في محاولة للسيطرة على هذه المنطقة التي تتميز بكثافة سكانية عالية نتيجة نزوح الكثير من سكان مدينة غزة اليها، خصوصا الذي لم يتمكنوا من الانتقال الى جنوب وادي غزة. وتتميز هذه المنطقة بالشوارع الضيقة والمباني القديمة التي قد تشكل عائقا امام تحركات جيش الاحتلال.
  • وتتواصل المواجهات على محور المغراقة وجحر الديك في شمال وادي غزة، حيث يشهد هذا المحور اشتباكات يومية، حيث اعتمدت المقاومة عمليات الارباك التكتيكي بغرض اشغال قوات الاحتلال والتي تحاول ترسيخ حدود المناطق العازلة في شمال قطاع غزة على المدى الاستراتيجي، ولذلك تقوم بإرسال مجموعات من جنوب الوادي، شمال النصيرات والبريج، للاشتباك مع قوات الاحتلال. ولذلك تشهد تلك المنطقة، يوميا اشتباكات عنيفة، وخصوصا في ساعات الليل، وغالبا ما تلجأ قوات الاحتلال الى قصف تلك المناطق بالمدفعية بصورة مكثفة بهدف اقامة حزام ناري للحيلولة دون حرية حركة المقاومة باتجاه قوات الاحتلال المتمركزة في تلك المنطقة.
  • وتستعد قوات الاحتلال للمرحلة التالية حيث طالبت سكان البريج وشمال النصيرات بإخلاء المنطقة باتجاه دير البلح، في خطوة استعدادا للبدء في عملية عسكرية في هذه المنطقة التي تستهدف الاستمرار في الازاحة السكانية من شرق صلاح الدين.
  • وفي المنطقة الشمالية يتركز القتال حاليا في منطقة جباليا البلد التي تشهد عمليات قصف مدفعي عنيف واحزمة نارية تنفذها طائرات الاحتلال، بالتزامن مع استمرار الضغط على مخيم جباليا من المحور الغربي والمحور الشمالي حيث تفيد المعلومات ان قوات الاحتلال تواصل تقدمها من محور مشروع بيت لاهيا شمال المخيم، وسيطرت على غرب المخيم، ثم تقدمت باتجاهين: شمال جباليا البلد ووسط المخيم.
  • وأعلن جيش الاحتلال السيطرة العملياتية على شمال قطاع غزة بصورة عامة وجباليا والشجاعية بصورة خاصة، مع استمرار القصف الجوي والمدفعي، وهو ما يعتبر مؤشر على الانتقال الى مرحلة جديدة، وستأخذ المبادرة العسكرية لجيش الاحتلال شكلا جديداً، حيث ستواصل خلايا المقاومة القتال، باعتبار ان البناء الهيكلي لحماس يوضح ان هناك خلايا ستواصل القتال، على الرغم من السيطرة العملياتية لقوات الاحتلال.
  • ومن الجدير بالذكر فقد أعلن جيش الاحتلال إحكام السيطرة على مدينة بيت حانون في شمال القطاع من خلال القضاء على كتيبة بيت حانون والاستيلاء على مقر قيادة الكتيبة وتدمير البنى التحتية في المنطقة في ختام العملية التي قادتها 262 تم تسليم السيطرة في المنطقة للقوات من فرقة غزة في الجيش لتتولى مواصلة العمل في المنطقة، باعتبار ان السيطرة لا تعني انه لا يوجد خلايا مسلحة في المنطقة، اي ان السيطرة نسبيا.
  • واعلن جيش الاحتلال أنه بعد اسابيع من الحرب والسيطرة على الشجاعية وغزة والشمالي سيتم الانتقال الى المرحلة ج حيث سيكون القتال اقل ضراوة، وبينما استبعدت تصريحات رسمية مقترحات ضم مناطق في شمال قطاع غزة الى اسرائيل، يتم الترويج لمقترح اقامة حزام امني على الحدود، لضمان عودة المستوطنين في غلاف غزة الى مستوطناتهم، وهذا ما يرفضه الامريكان، على الرغم ان التدمير الذي تقوم به قوات الاحتلال في شمال قطاع غزة في بيت حانون وبيت لاهيا يؤشر على ان اسرائيل تقوم بالفعل باقامة هذا الحزام الامني.
  • وعلى محور خانيونس أعلن وزير الجيش الاسرائيلي يوآف غالانت عن توسيع العمليات في خانيونس والاستعداد للانتقال الى مناطق قتال جديدة في جنوب القطاع، في اشارة الى رفح، وقام قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال اليوم بجولة تفقدية داخل خانيونس واجتمع مع قائد الفرقة 98.
  • وعلى صعيد العمليات القتالية، استطاعت قوات الاحتلال التقدم من المناطق الشرقية (خزاعة، عبسان الكبيرة والصغيرة، بني سهيلا) والشمالية (القرارة) باتجاه مدينة خانيونس، ودفعت قوات الاحتلال بخمسة ألوية الى المنطقة، حيث شهدت تلك المحاور اشتباكات عنيفة ، ووصلت قوات الاحتلال الى قلب مدينة خانيونس، وسيطرت على الشوارع الرئيسية في المدينة، وتقدمت سريعا باتجاه حي الامل، على محور جورة العقاد، ومخيم خانيونس، على محور عمارة جاسر، حيث تتمركز قوات الاحتلال على المحورين، محاولة التقدم ، حيث تواجه صعوبات كبيرة بسبب الكثافة السكانية العالية في حي الامل ومخيم خانيونس. وقامت قوات الاحتلال يوم 18-12-2023م بتوزيع منشورات تطالب سكان المناطق الجنوبية الشرقية لمدينة بالمغادرة الى رفح، وذلك في مؤشر ان تلك المناطق ستشهد نشاط قتالي في الساعات القادمة بغرض:
  1. الضغط على مناطق فيها الكثير من الاراضي الزراعية، والكثافة السكانية المحدودة، والتي تمثل مناطق قتال محتملة نظرا لوجود الكثير من الانفاق ومنصات الصواريخ.
  2. الضغط على السكان للتوجه الى رفح لزيادة الازمة السكانية على الحدود المصرية، خاصة ان هذه المنطقة تشهد ازمة انسانية في ضوء الحشودات السكانية التي زحفت الى المدينة من خانيونس، والتي تتمركز حاليا على الشريط الحدودي وفي شوارع المدينة.
  • ووفق التقديرات فانه تحركات جيش الاحتلال في المنطقة الجنوبية الشرقية لمدينة خانيونس، المحاذية لمحافظة رفح من الجهة الشمالية، قد تؤدي تحرك المواطنين الذين يتواجدون في شوارع رفح باتجاه الحدود المصرية، وهذا الامر تعززه الغارات المكثفة التي شرعت قوات الاحتلال في تنفيذها في مناطق جنوب شرق خانيونس مؤخرا.
  • يذكر ان وزير الدفاع الاسرائيلي ادعى خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الامريكي، عن وجود قيادات حركة حماس، ومختطفين اسرائيليين، داخل الانفاق في رفح، وفي المنطقة الحدودية مع مصر، وروجت وسائل اعلام اسرائيلية الى ضرورة اعادة احتلال محور فلادلفيا الحدودي مع مصر، وضرورة التوصل الى تفاهمات جديدة لوجود فرق مشتركة بين مصر واسرائيل لضبط الحدود بين مصر وقطاع غزة، باعتبار ان الاسلحة تم تهريبها لحماس عبر انفاق حدودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى