ترجمات أجنبية

الغارديان: إسرائيل قتلت السنوار بالصدفة، وليس بالتخطيط الدقيق

الغارديان 18-10-2024، جوليان بورغر: إسرائيل قتلت السنوار بالصدفة، وليس بالتخطيط الدقيق

ترجمة روان يونس

قام جنود جيش الاحتلال الاسرائيلي بمواجهة يحيى السنوار وقتله دون معرفة من هو بعد مطاردة استمرت لأكثر من عام.

في نهاية المطاف وبعد عام من المطاردة  التي شاركت فيها عدة وكالات استخباراتية ، مستخدمة أحدث التقنيات وأفضل القوات الخاصة الإسرائيلية  بمساعدة أميركية، يبدو أن يحيى السنوار قُتل على يد جنود إسرائيليين صادفوه ولم يكن لديهم أدنى فكرة عن هوية الشخص الذي قاموا بقتله.

وأكدت التقارير الأولية، أن الجنود الذين تواجدوا في الحدث أثناء وقوعه لم تكن لديهم معلومات استخباراتية مسبقة تشير إلى أنهم قد يكونون بالقرب من السنوار، العقل المخطط لهجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول، و الذي أرادت إسرائيل قتله بشدة، وعند القاء القبض على السنوار لم تدرك قوات الاحتلال أنها ألقت القبض عليه إلا بعد أن ألقت نظرة فاحصة على وجهه وعثرت على وثائق اثبات شخصية بحوزته.

قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بتدمير معظم اراضي قطاع غزة وقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني، مما أدى إلى نزوح مليوني شخص من منازلهم، وهي كارثة إنسانية رداً على الهجوم المفاجئ الأولي قبل عام، الذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز 250 آخرين كرهائن.

و قد سجّل السنوار آخر ظهور له بعد أيام قليلة من هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، في نفق بغزة حيث كانت مجموعة من الرهائن محتجزين، مُتحدثاً بلغة عبرية مُتقنة حيث يعود سبب اتقانه لها تواجده في السجون الاسرائيلية لأكثر من  22 عاماُ، و طمأن الرهائن أنهم بمأمن و سيتم تبادلهم مع الأسرى الفلسطينيين قريباً، وكانت إحدى الرهائن، يوشيفيد ليفشيتز، وهي ناشطة تبلغ من العمر 85 عاما من كيبوتس نير عوز، التي لم تأبه لإظهاره اهتماماً برفاهيتهم وتحدت السنوار في وجهه.

وقالت ليفشيتز لصجيفة دافار بعد إطلاق سراحها ب 16 يوم “سألته كيف لا يخجل من فعل شيء كهذا لأشخاص دعموا السلام كل هذه السنوات؟، ولم يجب. كان صامتًا”.

وتنوعت عملية المطاردة خلال العام السابق ما بين التكنولوجيا المتطورة والقوة الوحشية، التي استعد فيها المطاردين للوصول لأي مدى، مهما كلفتهم النتيجة بما في ذلك التسبب في خسائر بشرية عالية للغاية بين المدنيين، لقتل زعيم حماس والتخلص من الدائرة المحيطة به.

وتكونت فرقة المطاردة ضباط الاستخبارات ووحدات العمليات الخاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي والمهندسين العسكريين وخبراء المراقبة التابعين لوكالة الأمن الإسرائيلية، والمعروفة على نطاق واسع بأحرفها الأولى العبرية، أو اختصاراً باسم الشاباك أو جهاز شين بيت.

 وسعى كان هذا الفريق إلى التكفير عن الإخفاقات الأمنية التي سمحت بحدوث هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وواجهوا أكثر من عامٍ كامل من الإحباط.

وصرّح مايكل ميلشتاين، رئيس قسم الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية:”لو أخبرتني عندما بدأت الحرب أنه سيظل على قيد الحياة [بعد عام]، لكنت وجدت الأمر مدهشًا، لكن السنوار استعد لعقد من الزمان لهذا الهجوم، وكانت استخبارات جيش الدفاع الإسرائيلي مندهشة للغاية من حجم وطول الأنفاق تحت غزة ومدى تطورها”.

واعتقد البعض في جيش الاحتلال الاسرائيلي  أن السنوار سيتخذ الرهائن كدروع بشرية، و على النقيض اعتقدر البعض أن هذا التحليل غير صائب لأن هذا من شانه أن يعرقل حركة السنوار.

ولم يتوانى جيش الاحتلال الإسرائيلي من إسقاط قنابل تزن 2000 رطل على أهداف يشتبه في أنها قيادات حماس. في النهاية، دون الاكتراث لاحتمالية وجود الرهائن من حوله.

وأفاد الإسرائيليون بعد مقتل السنوار بعدم العثور على أي علامة تدل على وجود رهائن في محيط السنوار عندما قتله، والذي يبدو أنه كان برفقة رجلين آخرين من مرافقيه فقط.

إن وحدة ياهالوم، وهي قسم خاص تندرج في مجال الهندسة القتالية، تتمتع بخبرة كبيرة في حرب الأنفاق من تفوق من نظيراتها في الجيوش الغربية، ولديها إمكانية الوصول إلى أحدث أجهزة الرادار التي تخترق الأرض والتي صنعت في الولايات المتحدة، حيث تعد وحدة الاستخبارات السرية 8200 رائدة عالمية في الحرب الإلكترونية وكانت تتنصت على اتصالات حماس لعقود من الزمن.

ومن الجدير بالذكر أن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي خسر العديد من مصادره في غزة بعد انسحاب إسرائيل من القطاع في عام 2005، لكنه عمل بجد لإعادة بناء شبكته من المخبرين بعد أن شنت إسرائيل غزوها البري في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث قام بتجنيد المخبرين من بين الحشود اليائسة للفلسطينيين الفارين من الهجوم.

وعلى الرغم من قدرات هذه القوة الهائلة، إلا أنها اقتربت من القبض على السنوار لمرة واحدة فقط قبل المواجهة المميتة يوم الخميس، حيث كانت هذه المحاولة في مخبأ تحت مسقط رأسه في مدينة خان يونس في أواخر يناير/كانون الثاني، حيث ترك وراءه ملابس وأكثر من مليون شيكل أي ما يعادل أكثر من 200 ألف جنيه إسترليني موزعة على شكل حزم من الأوراق النقدية، وأشارت التقديرات النهائية أن السنوار غادر المخبأ قبل أيام قليلة من قيام القوات الإسرائيلية بمداهمة المخبأ.

 وقد قام السنوار بالتخلي عن استخدام الاتصالات الإلكترونية، مدركًا تمامًا للمهارات والتكنولوجيا التي يمتلكها الاحتلال الاسرائيلي، فلم يكتفي السنوار بدراسة العبرية فقط في السجن الإسرائيلي، بل درس أيضًا عادات وثقافة عدوه.

وقال ميلشتاين من مركز موشيه ديان للدراسات الشرق أوسطية والأفريقية في جامعة تل أبيب: “ان السنوار يفهم حقًا الغرائز الأساسية وأعمق مشاعر المجتمع الإسرائيلي، وأنا متأكد تمامًا من أن كل خطوة يقوم بها تستند إلى فهمه لإسرائيل”.

وواصل السنوار التواصل مع العالم الخارجي بصعوبة واضحة خلال العام، وكانت المفاوضات الطويلة غير المثمرة بشأن وقف إطلاق النار في القاهرة والدوحة تتوقف بشكل متكرر بينما كانت الرسائل تُرسل من وإلى السنوار عن طريق مجموعة رسل صغيرة ومتقلصة من المساعدين الذين يثق بهم، بدءًا من شقيقه محمد، وهو قائد عسكري كبير في غزة.

و كان الفريق الذي يطارد السنوار يأمل على أمل أن محاولة اتصال السنوار بالرسل لإصدار الأوامر والسيطرة على مفاوضات الرهائن سوف تؤدي إلى هلاكه، تماماً كما حدث تماماً مع أسامة بن لادن والوصول الى مخبأه في أبوت آباد، باكستان.

 ووفقاً الى روايات جيش الاحتلال الاسرائيلي يُعتقد أن الرسول هو الذي قاد الصيادين الإسرائيليين إلى أكبر غنائمهم في الحرب قبل السنوار في صباح يوم 13 يوليو/تموز، خرج محمد ضيف، القائد في حماس والذي تصدر قائمة المطلوبين لدى إسرائيل منذ عام 1995، من مخبئه بالقرب من مخيم للنازحين في المواصي لاستنشاق بعض الهواء مع ملازم مقرب، رافع سلامة، وفي غضون لحظة، تم استهدافهم بقنابل أسقطتها طائرات إسرائيلية، وتصر حماس على أن ضيف لا يزال على قيد الحياة ولكن لم يُر منذ ذلك الحين.

في سبتمبر/أيلول 2003، ندم العديد من أفراد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على ما اعتبروه فرصة تاريخية ضائعة عندما أعدوا طائرات لقصف منزل كان يعقد فيه قادة حماس اجتماعا. وبعد جدال حاد في سلسلة القيادة العسكرية، استخدمت القوات الجوية صاروخا دقيقا أطلق على غرفة الاجتماعات المفترضة بدلا من تدمير المبنى بالكامل بوابل من القنابل، خوفا من وقوع ضحايا من المدنيين. لقد اختاروا الغرفة الخطأ ونجا قادة حماس.

وبحلول يوليو/تموز من هذا العام، لم يعد احتمال قتل أعداد كبيرة من المدنيين يشكل عقبة. ففي استهداف ضيف، استخدمت القوات الجوية قنابل تزن 2000 رطل، وهي نفس الأسلحة التي توقفت إدارة بايدن عن إرسالها في مايو/أيار بسبب قوتها التدميرية العشوائية. ويقال إن إسرائيل أسقطت ثمانية منها في 13 يوليو/تموز. وقتل تسعون فلسطينيا في المنطقة وأصيب ما يقرب من 300 آخرين.

وقال يوسي ميلمان، أحد مؤلفي كتاب “جواسيس ضد هرمجدون” ومؤلف كتب أخرى عن الاستخبارات الإسرائيلية، إن الضيف ربما ارتكب خطأ تجنبه السنوار، ربما كان الضيف أكثر غطرسة أو ربما قال لنفسه إنهم حاولوا قتلي مرات عديدة، وفقدت عينًا وذراعًا لكنني ما زلت على قيد الحياة، لذا ربما يكون الله معيد، وكان الشاباك والجيش ينتظران هذه الفرصة فقط. كل هذه عمليات القتل المستهدفة تدور حول انتظار الخطأ البسيط من قبل الجانب الآخر”.

كان هناك بعض الحديث على طاولات المفاوضات في القاهرة والدوحة في العام الماضي حول إبرام صفقة ذهب بموجبها السنوار إلى المنفى، واقترح البعض أنه ربما عبر الحدود، مختبئًا في نفق على الجانب المصري من مدينة رفح. مثل هذه النظريات قللت من تقدير الحماسة الإيديولوجية لرجل ارتقى في صفوف حماس كجلاد للمخبرين المشتبه بهم.

ما إذا كان موته سيوقف الحرب هو سؤال آخر.

وقد توقع رام بن باراك، نائب مدير الموساد السابق أنه بعد سقوط السنوار “سيأتي شخص آخر، لإنها حرب أيديولوجية، وليست حرباً حول السنوار”.

وقال ميلشتاين الذي كانت وظيفته في جهاز الاستخبارات العسكرية دراسة السنوار وقادة حماس الآخرين، قبل أشهر من وفاته: “إن البقاء في غزة والقتال حتى الموت هو خيار السنوار بالتأكيد، سيفضل الموت في مخبئه، وبعد ما يقرب من 50 عاماً من الاغتيالات، نفهم أن هذا جزء أساسي من اللعبة. في بعض الأحيان يكون من الضروري اغتيال زعيم بارز للغاية، ولكن عندما تبدأ في التفكير في أن هذا سيكون بمثابة تغيير في اللعبة وأن منظمة أيديولوجية ستنهار لأنك قتلت أحد قادتها، فهذا خطأ فادح، لا يمكنك خلق خيال. لن ينهي هذا الحرب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى