الغارديان: “أنا الشرطة، أنا الجيش”: المستوطنين على القائمة السوداء في الضفة الغربية
الغارديان 9-9-2024، جوليان بورغر وكويك كايزرباوم: “أنا الشرطة، أنا الجيش”: المستوطنين على القائمة السوداء في الضفة الغربية
قال المستوطن لسكان البلدة الذين يعيشون قربه “نادوني باسم يعقوب” وأن عليهم التعامل معه كمختارهم ورئيس بلديتهم و”شريفهم” أو رئيس الأمن. ولم يعرف السكان اسمه الحقيقي إلا بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليه في الأسبوع الماضي، واكتشفوا أنه يعقوب ليفي فيلانت. ومن الناحية الرسمية، فوظيفة فيلانت هي منسق أمني (رافشاتز) مع مستوطنة يتسهار التي تطل من تلة في جنوب نابلس بالضفة الغربية، على سلسلة من القرى الفلسطينية العريقة القائمة على منحدرات تحتها.
ولكنه أصبح أمير حرب لكامل منطقة جبل سلمان، حيث استخدم القوة التعسفية المنتظمة. وبرز كواحد من كتيبة مكونة من زعماء المستوطنين الوحشيين ليحصل على لقب “المواطن المصنف بشكل خاص” من وزارة الخزانة ووزارة الخارجية الأمريكية، بسبب “الأنشطة الخبيثة الواقعة خارج نطاق صلاحيته”، وتم إدراجه على القائمة السوداء ومنعه من تلقي الأموال من الأمريكيين.
وذكر في معرض تصنيفه في القائمة السوداء حادثا في شهر شباط/فبراير حيث “قاد مجموعة من المستوطنين المسلحين وأقاموا نقاط تفتيش وقاموا بدوريات لملاحقة ومهاجمة الفلسطينيين في أراضيهم وإجبارهم على تركها بالقوة”.
ولم يكن هذا سوى مثال واحد عن التخويف الذي يمارسه المستوطنون المسلحون واستمر حتى بعد فرض العقوبات عليه في 28 آب/أغسطس. فقبل أسبوع قام مسلحون بإطلاق الغاز المسيل للدموع على أطفال كانوا يلعبون في ملعب مدرسة بورين.
قال غسان نجار، رئيس واحدة من التعاونيات الزراعية وساعد على تدريب الأطفال في فريق كرة القدم “لم نأت إلى هنا منذ أكثر من أسبوع لأننا نخشى أن يتعرض الأطفال للأذى ولا يمكننا تحمل المسؤولية عن ذلك”. وكان النجار يتحدث بالقرب من جدار حجري منخفض في الجزء الخلفي من الملعب، تحت مراقبة شديدة من رجال مسلحين في نقطة مراقبة خرسانية على بعد 100 متر أعلى التل. وقال إنه من الصعب معرفة إن كانوا جنودا من الجيش النظامي أم مستوطنين يرتدون الزي العسكري.
فمنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أصبح التفريق بينهما أمرا صعبا. وقد تم استدعاء كل جنود الاحتياط بمن فيه فيلانت والذي قام بتجنيد الشباب من المستوطنين فيما أطلق عليه “جيش يعقوب”. وتشتهر مدرسة يتسهار الدينية، أو يشيفا، بتدريس النزعة العسكرية اليهودية، وقد أغلقت لأكثر من عام لأنها كانت بمثابة قاعدة للهجمات ضد الفلسطينيين.
وفي مساء 18 حزيران/يونيو نزع المستوطنون وعناصر الميليشيا إلى القرية وبدأوا يهاجمون بعنف كل من يلاقونه في الشارع. وتذكر نجار قائلا: “كنت أرى الناس وهم يهربون، وفكرت في البداية أنه الجيش، ثم رأيتهم يهاجموننا وهم عراة حتى الوسط وقد لفوا قمصانهم حول رؤوسهم لإخفاء وجوههم”، وأحرقوا سيارة وهاجموا السائق وهاجموا بقالة هنا”. وجاء الجنود الإسرائيليون إلى القرية بعد فترة قصيرة من الهجوم ولكنهم لم يعملوا شيئا لوقفه، بل على العكس “لم يدفعوا المستوطنين للخروج وبدأوا بإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع على الناس في القرية وعلى الفلسطينيين”.
إن كل شخص في القرية لديه قصة عن “يعقوب” وشاحنته البيضاء بأضوائها الصفراء واللاقطات الهوائية على سطحها معروفة وتثير الخوف. وقد شرع هو ورجاله بإقامة نقطة تفتيش عشوائية بين القرى ويتهمون بمعاملة السائقين بطريقة سيئة وسرقة أموالهم. ففي آذار/مارس كان إدريس وآمال خليفة قد انهيا تسوقهما لرمضان وركبا سيارة ابنهما مع زوجته وابنته عندما تعرضوا للهجوم من عصابات المستوطنين في يتسهار الذين هشموا النوافذ بفأس وضربوا إدريس ورشوا الفلفل على الركاب. واستطاع ابنه أن يرجع السيارة للخلف بسرعة والفرار من المكان لكن سيارة فيلانت اعترضتهم وتقول عائلة خليفة إنه أطلق النار على السيارة من النافذة الخلفية. وتقول آمال: “السبب الوحيد لعدم إصابة أحد أن النساء كن يعانين من الفلفل الذي رش على وجوههن وكن في المعقد وهن يحمين الأطفال”.
ويمنع المستوطنون سكان القرية من الوصول إلى بساتين الزيتون أثناء موسم قطافه، وفي بعض الأحيان يشعلون النار في البساتين على التلال. وبحسب نجار ورجل آخر من القرية، فقد أشعل المستوطنون النيران بالأشجار في بداية آب/أغسطس ومنع فيلانت سيارة الإطفاء من الوصول وإطفاء النار قبل وصول الجيش بسيارة إطفاء، ولكن بعد خسارة فادحة.
وعلى مدى السنوات وثقت منظمة يش دين الإسرائيلية التي تراقب انتهاكات المستوطنين “حوادث عنف ضد الفلسطينيين على يد المستوطنين وقوات الأمن بما في حوادث تورط فيها فيلانت”. ولم ترد إدارة مستوطنة يتسهار على رسائل البريد الإلكتروني التي تطلب التعليق، كما لم يرد جيش الدفاع الإسرائيلي. وأصدر “مجلس السامرة الإقليمي”، الذي يمثل المستوطنات في الجزء الشمالي من الضفة الغربية، بيانا يرفض الاتهامات الموجهة إلى فيلانت ويشكو من أن العقوبات من شأنها أن تفرض صعوبات على أسرته.
وفي الضفة الغربية المحتلة، مهما كان النظام القضائي القائم فهو غير منتظم، ويعتمد على المنطقة المعنية وما إذا كان الضحايا والجناة إسرائيليين أم فلسطينيين. لكن في الممارسة العملية، يستسلم الجنود لفيلانت، كما قال القرويون.
وعندما هدد أحد السكان بتقديم شكوى ضد ما يقوم به فيلانت في مكتب الارتباط الإقليمي للجيش الإسرائيلي، قيل إن “يعقوب” قال له: “أنا مكتب الارتباط الإقليمي وأنا الشاباك وأنا الشرطة وأنا الجيش. أنا كلهم وأنا كل العالم”.
زيف شتال، رئيسة منظمة ييش دين قولها: “ما يحدث على الأرض هو أن المنسق الأمني يتحول إلى أكثر من كونه مجرد قائد للجنود وليس العكس وليس كما يفترض أن يكون”.
العقوبات الأمريكية على فيلانت وهاشومير يوش، إلى جانب التدقيق من قبل محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية منذ بدء حرب غزة، بدأت أخيرا تتعامل مع إفلات المستوطنين مثل فيلانت من العقاب. وقالت: “أعتقد أن هناك تغيرا بين الجمهور الإسرائيلي، لأن هناك الكثير من الحديث عن عنف المستوطنين” وقد “أصبحت القضية مهمة على أجندة الإعلام”. وحتى الآن تجاهل الجيش رسالة من ييش دين تطالب بطرد فيلانت.
وفي بلدة بورين، عبر نجار عن شكه بحدوث أي تغيير كبير في قرى الفلسطينيين. وتساءل: “هل تعتقد أن هذا سيوقفه؟ لا أريد معاقبة يعقوب ولكن أريد من الأمريكيين الضغط على الحكومة لوقفه، وحتى لو أوقفنا يعقوب فهناك أشخاص كثر مثله في المستوطنات”.
https://www.theguardian.com/world/article/2024/sep/09/i-am-the-police-i-am-the-army-sanctioned-settlers-rule-in-west-bank