الغارديان: أعلنت إسرائيل الحرب في الشرق الأوسط، الصراع الذي لا يمكنها الفوز به
الغارديان 31-7-2024، سايمون تيسدال: أعلنت إسرائيل الحرب في الشرق الأوسط، الصراع الذي لا يمكنها الفوز به
إن الفشل في وقف الحرب في غزة يكمن في قلب أحدث الأعمال الوحشية القاتلة في الشرق الأوسط. سيتم الاحتفاء باغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران باعتباره مجرد انتقام للفظائع التي ارتكبت في 7 أكتوبر. لكن المتشددين الإسلاميين في إيران والجماعات المسلحة في جميع أنحاء العالم العربي سوف يرون في ذلك دليلاً آخر على اعتقادهم بأن دولة إسرائيل تشكل خطراً يجب تدميره بأي ثمن.
وهكذا فإن الكراهية والعنف والبؤس سوف تستمر دون رادع، ومن المرجح أن تتفاقم وتنتشر. إن مجرد كون دورة القتل هذه مألوفة لا يعني أنها لا يمكن أن تتسارع. لقد نجت أجزاء قليلة من الشرق الأوسط ــ لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، ومصر، والأردن ــ من التداعيات السامة الناجمة عن الصراع في غزة. وفي واشنطن العاصمة وبريطانيا، تعكر صفو السياسة الداخلية الغضب والحزن. إن عجز الأمم المتحدة يتجلى يوميا بشكل مهين. لا أحد محصن ضد هذا السم.
إن هنية وبقية قادة حماس كان من الأفضل مواجهتهم بالمساءلة أمام محكمة الجنايات الدولية التي تحاول استصدار مذكرة اعتقال ضدهم، وضد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت. ولكن هذا لن يحدث، فمرة أخرى، لجأت إسرائيل لتحقيق “العدالة” من خلال القتل خارج القانون.
وكان هجومها في نيسان/ أبريل على القنصلية الإيرانية في دمشق، وقتل عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، قد وضع المنطقة على حافة الحرب. وحدثت عدة اغتيالات مماثلة. والرجل الذي يشرف على هذه الاغتيالات، هو بنيامين نتنياهو، وهو المهندس الرئيسي لحملة الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة، ويجب أن يجيب على جرائمه أيضا. وهو ما يحاول مدعي عام الجنائية الدولية تحقيقه، رغم المعارضة الأمريكية. ومن المرجح، وبالنظر إلى المثال الذي قدمه، أن نتنياهو نفسه سوف يصبح هدفا للقتلة.
مقتل القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على التوالي يوم الثلاثاء، يعني أن الشرق الأوسط يسير مرة أخرى بشكل متسارع نحو الدمار الشامل.
ومرة أخرى، تُعتبر الحرب في غزة المحرك الرئيسي في هذا الأمر. فقد كان الرد الإسرائيلي باغتيال شكر انتقاما لهجوم صاروخي من حزب الله قُتل 12 شابا في مرتفعات الجولان نهاية الأسبوع الماضي، رغم أن الحزب نفى مسؤوليته عن ذلك. لكن السبب الرئيسي الذي دفع الحزب لإطلاق النار باتجاه إسرائيل هو غزة.
ومنذ هجمات 7 أكتوبر، مارس زعيم حزب الله سياسة ضبط النفس رغم ما لديه من قوة عسكرية، وقال إن الهجمات الصاروخية ستتوقف حالة توقفت الحرب في غزة. فمقتل هنية سيعقّد من منظور التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، على الأقل في المدى القصير. لكن قتل المسؤول العسكري في حزب الله فؤاد شكر، هو استفزاز خطير آخر.
ولا بد من الإشارة وسط هذا الفيض من الرعب اليومي، إلى أن طفلين قُتلا وأصيب 74 شخصا في الغارة على بيروت، حسب المسؤولين اللبنانيين. ولكن القوات الإسرائيلية تقتل أطفال غزة بدون خوف من العقاب منذ عدة أشهر. وتقدر الأمم المتحدة الرقم بحوالي 15,000 طفل، فمقتل طفلين في غارة لا يلفت النظر (باستثناء والديهم وعائلاتهم).
إسرائيل لا تتعامى على الواقع ونتائج دورها في هذه الدوامة القاتلة. لكنها تحمّل كل الأطراف المسؤولية. وبحسب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فحزب الله “وعدوانه المستمر وهجماته الشرسة، تجر الشعب اللبناني وبقية الشرق الأوسط إلى تصعيد واسع”، مضيفا: “في الوقت الذي نريد فيه حل العداون بدون حرب واسعة، فإن الجيش الإسرائيلي جاهز لكل سيناريو”.
لكن الحرب الواسعة التي يزعم المتحدث أن إسرائيل “تفضل” تجنبها، موجودة. فقد ضربت إسرائيل ميناء الحديدة في اليمن أكثر من مرة ردا على مسيّرة أطلقها الحوثيون باتجاه تل أبيب. وتفاخر نتنياهو الذي يرد على كل مشكلة بالعنف المتطرف، أن قصف اليمن “يرسل رسالة واضحة لأعدائنا أنه لا يوجد مكان لا يمكن ليد إسرائيل الطويلة الوصول إليه”، وهذا الكلام يعني إعلان حرب على كل المنطقة، لكنها حرب لا تستطيع إسرائيل الانتصار فيها.
ومرة أخرى، يقول الحوثيون إن سبب استهدافهم الملاحة البحرية هو غزة. ولو كان هناك وقف للنار، فلن يضربوا السفن وسيوقفون الهجمات. وهذا كلام ليس متشددا، فهو نفس وقف إطلاق النار الذي تدعمه نظريا الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وهو نفس وقف إطلاق النار الذي يريده الملايين في أوروبا والعالم العربي وأمريكا ويطالبون به منذ عدة أشهر. وهو نفس وقف إطلاق النار الذي لم يحدث بعد.
فهل سترد إيران المذلة بشكل مباشر على مقتل هنية؟ هل يصعد حزب الله؟ فهل ستنزلق إسرائيل المنقسمة، والتي شوهت سمعتها بسبب التعذيب والاعتداءات الجنسية المزعومة ضد المعتقلين الفلسطينيين، إلى مستويات أعمق نحو التفكك الوطني مع قيام المتعصبين اليمينيين، بدعم من وزراء نتنياهو، باقتحام قواعد الجيش لتحرير المعتدين المزعومين؟ من المحتمل جدا. ولا توجد نتيجة مستبعدة على الطاولة في منطقة حيث أصبحت قواعد اللعبة المزعومة، التي كانت حتى الآن تمنع اندلاع حريق هائل، تحترق صفحة تلو صفحة دموية.
يقول الناس أن الشرق الأوسط معقد. إنها. يقولون أنه لا توجد إجابات. قد يكون هذا صحيحا. ولكن على الرغم من الصواريخ، فإن غزة ليست علم الصواريخ. الأمر ليس بهذا التعقيد. اوقفو الحرب. أوقفوا القتل. انقذ الاطفال. الاتفاق على وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن. وبعد ذلك، قد تصبح إدارة جميع المشكلات الأخرى، رغم أنها لن تختفي، أسهل قليلاً.