شؤون فلسطينية

العرب اللندنية تكتب – الجهاد الإسلامي قوة تنافس حماس في ملعبها ، حركة حماس المأزومة داخليا منشغلة بإيجاد مبررات لاجتياح تركيا الشمال السوري

العرب اللندنية – 16/10/2019

 أظهرت مشاورات مسؤولي جهاز المخابرات المصرية مع وفد حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، الذي يزور القاهرة حاليا، أن الحركة أصبحت تقدّم نفسها كقوة تنافس حماس في الداخل الفلسطيني، حيث فتح الوفد ملفّات مرتبطة بصميم الناس ومشكلاتهم، في ظل انشغال حماس بمعاركها السياسية وتنفيذها أجندة تركية قطرية ضاعفت معاناة سكان غزة.

وقال أحمد المدلل القيادي في الجهاد الإسلامي، الثلاثاء، إن وفد الحركة مستمرّ في النقاش مع المسؤولين في مصر حول تسهيل السفر في معبر رفح البرّي بين غزة ومصر، وسوف يفعلون كل شيء، كي تكون هناك تسهيلات أكثر وخطوات أكبر لرفع المعاناة عن السكان والمسافرين من المرضى والموظفين، وأخرى مرتبطة بإنهاء الانقسام تشارك فيها الجهاد بفاعلية.

وتأتي خطوة الجهاد، في الوقت الذي تفرّغت فيه حماس للدفاع عن العدوان التركي على شمال شرق سوريا، حيث أصدرت بيانا الثلاثاء هو الثاني خلال يومين تمجّد فيه الرئيس رجب طيب أردوغان، قالت فيه إنها “تتفهم حق تركيا في حماية حدودها والدفاع عن نفسها وإزالة التهديدات التي تمسّ أمنها القومي أمام عبث جهاز الموساد الصهيوني”، وهي نفس مبرّرات جماعة الإخوان المسلمين.

وتريد الجهاد إعادة تقديم نفسها للقاهرة كفصيل لديه مرونة أكثر من حماس التي ترفض خلع العباءة القطرية- التركية تماما، فهي (أي الجهاد) وصفت التدخل التركي في شمال سوريا بـ”العدوان”، بعكس حماس التي تصرّ على موقف يثير امتعاض فصائل فلسطينية عدّة.

وتشير مواقف حركة الجهاد إلى أنها تلعب في كل الاتجاهات لتصبح قوة تخصم من رصيد حماس، وتمسك العصا من المنتصف ولا تريد أن تخسر أحدا، ما جعلها بالنسبة إلى مصر عنصرا مهمّا يمكن الاعتماد عليه في الترتيب للانتخابات الفلسطينية، والتدخل لتقريب وجهات النظر بين السلطة الوطنية وحماس بشأن أولويات المرحلة المقبلة، لتجاوز عقبة الانقسام.

وكشفت مصادر لـ”العرب”، أن “القاهرة ترغب في قيام الجهاد بدور الوسيط لإقناع حماس بخوض الانتخابات البرلمانية أولا، حتى لا تتعقد الأمور ويغلق ملف الانتخابات قبل أن يبدأ”.

وكان وصل القاهرة الأحد، أمين عام الجهاد الإسلامي، زياد نخالة، على رأس وفد من المكتب السياسي للحركة يضمّ عددا من قادة غزة والخارج لبحث عدد من الملفات، منها الانتخابات والتهدئة والمصالحة والعلاقات مع مصر. ويرى مراقبون أن لقاءات المسؤولين الأمنيين في مصر مع قادة الجهاد، توحي بأن القاهرة لم تعُد ترغب في استمرار احتكار حماس الحديث بلسان الفصائل، وتريد الاعتماد على فصيل ثانٍ فاعل ويمكن أن يكون أداة ضغط عليها.

وتبدو القاهرة مرتاحة لأن تكون الجهاد شريكة في ترتيب الانتخابات الفلسطينية، لأن مواقفها واضحة ومعلنة، ولديها ثوابت واضحة لرفض المشاركة، لكنها لا تمانع موافقة باقي الفصائل على المشاركة، بالتالي ثمة فرصة للتلاقي بين الجهاد ومصر لرسم خارطة الانتخابات وتمريرها بأقلّ قدر من التوترات. وتريد حماس أن تُجرى الانتخابات رزمة واحدة، أي البرلمان والرئاسة، وتشترط تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تقوم بالإشراف عليها، أو تشكيل لجنة فصائلية تحدّد الإطار العام للاستحقاق الانتخابي وشروطه ومعاييره ومواعيده، ما يصعب قبوله من جانب السلطة.

وتتحرك بعض الدوائر لإنقاذ الانتخابات ومنع دخولها حلقة التجميد من خلال إقناع الرئيس عباس بتفعيل الإطار المؤقت لمنظمة التحرير المتفق على تشكيله في مارس عام 2005، ليقوم بدور المشرف على الانتخابات، حيث يتشكّل من 21 عضوا ويضم أمناء كل الفصائل، وعضوين من حركة فتح، واثنين من المستقلين، أيّ أن قراراته لن تنحاز لأي طرف.

وهناك اتجاه آخر، يعتمد على أن تقوم الجهاد بإقناع حماس بالموافقة على الانتخابات البرلمانية أولا وتأجيل الحديث عن ملفات قد تتسبب في تعقيدات عدة، لكن العائق أمام إنجاز الخطوة أن حماس لا تأمن نوايا عباس، وتخشى أن يرفض إجراء انتخابات رئاسية، إذا جاءت نتائج البرلمان على عكس رغبته.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، إن تجاوز عقبات الانتخابات يبدأ بوجود نقطة تلتقي عندها السلطة مع الفصائل، ويمكن أن تلعب الجهاد دور الوسيط في هذه المسألة، وتقدّم نفسها كطرف محايد مع مصر، بحيث يتم حسم ملفات كثيرة، أبرزها آلية الانتخابات في القدس، وكيفية إشراف الحكومة على الانتخابات وهي لا تستطيع دخول غزة.

وأوضح لـ”العرب”، أن اهتمام القاهرة بالتواصل المباشر مع الجهاد يرتبط بوجود مخاوف من قيام الحركة بتصعيد التوتر مع إسرائيل بالإنابة عن إيران، أو منح فرصة لحماس للتهرّب من الانتخابات، لأن أول خطوة في هذا الملف أن يكون هناك استقرار أمنيّ، ثم تقارب سياسي بين كل الأطراف يسهّل مهمة مصر لرسم خارطة الحكم في الأراضي الفلسطينية.

ومنذ أطلق الرئيس الفلسطيني دعوته إلى إجراء انتخابات، سعى كل طرف إلى استمالة فصائل لمساندة موقفه، حيث اعتمدت حماس على الجبهتين الشعبية والديمقراطية، فيما ذهبت فتح لتيارات غير فاعلة لدعم السلطة في اقتراحها، بينما بدت الجهاد منفتحة على الجميع.

ورفعت التحرّكات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية سقف التفاؤل بالنسبة للانتخابات، وتطرّقت زيارة محمد أشتية رئيس الوزراء الفلسطيني للقاهرة الاثنين الماضي، لهذا الملفّ، مؤكدا أنه لا تراجع عنها كمدخل لتحقيق مصالحة شاملة.

وأكد الباحث المصري في الشأن الفلسطيني، محمد جمعة، أن الجهاد أنهت احتكار حماس للمقاومة، بل يمكن الاعتماد عليها كركيزة في المستقبل، وهي أقلّ مراوغة، وإن كانت بالنسبة للقاهرة حليفا غير إستراتيجي حتى الآن، لكن يمكن الوصول معها لتفاهمات تكتيكية.

وأشار لـ”العرب”، إلى أن الجهاد اعتادت أن تسحب من رصيد حماس في الداخل وقت الأزمات الكبيرة، وتجيد هذه اللعبة عندما تكون أمامها فرصة سياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى