#أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

السفير ملحم مسعود يكتب – مصرع مكاريوس : البيان الأول من إذاعة قبرص 15.7.1974

السفير ملحم مسعود – اليونان 15.7.2020 

الجغرافيا تصنع التاريخ ، والدول لا تختار اقدارها

الصراع على قبرص كان دائما وتاريخيا بسبب جغرافيتها ، تعاقب علىالجزيرة كل من الأشوريين والرومان والفرس وكانت ضمن السيادة المصرية لفترات طويلة وغيرهم ويرجع تاريخ الشعوب القديمة التي سكنت الجزيرة إلى حوالي عام 6000 ق.م وهو طويل وحافل ، إلى أن إستوطن فيها اليونانيين عام 1200 ق.م وأنشأوا فيها الدول (المدينة ) وبعد الميلاد إنضمت قبرص عام 400 م إلى الإمبراطورية البيزنطية ، التي أثَرت كثيرا في سكان قبرص من قتل  وتدمير وحروب إستمرت لمئات السنين وتابع الغزاة المرور على البلاد من ريتشارد الأول الذي جاء من إنجلترا خلال الحملة الصليبية الثالثة , ثم الكنيسة  الكاثوليكية بناء على طلب قبرص من البابا … ثم باعها إلى فرسان الهيكل عام 1489 م  …

تبادلت الإمبراطوريات عليها إلى أن إستطاعت الإمبراطورية العثمانية من السيطرة على قبرص إضافة إلى مناطق في الجبهة الجنوبية الشرقية من قارة أوروبا عام 1579 م و الأجزاء الجنوبية الغربية من قارة آسيا والجهة الشمالية من أفريقيا … وكانت العنف طابع ممارسات العثمانيين فقد تم إعدام عشرات الآلاف من السكان ( كما ورد في كتب التاريخ ) ونهبت الكنائس والأماكن العامة , وهدمت الكنيسة الكاثوليكية … لكن أبقوا على الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية … وجرت عملية نزوح كبيرة من الأتراك إلى قبرص وإستوطنوها مما تمخض الوضع الإجتماعي إلى مجتمعين مختلفين أحدهما  القبارصة اليونانيين وهم الأغلبية  والآخر من المسلمين الأتراك وهم الأقلية .

( وهنا التاريخ يعيد نفسه تماما بما يجري في قبرص الشمالية اليوم ) 

عاشت الطائفتان اليونانية والتركية في تسامح أغلب فترات الحكم العثماني التي امتدت لثلاثة قرون (1571 -1878) على الرغم من انعدام القاسم المشترك بينهما، فكلا الطائفتين تختلفان في اللغة والدين والعادات والتقاليد، كما أن طول المعيشة المشتركة لم يتطور إلى الاندماج كما يحدث عادة بالتزاوج أو التحول من دين إلى دين الطرف الآخر، لكن ذلك لم يحدث في قبرص إلا نادرا.

في عام 1878 دخلت بريطانيا قبرص، وفي عام 1925 أعلنوها مستعمرة ملكية، وفي الأربعينيات من القرن العشرين استعملتها بريطانيا نقطة اتصال وتموين لمستعمراتها وقواتها في مصر وفلسطين والعراق والخليج، وأنشأت عليها قاعدتين عسكريتين لا تزالان تعملان في تأمين المصالح البريطانية حتى الآن.

مع أوائل الخمسينيات نشأت في قبرص حركة سرية قادتها وكوادرها من القبارصة اليونانيين تسمى ( أيوكا) كان هدفها الحصول على الاستقلال ( والاتحاد مع اليونان ). دعمت الكنيسة الأرثوذكسية في اليونان هذه الحركة وأمدتها بالمال والسلاح، وأضفت على أعمالها طابعا مقدسا، ونصبت زعيمها الأسقف مكاريوس رئيسا لأساقفة قبرص، مما أكسب شخصيته طابعا دينيا فضلا عن الطابع القومي الذي اشتهر به ..

وفي مقابل حركة ( أيوكا ) السرية نظمت الأقلية القبرصية التركية نفسها للدفاع عن وجودهم ومصالحهم، واستنهاض الشعب التركي في الأناضول لتقديم الدعم والإسناد لهم، فأسسوا عام 1957 حركة فولفان (البركان) بزعامة رؤوف دنكطاش ثم أعلنت العمل العلني والتخلي عن السرية وأطلقت على نفسها منظمة المقاومة التركية

اجتمع عام 1959 في مدينة زيورخ قادة تركيا واليونان والقبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيون وممثلون عن سلطات الاحتلال البريطاني، للتباحث بشأن استقلال قبرص. وانتهت تلك المفاوضات الطويلة والشاقة بالتوصل إلى منح قبرص الاستقلال، وأعلن بالفعل في السادس عشر من أغسطس/آب 1960 بعد الاتفاق على دستور ينظم شؤون الحكم وإدارة الدولة ..

وقد اشترطت لندن الالتزام في الدستور القبرصي بمشاركة الأقلية التركية في الحكم، لكن الأخيرة لم تنفذ ما عليها من التزامات بالدقة والقدر اللازمين، فنشب من هنا الخلافات وبداية التوترات بين الجانبين ..

دستور 1960
كان من أبرز ما نصت عليه اتفاقيات الاستقلال ودستور 1960 منح القبارصة الأتراك 30% من كل شيء تقريبا في الحكم وإدارة الدولة، سواء في الحقائب الوزارية أو في عدد مقاعد البرلمان أو في الوظائف العامة، مقابل منح القبارصة اليونانيين 70 %كما نص الدستور آنذاك على تعيين نائبا لرئيس الجمهورية من القبارصة الأتراك، واشتراط موافقته على القرارات المهمة المتعلقة بالأمن والدفاع والعلاقات الخارجية.

 وكذلك نص الدستور على أن تحتفظ كل من تركيا واليونان بقوات رمزية على الأراضي القبرصية، فتحتفظ اليونان بتسعمائة جندي ( وكنوا نواة ما عرف بإسم الحرس الوطني القبرصي ) وتحتفظ تركيا بـ650 جنديا، وتستمر بريطانيا في بسط سلطتها الكاملة على القاعدتين العسكريتين الكبيرتين في منطقتي أكروتيري ودهكيليا، على امتداد الساحل الجنوبي.

 وفي 31 يوليو/تموز 1960 تم بالفعل انتخاب أعضاء البرلمان، وانتهى الحكم البريطاني للجزيرة في 15 أغسطس/آب 1960، وانتخب الأسقف مكاريوس أول رئيس لجمهورية قبرص المستقلة، وفي العام التالي انضمت للأمم المتحدة ..

تعديلات مكاريوس

لم يكد يمر ثلاثة أعوام على استقلال قبرص، حتى تقدم رئيس الجمهورية الأسقف مكاريوس بثلاثة عشر مقترحا بتعديلات على دستور 1960، مدعيا أن هذا الدستور قد شل أداء الحكومة، وأنه أعطى حقوقا أكثر من مما يجب للقبارصة الأتراك، وقال إن من شأن تعديلاته المقترحة تحسين إدارة البلاد … ومن هنا بدأت المشاكل .

رفض القبارصة الأتراك مقترحات مكاريوس، وقالوا إنها سوف تسلبهم حقوقهم الدستورية وتهدد الضمانات التي منحت لهم بمشاركتهم في حكم وإدارة جزيرتهم، وأيدهم في ذلك القادة الأتراك، واندلعت على إثر ذلك أعمال العنف بين الجانبين، وسقطت أعداد من القتلى والجرحى ودخلت الجزيرة في دوامات من الفوضى، فأرسلت الأمم المتحدة عام 1964 قوات لحفظ السلام ونشطت الجهود الدبلوماسية الدولية لحل الأزمة القبرصية، أو ما بات يعرف إعلاميا باسم (المشكلة القبرصية) وقد أثمرت هذه الجهود عن إعادة الهدوء المشوب بالحذر مرة أخرى إلى الجزيرة. 

كان السلام هذه المرة هشا، وسرعان ما عادت أعمال العنف بين الجانبين إلى الاندلاع مجددا، ودخلت البلاد في أزمة جديدة امتدت طوال الفترة من 1967 حتى 1974، ولم تنفع معها المباحثات التي جرت بين القبارصة الأتراك واليونانيين، وظلت معضلة الدستور قائمة دون حل .

واصبح التطرف سيد الموقف … كذلك قصر الرؤية السياسية للمتطرفين القبارصة اليونانيين و ما تمخضت عنه التدخلات اليونانية (أثينا ) لإطاحة مكاريوس ومقولة توحيد الجزيرة ( اليونانية التركية ) بالبلد الأم اليونان وكان .. الإنقلاب …الفرصة الذهبية التي إنتظرها طويلا الجانب الآخر ( تركيا ) وبدأ الإجتياح التركي لشمال الجزيرة وتمركز القوات التركية في 40 %من اراضي الجزيرة , ويصبح الوجود التركي واقعا وحقيقة كما بدأت (تتريك)  هذه المناطق قائمة على قدم وساق  بتهجير مواطنين من تركيا إلى المناطق المحتلة  و خلق واقع ديموغرافي  جديد في دولة شمال قبرص … التي لا يعترف بها سوى تركيا … وأخذت هذه الصيغة تتبلور وتتكرث . ومما يزيد الطين بله , رائحة الغاز والنفط والثروات الواعدة  الدفينة  في قاع البحر حول الجزيرة المقسمة … ليشعل فتيل الخلافات والتوترات أكثر واكثر .

قال عبد  الباري عطوان في مقاله اليوم : الدول لا تختار أقدارها، ولا تستطيع الهُروب مِن موقعها الجُغرافي وما يترتّب عليه من تحدّياتٍ.

بعد هذه المقدمة التاريخيةالسريعة

وقد كنت كتبت في العام الماضي وعلى موقعنا تحت عنوان ” في مثل هذا اليوم ” أعود واجتر ذكريات ذلك اليوم وما تلاه مرة اخرى هذا العام وبعد قرابة نصف قرن …  في صباح يوم الجمعة الموافق   12.7.1974 كنت قد وصلت إلى قبرص  في مهمة , على أن أعود إلى بيروت يوم الأحد , لكن أرجات العودة ليوم الإثنين   ( 15 يوليو ) لحضور ندوة لكوادر من الشباب الجامعيين  يمثلون منظمات وهيئات  إجتماعية من مختلف الطيف السياسي … في معسكرصيفي في جبل ( طرودس ) وهي اكبر سلسلة جبال قبرص والتي تقع في معظمها وسط الجزيرة، واعلى قممه هي جبل أوليمبيوس بإرتفاع نحو 1952 متر , وفيها كنائس وديرالسيدة كيكوس و كما يوجد فيها البيت الصيفي لرئيس الدولة … وعلى مقربة منها مركز للرصد والتجسس … ” في رادارات ضخمة يقال أنها تغطي كافة مناطق الشرق الأوسط , داخل شبه قاعدة عسكرية وحراسة مشددة تتبع الوجود البريطاني في الجزيرة ضمن قواعد اخرى … مشهد لا تخطئه العين.

لأعود إلي العاصمة نيقوسيا في مساء ذلك اليوم إستعدادا للعودة إلي بيروت في صباح اليوم التالي 15 يوليو , في تلك الأمسية لم أتوقع  ما كان في إنتظاري في قبرصمن احداث وتطورات اصابت اكثر من هدف …

ومرة أخرى مع شاعرنا : ما قبل الإسلام ( لأنني لا انسجم مع وصفهم بشعراء الجاهلية ) مثل طرفة بن العبد وغيره يقول لي  ...

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً * ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ
ويأتيكَ بالأنباءِ من لم تَبعْ له * بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعد

عود على بدء

كانت نيقوسيا كما هوالحا ا في شهر يوليو قيظها شديدا وربما أقول كانت اكثر من حارة … وكانت كل الأحاديث تتمحور حول التصعيد الذي أبدته أثينا إثرالرسالة التي ارسلها مكاريوس لراس النظام العسكري في اليونان الجنرال ” كيزيكيكس ”  فبل ايام قليلة وبالتحديد يوم 2 يوليو متهما النظام في أثينا بكل التهم و( الموبقات ) التي مارستها أدوات النظام الحاكم هناك   في الجزيرة من تدخلات وملاحقات وتآمرمن قبل الأجهزة االأجهزة العاملة في الجزيرة … وأوضح له أن قبرص يحكمها نظام ديموقراطي وهو كرئيس في هذا البلد ( منتخب ) من الشعب … وفند له بعض من الوقائع والأحداث مما يمارسه رجال اثينا   بالأسماء والمكان والزمان … وأشار له على سبيل المثال احدهم المتورط لأخصم قدميه (تعبير مكاريوس الحرفي ) في التآمر على الدولة وتقويض مهمة وصلاحية الرئيس  …الخ.

الرسالة العلنية التي لم يتورع مكاريوس فيها  ان يعرب للقائمين على الحكم في أثينا  عن عزمه على ترحيل وإنهاء خدمات العشرات من الضباط والخبراءالعسكريين اليونانيين في قبرص . الرسالة او الموقف القبرصي الرسمي والمعلنمن تدخلات (أثينا ) والتي ألقت بظلالها على المجتمع القبرصي لتجعل نيقوسيا  اكثر حرارة من اي وقت على مدى السنين التي عشتها وخبرتها .

وباقي القصة معروف …حينما تحركت وحدات من الحرس الوطني ( الجيش القبرصي ) من مواقعها و تخرج من الثكنات العسكرية إبتداء  من الساعة 8.30 صباح يوم الإثنين 15 يوليو … تابعت هذا المشهد وهي تصل إلى ثكنات الشرطة القبرصية حيث كنت اقيم تلك الليلة عند بعض الأصدقاء وانا أستعد صباح ذلك اليوم للذهاب إلى  مطار نيقوسيا للعودة إلى بيروت ، وهذا المكان يقع بجوار مبنى الإذاعة والتلفزيون تماما .

كانت  برامج الراديو عادية ككل البرامج الصباحية رغم الإنقلابيين على اسوار هذه المؤسسة  , واصبح مشروع سفري  إلى بيروت في خبر كان وكما علمتلاحقا قامت مدرعات روسية من طراز (ت52في نفس الوقت بالتوجه إلى القصر الرئاسي حيث كان مكاريوس عائدا من البيت الصيفي في جبل  طرودس ( بعد قضاء عطلة نهاية الإسبوع ) يستقبل وفدا من تلاميذ مدرسة يونانية في الإسكندرية …

القصر الرئاسي يقع عل ربوة مرتفعة بعض الشئ  في شمال العاصمة , وبمجرد التاكد من وجود مكاريوس داخل القصر , بدأت عملية قصف القصر الرئاسي من ثلاث جهات من الشوارع الرئيسية , وهنا تمكن مرافقين مكاريوس  (  بإختطافه) كما قال لي يوما ممن عاشوا الحدث لاحقا تفاصيل ما حدث , ورغم  مقاومة مكاريوس لفكرة الهروب حمله مرافقيه على الخروج من الجهة الخلفية التي تشرف على شارع زراعي قديم شبه مستعمل , وتصادف مرور أحد المواطنين بسيارته وإستخدموا السيارة للصعود إلى جبل طرودوس وبعد راحة قصيرة في دير السيدة كيكوس واصلوا الرحلة بالهبوط إلى مدينة بافوس الساحلية وهي مدينة صغيرة نسبيا تعتمد على الزراعة والصيد بمقاييس ذلك الزمان ... أصبحت الآن مركز سياحي مرموق ومطار دولي يربطها بالعالم.

في هذه الساعات الأولى من وقوع الإنقلاب , كانت معلوماتنا تعتمد على ما يتردد من الشارع والمارة , وكان تركيزنا على الراديو بشكل خاص ومضى الوقتوفي حوالي الساعة الثانية عشر بدأت برامج الراديو تتغير  ويُعلن عن قيام  (الثورة … و الحركة التصحيحية ) وكان اول بيان مقتبض للإنقلابيين : هذه الكلمات :

مقتل مكاريوس … مقتل مكاريوس

أغلب الظنأن الإنقلابيين ظنوا أن مكاريوس قد قُتل … تحت حطام القصر الرئاسي … ولا أظن أنهم ارادوا من هذا البيان إحباط الأمةأو هي حرب نفسية بسبب قدراتهم المتواضعة ولا خافيا على ذي بصيرة .

رغم ان هذا ما حدث فعلا بعد الإعلان عن مقتل مكاريوس وقد طغى هذا الحدث على كل ما يجري  في الجزيرة   وعمت الكآبة والإحباط كل أفراد الشعب , بمقتل رئيسهم المحبوب  وراعي كنيستهم , ورمز نضالهم من أجل الإستقلال من قبل هذه الطغمة الحاقدة واسيادها في اثينا .  

تابعت التطورات المتلاحقة ,   وكل جديد مع الاصدقاء الذين كنت في ضيافتهم  وهم مونيكا فسيليوسيدة المسرح والسينما القبرصية  ( اخت الرئيس القبرصي جورج فسيليو اطال الله في عمره  ) الذي  تعرفت  عليه في تلك الأيام  وبقت علاقاتنا مستمرة حتى اليوم .  وزوجها المهندس ماريوس تمبريوتيس رحمهم الله جميعا , حينما داهم المنزل ثلة من الحرس الوطني وكانت بقيادة ضابطا صغير من الضباط اليونانيين الذين قادوا الإنقلاب … وإقتادوننا إلي ساحة الشرطة المركزي القريبة من المنزل … قبل نقلنا إلى سجن نيقوسيا الذي كان يعج بالمئات من المعتقلين , وهو سجن من ايام الإستعمار البريطاني مبني على ان يتسع ل200 سجين وهو الان لم يعد يتسع بالمئات المتراكمة والتي لم يتوقف زجهم بالسجن طوال الأيام التالية … قبل ان تفتح ابوابه على مصراعيهوالإفراج الجماعي عن المعتقلين … مع بدا الغزوالعسكري التركي للجزيرة من الجو والبحر وما تبعها من تداعيات ما زال الشعب القبرصي يعاني منها .   

لماذا أُعُتقلت مع هؤلاء الأصدقاء ؟؟؟

لانني صديق هؤلاء المعروف عنهم بعدائهم للجماعات الإرهابية عملاء النظام اليوناني في قبرص   … ليس إلا … وكنت في  معتقل إنفرادي … وفي زحمة السجن لم يتعرفوا على حقيقة هويتي … وفي مساء اليوم الاول واثناء (فسحة ) السجناء اطل علي صديق معتقل وانا في محبسي ومن خلف القضبان الحديدية  اخبرني ان مكاريوسحي يرزق … وقلت له إنتهت اللعبة … وبدات أعد نفسي لليوم التالي … وإقامة طويلة في قبرص… والآن جاء وقت العمل.

كان هناك  بين  الذين جاؤوا من حول مكاريوس لدى وصوله إلى بافوس متضامنين وجاهزين للمقاومة شاب لديه محطة ( إذاعة ) للهواة تغطي بالكاد مدينة بافوس  الصغيرة … وطلب من مكاريوس بالتحدث في إذاعته للشعب القبرصي … خاطب مكاريوس الأمة  وسمعه العالم  كلهحينما كذب مقولة الإنقلابيين عن مصرعه قائلا بصوته الجهوري المعروف و المتميز ضمن أشياء أخرى : “انا مكاريوس   …  تعرفونني من صوتي  … انا حي ارزق  .. انا مكاريوس” .. لا  ”  للخوندا  ”   الحاكمة في اثينا … وكيل إتهاماته لنظام اثينا  العسكري المتآمر على قبرص ونبه العالم من خطورة كل ما يحدث في الجزيرة …الخ

عودة إلى مكاريوس …

وصل المطران (  كما يحب القبارصة إستخدام هذا اللقب الديني )   يوم الإنقلاب إلى مدينة بافوس سالما آمنا , إلتقى جموع غفيرة من المواطنين في مقر الكنيسة في المدينة حيث اقام هناك ليلته وتحت رعاية الأمم المتحدة وقبل ان تنقله طائرة هيلوكبتر في صباح اليوم التالي للقاعدة البريطانية ومن هناك إلى مالطا , في طريقه إلى لندن ثم الامم المتحدة ليخوض معركة الغزو التركي لبلاده  … وتداعياتها التي لم تنتهي ابدا  . 

وبدا مكاريوس طريق العودة الطويل إلي قبرص من اوسع أبوابها منتصرا على حكام أثينا وادواتها وقد إنهارت الدكتاتورية … في أثينا , وعودة الديموقراطية إلى اهلها وموطنها اثينا , وإختفاء زعماء الإنقلاب القبرصي عملاء هذا النظام اليوناني ليتولى رئيس البرلمان القبرصي مهمة الرئاسة حتى عودة الرئيس الشرعي للبلاد … التي أصبح 40 % منها تحت الإحتل اخيرا بقيت في قبرص قرابة 4 شهور لم تخلو من المخاطر , وثقت علاقات فلسطينية قبرصية جديدة , فُتحت لنا أبواب كانت موصدة , تواصلنا مع الجميع وللجميع . لم تكن الأيام الي تلت هذه الأحداث سهلة كان القتل والبطش على الهوية بسبب فشل الإنقلابيين أو بدونها , ومما زاد الطين بلة أن هذه الممارسات حدثت في ظلال أجواء الغزو التركي وإحتلال  مدن وقرى قبرصية يونانية … وآلاف من أبنائه على جبهات القتال , وما زالت قبرص تبحث عنمصير المفقودين من أبنائها الذين كانوا   في جبهات القتال .

أقمت جسور التواصل مع الكثيرين من الشخصيات السياسية وغيرها في ظروفهم الصعبة , وكانت إمكانياتي في التنقل و الحركة أفضل تساعدني على ذلك … كنت حريص على العناية بدوائر وفعاليات مكاريوس واهله منذ اللحظة الاولى … وفي اول لقاء خاص معه بعد عودته شكرني بإهتمامي ( باهله وربعه ) …

بإختصار كانت فلسطين حاضرة  … كٌنا هناك …

بعد عودة مكاريوس … جاء موسم ” الحصاد ” وطوال السنوات بجانبه … وفي ظل الظروف الأمنية التي كانت سائدة في ذلك الوقت طلب دعمنا اللوجستي ولم تتاخر القيادة الفلسطينية تم ترتيب لقائه مع أبو عمار خلال زيارته لسوريا ( 1975 ) … وإفتتحت سفارة فلسطين في العاصمة نيقوسيا  (إمتيازاتها أكثر من كل السفارات الموجودة في قبرص … هذا ما وعد به مكاريوس عرفات )   … وكان داعما لنا خلال الحرب الأهلية في لبنان …

وأخيرا وليس آخرا كنا بجانبه عندما تعرض لأزمة قلبية حادة  وبناء على طلب المقربين وخصوصا عائلته , ارسلت القيادة الفلسطينية إثنان من كبار الأطباء المتخصصين من أساتذة الجامعة الأمريكية ( أحدهم فلسطيني والآخر لبناني ) وكان تشخيصهم لحالة مكاريوسكما قالوا لي … دقيقة … وداهمته … بعد شهور قليلة الأزمة القلبية الثانية …

في الصورة الأسقف مكاريوس والرئيس عرفات والسفير ملحم مسعود

فجأة الكل يبحث عني مساء ذلك اليوم …  ذهبت إلى  الأسقفية حيث يقيم المطران … وجدت أمامي 3 أطباء أدركت ما يجري … وقالوا لي نحتاج مساعدتكم  … إبقى معنا , تحدثت مع المقربين  من اهله  وخصوصا أخت مكاريوس الكبرى السيدة ” ماريا ” واكدت لهما عمل كل ما يمكن وسأكون طوال هذه الليلة بجانبهم … ولم يلبث أن توافد رئيس البرلمان سبيرو كبريانو ( الذي تولى الرئاسة بعد رحيل مكاريوس ) وكبار القوم في الدولة والكل في حالة ذهول , إتفقوا على ضرورة إستدعاء أطباء الجامعة الأمريكية … قمت بالإتصالات اللازمة و بالقيادة الفلسطينية  , وضعت الدولة تحت تصرفي طائرة من طائرات الخطوط الجوية القبرصية ( من3 طائرات تملكها الشركة ) والتي إنتظرنا أول طائرة قادمة في ساعة متاخرة من الليل لإحضار الأطباء من بيروت في الساعات المبكرة من يوم 3 أغسطس 1977 وكنت الراكب الوحيد مع مرافق من حرس الرئيس ومضيفة  … في المهمة الصعبة .

وبمجرد وصولنا مطار بيروت وما زالت محركاتها تعمل جاء قبطان الطائرة ليبلغني بوفاة مكاريوس طلبت منه العودة مباشرة.  

قبرص … حديقة ذكريات  “

هذا عنوان كتاب أعمل على إنجازه … بطلب من الأقرباء والأصدقاء لأروي ” الحكاية “

حكاياتنا في قبرص … إذا بقى في العمر بقية …

 

مرفق : نص رسالة الأسقف مكاريوس إلى النظام الدكتاتوري في اثينا

Επιστολή Μακαρίου προς Φ. Γκιζίκη

 

Κύριε Πρόεδρε,

Μετά βαθείας θλίψεως είμαι υποχρεωμένος να εκθέσω προς υμάς ωρισμένας απαραδέκτους εν Κύπρω καταστάσεις και γεγονότα, δια τα οποία θεωρώ υπεύθυνον την Ελληνικήν Κυβέρνησιν.

Από της λαθραίας αφίξεως εις Κύπρον του Στρατηγού Γρίβα, κατά Σεπτέμβριον του 1971, εκυκλοφόρουν φήμαι και υπήρχον βάσιμοι ενδείξεις, ότι ούτος ήλθεν εις Κύπρον κατά προτροπήν και ενθάρρυνσιν ωρισμένων εν Αθήναις κύκλων. Βέβαιον πάντως είναι, ότι ο Γρίβας, από των πρώτων ημερών της ενταύθα αφίξεώς του, είχεν επαφήν μετά υπηρετούντων εις την Εθνικήν Φρουράν αξιωματικών εξ Ελλάδος, παρά των οποίων έτυχε βοηθείας και συμπαραστάσεως εις την προσπάθειάν του να σχηματίση παράνομον οργάνωσιν και να αγωνισθή, δήθεν, δια την Ένωσιν. Και κατήρτησε την εγκληματικήν οργάνωσιν “ΕΟΚΑ Β”, η οποία κατέστη αιτία και πηγή πολλών δεινών δια την Κύπρον. Γνωστή είναι η δράσις της οργανώσεως αυτής, η οποία, υπό πατριωτικόν μανδύαν και ενωτικήν συνθηματολόγησιν, διέπραξε πολιτικάς δολοφονίας και πολλά άλλα εγκλήματα. Η στελεχουμένη και ελεγχομένη υπό Ελλήνων αξιωματικών Εθνική Φρουρά υπήρξεν εξ αρχής ο εις έμψυχον και άψυχον υλικόν κυριώτερος τροφοδότης της “ΕΟΚΑ Β”, της οποίας τα μέλη και οι υποστηρικταί έλαβον τον εύφημoν τίτλον και αυτοαπεκλήθησαν “ενωτικοί” και “ενωτική παράταξις”.

Πολλάκις διηρωτήθην, διατί μία παράνομος και επιζήμιος εθνικώς οργάνωσις, η οποία επιφέρει διαιρέσεις και διχονοίας, διανοίγει ρήγματα εις το εσωτερικόν μας μέτωπον και οδηγεί τον Κυπριακόν Ελληνισμόν προς εμψύλιον σπαραγμόν, υποστηρίζεται υπό Ελλήνων αξιωματικών. Και πλειστάκις επίσης διηρωτήθην, κατά πόσον η τοιαύτη υποστήριξις τυγχάνει της εγκρίσεως της Ελληνικής Κυβερνήσεως. Έκαμα διαφόρους σκέψεις και υποθετικούς συλλογισμούς, δια να εύρω λογικήν απάντησιν εις τας απορίας και τα ερωτήματά μου. Ουδεμία απάντησις, υπό οιασδήποτε προϋποθέσεις και συλλογισμούς, ήτο δυνατόν να στηριχθή επί λογικής βάσεως. Αλλ’αδιάψευστον πραγματικότητα αποτελεί η υποστήριξις της “ΕΟΚΑ Β” υπό Ελλήνων αξιωματικών. Τα εις διαφόρους περιοχάς της νήσου στρατόπεδα της Εθνικής Φρουράς και οι πλησίον αυτών χώροι κατακοσμούνται με συνθήματα υπέρ του Γρίβα και της “ΕΟΚΑ Β”, ως και με συνθήματα κατά της Κυπριακής Κυβερνήσεως, και ιδιαιτέρως κατ’εμού. Εντός των στρατοπέδων της Εθνικής Φρουράς, απροκάλυπτος πολλάκις είναι η υπό των Ελλήνων αξιωματικών προπαγάνδα υπέρ της “ΕΟΚΑ Β”. Γνωστόν και αδιάψευστον είναι επίσης το γεγονός, ότι ο αντιπολιτευόμενος και υποστηρίζων την εγκληματικήν δραστηριότητα της “ΕΟΚΑ Β” κυπριακός τύπος, έχων πηγήν χρηματοδοτήσεως τας Αθήνας, λαμβάνει καθοδήγησιν και γραμμήν από τους υπευθύνους του 20υ Επιτελικού Γραφείου και του εν Κύπρω Κλιμακίου της Ελληνικής Κεντρικής Υπηρεσίας Πληροφοριών (Κ.Υ.Π.).

Είναι αληθές ότι, οσάκις διεβιβάζοντο υπ’εμού παράπονα προς την Ελληνικήν Κυβέρνησιν, δια την στάσιν και συμπεριφοράν ωρισμένων αξιωματικών, είχον την απάντησιν ότι δεν έπρεπε να διστάζω όπως καταγγέλλω αυτούς ονομαστικώς και αναφέρω τας συγκεκριμένας

κατ’αυτών κατηγορίας, δια να ανακαλώνται εκ Κύπρου. Εις μίαν μόνον περίπτωσιν έπραξα τούτο. Μού είναι δυσάρεοτον το τοιούτον έργον. Αλλά και το κακόν δεν θεραπεύεται δια της κατ’αυτόν τον τρόπον αντιμετωπίσεώς του. Σημασίαν έχει η εκρίζωσις και πρόληψις του κακού, και ουχί απλώς η αντιμετώπισις των εκ τούτου επιπτώσεων.

Λυπούμαι να είπω, κύριε Πρόεδρε, ότι η ρίζα του κακού είναι πολύ βαθεία και φθάνει μέχρις Αθηνών. Εκείθεν τροφοδοτείται και εκείθεν συντηρείται και απλούται αναπτυσσόμενον το δένδρον του κακού, του οποίου τους πικρούς καρπούς γεύεται σήμερόν ο Κυπριακός Ελληνισμός. Και δια να είμαι απολύτως σαφής, λέγω ότι στελέχη του στρατιωτικού καθεστώτος της Ελλάδος υποστηρίζουν και κατευθύνουν την δραστηριότητα της τρομοκρατικής οργανώσεως “ΕΟΚΑ Β”. Εντεύθεν εξηγείται και η ανάμιξις Ελλήνων αξιωματικών της Εθνικής Φρουράς εις την παρανομίαν, την συνωμοσίαν και εις άλλας απαραδέκτους καταστάσεις. Περί της ενοχής των κύκλων του στρατιωτικού καθεστώτος καταμαρτυρούν έγγραφα, τα οποία ευρέθησαν προσφάτως εις την κατοχήν ιθυνόντων στελεχών της “ΕΟΚΑ Β”. Εκ του Εθνικού Κέντρου απεστέλλοντο αφθόνως χρήματα δια την συντήρησιν της οργανώσεως, εδίδοντο εντολαί δια την αρχηγίαν, μετά τον θάνατον του Γρίβα και την ανάκλησιν του μετ’αυτού ελθόντος εις Κύπρον ταγματάρχου Καρούσου, γενικώς δε εξ Αθηνών κατηυθύνοντο τα πάντα. Η γνησιότης των εγγράφων τούτων δεν είναι δυνατόν να τεθή εν αμφιβόλω, διότι και τα δακτυλογραφημένα εξ αυτών έχουν διορθώσεις δια χειρός γενομένας και γνωστός είναι ο γραφικός χαρακτήρ του γράψαντος. Ενδεικτικώς επισυνάπτω έν τοιούτον έγγραφον.

Είχον πάντοτε ως αρχήν και επανειλημμένως εδήλωσα, ότι η συνεργασία μου μετά της εκάστοτε Ελληνικής Κυβερνήσεως αποτελεί δι’εμέ εθνικόν καθήκον. Το εθνικόν συμφέρον υπαγορεύει την αρμονικήν και στενήν συνεργασίαν Αθηνών και Λευκωσίας. Οιαδήποτε και αν ήτο η Κυβέρνησις της Ελλάδος, ήτο δι’εμέ η Κυβέρνησις της Μητρός Πατρίδος και έπρεπε να συνεργάζωμαι μετ’αυτής. Δεν δύναμαι να είπω ότι τρέφω ιδιαιτέραν συμπάθειαν προς στρατιωτικά καθεστώτα, και μάλιστα εις την Ελλάδα, την χώραν, η οποία εγέννησε και ελίκνισε την δημοκρατίαν. Αλλά και εις αυτήν την περίπτωσιν δεν παρεξέκλινα της αρχής μου περί συνεργασίας. Αντιλαμβάνεσθε όμως, κύριε Πρόεδρε, τας θλιβεράς σκέψεις αι οποίαι βασανιστικώς με απασχολούν, κατόπιν της διαπιστώσεως, ότι άνθρωποι της Κυβερνήσεως της Ελλάδος εξυφαίνουν αδιαλείπτως κατ’εμού συνωμοσίας και, όπερ το χειρότερον, διαιρούν και εξωθούν τον Κυπριακόν Ελληνισμόν εις την δι’αλληλοσπαραγμού καταστροφήν. Ουχί άπαξ μέχρι τούδε ησθάνθην, και εις τινας περιπτώσεις σχεδόν εψηλάφησα, εκτεινομένην αοράτως εξ Αθηνών χείρα, αναζητούσαν προς αφανισμόν την ανθρωπίνην ύπαρξίν μου. Χάριν, όμως, εθνικής σκοπιμότητος, ετήρησα σιγήν. Και αυτό ακόμη το πονηρόν πνεύμα, υπό του οποίου εκυριεύθησαν οι τρεις καθαιρεθέντες Κύπριοι Μητροπολίται, οι μεγάλην κρίσιν προκαλέσαντες εν τη Εκκλησία, είχε πηγήν εκπορεύσεώς του τας Αθήνας. Ουδέν όμως, εν προκειμένω, είπον Σκέπτομαι μόνον και διαλογίζομαι, προς τί πάντα ταύτα. Θα εξηκολούθουν δε να τηρώ σιγήν περί της ευθύνης και του ρόλου της Ελληνικής Κυβερνήσεως εις το σημερινόν δράμα της Κύπρου, εάν επί της σκηνής του δράματος ήμην ο μόνος πάσχων. Αλλ’η συγκάλυψις και η σιωπή δεν επιτρέπονται, όταν πάσχη ολόκληρος ο Κυπριακός Ελληνισμός, όταν Έλληνες αξιωματικοί της Εθνικής Φρουράς, κατά προτροπήν εξ Αθηνών, υποστηρίζουν την “ΕΟΚΑ Β” εις εγκληματικήν δραστηριότητα, περιλαμβάνουσαν πολιτικάς δολοφονίας και, γενικώς, αποσκοπούσαν εις την διάλυσιν του κράτους.

Εις την προσπάθειαν διαλύσεως της κρατικής υποστάσεως της Κύπρου, μεγάλη είναι η ευθύνη της Ελληνικής Κυβερνήσεως. Το Κυπριακόν κράτος πρέπει να διαλυθή μόνον εις περίπτωσιν Ενώσεως. Μη καθισταμένης, όμως, εφικτής της Ενώσεως, επιβάλλεται η ιοχυροποίησις της κρατικής υποστάσεως της Κύπρου. Η Ελληνική Κυβέρνησις, δια της όλης στάσεώς της έναντι του θέματος της Εθνικής Φρουράς, ασκεί καταλυτικήν πολιτικήν επί του Κυπριακού κράτους. Προ μηνών, το εξ Ελλήνων αξιωματικών αποτελούμενον Γενικόν Επιτελείον της Εθνικής Φρουράς υπέβαλεν εις την Κυπριακήν Κυβέρνησιν, προς έγκρισιν, κατάλογον υποψηφίων δοκίμων εφέδρων αξιωματικών, οίτινες θα εφοίτων εις ειδικήν οχολήν, δια να υπηρετήσουν ακολούθως, κατά την διάρκειαν της στρατιωτικής θητείας των, ως αξιωματικοί. Εκ του υποβληθέντος καταλόγου, δεν ενεκρίθησαν υπό του Υπουργικού Συμβουλίου πεντήκοντα επτά εκ των υποψηφίων. Ειδοποιήθη περί τούτου γραπτώς το Γενικόν Επιτελείον. Παρά ταύτα, κατόπιν οδηγιών εξ Αθηνών, το Επιτελείον ουδόλως έλαβεν υπ’όψιν την απόφασιν του Υπουργικού Συμβουλίου, έχοντος, βάσει νόμου, το απόλυτον δικαίωμα διορισμού αξιωματικών της Εθνικής Φρουράς. Ενεργούν ασυδότως και αυθαιρέτως, το Γενικόν Επιτελείον κατεπάτησε νόμους, περιφρόνησε την απόφασιν της Κυπριακής Κυβερνήσεως, και ενέγραψεν εις την Σχολήν Αξιωματικών τους μη εγκριθέντας υποψηφίους. Απολύτως απαράδεκτη, θεωρώ την τοιαύτην στάσιν του εκ της Ελληνικής Κυβερνήσεως εξαρτωμένου Γενικού Επιτελείου της Εθνικής Φρουράς. Η Εθνική Φρουρά είναι όργανον του Κυπριακού κράτους και υπ’αυτού πρέπει να ελέγχεται, και ουχί εξ Αθηνών. Η θεωρία περί ενιαίου αμυντικού χώρου Ελλάδος-Κύπρου έχει την συναισθηματικήν πλευράν της. Αλλ’εν τη πραγματικότητι διάφορος είναι η κατάστασις. Η Εθνική Φρουρά, ως έχουν σήμερον η σύνθεσις και η στελέχωσίς της, εξετράπη του σκοπού της και κατέστη εκτροφείον παρανόμων, κέντρον συνωμοσιών κατά του κράτους και πηγή τροφοδοσίας της “ΕΟΚΑ Β”. Αρκεί να λεχθεί ότι, κατά την προσφάτως ενταθείσαν τρομοκρατικήν δραστηριότητα της “ΕΟΚΑ Β”, αυτοκίνητα της Εθνικής Φρουράς μετέφερον οπλισμόν και μετεκίνουν εν ασφαλεία μέλη της οργανώσεως, των οποίων επέκειτο η σύλληψις. Και δια την εκτροπήν αυτήν της Εθνικής Φρουράς απόλυτον την ευθύνην έχουν Έλληνες αξιωματικοί, μερικοί των οποίων είναι από ποδών μέχρι κεφαλής αναμεμιγμένοι και συμμέτοχοι εις την δραστηριότητα της “ΕΟΚΑ Β”. Και εις τούτο ευθύνης άμοιρον δεν είναι το Εθνικόν Κέντρον. Ηδύνατο η Ελληνική Κυβέρνησις, δι’απλού νεύματός της, να θέση τέρμα εις την θλιβεράν αυτήν κατάστασιν. Ηδύνατο το Εθνικόν Κέντρον να διατάξη τον τερματισμόν της βίας και της τρομοκρατίας υπό της “ΕΟΚΑ Β”, διότι εξ Αθηνών αντλεί η οργάνωσις τα μέσα συντηρήσεως και την δύναμίν της, ως εγγράφως μαρτυρούν τεκμήρια και αποδείξεις. Δεν έπραξεν, όμως, τούτο η Ελληνική Κυβέρνησις. Ως ένδειξιν μιας ανεπιτρέπτου καταστάσεως σημειώ ενταύθα παρενθετικώς, ότι και εις Αθήνας ανεγράφησαν προσφάτως συνθήματα κατ’εμού και υπέρ της “ΕΟΚΑ Β”, εις τους τοίχους ναών και άλλων κτιρίων, συμπεριλαμβανομένου και του κτιρίου της Κυπριακής Πρεσβείας. Και η Ελληνική Κυβέρνησις, καίτοι γνωρίζει τους δράστας, ουδενός επεδίωξε την σύλληψιν και την τιμωρίαν, ανεχομένη κατ’αυτόν τον τρόπον προπαγάνδαν υπέρ της “ΕΟΚΑ Β”.

Πολλα έχω να είπω, κύριε Πρόεδρε, αλλά δεν νομίζω ότι πρέπει να μακρηγορήσω περισσότερον. Και δια να καταλήξω, διαβιβάζω ότι η υπό Ελλήνων αξιωματικών στελεχουμένη Εθνική Φρουρά, της οποίας το κατάντημα εκλόνισε την προς αυτήν εμπιστοσύνην του Κυπριακού λαού, θα αναδιαρθρωθή επί νέας βάσεως. Εμείωσα την στρατιωτικήν θητείαν, δια να ελαττωθή η οροφή της Εθνικής Φρουράς και το μέγεθος του κακού. Πιθανώς να παρατηρηθή, ότι η ελάττωσις της δυνάμεως της Εθνικής Φρουράς, λόγω συντμήσεως της στρατιωτικής θητείας, δεν καθιστά αυτήν ικανήν να ανταποκριθή εις την αποστολήν της εν περιπτώσει εθνικού κινδύνου. Δια λόγους, τους οποίους δεν επιθυμώ ενταύθα να εκθέσω, δεν συμμερίζομαι αυτήν την άποψιν. Και θα παρεκάλουν, όπως ανακληθούν οι στελεχούντες την Εθνικήν Φρουράν αξιωματικοί εξ Ελλάδος. Η παραμονή των εις την Εθνικήν Φρουράν και η υπ’αυτών διοίκησίς της θα είναι επιζήμιος εις τας σχέσεις Αθηνών και Λευκωσίας. Θα ήμην, εν τούτοις, ευτυχής, εάν ηθέλετε να αποστείλητε εις Κύπρον περί τους εκατόν αξιωματικούς, ως εκπαιδευτάς και στρατιωτικούς συμβούλους, δια να βοηθήσουν εις την αναδιοργάνωσιν και αναδιάρθρωσιν των ενόπλων δυνάμεων της Κύπρου. Ελπίζω, εν τω μεταξύ, να εδόθησαν εντολαί εξ Αθηνών εις την “ΕΟΚΑ Β” όπως τερματίση την δραστηριότητά της, καίτοι, εφ’όσον αύτη δεν διαλύεται οριστικώς, δεν αποκλείεται νέον κύμα βίας και δολοφονιών.

Θλίβομαι, κύριε Πρόεδρε, διότι ευρέθην εις την ανάγκην να είπω πολλά δυσάρεστα, δια να περιγράψω εις αδράς γραμμάς, με γλώσσαν ωμής ειλικρινείας, την από μακρού υφισταμένην εν Κύπρω αξιοθρήνητον κατάστασιν. Τούτο, όμως, επιβάλλει το εθνικόν συμφέρον, το οποίον έχω πάντοτε γνώμονα όλων των ενεργειών μου. Δεν επιθυμώ διακοπήν της συνεργασίας μου μετά της Ελληνικής Κυβερνήσεως. Δέον, όμως, να ληφθή υπ’όψιν, ότι δεν είμαι διωρισμένος νομάρχης ή τοποτηρητής εν Κύπρω της Ελληνικής Κυβερνήσεως, αλλ’εκλεγμένος ηγέτης μεγάλου τμήματος του Ελληνισμού και απαιτώ ανάλογον προς εμέ συμπεριφοράν του Εθνικού Κέντρου.

Το περιεχόμενον της παρούσης δεν είναι απόρρητον.

Μετ’εγκαρδίων ευχών,
Ο Κύπρου Μακάριος
2.7.1974

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى