أقلام وأراءدراسات وتقارير خاصة بالمركز

السفير ملحم مسعود يكتب لا صوت يعلو فوق صوت .. كورونا

السفير ملحم مسعود  – اليونان 18.3.2021

أعود اليوم إلى أسرة تحرير الموقع , بعد غياب قصري … وفترة نقاهة طويلة …  للكتابة والمشاركة ، وقد داهمتنا أحداث متعاقبة ذات صلة بمنطقتنا بشكل مباشر ، واخرى من حولنا، وعالمنا الواسع وبدات ارتب أفكاري واوراقي وكتاباتي  ربما استرجع بعضها في هذه المسيرة الإعلامية … لتداهمنا بهجمات كورونا من حيث لا ندري , مما جعلني استذكر معلقة طرفة بن العبد حيث يقول فيما يقول :

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهــــلاً  * ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ
ويأتيكَ بالأنباءِ من لم تَبعْ لـــــه * بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ

 إلى أن عصفت بنا جميعا أخبار إنتشار وباء  ” كورونا ” والذي تأخر الإعتراف به كوباء , واصبح يطرق أبوابنا ويطاردنا أينما كنا , مما كان له الأولوية والإهتمام  , لتقديم ما يمكن من معلومات للقارئ حول هذا الموضوع على صفحات الموقع .

كما نعرف جميعا من الكتابات والتحليلات والمقابلات في كافة وسائل الإعلام العالمية والمحلية خطورة وحجم التحديات التي يواجهها العالم اليوم , ومدى التعاون الدولي للمواجهة , وتفهمات المجتمعات المنكوبة بالمثول والإلتزام بالتوجيهات والتعليمات من الأجهزة المعنية خصوصا في حالات التنقل والسفر والتجمعات …الخ .

كنت اتابع  اليوم ( الثلاثاء ) عن كل جديد وتابعت  ما جاء في المؤتمر الصحفي في معهد ” روبرت كوخ الفيدرالي الألماني لدراسة الأمراض المعدية ” من معلومات (مرعبة )  تحدث خلاله العالم والباحث لوتار فيليد في مؤتمر صحفي قال إن وباء فيروس كورونا المستجد سوف يستمر لعامين على الأقل !!!  متوقعا إعداد أول لقاح ضده عام 2021 واضاف قائلا أن الوباء يتطور بالتأكيد وفق موجات … لكن ما سرعة هذه الموجات ؟ ( والجدير بالذكر هنا  ان الأخبار الواردة من امريكا والصين تفيد على بدا التجارب فعلا على لقاحات تم تصنيعها وهناك أيضا من هم في سباق مع الزمن لإنجاز هذا اللقاح)  وأضاف الباحث الألماني قائلا متى ستتحقق التوقعات التي نتحدث عنها دائما وتشير إلى أن الوباء سيصيب من 60% إلى 70 % من سكان الأرض , هذه العملية قد تمتد لسنوات , لكننا ننطلق ونعمل من تقدير مفاده قد تستغرق حوالي عامين .. بالإضافة إلى كل ذلك بدات حالة من الإستنفار العام في الهيئات والمؤسسات العلمية والبحثية لمواجهة هذه الحالة وتطويقها من أجل القضاء عليها … ورغم الجهود (  المراثونية ) المبذولة والإمكانيات المالية التي وضعت تحت تصرفها بمليارات الدولارات … فإن النتائج لن تكون بالسرعة المرجوة , وهنا تكمن صعوبة المرحلة وخصوصا ان المؤشرات والدلائل تشير على تزايد إنتشار الوباء وإمتداداته وتوسع مساحته في المستقبل المنظور …..

هذا غيض من فيض …

نعيشه اليوم بلا إنقطاع , بعد ان فرضت على الكثير منا  العزلة في مساكنهم وفي احسن الأحوال العمل من بيوتهم … في أجواء من ضبابية الخوف والقلق وما تحمله لنا الايام القادمة … من ناحية  أخرى هناك المشهد المفرح الموسيقي والغنائي الرائع الذي نراه من على الشرفات والأبواب والنوافذ في المدن الإيطالية … لا يستطيع ادائها سوى ابناء هذا الشعب المفرح والمبتهج ابدا .. وكأن حالهم يقول ما قاله  فرانك هربرت فى تعويذة بينى جيزيريت «الابتهالُ ضد الخوف “… ومن يريد المزيد لتفهم هذه الحالة أو الظاهرة  وتفسيرها عليه الرجوع إلى الاعمال الأدبية التاريخية في إيطاليا لمعرفة قصة ( الديكاميرون ) وتعني الكلمة رقم عشرة التي وضعها جيوفاني بوكاشيو منتصف القرن الرابع عشر عن الطاعون الذي ضرب مدينة فلورنسا . وهنا تقول لينا ابو بكر في مقالها على صفحة “ البوابة “ضمن اشياء أخرى : هل تغدو عزلتك في بيتك ، أكثر حصانة من صلاتك في بيت ربك ….. ويلاه ما أخس الخوف حين يقهر الخشوع ، ويلاه … ونقول لله في خلقه شؤون… 

إن إنتشار وباء يشكل دوما إمتحانا لمجتمع … وحقبة تاريخية … كما تحدث الأوبئة الكبرى تغييرا في عاداتنا وخصوصا في أنظمتنا    الصحية والأبحاث المتشعبة والمتخصصة مثل الحجر الصحي وغيرها , ويشير عالم الجغرافيا الفرنسي فريدي فينيه على سبيل المثال إلى ان  الإنفلونزا المسماة ( بالإسبانية ) التي إنتشرت بعد الحرب العالمية الأولى كان لها أثر هيكلي على تاريخ الصحة المعاصر , واليوم كما تقول لينا ابو بكر أيضا : جاء الفيروس وقلب الطاولة ورشق عتاة العصر وجبابرة الشر بكراته البصلية وتاجه القنفذي الذي يخرج من بول الخفافيش كما يقولون .  

إذا كان لنا أن نقول اليوم ما يعبر عن حالنا وما ينتظرنا أيضا … أو ينتظر الأجيال القادمة للتاريخ فسوف يقال : ما قبل كورونا وما بعد كورونا .

وللحديث بقية

ملحم مسعود 

   

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى