أقلام وأراء

السفير ملحم مسعود يكتب قبرص 2 عاصمة شرق البحر الأبيض المشهد الثاني في المسلسل القبرصي

بقلم السفير ملحم مسعود *،  ٢٩-١١-٢٠١٨

إذا تركنا ولو إلى حين بدايات العمل الفلسطيني في الجزيرة والذي يسأل عنها بعض الأصدقاء ونشرها  , والتضحيات الذي قدمها الفلسطينيون .من شهداء سالت دمائهم الزكية على ارض الجزيرة أكثر من اي مكان  آخر قي الساحة الدولية , يؤكد  ما لهذا الموقع من أهمية  إسترتيجية لنا , والجيرة الحتمية التي كرثتها الجغرافيا , وصفحات من التاريخ المشترك المعروفة  فهي ملتقى قارات وحضارات ثلاث، أوروبا وآسيا وأفريقيا، الأمر الذي كان له أبعاد إيجابية تمثلت في الثراء الحضاري والتنوع والتلاقح الفكري بين سكانها وشعوب تلك الحضارات، كما أسهم في إنعاش اقتصادها في ذلك الزمان عبر عمليات التبادل التجاري التي كانت تتخذ من موانئ قبرص محطات للتزود بالمؤن اللازمة لمواصلة الرحلات البحرية …. الخ .  مما جعل القيادات الفلسطينية توليه إهتماما خاصا , وتجعله ضمن أولويات خاصة في تلك البدايات التي ساهم فيها الكثير .

ولأهمية ذلك إضافة للمستجدات والتطورات التي فرضت نفسها على  المنطقة في العقود الأخيرة لا سيما شرق البحر الابيض مما يتطلب بعض المراجعات من قبل كبار القوم . والتكوين السياسي والإجتماعي لهذه الجزيرة ( قلب المنطقة ) ليساعدنا هذا الفهم للتعاطي والتعامل معها. ولو بالحد الادنى  الضروري , ونترك ما عدا ذلك من أهمية الموقع الذي كان سببا في مشكلات جمة، ومثل عامل اضطراب سياسي مستمر وتهديد أمني دائم، بل إنه أثار أطماع الإمبراطوريات والدول والممالك التاريخية القديمة الكبرى، فسيرت إلى هذه الجزيرة الكثير من الغزوات، وخضعت في فترات تاريخية مختلفة للاحتلال، وكان من ذلك الغزوات الفرعونية والحثية والأكادية والفينيقية والآشورية والفارسية والقرطاجية والرومانية والبيزنطية والإسلامية والصليبية والعثمانية والإنجليزية ونترك التاريخ

لأصحابه من المؤرخين  والباحثين والأكادميين … و … إولو الألباب .

عود على بدء ….

أهمية ما اشرنا إليه سابقا وترتيب وضع الجزيرة بعد إستقلالها في السادس عشر من أغسطس/آب 1960 بعد الاتفاق على دستور ينظم شؤون الحكم وإدارة الدولة و التي أصبحت لاحقا ( جزيرة … ودولتان … و طائفتين ..) وما ملكت أيمانهم !!! مما تيسربالقادمين من كل درب وصوب , بالتواجد والتفاعل مع واقع جديد في شرق البحر الأبيض ,  كانت بريطانيا تستاثر به , وما زال لها فيها ” الجزيرة “حصة الاسد على البلاد والعباد ( قواعد بريطانية متكاملة أقرب للمدن ومقوماتها … ومطار يقال انه الأكثر قدرة على الحركة الجوية في المنطقة  تحت كل الظروف … بريطانيا وحلفائها من  ناتو وغيره ,    ومحطات الرصد والمراقبة على مرتفعات طرودس .. ) وشريحة كبيرة من الشعب القبرصي حاقظ على إنتمائه البريطاني بالإحتفاظ بجنسية المستعمر و تبقى رصيدا فاعلا وهاما في الحياة السياسية القبرصية .

كذلك توافدت  بعد الإستقلال البعثات الدبلوماسية والقنصلية تباعا من اطراف العالم …  في سباق على مقاعد ” لها في الصفوف الأولى … ويربو عددها اليوم عن مائة بعثة . في هذا البلد  الذي يبلغ مساحته أقل قليلا من مساحة لبنان ( 9250 ) كيلو مربع تقريبا …. أذكر في نهاية الستينات كانت هناك ثلاث بعثات دبلوماسية ققط مصر   وسوريا ولبنان وبعد اكثر من عقد من الزمان إفتتحت سفارة الجماهيرية  الليبية ….  واليوم أصبح  هناك اثنتا عشرة سفارة عربية وربما أكثر لأهمية قبرص والأمن القومي العربي طبعا !!! أما السفارة الفلسطينية فتم إفتتاحها بعد اللقاء التاريخي بين أبوعمار ومكاريوس عام  1975 في دمشق وكان لي الشرف بحضوره !!! …. والمشاركة في اعماله. وهذه حكاية أخرى رحمهم الله جميعا.

هذه  البعثا ت  الأجنبية كانت بلا شك  اكثر مما يمكن ” هضمه ” سياسيا ودبلوماسيا لكن أسبابه مفهومة …. وكان لي حديث مع أحدهم , شاركني الرأي وكانت تفسيراته إنها : قبرص … و أضاف قائلا  لذلك نحن هنا نحاولإستثماركل ماهو في مصلحتنا .

جاءت البعثات في مهمة دبلوماسية وراحت تبحث على المصالحوإقامة جسور التعاون , وكل على ليلاه . وعندما لم يجد البعض مصالح هنا او هناك راحوا يبحثون وينقبون على صناعتها وإبداعها  حتى يبدوا بريقها و راحوا يبنوا عليها  حتى يحين وقت الحصاد.

كانت النشاطات , والعلاقات , والإتصالات العامة تحكم اجواء العمل في هذه الجزيرة  , مع هذا الحضور الواسع , وفي ظل ظروف الحرب الباردة بين المعسكرين تتسم بالحذر والإنتباه , رغم رؤيتها بسهولة للعيون المجردة  و المدربة … كانت ركائز بعثات دول الإتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية على سبيل المثال , الحزب الشيوعي القبرصي  ( أكيل ) الحزب الأقوى  تنظيما , ومؤسساته المختلفة , شبابية , ونسائية …. الخ  . كذلك مؤسسات إقتصادية وتجارية قوية ومنتجة . دون أن ننسى نجاح الحزب في كسب شريحة واسعة من المواطنين العاديين كانصار متعاطفين مع سياسات الحزب وتوجهاته الإجتماعية . ( هذا الزخم اوصل زعيم الحزب  الشيوعيديميتريس خريستوفياس  إلى سدة الحكم 2003 _2013 ) كذلك  ما زالنا  نرى العديد  من أبناء هذا  البلد يتلقون علومهم في جامعات دول شرق أوروبا , كذلك المئات من العاملين   في مؤسسات الدولة من خريجي هذه الجامعات ….الخ .

إ  

وكان في الصفوف الأمامية في هذه النشاطات الدبلوماسية الأجنبية الولايات المتحدة بطبيعة الحال  وغيرها من الدول الغربية . وكانت بريطانيا واجهزتها في الطليعة , أما  النشاط اليوناني  وبعثتها وممثلها كانت بمثابة دور المندوب السامي …. اما تركيافحدث ولا حرج … فكانت تضع الجزيرة باكملها تحت المجهر … بما لها من نسيج الطائفة التركية , المتواجد اصلا على الأرض  .

وكان يحلو لي كل صباح  معرفة وجهة نظر ومواقف الجهة الأخرى , من خلال   الإستماع للنشرات الإخبارية  التي يبثها  الراديو الموجهمن الشمال للطائفة القبرصية اليونانية  باللغة اليونانية .  

كانت مهمة لأمثالي مما شاءت ظروفهم أن يكونوا في في هذا البلد  في مهمة.

وللحديث بقية … في المشهد الثالث والأخير

ملحم مسعود

أول معتمد للثورة الفلسطينية في قبرص واليونان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى