أقلام وأراء

السفير ملحم مسعود يكتب المرأة … العربية قيمة … وقامة ( 5 )

السفير ملحم مسعود اليونان 22.4.2021 

كيف كانت مكانة المرأة العربية على مر العصور … ما قبل العصر الجاهلي وبعده , ونضالاتها وحضورها ذلك الزمان ؟

شكّلت المرأة العربية في الوسط الجاهلي الصحراوي الدور المهم في القيام بالكثير من المهام، حيث إنّها كانت خير أنيس للرجل الذي لم تمنعه بداوته من بذل العشق لها، والتغزل بها وبجمالها، فظهرت في الشعر العربي، إذ كان لها المكانة البارزة في معلقات الشعراء، كما لها دور مهم في الحياة السياسيّة، إذ نقلت المصادر أن مكانة المرأة لم تكن قليلة في كل الجهاتبل هي ارتفعت وتسلمت الحكم، فكان لها القيادة الفعلية، فهي عنصر أساسي بين القبائل، فشاركت في الأحلاف، إضافة إلى أن بعض الرجال كانوا يستجيرون إليها من أجل حمايتهم والدفاع عنهم

وبذلك فقد كانت المرأة ( الجاهلية ) بوجه عام قادرة على القرار وعلى المشاركة في الحياة، دون أن تُمنع من حقوقها وحرياتها. من الأدلة الواردة على عظمة المرأة وشجاعتها , هي دورها البارز في الحياة العسكرية، ومشاركتها في التحريض على القتال وإثارة الهمم، إذ شاركت في الحروب فكانت تداوي الجرحى، وتسقي المقاتلين وتعتني بهم، كما أنّها في بعض الأحيان كانت تقود الجيش للحرب مثل القائدة رقاش والتي يعود أصلها إلى قبيلة طيء

أما عن الحياة الدينية الجاهلية فقد تجّلى دورها بأن كانت ترمز للعبادة،  إذ كان الرجل الجاهلي يُقدس النخلة؛ وذلك لاعتبارِها رمزًا يدل على الأنوثة والخصوبة، إضافة إلى كون المرأة عابدة فقد كانت تطوف مع الرجال حول الكعبة، أما عن كونها معبودة فقد شغلت حيزًا في الفكر الديني الجاهلي، ومن الأمثلة على الآلهات اللإناث في الجاهلية هي اللات. شكّلت آلهة اللات مكانة المرأة الدينية في العصر الجاهلي، إذ قدّسوها وعبدوها فكانت من كبيرات آلهتهم، إضافة إلى آلهات أخرى كانت على هيئة المرأة .

أما عن الحياة الاقتصادية في العصر الجاهلي، فقد عملت المرأة بكافة الميادينكالزراعة والرعي والمشاركة في الحراثة، كما شاركت في الحياة الصناعية فغزلت الصوف، ودبغت الجلود، وأسهمت في صناعة الأسلحة كالرماح، ومن المهن الجاهلية التي اتخذتها المرأة هي ( النيًاحة ) على الأموات ، ومن ثم فقد كانت المرأة الجاهلية على معرفة تامة بطرق التعامل التجاري، إذ إنّها شاركت بالتجارة، كما شاركت بالغناء والشعر، فالبعض منهن شكلوا الشهرة التي تجاوزت الشعراء في عصرهم أمثال الخنساءوالتي اشتهرت بغرض الرثاء والفخر بقبيلتها

مكانة المرأة في الإسلام قيمة وقامة

الحديث عن المرأة وحقوقها لا ينقطع سواء أكان هذا الحديث غرضه فعلا حصول المرأة على حقوقها، أم أكان غرضه سيئا وهو إبعاد المرأة عن دورها الريادي في بناء المجتمع، وجعلها خلقا آخر متخليا عن طبيعته الفسيولوجية والنفسية، التي تساعدها على القيام بمهامها.

ولقد تجاوز الحد كثير من الكتاب والمؤلفين والإعلاميين من الغرب والشرق وغيرهما، بل ومن بعض المسلمين الذين يدعون بهتانا وزورا  أنهم من       ( التنويريين ) في حديثهم عن المرأة وزعموا أن الإسلام قد ظلم المرأة وضيق عليها ،وقد فسروا نصوصا من القرآن والسنة تفسيرا غريبا يخدم غرضهم، ومن ضمن القضايا التي ركزوا عليها:

قضية الميراث، والحجاب، وشهادة المرأة نصف شهادة الرجل…وغير ذلك من القضايا المفتعلة التي قتلت ردا ولكن طالب الحق يكفيه دليل، وصاحب الباطل لا يقنعه ألف دليل!!.

ينظر الإسلام إلى المرأة نظرة تكريم واعتزاز فهي الأم والأخت والزوجة، وشريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، فالمرأة مكلفة مع الرجل من الله جل جلاله في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً”( البقرة:30).

·فهي في الإسلام على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال :

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا “(الإسراء:70).

   قدسية حياة المرأة والرجل على مرتبة واحدة من المكانة والصون:

مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ”(المائدة:32).

· المرأة في الإسلام منبت البشرية ومنشئة أجيالها:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا”(النساء:1)..

مسؤولية الحياة وتصريف شؤونها ورعاية مصالح العباد تقع على عاتق الرجل والمرأة ، قال صلى الله عليه وسلم :

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته الإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته”

أما عن حقوق المرأة  في  الإسلام:

أعطى الإسلام المرأة حقوقها كاملة، ورفع منزلتها فكانت القيمة والقامةومن هذه الحقوق:

1المساواة في أصل الخلق :

أقر الإسلام وحدة الجنس البشرى في  الخلق وخلق البشرية كلها من نفس واحدة، قال تعالى:

” هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا”( الاعراف:189 ).

2-المساواة في  التكاليف الشرعية :

أقرت الشريعة الإسلامية مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة  فيما لا يتعارض مع الطبيعة البشرية ، ومنها المساواة في  التكاليف الدينية : الصلاة ، الصوم ، الزكاة ، الحج ، الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:

” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ “( التوبة:71).

4 – المساواة في  الميراث: 

كانت المرأة  قبل الإسلام لا ترث هي والصغير ، فجاء الإسلام ليقرر حق المرأة  في  الميراث:

لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا”( النساء :7).

5-المساواة في حق التعليم:

جعل الإسلام طلب العلم فريضة علي المسلم والمسلمة ، وأهاب بالمسلمين رجالاً ونساءً أن يصلوا الي أعلى المستويات العلمية :

” وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا🙁 طه :114)

وكانت المرأة المسلمة فقيهة في أمور دينها، فالسيدة عائشة –رضي الله عنها- كانت من فقهاء الصحابة، والسيدة نفيسة تتلمذ (الإمام الشافعي )على يديها. 

6- المساواة في حق العمل :

مارست المرأة المسلمة كل ما كان معروفاً من أنشطة سياسية واجتماعية وعلمية ومدنية واقتصادية ونضالية ،فكان لها الحق  في التملك والتعاقد والتكسب والتصرف فيما تتطلبه إدارة شئونها الخاصة يقول سبحانه وتعالى:

وَالْعَصْرِ  إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْر إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ”(سورة العصر).

7- المساواة في الحقوق السياسية :

شاركت المرأة- منذ صدر الإسلام بالرأي في مجريات الأمور ، وكانت تحضر مجالس الحكم وتراجع في قراراته ، ووجدنا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم نفسه الوزيرات والمستشارات له في شئون الدين والدنيا معاً فالسيدة خديجة أم المؤمنين وزوج الرسول صلى الله عليه وسلم  كانت وزير صدق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبمالها شاركت في تدعيم الرسالة الإسلامية الوليدة، وفي السيرة تجاوز المسلمون أخطر أزمة في بداية تاريخ الإسلام يوم صلح ( الحديبية ) بحكمة امرأة ومشورتها وهي أم المؤمنين ( أم سلمة ) رضي الله عنها.

ومن خلال عرضنا لمكانة المرأة في الإسلام والكلام عن الحقوق التي تميزت بها يتبين لنا أن المرأة في الإسلام هي العمود الفقري وحجر الأساس في بناء المجتمعات ونهضتها،إذا عرفت واجباتها وقامت بها ,  وعرفت حقوقها المشروعة وتمسكت بها .

أخيرا وكما جاء في كُتب التاريخ … نذكر أسماء نسوية اصبحن  قائدات في الإسلام منهم القليل … حيث كانت  المرأة قائدة ورائدة , وليس بالأمر المستحدث … وهذه بعض أسمائهن اللاتي خٌلٍدت وشهد لهم التاريخ :

عائشة بنت أبي بكر

هي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعتبر رائدة في مجال علوم الشريعة والفقه، بالإضافة إلى أن الصحابة كانوا يذهبون لها ليستفتوها في أمور الشريعة التي تصعب عليهم ولا يعرفون حكمها، كما أنها كانت تفسر القرآن.

خولة بنت الأزور.

عرفت خولة بحبها للقتال والشعر، إذ خاضت عدد من الغزوات، وهي من أشجع نساء عصرها.

رفيدة بنت سعد (رفيدة الأسلمية)

تعد رفيدة بنت سعد هي أول امرأة عملت ( ممرضة ) في التاريخ العربي والإسلامي، وكانت تخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغزوات لتمريض الجرحى والمرضى، كما أنها أنشأت أول مدرسة لتعليم الفتيات التمريضبالإضافة إلى أنها عملت أخصائية اجتماعية لحل المشكلات النفسية للجنود بعد الغزوات والحروب .

نسيبة بنت الحارث الأنصاري (أم عطية) 

كانت نسيبة بنت الحارث من الصحابيات اللاتي خرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم في العديد من الحروب والغزوات، حيث بلغ عددها ما يقارب 7 غزوات، بالإضافة إلى دورها في معالجة الجرحى والمرضى من الجنود، وأخيراً كانت معلمة في فقه الجنائزز.

زبيدة بنت أبي جعفر

زبيدة بنت أبي جعفر هي زوجة ( هارون الرشيد ) عرفت بأنها أقوى النساء في بغداد، بالإضافة إلى حبها للأدب والشعر والفنون، كما أنها قامت ببناء عدداً من المباني في بغداد، إلى جانب قيامها بمشروع بناء محطات المياه بين بغداد ومكة المكرمة، وعلى الرغم من عدم اكتمال المشروع إلا أن في مكة عين تسمى عين زبيدة حتى اليوم ..

الشفاء بنت عبدالله العدوية

اشتهرت الشفاء بنت عبدالله بحبها للعلم ورجاحة عقلها، حيث كانت تعلم نساء المسلمين الكتابة والقراءة، وقيل إن ( الفاروق عمر ) كلفها بمهمة مراقبة الأسواق والحسبة، وكانت تقوم بحل المنازعات التجارية بين التجار..

وللحديث بقية

* استعنت بالمواقع الإلكترونية لا سيما كتابة الآيات القرآنية الكريمة بلا أخطاء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى