ترجمات أجنبية

السفير قوه وي يكتب – التمسك بالتعددية كالطريق الصحيح

بقلم  السفير قوه وي * – 9/10/2020

عقدت الاجتماعات رفيعة المستوى شهر سبتمبر الماضي احتفالا بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة، حيث شارك فيها أكثر من مئة من رؤساء دول العالم بطريقة الفيديو ومن ضمنهم الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الفلسطيني محمود عباس. في وجه تغيرات المشهد الدولي التي تسرع وتيرتها جائحة فيروس كورونا المستجد، طرحت جميع الدول التي تقف أمام مفترق طرق التاريخ سؤالا عن أي طريق يجب اختياره؟ واتخذت أغلب الدول بما فيها الصين وفلسطين خيارا مشتركا مفاده أن الدعوة إلى الحفاظ على سلطة الأمم المتحدة ورفع راية تعددية الأطراف ورفض ممارسة التنمر وسياسة القوة. في هذا السياق، لخص الرئيس الصيني شي جينبينغ أربع نقاط من الإلهام في جلسة المناقشات العامة للدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبيل ترجمة التوافق الدولي على أرض الواقع:

أولا- الالتزام بالتعاون والكسب المشترك. نعيش في قرية كونية يترابط ويتواصل فيها جميعنا في السراء والضراء. لا يمكن لأي دولة تحقيق مصالحها واستقرارها من الصعوبات والفوضى التي تعاني منها الدول الأخرى. إذا اتخذنا سياسة إفقار الجار والتفرج المكتوف الأيدي، سنواجه نفس التحديات التي تهدد الدول الأخرى عاجلا أم آجلا. لذلك، يجب على جميع الدول تكريس مفهوم مجتمع المستقبل المشترك ومفهوم التعاون والتنافع، واحترام الطرق والأنماط التنموية التي تختارها الدول الأخرى بإرادتها المستقلة، ورفض محاولة بناء كتل لإقصاء الآخرين واللعبة الصفرية، مع نبذ الجدل الأيديولوجي وتجاوز فخ صراع الحضارات، بما يجعل التنوع ديناميكية لا تنضب لتقدم المجتمع البشري ومناظر طبيعية لتنوع الحضارات البشرية.

ثانيا- الالتزام بالانفتاح والتواصل المتناغم. إن العولمة الاقتصادية هي واقع موضوعي وتيار تاريخي. لن يرجع العالم إلى حالة الانغلاق والعزلة، ولا أحد يقدر على قطع الروابط بين دول العالم. لا يمكننا التملّص من التحديات الناتجة عن العولمة الاقتصادية، ولا بد أن نواجه القضايا المهمة مثل الفجوة بين الأغنياء والفقراء والهوة التنموية. ويجب على دول العالم العمل بحزم على بناء الاقتصاد العالمي المنفتح، وصيانة المنظومة التجارية المتعددة الأطراف على أساس منظمة التجارة العالمية، ورفض بكل وضوح الأحادية والحمائية، والحفاظ على استقرار وسلامة سلاسل الصناعة والإمداد العالمية.

ثالثا- الالتزام بالإصلاح والابتكار. تحتاج البشرية إلى ثورة ذاتية لإيجاد نمط أخضر للتنمية والحياة بشكل أسرع، وبناء الحضارة الإيكولوجية والكوكب الأرضي الجميل. تمثل “اتفاقية باريس” لمواجهة تغير المناخ اتجاها عاما لتحول العالم إلى النمط الأخضر والمنخفض الكربون، وتعد الحد الأدنى للإجراءات المطلوبة لحماية الكوكب الأرضي كدارنا المشترك، فلا بد من جميع الدول أن تخطو خطوة حازمة على نحو هذا الاتجاه. يجب على كافة الدول تكريس مفهوم جديد للتنمية يتميز بالابتكار والتنسيق والأخضر والانفتاح والكسب المشترك، وانتهاز الفرصة التاريخية للجولة الجديدة من الثورة التكنولوجية والصناعية، بما يحقق “الانتعاش الأخضر” للاقتصاد العالمي بعد تجاوز آثار الجائحة، ويحشد قوة ضخمة لإحراز التنمية المستدامة.

رابعا- الالتزام بتعددية الأطراف. يجب على كافة الدول التمسك بتعددية الأطراف، وصيانة النظام الدولي الذي تكون الأمم المتحدة المركز له. ويجب التمسك بمبدأ التشاور والتعاون والكسب للجميع في الحوكمة العالمية، وتحقيق المساواة بين مختلف الدول من حيث الحقوق والفرص والقواعد، وجعل منظومة الحوكمة العالمية تنطبق على التغيرات السياسية والاقتصادية في العالم، وتلبي الاحتياجات الواقعية لمواجهة التحديات العالمية، وتتماشى مع الاتجاه التاريخي المتمثل في السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك. من الطبيعي أن يكون هناك خلافات بين دول العالم، لكن يجب تسويتها بشكل ملائم عبر الحوار والتشاور. من الطبيعي أن تتنافس دول العالم لبعضها البعض، لكن يجب أن تكون هذه المنافسة إيجابية وفاعلة مع الالتزام بالقواعد الأخلاقية والدولية. يجب على الدول الكبرى أن تتصرّف كدول كبرى، ويجب عليها توفير مزيد من المنفعة العامة للعالم وتحمل مسؤوليتها المطلوبة.

أعطى ما لخصه الرئيس الصيني شي جينبينغ من أربع نقاط من الإلهام حلا صينيا شاملا ومنهجيا للمسألة الأساسية لتطور البشرية. كما يقول المثل العربي “إن الأقوال ورقة والأفعال ثمرة”، تستعد الصين للعمل مع دول العالم بما فيها دولة فلسطين في التمسك بالقيم المشتركة للبشرية جمعاء والمتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية، والعمل على إقامة مقاربة جديدة من العلاقات الدولية وإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وبذل الجهود الدؤوبة المشتركة لمواجهة التحديات الدولية المتزايدة وفتح آفاق أرحب للعالم.

*مدير مكتب جمهورية الصين الشعبية لدى دولة فلسطين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى