الزعنون : آن الأوان ليقرر المجلس المركزي مستقبل السلطة الوطنية ويعيد النظر بالاعتراف بإسرائيل
القدس عاصمة فلسطين – وفا – رام الله – 14-1- 2018
قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، رئيس المجلس المركزي سليم الزعنون إن الأوان آن ليقرر المجلس المركزي مستقبل السلطة الوطنية ويعيد النظر بمسألة الاعتراف بإسرائيل.
وأضاف الزعنون خلال كلمته الافتتاحية لأعمال الدورة الـ28 للمجلس المركزي الفلسطيني الذي ينعقد اليوم وغدا في مدينة رام الله تحت اسم القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، إن القدس لن تكون إلا عاصمة للدولة الفلسطينية، ولن يغير هذه الحقيقة اعتداء الرئيس الأميركي عليها، فقد بناها أجدادنا الكنعانيون قبل ستة آلاف سنة.
وتابع إن مدينة القدس هي عنوان قضيتنا الوطنية ولن يغيّر هذه الحقيقة قرارُ جاهلٍ بالتاريخ، وجاهلٍ بصلابةِ شعبنا الذي لمْ ولنْ تطوّعه سياسة الابتزاز والترهيب، ولن تفلح سياسة التهديد بالتجويع بتركيعه سياسياً، مطالبا الإدارة الأميركية استخلاص العبر من صمود ورباط أهل القدس مسلمين ومسيحيين أمام بوابات المسجد الأقصى قبل أشهر معدودة.
وأوضح إن الموقف المشين للولايات المتحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي مجلس الأمن والتي لم تشرِّف أهليتها فيه كدولة دائمة العضوية، قد عزلها تماما، عندما صوتت 129 دولة حرة لصالح حقنا في مدينة القدس، وأبطلت قرار الرئيس الأميركي، ووجهتْ صفعةً مباشرةً لسياسة الابتزاز والغطرسة الأميركية.
وأشار إلى أن وقوف الولايات المتحدة معزولة حتى عن أقرب حلفائها في مواجهة القانون الدولي وفي مواجهة دول العالم، وخاصة في مواجهة الحق الفلسطيني، أظهرها بما لا يدع مجالاً للشك كطرفٍ في الصراع، ونزع عنها صفة الوسيط التي ادعتها باطلاً طوال عقود، مؤكدا أنها ليست أهلاً لإدارة أي عملية سلام، لأنها انقلبت على هذه العملية برمتها.
وأكد أنه استناداً لكل ذلك، فالمطلوب منا إعداد خطة متكاملة ومبرمجة لمواجهة القرار الأميركي، ومواجهة السياسات والإجراءات التهويدية الاحتلالية في مدينة القدس، ومضاعفة دعم صمود أهلها المرابطين والمدافعين عنها رغم عنصرية الاحتلال وضغطه اليومي عليهم لإجبارهم على هجر مدينتهم المقدسة.
وقال الزعنون: إن إسرائيل تقوم وبشراكة من الإدارة الأميركية بتدمير كل إمكانية لقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس، وترفض حق العودة للاجئين، وتقر القوانين العنصرية وآخرها إسقاط القدس من قضايا الوضع النهائي، ومشروع قانون إعدام الأسرى، والإعلان الدائم عن الصندوق القومي الفلسطيني كمنظمة إرهابية، وقرار حزب الليكود الحاكم بضم المستعمرات الاستيطانية.
وأضاف الزعنون إن على المجلس المركزي الفلسطيني إعادة النظر في عناصر الاستراتيجية الحالية، فطالما أن إسرائيل ترفض الاعتراف بدولتنا وعاصمتها القدس، فمن حقنا نحن أيضا إعادة النظر، واختيار ما يحمي ويحقق أهدافنا الوطنية.
وتابع: “لقد آن الأوان أن يقوم مجلسنا المركزي الذي ينوب عن المجلس الوطني الفلسطيني، وهو الذي اتخذ قرار إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية لتكون نواة للدولة، أن يقرر مستقبلها ووظيفتها، وأن يعيد النظر بمسألة الاعتراف بدولة إسرائيل، حتى تعترف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس وبعودة اللاجئين وفق القرار 194”.
واقترح الزعنون على المجلس المركزي الفلسطيني تكريس المكانة القانونية لدولة فلسطين كما أنشأها القرار181عام 1947، ونص عليها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19\67 لسنة 2012، في جوانب عدة هي: إعداد خطة لتحويل وظائف السلطة الوطنية الفلسطينية إلى وظائف الدولة، وتأكيد اعتماد رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيساً لدولة فلسطين، والتعامل مع المجلس الوطني الفلسطيني باعتباره برلمان دولة فلسطين، واستكمال مناقشة مسودة دستور دولة فلسطين، والعودة بها للمجلس المركزي لإقرارها، بعد عرضها على الرأي العام الفلسطيني، والتي على ضوئها تجري انتخابات رئاسة الدولة وبرلمانها، والذهاب للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند: متحدون من أجل السلام لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لدولة فلسطين كواجب على الأمم المتحدة، إضافة إلى استكمال العمل للحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، والمضي قُدماً بالتحرك الدبلوماسي والقانوني والقضائي بالانضمام للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتحريك الدعاوى القضائية ضد الاحتلال أمام المحكمة الجنائية الدولية، وإعادة التأكيد على الحق القانوني لشعبنا في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بكافة الوسائل المشروعة، بما يجعل كلفته كبيرة.
وأكد الزعنون أن يقوم المجلس المركزي رفض ومواجهة أية أفكار يتم تداولها تحت ما يسمى “بصفقة القرن” لأنها خارجة على قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتسعى لفرض حلٍ منقوصٍ لا يلبي الحد الأدنى من حقوقنا المشروعة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة أعلنت سياستها العدوانية ضدنا، وتمارس الابتزاز بقطع المساعدات وتربطها بشروط تمس مشروعية نضالنا، وكرامة الشهداء وتضحيات الجرحى والأسرى، وقامت بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وخفضت إسهاماتها المالية لوكالة الأونروا، فكيف لنا والحال هذه أن نقبل بأية وساطة أمريكية، وقد اختارت أن تكون طرفاً خصماً، لا حَكَماً نزيهاً.
وطالب الزعنون بالبحث عن مسارات دولية أخرى لرعاية حل القضية الفلسطينية، وإثارة شرعية اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة إسرائيل، كونها لم تنفذ أياً من شروط قبولها فيها، ومنها تنفيذ قرار تقسيم فلسطين رقم 181 والصادر في العام 1947، وتنفيذ القرار 194 بعودة اللاجئين والصادر في العام 1948.
ودعا إلى التعجيل بمسار المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم، فما زالت صور إحراق الفتى محمد أبو خضير والطفل الرضيع علي دوابشة وعائلته حية فينا، وصورة الشهيد القعيد إبراهيم أبو ثريا تلاحق مجرمي الحرب في إسرائيل، وما زالت أنات شهيد المقاومة الشعبية الوزير زياد أبو عين لحظة استشهاده تنادينا.
وقال الزعنون: إن نجاحنا في التصدي لتلك المخاطر والتحديات، يتطلب تسريع خطوات تنفيذ المصالحة، وإنهاء الانقسام، ووضع خطة لتعزيز الشراكة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، كونها هي المرجعية الوطنية السياسية والقانونية العليا لشعبنا، بما يستلزم تفعيل دور مؤسساتها، وعودة الصلاحيات لها.
وتابع الزعنون: إن إعادة الاعتبار لدور منظمة التحرير الفلسطينية لا يجب أن يكون مجرد شعارٍ يُرددْ، وإنما يجب أن يكون الهدف المركزي لنا، فعلينا جميعاً حمايتها، كما فعل المؤسسون وحافظوا عليها، فهي التي صانتْ البندقية، وحافظتْ على القرار الوطني المستقل.
واقترح الزعنون على المجلس المركزي الإعداد لعقد دورة عادية للمجلس الوطني مع دعوة حركتي حماس والجهاد للمشاركة فيها، تكون مهمتها الأولى إعادة تشكيل أو اختيار أو انتخاب مجلسٍ وطنيٍ جديد وفق ما نص عليه نظام انتخابات المجلس الوطني الذي هو نتاج حوارات شاركت فيها كافة القوى والفصائل والمستقلين، واعتمدته اللجنة التنفيذية قبل ثلاثة أعوام.
واستطرد: “إننا ونحن نثمن ونقدر الموقف الثابت للأشقاء العرب ودعمهم للقضية الفلسطينية، فإننا نطالب بتنفيذ ما قررته القمم العربية بشأن بالقدس، وخاصة قرار مؤتمر قمة عمّان عام 1980، الذي طالب بقطع جميع العلاقات مع أية دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو تنقل سفارتها إليها، وهذا ما أكدته أيضاً قمة بغداد عام 1990 وقمة القاهرة عام 2000، والمطالبة بمقاطعة البضائع الأميركية، وذلك من خلال خطة عربية متكاملة تسهم في وضعها البرلمانات العربية”.
وأضاف إن المجلس الوطني الفلسطيني بملاحقة الكنيست الإسرائيلي وقوانينه العنصرية في مختلف الاتحادات والجمعيات البرلمانية الإقليمية والدولية وخاصة الاتحاد البرلماني الدولي، وصولاً لتجميد عضويته في هذا الاتحاد.
وشدد الزعنون على أن تضحيات ونضالات الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال تُلزمنا بتقديم كافة أشكال الدعم والرعاية لهم، والدفاع عنهم بتحويل قضيتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، لتحاسب إسرائيل على جرائم الحرب التي ترتكبها بحقهم وفق ما تنص عليه اتفاقيات جنيف الأربع واتفاقية مناهضة التعذيب.
وتوجه الزعنون بتحية إجلال وإكبار لأسرانا ومعتقلينا الأبطال في سجون الاحتلال وعلى رأسهم القادة مروان البرغوثي وأحمد سعدات وفؤاد الشوبكي وكريم يونس وأعضاء المجلس التشريعي المعتقلين، كما نخص بالتحية أسيراتنا الصابرات وأسرانا الأطفال الذين يعانون ظلم السجان ومرارة فراق العائلة.
وقال الزعنون إن كرامة شعبنا الأبيّ فوق أي اعتبار، وستبقى قيادته وعلى رأسها الرئيس محمود عباس وفيّة لأهدافه وأمينة عليها، ولن نقبل أي تدخل في شؤوننا الداخلية، ونؤكد أن معركتنا كانت وستبقى من أجل القدس وفلسطين، ومن أجل حرية شعبنا وعزته، لن يقهره أحد، ولن نسمح لأحد بالاستعلاء عليه، هكذا كان شعار ثورتنا الفلسطينية التي أطلقها الشهيد القائد ياسر عرفات وأخوته منذ 53 عاما، وستبقى شعلتها وقادةً تنير الدرب للأجيال المقبلة.
وتابع إن أطفال فلسطين استلهموا تلك المعاني عندما أشعلوا انتفاضة الحجارة، وانتفاضة الأقصى، وهبة القدس، والصمود الأسطوري أمام بوابات المسجد الأقصى، وواجهوا المحتل بكل صلابة وإباء، فقد دافعت البطلة عهد التميمي عن بيتها بكل شجاعة وإقدام، وأصبحتْ وفوزي الجنيدي وإسراء الجعابيص ومئات الأطفال الذين تعرضوا لقمع الاحتلال وعدوانه رموزاً نفتخر بها، سيخلدهم تاريخ نضالنا الوطني.