ترجمات عبرية

الداد باك يكتب – الربيع الاسرائيلي في افريقيا

اسرائيل اليوم – مقال – 26/11/2018

بقلم: الداد باك

قصة علاقات افريقيا – اسرائيل هي في أساسها قصة خيانة واهمال. خيانة من جانب الافارقة، اهمال من جانب اسرائيل – التي وجدت صعوبة في أن تغفر للافارقة خيانتهم وتعاطت مع افريقيا كـ “قارة ضائعة”. ففي السنوات الاولى لدولة اسرائيل تطورت العلاقات مع دول افريقيا، بما في ذلك مع تشاد. فقد رأت العديد من الامم في “القارة السوداء”، التي قاتلت في سبيل استقلالها من سيطرة القوى العظمى الاستعمارية، رأت في اسرائيل، في كفاحها الناجح ضد البريطانيين والعرب وفي انجازاتها – ولا سيما في مجال الزراعة، ولكن ايضا في المستوى العسكري – مصدر الهام، وبحثت عن الاقتراب من اسرائيل كي تتعلم منها. بل ان أربع دول افريقية كانت لها سفارات في القدس.

أما اسرائيل، من جهتها، فقد رأت في افريقيا فرصة لتحطيم الحصار السياسي – الاقتصادي الذي فرضته عليها الدول العربية فور قيامها، فاقامت شبكة علاقات متفرعة للغاية، خدمت الطرفين.

واستمرت قصة الغرام هذه حتى بداية السبعينيات، حتى اكتشفت الدول العربية قوة سلاح النفط الذي تحت تصرفها، والكثير من دول افريقيا هجرت اسرائيل تحت الضغوط الهائلة التي مارسها العرب، الذين وعدوا بالمساعدات المالية السخية. في حالة تشاد، اعطت الضغوط ثمارها حتى قبل نشوب حرب يوم الغفران – النقطة الزمنية التي قررت فيها العديد من الدول الافريقية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل.

في حالة تشاد، الدولة في وسط افريقيا التي معظم سكانها مسلمون، والتي تجاور ليبيا أدت دورا مركزيا في ادارة الظهر لاسرائيل. معمر القذافي – الذي اتخذ سياسة نشطة مناهضة لاسرائيل، تعاطى مع تشاد على مدى سنين طويلة كساحته الخلفية وكمركز لتثبيت توسع ليبيا في ارجاء افريقيا، في ظل استغلال التوترات الداخلية بين الجماعات العرقية والدينية في الدولة. زيارة الرئيس ادريس دابي الى اسرائيل واعادة اقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين ستشكل ذروة مغازلة طويلة من جانب اسرائيل لتشاد – التي اهميتها كثيرة ليس فقط بسبب موقعها في قلب افريقيا بل وبسبب كونها دولة ذات اغلبية اسلامية.

لقد ارتفع تجديد العلاقات الدبلوماسية الى جدول الاعمال قبل عقد، ولكنه شطب عن جدول الاعمال بسبب الضغوط من دولتين عربيتين مناهضتين لاسرائيل بجوار تشاد – هما ليبيا والسودان. اما انضاج الخطوة الهامة لمستقبل علاقات اسرائيل مع افريقيا اسلامية فقد اتيح بفضل سقوط نظام القذافي وغرق ليبيا في حرب اهلية والاعتدال البطيء للنظام في السودان، ضمن امور اخرى بتأثير السعودية وامارات الخليج. من غير المستبعد أنه بعد ان تعيد تشاد دولاب علاقاتها مع اسرائيل الى الوراء، فان المزيد من الدول الافريقية ذات الاغلبية الاسلامية ستسير في اعقابها.

ان العودة المباركة لاسرائيل الى افريقيا تتاح بفضل ان اسرائيل تخرج نفسها من العزلة السياسية التي فرضتها على نفسها على مدى فترة طويلة جدا. ينبغي قول الامور كما هي: اسرائيل تبنت سياسة خارجية سلبية، تركزت على مناطق مريحة تضمنت اساسا الولايات المتحدة واوروبا. اما التغيير الايجابي في مكانة اسرائيل الدولية في السنوات الاخيرة، والذي يجري على نحو منقطع عن التقدم في “المسيرة السلمية”، فقد استوعب في العواصم الافريقية ايضا. مثلما في الماضي، يمكن لاسرائيل أن تعطي الكثير جدا لافريقيا. ولدى افريقيا الكثير مما تعرضه على اسرائيل.

ان ضعف العالم العربي والدبلوماسية الاسرائيلية النشطة تفتح امام اسرائيل آفاق واسعة في افريقيا، بما في ذلك التعاون الاوسع مع دول اوروبا التي فهمت اخيرا بان عليها ان  تساعد افريقيا لحل مشاكلها في افريقيا منعا لاغراق اوروبا بملايين المهاجرين من “القارة السوداء”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى