ترجمات أجنبية

الخصم الصديق… العلاقات الأميركية الروسية تتحسن!

مركز الناطور للدراسات والابحاث

 على الرغم من خطاب موسكو الذي يشير إلى تراجع التعاون إلى مستوى أقل مما تريده واشنطن في مسائل إيران وسورية والأسلحة النووية والدفاع الصاروخي، لم يرصد مسؤول عسكري أميركي بارز أي نية عند الفريقين بإبطاء وتيرة التدريبات العسكرية.

بينما ركزت المناظرتان الرئاسيتان الأخيرتان على السياسة الخارجية، برزت نقطة خلاف واضحة بين الرئيس أوباما وميت رومني، لكن لم يستفض المرشحان بعد في الحديث عنها، وهي تتعلق بادعاء رومني أن روسيا هي “الخصم الجيوسياسي الأول” للولايات المتحدة.

تواصلت مجلة E-Ring مع ضابط عسكري أميركي بارز مسؤول عن أغلبية التفاعلات العسكرية بين الولايات المتحدة وروسيا لمعرفة رأيه بالموضوع: إنه الأميرال مارك مونتغمري، نائب مدير الخطط والسياسات والاستراتيجيات في القيادة الأميركية الأوروبية.

تبين أن الجيش الأميركي يتفاعل مع القوات الروسية بشكل شبه يومي، وذلك من خلال خوض التدريبات وتطوير العلاقات الشخصية وتنفيذ مهمات أمنية وطنية جنباً إلى جنب على أرض الواقع. بحسب رأي مونتغمري، لم تكن العلاقات يوماً أفضل مما هي عليه راهناً بين الخصمين القديمين منذ الحرب الباردة.

قال مونتغمري: “نظمنا حوالي 50 فعالية في السنة الماضية، وقد تجاوزنا ذلك العدد هذه السنة. أتصور أننا سنقترب من المشاركة في 70 فعالية في نهاية السنة، وبالتالي، ثمة تعاون قوي جداً بين الجيشين”.

عدا تلك العمليات الخاصة، أكد مونتغمري أن روسيا تتعاون بشكل مكثف مع الولايات المتحدة بِطرق ملموسة أخرى تفيد الأمن الأميركي، مثل السماح بمرور إمدادات الحرب إلى أفغانستان عبر شبكة التوزيع الشمالية والانضمام إلى جهود مكافحة الإرهاب وعمليات مكافحة القرصنة في القرن الإفريقي.

إنها العمليات الحاصلة ضمن القيادة الأوروبية فقط، فينظم قادة إقليميون آخرون عمليات أخرى ويطورون علاقاتهم الخاصة، وتشمل تلك العمليات مثلاً قيادة المحيط الهادئ، وقيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية، والقيادة الشمالية.

يملك مونتغمري فكرة وافية عن مدى تطور العلاقات الأميركية الروسية، فكان والده الملحق البحري الأميركي في موسكو في بداية الثمانينيات وقد عاش مونتغمري هناك.

قال مونتغمري ساخراً: “أظن أن العلاقة تحسنت بشكل ملحوظ منذ عام 1981!”.

لكن هل يعكس خطاب الرئيس فلاديمير بوتين والسياسيين الأميركيين أو المرشحين الموقف نفسه في ظل استمرار العلاقات العسكرية بين روسيا والولايات المتحدة؟

أجاب مونتغمري: “بشكل عام، تتعلق جميع الخطابات بالمصالح الشخصية”.

إنه أمر صحيح. خلال الأسبوع الذي شهد انعقاد المؤتمر الوطني الجمهوري في تامبا، كان ميت رومني يهاجم روسيا مجدداً بينما كان الضباط الروس مجتمعين في مقر “قيادة الدفاع الجوي في أميركا الشمالية” في مدينة كولورادو سبرينغز وكانوا يتدربون لمواجهة أزمات خطف الرهائن على متن الطائرات في الأجواء الروسية والأميركية.

تتعلق معظم مهام مونتغمري بالترويج لما يسميه المسؤولون العسكريون “تواصلاً مهماً بين القادة”. بدءاً من رئيس هيئة الأركان المشتركة وصولاً إلى الجنود، يجتمع الضباط بشكل دوري مع نظرائهم الروس لأن الملف الذي يعالجونه “شخصي”.

أوضح مونتغمري: “نحن نطلب من قياداتنا المقاتلة، مثل القيادة الأميركية الأوروبية، الانتشار كي نتمكن من بناء تلك العلاقات وترسيخها، ما يسمح بنجاح هذا النوع من التواصل العسكري بإيقاع ثابت”.

لاحظ مونتغمري وجود “علاقة شخصية قوية” بين رئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي ونظيره الجنرال نيكولاي ماكاروف.

طبّق أوباما خلال السنتين الأخيرتين سياسة إعادة ضبط العلاقات مع روسيا وعمد المحافظون إلى دق ناقوس الخطر بسبب عدم تجاوب بوتين بالشكل المناسب، لكن في المقابل، ارتفع عدد العمليات العسكرية المشتركة بوتيرة ثابتة لكن هادئة. الأهم من ذلك بحسب رأي مونتغمري هو زيادة عمق تلك العمليات.

تحدث مونتغمري عن تاريخ العلاقات البحرية القديمة منذ الحرب الباردة فقال: “تبدو العلاقات البحرية عميقة نسبياً على مستوى التبادل التقني، لكن لا تزال العلاقات الميدانية وتلك القائمة بين قوات العمليات الخاصة عبارة عن تدريبات حديثة العهد تقتصر على تمارين خفيفة وغير مكثفة. لكن مع مرور السنوات، بدأت تلك العمليات تتطور بدورها”.

على الرغم من خطاب موسكو الذي يشير إلى تراجع التعاون إلى مستوى أقل مما تريده واشنطن في مسائل إيران وسورية والأسلحة النووية والدفاع الصاروخي، لم يرصد مونتغمري أي نية عند الفريقين بإبطاء وتيرة التدريبات العسكرية.

ليست جميع التدريبات متشابهة، إذ يمكن أن تتراوح بين مناورات حربية تشمل ستة ضباط في كلية حربية وعملية بحرية واسعة تشمل 5 آلاف بحار وضابط من بلدان عدة، حيث يتواجه مئات الضباط الأميركيين مع نظرائهم الروس.

في الآونة الأخيرة، شملت عملية “النسر الشمالي” روسيا والنرويج والولايات المتحدة وتطلبت تعاوناً مع القطب الشمالي، ومهارات بحرية أساسية، وعمليات اعتراض السفن، وعمليات بحث وإنقاذ. حمل حدث آخر اسم “رؤية الأطلس”، وهو يُعتبر ركيزة أساسية للمسؤولين العسكريين الذين يصممون طريقة التعاون بين القوات الأميركية والروسية. كذلك، نفذت قيادة العمليات الخاصة الأميركية ضمن القيادة الأميركية الأوروبية تدريباً جوياً في كولورادو هذه السنة، ومن المتوقع أن ترد روسيا المبادرة عبر استضافة حدث مماثل في السنة المقبلة.

قد يؤثر الخطاب السياسي في واقع الأمور إذا قررت الولايات المتحدة أو روسيا التخلي عن بعض الالتزامات.

أوضح مونتغمري: “معظم هذه التدريبات تستهدف بناء نهج مشترك لتنفيذ العمليات وتعزيز قدرتنا على الانتشار السريع لتنفيذ المهمات. لكن إذا قرر المسؤولون تخفيض مستوى التفاعل وتقليص القدرة على اتخاذ قرار بالتحرك لتحقيق هدف يتعلق بأمن العالم، مثل إطلاق دورية لمكافحة القرصنة أو عملية لمكافحة الإرهاب، فيعني ذلك تراجع القدرة على دمج القوات سريعاً والعجز عن التحرك المشترك في أي معركة أو عملية”.

قال مونتغمري إن القدرة على التعاون مع البحرية الروسية في مهمات مكافحة القرصنة في إفريقيا تعود مباشرةً إلى السنوات التي كانت تشهد ستة أو سبعة تدريبات في السنة وأنواع أخرى من العمليات الإضافية: “استناداً إلى خبرتي، أدت التدريبات اليومية مع الروس إلى اندماجهم بشكل سلس وفاعل في جهود مكافحة القرصنة”.


كتب
: Kevin Baron – Foreign Policy

قسم الترجمة – الجريدة –   19/10/2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى