#أقلام وأراءغزة
الحرب على غزة تقدير موقف (12): احتمالات صفقة الاسرى ومخططات الاحتلال
اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس
اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس، مركز الناطور للدراسات 2-12-2024م: الحرب على غزة تقدير موقف (12): احتمالات صفقة الاسرى ومخططات الاحتلال
الوضع الميداني:
- تواصل الفرقة 162 المدرعة في جيش الاحتلال بقيادة العميد إيتسيك كوهين، مدعومة باللواء المدرع 460 ولواء غفعاتي، ومساندة جوية ومدفعية مكثفة وطائرات الاستطلاع، العملية العسكرية في شمال قطاع غزة، وفق تكتيكات “الأرض المحروقة” والتي تشمل القصف العشوائي، والأحزمة النارية، وتدمير المباني، والحصار ومنع إدخال الماء والطعام، بهدف اجلاء قسري للسكان من تلك المنطقة الى مدينة غزة وجنوب وادي غزة، تنفيذاً لـ”خطة الجنرالات”، والتي تحدثنا عنها في تقرير سابق، والتي تهدف الى تهجير 300 ألف فلسطيني من شمال قطاع غزة، ثم فرض حصار كامل على المنطقة واعلانها منطقة عسكرية مغلقة، لتصفية من تبقى من السكان والمقاتلين.
- وترتبط هذه الخطة بتوسيع محور مفلاسيم، الفاصل بين مدينة غزة وشمال قطاع غزة، حيث تتواصل عمليات تدمير مناطق واسعة تمتد من شرق قطاع غزة مقابل مستوطنة مفلاسيم مرورا بالمقبرة الشرقية (شرق جباليا)، ثم الشارع الفاصل بين جنوب مدينة جباليا وحي التفاح شمال مدينة غزة، ثم الى منطقة القصاصيب في مخيم جباليا، ثم منطقة دوار ابو شرخ والصفطاوي والتوام، وصولا الى البحر.
- وتستهدف العمليات العسكرية اقامة 3 محاور عسكرية رئيسية، تقسم قطاع غزة: محور مفلاسيم (شمالاً)، ومحورَ نتساريم (وسط القطاع) ومحور فيلادلفيا (جنوب القطاع)، وبعد اعادة افتتاح معبر “كيسوفيم”، بين دير البلح وخان يونس، بحجة ادخال المساعدات الى وسط قطاع غزة، تتعزز احتمالات اقامة محور رابع في منطقة “الخاصرة الضيقة” وسط القطاع، بهدف عزل خانيونس عن دير البلح. وتهدف تلك المحاور الى بناء جدار دفاعي متقدم واحكام السيطرة في عمق المناطق الفلسطينية، وتدمير أكبر مساحة سكنية فلسطينية، ما يضمن تعزيز سيطرة جيش الاحتلال.
- من المتوقع ان يتواصل الضغط العسكري في المنطقة الشمالية مع التركيز على منطقة جباليا النزلة، ابو اسكندر، والشيخ رضوان والتي تمثل نقطة ارتباط شمال قطاع غزة ومدينة غزة، حيث توجد كتلة عمرانية كبيرة مترابطة، يتواجد فيها نسبة كبيرة من السكان حاليا، وذلك لاستكمال اقامة محور مفلاسيم.
- وتزامنت العملية في شمال القطاع مع استمرار الضغط العسكري على شمالي النصيرات والبريج وسط قطاع غزة، حيث تجري عمليات تأمين العمق الدفاعي لمحور نتساريم، من خلال تدمير وتجريف مساحة جغرافية واسعة في المنطقة المحاذية جنوبا لوادي غزة، وصولا الى توسيع محور نتساريم الى عمق 7 – 8 كم، لضمان تأمين الحركة على المحور وابعاد اية تهديدات محتملة، خدمة للمشروع المستقبلي الجاري الترويج له في المنطقة، والذي يرتبط بخطط اقليمية ودولية سبق الحديث عنها في تقارير سابقة.
- وفق التقديرات الاستخبارية، وعلى الرغم من ان العملية العسكرية في شمال القطاع حققت اهدافها في تفكيك قدرات حماس عسكريا، والحقت اضرار كبيرة بقدرات الحركة، الا أن ذلك لا يتنافي مع احتمالات قيام حركة حماس بمواصلة حرب الاستنزاف اعتمادا على خلايا صغيرة تخوض مواجهات مركزة بواسطة العبوات ومضادات الدروع وإطلاق الصواريخ، لاستنزاف إسرائيل. اضافة الى ان استمرار وجود الاسرى في داخل قطاع غزة سيقلص هامش مناورة الجيش، الذي لن يكون قادرا على ممارسة المزيد من الضغط العسكري لتحرير الاسرى، في عمق المناطق الفلسطينية المكتظة بالسكان في وسط قطاع غزة، خوفا من رد امريكي ودولي، وهو الامر الذي تستفيد منه حركة حماس لإعادة ترميم قدراتها العسكرية والسلطوية، وتشير المعلومات الى ضغوط من الجيش على المستوى السياسي للتحرك لاستثمار الإنجازات الميدانية، والتوجه لابرام تسوية تضمن المصالح الحيوية لإسرائيل، وتسمح بعودة سكان الغلاف الى بيوتهم وتحرير الاسرى، قبل ان تتمكن حركة حماس من استعادة قدراتها، في ضوء عدم وجود بديل لحكمها، وهو الامر الذي سيفرض على الجيش تنفيذ المزيد من العمليات العسكرية مستقبلاً.
- ووفق تقديراتنا فان هناك العديد من التحركات تشير الى احتمالات تحضير اسرائيل لعملية عسكرية نوعية في داخل قطاع غزة لتحرير مجموعة من الاسرى، خاصة بعد وصول نتنياهو الى محور نتساريم في زيارة استعراضية، والضغط العسكري المتواصل شمال النصيرات، وتركيز جيش الاحتلال عن صعوبات العمل في عمق المناطق الفلسطينية وسط قطاع غزة، “خوفا” من “ردود الفعل الدولية”..!.
اليوم التالي:
- مع اقتراب تولي الرئيس ترامب مهام منصبه، يسعى نتنياهو الى فرض حقائق على الارض، في قطاع غزة والضفة الغربية، تقضي على اية امكانية لإقامة الدولة الفلسطينية، فقد شرع جيش الاحتلال في تثبيت نموذج الحكم العسكري في شمال قطاع غزة، ما يتوافق مع مخططات الاستيطان والتهجير، من خلال السيطرة على مناطق واسعة، وتوسيع المحاور الاستراتيجية، واقامة المواقع العسكرية، والبؤر الاستيطانية، واعداد بنى تحتية للمدى الطويل، وتدمير مئات المباني الفلسطينية، ما يؤدي الى خلق الظروف الضاغطة والتي تدفع السكان لمغادرة شمال قطاع غزة للهجرة، من خلال الخطوات التالية:
أ – الاحتفاظ بأربع مناطق جغرافية كبيرة في قطاع غزة، بعد اقامة المحاور التالية (مرفق خريطة توضيحية):
- محور نتساريم، بعد اعمال تسوية واسعة في المنطقة بعمق 7 كم، وطول 9 كم، وتم تدمير مساحات واسعة في جنوب مدينة غزة وشمال المنطقة الوسطى، بمساحة تبلغ 63 كم مربع.
- محور مفلاسيم، الذي يمتد من شمال شرق قطاع غزة الى البحر، ويفصل بين شمال القطاع ومدينة غزة، ويمنح جيش الاحتلال السيطرة على منطقة مساحتها 24 كم.
- محور فيلادلفيا، الجيش تم تدمير مناطق واسعة على طول المحور، بعمق 1 – 4 كم، وتم تدمير احياء كاملة في رفح، بمساحة اجمالية حوالي 25 كم مربع.
- المنطقة العازلة على طول الحدود بين غزة واسرائيل، بعرض 1 – 2 كم، بحجة ابعاد تهديد القذائف المضادة للدروع عن مستوطنات الغلاف، وتم تدمير احياء بالكامل، ومناطق زراعية بمساحة اجمالية حوالي 40 كم مربع.
- طريق المساعدة اللوجستية من معبر كيسوفيم الى داخل القطاع، الممر ستبلغ مساحته الاجمالية حوالي 10 كم مربع.
ب – يخطط جيش الاحتلال للبقاء في قطاع غزة على الاقل حتى 2026، من خلال اقامة هذه المحاور التي تدعم مخططاته، التي ستؤدي الى اقتطاع مساحات واسعة من قطاع غزة (حوالي 150 كم مربع)، وتؤدي الى تدمير مناطق زراعية، وتمنع تواصل المناطق الفلسطينية، ما يؤدي الى ظروف معيشية قاسية، ستدفع الفلسطينيين الى الهجرة.
ج –ستساعد تلك المحاور على الابقاء على تواجد عسكري واستخباراتي على أطراف المناطق السكنية الفلسطينية، من دون الحاجة الى التواجد في العمق، ما سيوفر تحقيق الاهداف التالية:
- استمرار النشاط الاستخباراتي داخل قطاع غزة، لمتابعة التهديدات داخل المناطق الفلسطينية.
- سرعة مهاجمة واحباط التهديدات، فممر نتساريم سيتحول من محور لوجستي إلى منطقة عمليات شمالا إلى مدينة غزة وجنوبا إلى المنطقة الوسطى، ومحور مفلاسيم سيتحول الى منطقة عمليات شمالا باتجاه بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا، وجنوبا باتجاه شمال مدينة غزة.
- السماح بتقديم المساعدات الإنسانية وتوزيعها من خلال مؤسسات دولية تقوم بالتنسيق مع الادارة المدنية الفلسطينية والجيش الذي لن يكون بحاجة الى تحمل اعباء تلك المسؤولية التي ستتطلب تواجده في عمق قطاع غزة بشكل دائم.
اسرائيل واستغلال الازمة الإنسانية:
- تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة مع انخفاض المساعدات الانسانية، بسبب القيود الإسرائيلية وتدهور الوضع الأمني، والهجمات على مخازن الأونروا وشاحناتها، والتوجهات الاسرائيلية لتقليص دور “الاونروا”، التي نجحت اسرائيل في استغلال الدعاية الموجهة ضدها بحجة أن حركة حماس استطاعت اختراقها ووصلت الى مواقع ادارية مؤثرة، وحصلت على الكثير من الدعم، ما أثر على مواقف بعض الدول التي قلصت تمويلها للأونروا، ما أدى إلى فجوة تمويلية تهدد عمل الوكالة. وتروج اسرائيل ان سيطرة حركة حماس “مدنيًا” على المناطق التي لم يدخلها جيش الاحتلال، تؤدي الى صعوبات في توزيع المساعدات، التي تتعرض للسرقة من العصابات المنظمة الذين يبيعون المساعدات في الأسواق بأسعار باهظة.
- وتزامنت الحملة الاسرائيلية مع خطأين من حركة حماس: تمثل الاول في قيام نشطاء إعلاميين محسوبين على الحركة بانتقاد “الأونروا”، بحجة التقصير في توزيع المساعدات، بهدف “الضغط” من اجل تحسين كمية المساعدات التي تصل الى عناصر الحركة. وتمثل الثاني في قيام الحركة بتنفيذ عملية امنية ضد عصابات سرقة المساعدات في رفح جنوب قطاع غزة، اسفرت عن سقوط 20 قتيلاً، ما استغله نتنياهو لتأكيد توجهاته لاستمرار الحرب بحجة القضاء على حماس التي تسيطر على الكثير من الشؤون الحياتية في قطاع غزة.
- ومن اجل تهيئة الأجواء للسيطرة على توزيع المساعدات، واستبدال خدمات الوكالة بمؤسسات خاضعة للإدارة الإسرائيلية، قامت حكومة نتنياهو بإصدار تشريعات تلغي الامتيازات القانونية والدبلوماسية التي تمنحها اتفاقية عام 1967 بين إسرائيل والأونروا.
- وأدت التوجهات الاسرائيلية واخطاء حركة حماس الى تعقيد ظروف الازمة الانسانية في جنوب ووسط قطاع غزة خلال الشهرين الاخيرين، واصبحت تلك المنطقة على حافة المجاعة، واستغلت اسرائيل الازمة وبدأت في فتح نقاط عبور جديدة للمساعدات، بالتنسيق مع مؤسسات دولية، واستثنت الاونروا، وجرى الاتفاق مع شركات اجنبية للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بالتنسيق مع قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال.
- ووفق التقديرات فان اسرائيل تستغل “الازمة الانسانية” في قطاع غزة لفرض معادلة تربط بين تحسين الوضع الانساني وايجاد الية جديدة لتوزيع المساعدات بعيدا عن الاونروا، والقضاء على قدرات حركة حماس، ما يعني الربط ما بين هدف استمرار الحرب للقضاء على حماس وانهاء الاونروا كرمز لقضية اللاجئين، والذي سيكون على رأس الاقتراح الذي سيقدم للرئيس ترامب. وسيحاول نتنياهو استغلال الازمة الإنسانية في قطاع غزة، والمرشحة للتفاقم مع بدء فصل الشتاء، للضغط على المجتمع الدولي للتخلي عن مطالبه بضرورة مشاركة السلطة في ادارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة، والقبول بالتصورات الاسرائيلية المطروحة، والتي تستثني السلطة وحماس والانروا، وسيتم فرض ادارة مدنية فلسطينية تحت اشراف الحكم العسكري في المرحلة الاولى، وهذه التصورات تتماشى مع مطالب اليمين المتطرف، والتي ستساعد على تجديد المشروع الاستيطاني اليهودي في قطاع غزة.
حركة حماس:
- تعتبر حركة حماس ان سيطرتها على ادارة الشؤون المدنية في قطاع غزة، معركة مصيرية، حيث تواصل تواجدها في المستشفيات، وتصدر إحصائيات يومية بعدد شهداء وجرحى العدوان الاسرائيلي، واعلنت اعادة افتتاح مستشفيات الشفاء والرنتيسي في مدينة غزة، بالرغم من عدم جاهزيتها فنيا، واعلنت افتتاح جمعية خيرية في منطقة المواصي غربي خانيونس، وتقوم بتسيير عناصر الشرطة للرقابة على الأسعار، ودفعت جزءاً من مرتبات موظفيها، وتقمع اية معارضة شعبية، وقامت بتشغيل قوة سهم للتصدي للعناصر الخارجة عن القانون. وعلى الرغم من ذلك فقد فقدت الحركة الكثير من هوامش حركتها السياسية، ما انعكس على فقدانها القدرة على التمسك بالشروط التفاوضية السابقة، وظهر ذلك في الاصوات الصادرة عن الحركة، بعد وقف النار في لبنان، والتى اعلنت استعدادها للبحث في وقف نار في غزة، ما يؤكد على أنها تواجه ضائقة وضغوطا على عدة اصعدة:
- خسرت الحركة ميدانيا كثيرا من “أوراق قوتها”، بعد ان تضررت قوتها العسكرية، واصبحت المجموعات الميدانية تقاتل بصورة فردية، دون استراتيجية قتالية واضحة، وهذه الصورة الميدانية التي يريد نتنياهو الدخول بها إلى ولاية ترامب الثانية، والتي سيستغلها لاستمرار القتال لفترة طويلة، بحجة القضاء على القدرات السلطوية والعسكرية لحركة حماس، ما يجعلنا امام احتمالية حرب طويلة، هدفها التطهير العرقي.
- الضغوط التي تعرضت لها قطر، ودفعتها لاتخاذ قرار بتقليص/انهاء تواجد قيادة حركة حماس على اراضيها، شكل عاملا ضاغطا على قيادة حركة حماس في الخارج، في ظل تقلص البدائل المتاحة لإيجاد مقر اقامة للحركة، وعلى الرغم من التقارير التي تشير الى ان انتقال قيادات حماس بصورة نهائية من قطر، الا ان ذلك يبدو مستبعدا، في ضوء استمرار تمسك قطر بدورها في قطاع غزة، والذي يرتبط بدورها الاقليمي، وهناك محاولات من جانب قيادات من «حماس»، وعلى رأسهم خال مشعل، لإثناء قطر عن قرارها والاستمرار في تقديم الدعم والاقامة لبعض قيادات الحركة ولو بصورة “مقلصة”.
- الغموض حول مقر إقامة قيادة حركة حماس مستقبلا، سيؤدي الى حدوث شرخ كبير في داخل قيادة حماس، بسبب احتمالات حدوث صدام بين قيادات الحركة المحسوبة على ايران، والتي ستظل مؤثرة في قرار الحركة، وتلك التي ستظل مرتبطة بالسياسات التركية والقطرية.
- ربط “صفقة التهدئة” بـ “صفقة المكان الانتقالي”، وفق مناورة أميركية، في ضوء المعلومات التي تحدثت عن مقترح يتضمن توفير “خروج آمن” لقيادة حماس المتواجدة في قطاع غزة، ليشمل “مقر آمن” لقيادتها خارجيا أيضا.
- اتفاق وقف النار في لبنان والذي ادى الى فك الارتباط بين حزب الله وغزة، حرم الحركة من اسنادا عسكريا حيويا، على رغم ان ما جرى في لبنان لا ينسحب على غزة، فمشكلة اسرائيل مع حزب الله أمنية عسكرية، اما المشكلة مع غزة سياسية ديمغرافية وجودية استراتيجية.
- تلك الضغوط فرضت على الحركة ابداء مرونة في التعامل مع المفاوضات، ومقترحات الصفقة الجديدة، وفق تصورات مصرية، والذي يتجاوز الكثير من مطالب الحركة السابقة، ويتضمن تهدئة لشهرين، تبدأ بمهلة خمسة ايام يجري خلالها حصر الرهائن، ويتم تقديم كشف بالأسرى الأحياء، لبحث آلية استبدالهم تدريجياً، مع إعطاء أولوية لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، واثناء مفاوضات بمشاركة أميركية، سيتم إدخال مساعدات يومية تصل إلى أكثر من 200 شاحنة، سيتم إعادة تشغيل معبر رفح، بإشراف السلطة الفلسطينية، ومراقبة أوروبية، وضمانات بعدم السماح لـ«حماس» بالسيطرة على المعبر أو قطاع غزة، دون التطرق الى شروط سابقة للحركة تتعلق بوقف الحرب او انسحاب الاحتلال او عودة النازحين.
- وفرضت تلك المتغيرات على الحركة ابداء مرونة حول ادارة شؤون قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، ووافقت على تشكيل حكومة مدنية (لجان الاسناد المجتمعي مع حركة فتح) لضمان تجاوز الازمة التي تهدد الحركة، والتمسك بمسؤولية الحركة عن الامن والجباية، دون اية علاقة بوزارات الخدمات، اي التمسك بمكاسب الحكم والتخلص من اعبائه، والاستفادة من اية حكومة مقبولة دولياً لتعيد تسويقهم كسلطة امر واقع في غزة.
- وعلى الرغم من الحديث عن مرونة حركة حماس، الا ان هناك عقبات لا يجب اغفالها اهمها قدرة قيادة الحركة في الخارج على فرض تصوراتها على القيادة الميدانية داخل قطاع غزة والتي تمسك بورقة الاسرى ولازالت تتمسك بالثوابت التي طرحها السنوار سابقا وعلى رأسها ربط أي صفقة بوقف الحرب وعودة النازحين وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتفضل مواصلة القتال على تقديم التنازلات.
الوضع الاسرائيلي الداخلي:
- ولا يجب اغفال الموقف الاسرائيلي الذي يسعى لاستغلال تمسك حركة حماس البقاء في المشهد السياسي في قطاع غزة، لاطالة امد الحرب واستمرار تنفيذ مخططاته على ارض الواقع في قطاع غزة، وعنوانها التطهير العرقي والتهجير.
- وليس من الواضح ما إذا كانت الادارة الأميركية ستكون قادرة على إعادة تشكيل السياسة الإسرائيلية، اذ انه من المرجح أن يستمر نتنياهو في الاعتماد على اليمين المتطرف للبقاء في السلطة، حتى لو تعرض لضغوط من واشنطن، والمجتمع الإسرائيلي يتماشى إلى حد كبير مع موقفه الرافض لأي تنازل للفلسطينيين، وستكون امام إسرائيل ثلاث خيارات:
- الخيار الاول: استمرار الوضع القائم وصولا الى تحرير الاسرى، ومغادرة نشطاء حماس قطاع غزة مثلما كان في حرب لبنان 1982، هذا السيناريو تبدو احتمالاته ضعيفة، وقد يتحول الى حرب استنزاف طويلة، لن تؤدي الى تقويض حماس ولن تسمح بتحرير الاسرى.
- الخيار الثاني: احتلال كامل للقطاع، وفرض حكم عسكري، سيتطلب ادخال 3 – 5 فرق عسكرية، وسيفرض على اسرائيل تولي مسؤولية احتياجات السكان، ما سيترتب عليه عبء اقتصادي على اسرائيل، في مثل هذا السيناريو سيتصاعد الجهد لاستئناف الاستيطان في القطاع ما سيثقل عبء الامن ويفاقم عجز شرعية إسرائيل في الساحة الدولية.
- الخيار الثالث: إقامة حكم محلي فلسطيني يرتبط بالسلطة الفلسطينية، بدون مشاركة حماس، وبمشاركة جهات دولية وعربية، وحصول جيش الاحتلال على حرية عمل في قطاع غزة، دون التواجد بشكل دائم، مع وجود منطقة عازلة على طول حدود القطاع.
- وتتوقع التقديرات أن تواصل الحكومة الاسرائيلية الحرب التي تخدم اهدافها الداخلية: عدم تبكير موعد الانتخابات، تشكيل لجنة تحقيق رسمية تناقش الإخفاقات في 7 أكتوبر، وبدء تقديم نتنياهو شهادته في محاكمته الجنائية. ولذلك تستبعد التقديرات ان توافق الحكومة على الصفقة المحتملة، وستتمسك بمواصلة الحرب، وستشدد شروط للصفقة على نحو الاحتفاظ بتواجد دائم في القطاع حتى بعد انتهاء الحرب، وخروج عناصر حماس من القطاع بصورة نهائية.
الموقف:
- توقعات ان اسرائيل تقوم بالمناورة لتنفيذ عملية عسكرية لتحرير مجموعة من الاسرى، خاصة بعد وصول نتنياهو الى محور نتساريم في زيارة استعراضية، والضغط العسكري المتواصل شمال النصيرات، وتسريب تقديرات استخبارية اسرائيلية تشير الى ان وجود الاسرى داخل قطاع غزة يقلص هامش مناورة جيش الاحتلال، في عمق المناطق الفلسطينية، وهو الامر الذي تستفيد منه حركة حماس لإعادة ترميم قدراتها، ما يفرض، ضرورة التوجه لابرام تسوية سياسية تضمن المصالح الحيوية لإسرائيل، وتسمح بعودة سكان الغلاف وتحرير الاسرى.
- مع اقتراب تولي الرئيس ترامب مهام منصبه، يسعى نتنياهو الى فرض حقائق على الارض، تقضي على امكانية إقامة الدولة الفلسطينية، حيث شرع جيش الاحتلال في تثبيت نموذج الحكم العسكري في شمال قطاع غزة، من خلال توسيع المحاور الاستراتيجية، واقامة المواقع العسكرية، واعداد بنى تحتية طويلة المدى، وتدمير مئات المباني الفلسطينية، والاحتفاظ بأربع مناطق جغرافية كبيرة في قطاع غزة، بعد اقامة محور نتساريم، محور مفلاسيم، محور فيلادلفيا، والمنطقة العازلة على طول الحدود بين غزة واسرائيل، والتي ستؤدي الى تواجد عسكري واستخباراتي على أطراف قطاع غزة، دون الحاجة الى التواجد في العمق، واقتطاع مساحات واسعة من القطاع، ما سيؤدي الى تدمير مناطق زراعية، وتمنع تواصل المناطق الفلسطينية، ما سيؤدي الى ظروف معيشية قاسية، ستدفع الفلسطينيين الى الهجرة.
- تستغل اسرائيل “الازمة الانسانية” في قطاع غزة لفرض معادلة تربط بين تحسين الوضع الانساني وايجاد الية جديدة لتوزيع المساعدات بعيدا عن الاونروا، والقضاء على قدرات حركة حماس، ما يعني الربط ما بين هدف استمرار الحرب للقضاء على حماس وانهاء الاونروا كرمز لقضية اللاجئين، والذي سيكون على رأس الاقتراح الذي سيقدم للرئيس ترامب. وسيحاول نتنياهو استغلال الازمة الإنسانية في قطاع غزة، والمرشحة للتفاقم مع بدء فصل الشتاء، للضغط على المجتمع الدولي للتخلي عن مطالبه بضرورة مشاركة السلطة في ادارة قطاع غزة، والقبول بالتصورات الاسرائيلية، التي تستثني السلطة وحماس والانروا، وسيتم فرض ادارة مدنية فلسطينية تحت اشراف الحكم العسكري، ما يتماشى مع مطالب اليمين المتطرف، لتجديد المشروع الاستيطاني في قطاع غزة.
- الضغوط التي فرضت على حركة حماس ودفعتها لابداء مرونة في التعامل مع مقترحات صفقة الاسرى، وتجاوزها الثوابت التي تمسكت بها سابقا، وتعاملت بمرونة مع مقترحات ادارة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، لتجاوز الازمة الوجودية التي تهددها، الا ان هناك عقبات لا يمكن اغفالها اهمها قدرة قيادة الحركة في الخارج على فرض تصوراتها على القيادة الميدانية داخل قطاع غزة، ولازالت تتمسك بالثوابت التي طرحها السنوار سابقا وعلى رأسها ربط أي صفقة بوقف الحرب وعودة النازحين وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتفضل مواصلة القتال على تقديم التنازلات.
- على رغم ان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، جاء مصلحة للطرفين، لإسرائيل مصلحة في انهاء المعركة وعودة سكان الشمال، خاصة ان استمرار الحرب سيحتاج الى تجنيد المزيد من القوات، ما يعني الصدام مع الأحزاب الحريدية وأحزاب اليمين المتطرف، وسيفرض عبء على الاقتصاد، وإسرائيل ليست مؤهلة لذلك. وحزب الله، لم يستطع الحفاظ على وحدة الساحات، التي كانت سببا في دخوله الحرب، والمعادلة اللبنانية والإقليمية كانت تضغط عليه، وأصبح معني بتقليص خسائره. الا ان الاتفاق ادى الى فك الارتباط بين حزب الله وغزة، وحرم حركة حماس من اسنادا عسكريا حيويا.
- الضغوط التي تعرضت لها قطر، ودفعتها لاتخاذ قرار بتقليص/انهاء تواجد قيادة حركة حماس على اراضيها، شكل عاملا ضاغطا على قيادة حركة حماس في الخارج، الا ان انهاء العلاقة بين حماس وقطر نهائيا يبدو مستبعدا، في ضوء استمرار تمسك قطر بدورها في قطاع غزة، والذي يرتبط بدورها الاقليمي.
- ليس من الواضح ما إذا كانت الادارة الأميركية ستكون قادرة على إعادة تشكيل السياسة الإسرائيلية، اذ انه من المرجح أن يستمر نتنياهو في الاعتماد على اليمين المتطرف للبقاء في السلطة، حتى لو تعرض لضغوط من واشنطن، وتتوقع التقديرات أن تواصل الحكومة الاسرائيلية الحرب التي تخدم اهدافها الداخلية: عدم تبكير موعد الانتخابات، تشكيل لجنة تحقيق رسمية تناقش الإخفاقات في 7 أكتوبر، وبدء تقديم نتنياهو شهادته في محاكمته الجنائية. ولذلك تستبعد التقديرات ان توافق الحكومة على الصفقة المحتملة، وستتمسك بمواصلة الحرب، وستشدد شروط للصفقة على نحو الاحتفاظ بتواجد دائم في القطاع حتى بعد انتهاء الحرب، وخروج عناصر حماس من القطاع بصورة نهائية.