أقلام وأراء

الحبيب الأسود: انزعاج أميركي من زيارة حفتر إلى موسكو تقابله روسيا بالسخرية

الحبيب الأسود 1-10-2023: انزعاج أميركي من زيارة حفتر إلى موسكو تقابله روسيا بالسخرية
يبدو أن زيارة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر إلى موسكو ولقاءه مع الرئيس فلاديمير بوتين قد أثارا حفيظة واشنطن وانزعاجها، وأخرجا الجانب الأميركي عن سياسة التحفظ، وفسحا المجال أمام احتمالات عدة قد تتبين مساراتها خلال الفترة القادمة. وحذر متحدث باسم البيت الأبيض المشير حفتر وغيره من القيادات الليبية من الاعتماد على روسيا، وقال “نحن (الإدارة الأميركية) نحذر حفتر وغيره من القادة الليبيين من الاعتماد على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.

وبحسب ممثل الإدارة الأميركية “يجب على القادة الليبيين أن يتّحدوا خلال الأزمة”، مضيفا أن واشنطن “على اتصال بالحكومة لتقديم الدعم”، في إشارة إلى حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها والتي تباشر مهامها من العاصمة طرابلس.

كما حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر من الآثار المزعزعة للاستقرار لإقامة علاقات مع روسيا، مؤكدا أن أي دولة تفكر في الانخراط أو تعزيز العلاقات مع روسيا، وكذلك التوقيع على اتفاقيات، يجب أن تكون واضحة للغاية بشأن تأثير الأنشطة الروسية المزعزع للاستقرار.

في المقابل علقت السفارة الروسية لدى ليبيا بأسلوب ساخر ومستفز على الموقف الأميركي، وقالت في تعليق عبر قناتها بتطبيق تليغرام “واشنطن تواصل إمتاعنا. ضحكنا طوال المساء”. ويرى مراقبون أن الموقف الأميركي جاء ليؤكد أن واشنطن لم تكن على علم مسبق بزيارة حفتر إلى موسكو، وأنها غاضبة من تلك الزيارة، وتعتبرها تحديا لإرادتها.

وكان بوتين قد بحث مع حفتر الخميس الماضي خلال لقائهما في الكرملين الوضع في ليبيا والمنطقة بشكل عام، بحسب تصريحات المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف. واستقبل الرئيس الروسي ووزير دفاعه سيرغي شويغو في موسكو الجنرال حفتر الذي يرتبط بعلاقات وطيدة مع القيادة الروسية بعد أن تلقى منها مساعدات مهمة خلال الحرب التي قادها على الجماعات الإسلامية المتشددة في شرق ليبيا منذ تدشينه معركة “الكرامة” في ربيع 2014.

وبحسب قيادة الجيش الوطني الليبي، فإنه تم “إجراء مشاورات خلال زيارة حفتر إلى روسيا بشأن التطورات في ليبيا، والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها، بالإضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

وأشار محللون سياسيون ليبيون إلى أن موقف واشنطن لا يزعج الجنرال حفتر الذي ينطلق من جملة اعتبارات من بينها أن حلفاءه في المنطقة هم الحلفاء الإستراتيجيون للولايات المتحدة، وأن دوره في ليبيا يتخذ أبعادا إستراتيجية مهمة في تكريس التوازنات الأمنية السياسية والاجتماعية، كما أن الرجل القوي في شرق ليبيا ينطلق من قاعدة اجتماعية واسعة ومن تأثير مالي واقتصادي كبير نتيجة سيطرة قواته على أغلب الحقول والموانئ النفطية في البلاد، بالإضافة إلى إثبات واشنطن عجزها عن التأثير الفعلي على الواقع السياسي وخاصة في المنطقة الغربية التي كانت وراء الإطاحة بأغلب محاولات حلحلة الأزمة المتفاقمة منذ العام 2011.

وكانت واشنطن عبرت في 2017 عن قلقها الكبير من النفوذ الروسي في ليبيا، وقالت القيادة الأميركية في أفريقيا إن ثمة صلة “لا يمكن إنكارها” بين موسكو وحفتر، متحدثة عن وجود روسي على الأرض في المنطقة، معتبرة أن المحاولات الروسية للتأثير في ليبيا مثيرة للقلق.

وفي الأعوام اللاحقة تكررت التحذيرات الأميركية لكن دون جدوى، وفي يناير الماضي حل وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية ببنغازي لينقل إلى الجنرال حفتر موقف واشنطن الداعي إلى قطع العلاقات مع موسكو وإجلاء مسلحي فاغنر من الأراضي الليبية.

وبات هناك اعتقاد راسخ لدى جانب مهم من الشارع الليبي بأن واشنطن تتدخل بقوة في الشأن الليبي، ولكنها عاجزة عن تغيير الواقع، وأن موسكو تتحرك بهدوء، وهي أكثر فاعلية لاسيما من خلال علاقاتها مع قيادة الجيش في شرق البلاد ورموز النظام السابق، كما أنها لم تقطع جسور التواصل مع سلطات المنطقة الغربية، وهو ما تؤكده عودة نشاط سفارة روسيا بكامل إمكانياتها من العاصمة طرابلس بداية من سبتمبر 2022.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى