التايمز: هذه سيناريوهات التصادم بين إسرائيل وإيران في سوريا
التايمز 13/3/2018
حددت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وتكنولوجيا الأقمار الصناعية ما لا يقل عن 10 قواعد عسكرية إيرانية في سوريا، مشيرة إلى وجود عشرات الآلاف من قوات الحرس الثوري الإيراني ضمن هذه القواعد، الهدف منها قيام عمليات عسكرية في الخارج، بالإضافة إلى صواريخ ومرافق نقل لدعم “حزب الله”.
ووفقاً لتقارير إعلامية إسرائيلية، قامت الاستخبارات العسكرية بتقديم مراجعة شاملة للحكومة الإسرائيلية تقول فيها “إن هناك اتجاهين استراتيجيين مصيرهما التصادم: الإصرار الإيراني على إقامة تواجد عسكري في سوريا، والإصرار الإسرائيلي على منعه”.
حتى وقت قريب، كانت دلالة التواجد العسكري الإيراني على المدى الطويل أمر قابل للجدل. حيث أبتدئ بالأصل من خلال إرسال مستشارين عسكريين من “حزب الله” بين عامي 2012 و2013، لمواجهة الثوار المنتفضين ضد نظام (الأسد). رسمياً، قالت إيران إنهم موجودون في مهمة “للدفاع عن المزارات المقدسة” من خطر الثوار الإسلاميين السنة المتشددين، بما في ذلك تنظيم “الدولة الإسلامية”.
ومنذ ذلك الحين، أقام الإيرانيون قواعد عسكرية في جميع أنحاء البلاد، حيث تعتقد إسرائيل أنهم يستخدمونها كمحطات لبناء ترسانة “حزب الله” من الصواريخ، والتي تزعم إيران أنها تضم أكثر من 100,000. بالإضافة إلى رعاية ميليشيات تعمل في جنوب سوريا.
الاعتقاد الذي راود المحللين العسكريين قبل شهر، أن فرصة النزاع بين الطرفين منخفضة، على اعتبار أن الأضرار التي يمكن أن تلحق “بحزب الله” وإسرائيل ستكون ضخمة على حساب مكاسب محتملة محدودة. إلا أن هذا الاعتقاد تغير بعد الاشتباك الذي حصل بين القوات الإسرائيلية والإيرانية والسورية في الشهر الماضي. حيث تم تعقب طائرة عسكرية إيرانية بدون طيار دخلت المجال الجوي الإسرائيلي من الشمال الشرقي. أدت إلى قيام سلاح الجو الإسرائيلي بإطلاق النار عليها ثم إطلاق مهمة وصفت “بالعقابية” ضد القاعدة التي أشارت الاستخبارات إلى أن الطائرة انطلقت منها في “تياس”، التي تقع بالقرب من تدمر. وقد أسقطت إحدى الطائرات الإسرائيلية أثناء عودتها، مما أدى إلى غارات تدعي إسرائيل أنها أصابت نصف أنظمة الدفاع الجوي السورية.
وتعد “تياس” واحدة من القواعد العشر التي يحتلها الحرس الثوري، وذلك وفقا لما ذكره مركز الاتصالات والبحوث البريطاني الإسرائيلي “بيكوم” والذي قال الجيش الإسرائيلي إنه تم التحقق من صحته. وتتمركز القيادة المركزية للحرس الثوري في مجمع في مطار دمشق الدولي، والذي يُعرف باسم “مبنى الزجاج”.
الهدف الإسرائيلي الأساسي يقع في قاعدة “ازرع” في درعا، والتي تضم صواريخ أرض-جو. وتضيف أن الأهم من ذلك بالنسبة لإسرائيل، أن القاعدة تستخدم من قبل الحرس الثوري ضمن عملياته في جنوب غرب سوريا، بالقرب من الحدود مع إسرائيل والأردن.
اتفاق لإطلاق النار في درعا بالقرب من “ازرع”، تم التفاوض عليه في الأردن من قبل روسيا والولايات المتحدة. حيث تواجد الدبلوماسيون الإسرائيليون في حينها في عمان لاطلاعهم على المحادثات التي وعدوا بأنها تضمن عدم تمكين الميليشيات الإيرانية والهيئات المتحالفة معها من الوصول لمسافة 60 كيلومترا من الحدود مع الجولان الذي تحتله إسرائيل. الوعد الذي تم تجاهله بحسب الصحيفة.
دعمت إيران سلسلة من الميليشيات العراقية والباكستانية والأفغانية وغيرها في الحرب السورية، بالإضافة إلى “حزب الله”. حيث يعتقد “بيكوم” أن أكثر من 50,000 من القوات الأجنبية يقاتلون إلى جانب (الأسد) بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني. وتضيف الصحيفة أنه علاوة على ذلك، ما يقدر بنحو 90 إلى 100.000 مقاتل يقاتلون في قوات الدفاع الوطني، وهي قوة شبه عسكرية تدربها إيران. الأمر الذي يتجاوز بكثير القوة القتالية للجيش السوري.
العديد من المحللين يرون أن القواعد الحالية ليست أكثر من ثكنات. إلا أن الاستخبارات الإسرائيلية تشير إلى نية الحرس الثوري بناء قاعدة جوية، وميناء عسكرياً على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في سوريا ومواقع لتصنيع الصواريخ للجيش السوري و”حزب الله”.
الاعتماد الإسرائيلي على قواتها المسلحة وغطائها الدبلوماسي الذي تأمنه الولايات المتحدة، وبدرجة أقل روسيا، للدفاع عنها. حيث بدأت الولايات المتحدة مناورات عسكرية مشتركة مع إسرائيل الأسبوع الماضي، في حين يقال إن (نتنياهو) طور علاقة وثيقة مع الرئيس (بوتين). فالمتفائلين، في الجانب الإسرائيلي، يشيرون إلى أن روسيا لم تتدخل لوقف الغارة الإسرائيلية على قاعدة “تياس” – على رغم من الاعتقاد بتواجد للقوات الروسية في القاعدة. أما المتشائمون، فيشيرون إلى عدم تدخل روسيا لمنع إرسال إيران لطائرات بدون طيار أو منع إيران من استخدام سوريا كقاعدة لتهديد إسرائيل، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان لدى (بوتين) أي نية لوقف النفوذ الإيراني العميق في سوريا.
وحتى وقت قريب جداً، كان تقييم الاستخبارات الإسرائيلية، فيما يتعلق بالحرب على حدودها الشمالية هذا العام يشير على أنها “غير مرجحة” إلا أن ذلك كله تغير في 10 شباط، عندما أطلق الحرس الثوري الإيراني طائرة بدون طيار داخل المجال الجوي الإسرائيلي. مما أدى إلى معركة جوية استمرت خمس ساعات، بحسب ما أوردت الصحيفة.
وبعد شهر من ذلك، المحللين الإسرائيليين مازالوا غير متأكدين من سبب تحمل إيران للمخاطر بالدخول بحرب مع إسرائيل. وتضيف، أنه في الماضي، حاولت الطائرات بدون طيار الدخول إلى المجال الجوي الإسرائيلي إلا أن تشغليها قد تم دائماً عبر وكلاء إيرانيين “حزب الله” أو “حماس” أو نظام (الأسد). إلا أن هذه أول مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران.
قال بنيامين (نتنياهو) إن إسرائيل ستنفذ المزيد من الضربات الجوية على أهداف إيرانية إذا استمرت الخطة. بوجود قوتين دائمتين تتحضران للقتال في الأراضي السورية، ترى الصحيفة أن الحرب تبدو الآن شبه حتمية.