البروفيسور آريه الداد يكتب – بمستواه

معاريف – بقلم البروفيسور آريه الداد – 12/6/2018
منذ أن تسرح رئيس الاركان السابق بيني غانتس قبل ثلاث سنوات من خدمة طويلة في الجيش الاسرائيلي وهو يرغب في الدخول الى الحياة السياسية. وهو موضع مغازلة كثيرة، وحسب مصادر مختلفة – بل ومغازلة حثيثة. غانتس نفسه لا ينفي انه يلتقي “مع الجميع”: العمل، يوجد مستقبل، الليكود. لا أدري اذا كانت هذه الظاهرة سخيفة أكثر أم مقرفة اكثر – ام العكس. كما أنها مثيرة للحفيظة لان الرجل ما كان ليتجرأ على التنافس على منصب قائد لواء اذا لم يكن قائد كتيبة، ولكنه يعتقد أنه يمكن ان يكون رئيس وزراء دون ان يكون قبل ذلك حتى ولا ليوم واحد نائبا او وزيرا. أو أن يكون في وظيفة مدنية عامة.
غانتس هو رجل كثير السحر. والدليل: كثيرون في الجمهور مسحورون منه حتى عندما لا يعرفون شيئا عن ارائه السياسية. تصريحاته عمومية أكثر من الدعاية لسيارة جديدة. مجرد أكثر من تهنئة سنة طيبة من شركة التأمين خاصتكم، اما الالتزام فاقل من ذلك بكثير. لا اشك فيه للحظة بان في داخله ايديولوجيا متماسكة يخفيها بتزمت. فعلى أي حال عندما كان في الجيش – بالتأكيد كان مفروضا عليه الا يكشف عن ميوله السياسية. ولكن عندما يكون مواطنا يتطلع لان يكون رئيس وزراء؟ واذا لم تكن لديه ايديولوجيا متماسكة توجهه بشكل طبيعي الى حزب يساري، يميني او حتى وسطا، فليس لنا الا ان نفترض بان المضمون سائل تماما، أي كفيل بان يأخذ صورة الاناء الحزبي الذي يقدم له العرض الافضل. وربما أكثر مما يدل هذا على غانتس يدل على ساحتنا السياسية؛ التي توجد فيها حاجة الى مجهر الكتروني لتشخيص الفوارق الحقيقية في البرامج السياسية لنتنياهو، لبيد وغباي. في مثل هذه الحالة، من حق المغازل به ان يفحص جودة العروض: هذا يعرض عليه ان يكون وزير دفاع وذاك (مثلما نشر زميلي بن كسبيت في “معاريف” يعرض عليه ان يكون مرشح الحزب لمنصب رئيس الوزراء. والان يحتاج غانتس ان يتردد اذا كان سيساوم على منصب وزير دفاع مضمون جدا أم يراهن على قفزة مباشرة الى قمة الهرم، مخاطرا بذلك بان يتحطم ويديه على رأسه، فيهبط كنائب نفر في مقاعد المعارضة.
ولكن اكثر مما تدل هذه الظاهرة السخيفة او المقرفة على الساحة السياسية أو على غانتس نفسه، فانها تدل على الجمهور. شعب اسرائيل يريد مسيح. هذا معروف. منذ خراب البيت تندرج أماني الخلاص الكامل هذه في الصلوات الثلاثة في اليوم، واذا كان للمؤمنين معايير محددة الى هذا الحد أو ذاك بالنسبة للمزايا والملاحظات اللازمة على الملك المسيح، فان العلمانيين اكثر تواضعا بكثير. فهم يريدون لهذا أن يكون جنرالا ان ينتصر على نتنياهو في الانتخابات.
لقد كان رؤساء الاركان السابقون في معظمهم سياسيين فاشلين: يغئال يدين، موشيه دايان، حاييم بار ليف، موتيه غور، رفائيل ايتان، امنون ليبكين شاحك، شاؤول موفاز وحتى بوغي يعلون (الذي حتى الان فشل سياسيا). صحيح أن ايهود باراك نجح في أن يصبح رئيس وزراء، ولكن ولايته سجلت ارقاما قياسية في قصر ايامها وفي اخفاقاتها. الاستثنائي كان اسحق رابين، الذي كان يعد على الاقل في نظر بعض ممن يعيشون في صهيون – كرئيس وزراء جيد. الوية في الاحتياط ايضا ممن انتخبوا للكنيست، لم يصلوا بشكل عام الى انجازات سياسية هامة (باستثناء ارئيل شارون الذي صار رئيس وزراء، انتصر على الارهاب في الانتفاضة الثانية، ولكنه اوقع علينا مصيبة فك الارتباط). وعليه، فليس واضحا حقا ما هو معنى هذا الركض المهووس وراء مسيح كل ما نعرف عنه هو أنه كان رئيس أركان. وليس للجمهور حقا الادوات للتقدير من كان رئيس الاركان الجيد ومن كان رئيس الاركان الفاشل. اذا لم ينتصر في حرب هامة (حملات صغيرة ومتوسطة لا تعد) او على سبيل الفرق صلب من قبل لجنة تحقيق رسمية. ليس لغانتس في جعبته أي انتصار في حرب مسجلة على اسمه، ولحظنا هناك ايضا مصيبة (في مجال مسؤوليته في عهد الانتفاضة الثانية وقع الفتك في رام الله، ولكن لا ينبغي اتهامه بالنتيجة الفظيعة. وفي احداث قبر يوسف ايضا مع التسييب المصيب للصدمة لمدحت يوسف – هو كان قائد الفرقة ولكن مسؤولين اكبر منه، موفاز وباراك، كانوا يقودون من خلفه والمسؤولية عن القصور عليهم). ولا ننسى ايضا ان قادة الدولة لم يرغبوا فيه حقا كرئيس اركان، وهو كان غادر الجيش، وفقط عندما تحطم ترشيح غالنت – انتخب للمنصب.
إذن ما هو مع ذلك سر سحر غانتس؟ لعل هذا هو أنه لطيف حقا ولا يغضب احد. ولعل – ما يتذكره التاريخ كالميزة الاساسية لشاؤول، ملك اسرائيل الاول: كان من كتفه الى الاعلى اطول من كل الشعب.