ترجمات أجنبية

الإيكونوميست – وداعاً "بيبي".. زعيم إسرائيل يقاتل من أجل بقائه السياسي

تقرير خاص – (الإيكونوميست) – 17/2/2018
نتنياهو الذي عادة ما يكون رابط الجأش، بدا مهزوزاً. وبينما يخاطب الأمة يوم 13 شباط (فبراير) الحالي، بدأ بسرد مسيرته خلال 50 سنة من خدمته، منذ الأيام الأولى التي قاد فيها قوات من الكوماندوز في إحدى المعارك كضابط شاب في القوات الخاصة، مروراً بخدمته كسفير جريء ومندفع لإسرائيل في الأمم المتحدة، وولايته كوزير للمالية ذي عقلية إصلاحية. وكان ذلك إطراء كبيراً على الذات، حتى بالنسبة له. لكنه احتاج مع ذلك كم كانت قيادته لا غنى عنها لأمن إسرائيل وازدهارها، لأن رئيس الوزراء كان عاطفاً على خوض معركة من أجل بقائه السياسي.
قبل ساعة من ذلك، كانت الشرطة قد أخبرت فريقه من المحامين أنها توصي بأنه سيواجه تهماً بالرشوة، والخداع وخيانة الأمانة في علاقة بتحقيقين يجريان منذ أكثر من 16 شهراً. وقد شعر بالصدمة وبتعرضه للخيانة. لكن رئيس الشرطة الإسرائيلية، روني الشيخ، هو مدير سابق للعملاء وجاسوس كبير في جهاز الأمن الداخلي، الشين بيت. وكان السيد نتنياهو قد اختاره لإدارة الشرطة، على أمل أن يسدد له الدَّين بالولاء. لكن الشيخ أخضعه لأكثر التحقيقات دقة وضراوة بدلاً من ذلك.
تشمل توصيات الشرطة، التي تم تسليمها الآن إلى المدعي العام الإسرائيلي، ست تهم منفصلة بتلقي الرشوة، والتواطؤ في تقديم رشاوى ضد السيد نتنياهو واثنين من رجال الأعمال الإسرائيليين ذوي الصلات الكثيرة. وتقول الشرطة إنهم تآمروا من أجل تغيير تشريع حول كسر الضرائب للمغتربين، وبناء منطقة تجارية حرة على الحدود مع الأردن، وتبديل ملكية قنوات تلفزيون إسرائيل التجارية الرئيسية، والترتيب من أجل اتفاقيات توزيع سرية بين الصحف المتنافسة.
في العملية، تلقى السيد نتنياهو وزوجته صناديق من الشمبانيا وصناديق من السيجار الكوبي الفاخر، وهدايا من المجوهرات من وقت لآخر. وتقدر الشرطة مجموعة قيمة الهدايا بنحو مليون شيكل (280.000 دولار). ويقول السيد نتنياهو إنه لم يرتكب أي خطأ.
في الوقت الحالي، ما يزال ائتلاف السيد نتنياهو مستقراً. ولم يتحدث أحد من أعضائه ضد رئيس الوزراء منذ نشر توصيات الشرطة. وفي بعض الأحاديث الخاصة، قال بعض الوزراء الرئيسيون إنهم يعتقدون بأن الاتهامات الموجهة لنتنياهو موثوقة. ومع ذلك، فإنهم يخشون من فقدان دعم ناخبيهم إذا ساعدوا على سقوط حكومتهم اليمينية. وهم ينتظرون قرار المدعي العام الإسرائيلي حول ما إذا كان سيتهم نتنياهو قبل الانقلاب ضده.
ومن شأن ذلك أن يمرر الكرة إلى أفيخاي مندلبليت، المحامي الحذر والمتبصر الذي سبق له وأن خدم سكرتيراً في حكومة نتنياهو لمدة ثلاث سنوات. وعلى الرغم من أن نزاهة السيد مندلبليت ليست موضع شك، فإنه يبدو متردداً، كموظف مدني، في البدء بإجراءات قانونية قد تسقط الحكومة. والأفضل، من وجهة نظره، هو أن يقدم رئيس الوزراء استقالته قبل صدور إدانة بحقه، كما حدث مع رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت الذي سجن بعد تجريمه بالفساد.
طيلة العقد الماضي، لم يسجن النظام القضائي في إسرائيل رئيس وزراء سابق وحسب، بل وسجن أيضاً رئيساً سابقاً للدولة، موشيه كاتس، الذي جرم بتهمة الاغتصاب. وقد يرى البعض في سجن اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين دليلاً على أن الساسة الإسرائيليين ليسوا شرفاء. لكنه شيء يجب أن يكون مصدر فخر لإسرائيل أيضاً، لأنه يظهر أن نظامها القضائي وصحافتها الحرة يستطيعان مساءلة حتى الأشخاص الأكثر نفوذاً.
في مواجهة السيد نتنياهو، الشخصية المهيمنة في السياسة الإسرائيلية منذ العام 1996 حين وصل إلى السلطة أول مرة وخدم 12 عاماً كرئيس للوزراء، فإن هذه الضمانات تتعرض للاختبار كما لم تفعل من قبل. بدءاً بالنظام القضائي. وقد أصر نتنياهو منذ وقت طويل على أنه لم يتلق سوى “هدايا من أصدقاء”، وأن كل أعماله كانت “من أجل مصلحة الدولة”. وقد ذهب أبعد من ذلك، واصفاً تقرير الشرطة بأنه وثيقة “منحازة بشدة ومليئة بالثغرات والثقوب، تماماً مثل الجبنة السويسرية، ولا تستطيع أن تحتفظ بالماء”. وبالإضافة إلى ذلك، شكك في نزاهة المحققين معه، وقال إن لا يمكن الوثوق بهم واتهمهم بأنهم يحاولون إحباط إراد الناخبين وإسقاط رئيس وزراء عامل في الخدمة.
كما أن هجماته على الصحافة تزداد كثافة أيضاً. وقد حاول تمرير تشريع يستهدف كبح حريتها في التعبير. وقد تبين الآن، كما تكشف اتهامات الشرطة، أنه كان متورطاً في تعاملات سرية مع أصحاب وسائل إعلام للحصول على تغطية تفضيلية. ويحسب للصحفيين الإسرائيليين والمحققين والمدعين العامين الإسرائيليين أنهم لم يرتدعوا. ولكن، إذا استمرت مثل هذه الهجمات، فسوف تكون لها حصيلتها بالتأكيد.
وفي نهاية المطاف، فإن السؤال هو إلى متى يعتقد السيد نتنياهو المضي قدماً. إن لم يقدم أي إشارة، لا في السر ولا في العلن، على أنه سيتنحى. ولا توجد أي سابقة لأي رئيس وزراء إسرائيلي استمر في الحكم بينما يكون تحت الاتهام. وفي العام 1977 استقال رئيس الوزراء في ذلك الحين، إسحق رابين، بدلاً من أن يتم اتهامه بالاحتفاظ بأموال في حساب مصرفي في الخارج، والذي لم يتم الإفصاح عنه للسلطات الضريبية.
في وقت مبكر من ولايته الأولى كرئيس للوزراء، أفلت السيد نتنياهو نفسه بالكاد من اتهام آخر بالفساد. وكان قد ألمح إلى أنه حتى لو اتهمه المدعي العام هذه المرة، فإنه ينوي أن يبقى في الحكم وأن يثبت براءته في المحكمة. وتنقسم الآراء القانونية حول ما إذا كانت مثل هذه الخطوة ستكون دستورية، ومن المؤكد أن يتم اختبارها في المحكمة العليا.
سوف يكون القادة الشركاء في ائتلافه الحاكم، بالإضافة إلى الشخصيات الكبيرة في حزب الليكود، سيكونون حكيمين بأن لا يدعوا الأمور تصل إلى نقطة حيث يتم اللجوء إلى القضاة لتقرير شرعية رئيس وزراء منتخب. ويعتقد السيد نتنياهو بأنه لا يمكن الاستغناء عنه وبأنه يستطيع أن يظل في السلطة، حتى لو أن ذلك يعني كسر التقاليد. وسوف تدفع إسرائيل الثمن، في شكل الضرر الذي سيلحق بنظامها القضائي ومؤسساتها.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان :
Israel leader Binyamin Netanyahu fights for political survival
ترجمة عبد الرحمن الحسيني – 28/2/2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى