ترجمات أجنبية

الإيكونوميست – الشقيق ضد الشقيق : بوكو حرام تصبح أكثر تطرفاً

تقرير خاص  عن الإيكونوميست –  22/11/2018

قلة من النيجيريين سيحزنون على موت مامان نور، الشخصية الرفيعة في “بوكو حرام”، المنظمة التي تشكل واحدة من أكثر المجموعات الإرهابية وحشية في العالم. ويُعتقد بأن نور، القائد الميداني القدير، قد تدرب مع خلايا القاعدة في منطقة الصحارى الأفريقية مع حركة الشباب الصومالية. وكان يفضل أن يحل الجهاد الأفريقي الشامل محل الأنظمة العلمانية الخاطئة، ليحكم بحكم الله.

قبل ثلاثة أشهر، قُتل نور على يد أتباعه أنفسهم. وأسعد مقتله قادة الأمن في نيجيريا. ومع ذلك، يجب عليهم أن يترددوا قبل الاحتفال، لأن مقتله يؤشر على أن الجماعة الجهادية –المعروفة مسبقاً بعمليات اختطاف بنات المدارس وتحويل الأطفال إلى قنابل بشرية- تصبح الآن أكثر دموية من السابق.

على الرغم من كل رؤيته الكبيرة، كان نور أكثر اعتدالاً بقليل من الزعيم الذي قاد بوكو حرام لوقت طويل، أبو بكر شيخو، الذي يستمتع باستعباد الفتيات، وبـ”قتل أي أحد يأمرني الله بقتله”. وتحت قيادة شيخو، فجرت المجموعة الأسواق والمساجد على حد سواء.

على النقيض من ذلك، اقترح نور أن على بوكو حرام أن تهاجم الأهداف العسكرية فقط، وأن استخدام الأطفال كقنابل بشرية ربما لا يكون عملاً من أعمال الورع التي لا يخالطها الشك. وربما كانت دوافعه تكتيكية. فعن طريق عدم الانخراط في أعمال من الوحشية التي لا حاجة إليها، سوف تكون لدى الجهاديين فرصة أكبر لكسب الدعم، أو التعاطف على الأقل، في المناطق النائية في شمال شرق نيجيريا، حيث ينشطون. لكن نور كان على خلاف ثيولوجي أيضاً مع شيخو حول من هو المسلم، ومن هو الذي يمكن إعلانه مرتداً أو كافراً بحيث يجب قتله.

يعتقد شيخو أن أي شخص غير موالٍ له أو لا يقاتل مع مجموعته هو كافر. بينما يعتقد نور وأبو مصعب البرناوي، ابن مؤسس بوكو حرام الراحل، أن هذا التعريف واسع كثيراً. وفي أواسط العام 2016، انشقا وأعلنا ولاءهما لجهاديي “داعش” (الذين اعتقدوا أن شيخو متطرف جداً أيضاً).

قام الرجلان بتأسيس مجموعة جديدة: الدولة الإسلامية لمنطقة غرب أفريقيا. ومنذ ذلك الحين، خاض فصيلا بوكو حرام تمرُّدَين منفصلَين إلى حد كبير، فنشط تنظيم الدولة الإسلامية بشكل عام إلى الشمال من مايدوغوري، المدينة الرئيسية في المنطقة، وظلت بوكو حرام تعمل إلى الجنوب والشرق. والآن، تغيرت سياسة مجموعة الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا القائمة على تجنب استهداف المدنيين.

ما تزال ظروف مصرع نور غير واضحة. ويقول بعض الناس أنه قتل في نزاع على أموال فدية لإطلاق سراح 110 من تلميذات المدارس اللواتي اختُطفن في وقت سابق من هذا العام في دابشي. وثمة تفسير أكثر احتمالاً، هو أنه قتل على يد أعضاء أصغر سناً وأكثر تطرفاً في مجموعة الدولة الإسلامية في منطقة غرب إفريقيا، والذين اختلفوا مع موقفه الأميل قليلاً إلى الاعتدال.

هناك بالتأكيد أدلة على الوحشية المتزايدة للمجموعة. وقد عرض شريط فيديو نشره تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا عملية قتل عاملة الإغاثة، حوا محمد ليمان. وقد قُيدت الرهينة وأُجبِرت على الركوع وأطلق عليها الرصاص. كما قُتِلت زميلتها، سيفورا حسيني أحمد خورسا، في أيلول (سبتمبر)، بعد ثلاثة أسابع من مقتل نور. وقالت المجموعة أن المرأتين المسلمتين، وهما قابلة وممرضة، استحقتا الموت لأنهما عملتا مع منظمة الصليب الأحمر، وهو ما يثبت، كما تقول المجموعة، أنهما مرتدان.

أدى النفوذ المتزايد للمفرطين في التطرف، والذين يُعتقد بأن بعضهم مقاتلون أجانب يتحدثون الفرنسية، إلى قطع تسلسل القيادة في مجموعة الدولة الإسلامية في منطقة غرب أفريقيا. وربما يكون البرناوي نفسه في خطر الآن أيضاً. وقد تسبب مصرع نور في “تقسيم” الصفوف، كما يقول مفاوض كان مشاركاً في محاولة تأمين إطلاق سراح عاملتي الإغاثة المقتولتين (وهناك أسيرة ثالثة، من منظمة اليونيسيف، والتي ربما تكون ما تزال على قيد الحياة). “لم تكن هناك فترة في تاريخ بوكو حرام والتي قتلت فيها الرهائن الإناث بهذه الطريقة” كما يقول، “أما الآن، فإن المقاتلين هم الذين أصبحوا في موقع المسؤولية بدلاً من رجال الدين”.

يشعر المراقبون بالقلق من أن فرص تحرير الرهائن الآخرين، بمن فيهم 112 فتاة ما يزلن مفقودات بعد عملية اختطاف جماعية من مدرسة في بلدة تشيبوك في العام 2014، قد تضاءلت. ويقول مفاوض آخر على الرهائن: “أشك في عودة المزيد (من الرهائن)”.

في الأثناء، عانى كفاح الحكومة ضد كلا المجموعتين الجهاديتين من نكسات خطيرة. وقد تعرضت مواقع الجيش وقواعد العمليات للاجتياح في الأشهر الأخيرة. وانتشرت الهجمات إلى ولايات نيجيرية مجاورة.

كما يخشى البعض من أن الجيش النيجيري ربما لا يكون قادراً على الاحتفاظ بالأرض التي حررها في العام 2015، عندما سيطرت بوكو حرام على منطقة بحجم بلجيكا قبل أن يتم طردها من معظم البلدات. وكانت الخسائر في أوساط الجنود على الجبهات عالية والمعنويات منهارة. ويواجه أكثر من 70 جندياً محاكمة عسكرية بعد تمرد في مايدوغوري في آب (أغسطس) الأخير، عندما احتجوا ضد إعادة نشرهم إلى منطقة تشكل معقلاً لبوكو حرام، وبالقرب من الحدود مع النيجر.

تلقى مثل هذه النكسات العسكرية ظلا على الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في شباط (فبراير). وكان محمد البخاري، رئيس نيجيريا الحالي والجنرال السابق، قد فاز بالسلطة في العام 2015، فيما عاد في جزء منه إلى وعده بأن يكون أكثر شدة وحزماً مع بوكو حرام مما كان سلفه، غودلاك جوناثان. وبعد أن زعم في العم الماضي أن الجيش سحق بوكو حرام في “جيبها الأخير”، فإنه قد يفشل الآن في إقناع الناخبين بأنه يستطيع أن يفعل أفضل مما فعل إذا ما أعطِي ولاية ثانية.

سوف يشهد العام القادم دخول الصراع مع الجهاديين عقده الثاني. وقد قتل حتى الآن أكثر من 20.000 شخص؛ وشُرد نحو 2.1 مليون آخرين. وإذا لم يتمكن السيد البخاري من هزيمة الجهاديين، فإن النيجيريين سيتساءلون عمن هو الذي يستطيع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى