الأوضاع الليبية: اختبارات ما بعد حفتر
المركز العربي للبحوث والدراسات ٢١-٤-٢٠١٨م
لقد كان الإعلان عن تدهور الحالة الصحية للمشير خليفة حفتر بمثابة بدء مرحلة تاريخية جديدة فيما يتعلق بالشأن الليبي، خاصة كونه أحد أهم القيادات الفاعلة والمؤثرة في الداخل الليبي، وبالتأكيد غيابه عن المشهد يلقي بعديد الأسئلة حول قضايا عدة تتعلق بالقيادة الجديدة، القوى والجماعات المسلحة، والموقف المصري الاقليمي، وجهود الأمم المتحدة، وهو ما سنحاول تناوله في العناصر التالية:
القوى والجماعات المسلحة بعد رحيل خليفة حفتر
مصطفى كمال
بعد تضارب حول تدهور حالة المشير خليفة حفتر، اثر اصابته بجلطة دماغية نقل على إثرها إلى مستشفى في العاصمة الفرنسية، انطلقت بورصة الترشيحات للدفع بمن يخلفه،
من يخلف حفتر؟
تضم بورصة الترشيحات العديدة من اسماء قيادات الجيش الوطني الليبي ابرزها كما يلي:
1. برئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية الحاكم العسكري لدرنة، بن جواد الفريق عبد الرزاق الناظوري.
2. العقيد العميد ونيس بوخماده، قائد القوات الخاصة الصاعقة والمظلات.
3. اللواء محمد بن نايل قائد اللواء مدرع 12.
ويعد الفريق الناظوري الأوفر حظاً نظراً لقربه من المشير حفتر، إلى جانب قدرته على قيادة قوات الجيش الليبي في محاور القتال، إضافة الى علاقاته القوية ببعض القوى الإقليمية والدولية.
وعلى هذا فان أزمة غياب المشير حفتر انعكست بالسلب على مصر، حيث لا يمكن فصل تحرك مصر في الشق الأمني الخاص بمصالحها في ليبيا عن الأداة الأساسية التي تعتمد مصر عليها في هذا الشأن وهي المشير خليفة حفتر.
ورغم هذا يظل الرهان على دور مصر في الحفاظ على المؤسسة العسكرية من خلال مسارين هما:
رفع حظر التسليح عن الجيش الليبي
تبنت مصر دوليا قضية رفع حظر التسليح عن الجيش الوطني الليبي، وبالرغم من أن حظر التسليح لا يزال مفروضاً على الجيش الليبي، إلا أن الدولة المصرية دائماً ما تذكر في كل المحافل الدولية بضرورة رفع حظر التسليح عن الجيش الوطني الليبي، نظراً لكونه الجهة الشرعية التي تمثل القوة العسكرية في ليبيا، كما أنه ضروري فى عمليات التسوية السياسية في ليبيا.
تحقيق الاستقرار والوحدة
يمكن لمصر أن تستغل فاجعة موت حفتر لتحقق الاستقرار والوحدة أكثر خاصة وأن أغلب قواته تعاني من الهشاشة في قواته حيث يغلب عليها مليشيات” قبلية وتكتلات ديني متطرف خاصة المداخلة، الأمر الذي يثير الخوف في ظل غياب قيادات عسكرية مؤهلة أن تعم الفوضى والقتال بين قوات حفتر و المليشيات القبلية خاصة المليشيات الدينية “المدخلية” وبين العسكريين الليبين.
الفراغ العسكري
من جهة أخرى فإن قوة شخصية ومواقف المشير حفتر تجعل من غيابه أزمة وفراغاً عسكرياً لعدم وجود شخص يستطيع أن يملأ هذا الفراغ ولو لفترة مؤقتة، وهذا الغياب أيضاً ستكون له تبعات وردود أفعال ستكون مؤثرة في استقرار ليبيا؛ حيث يأتي هذا في سياق الترتيبات الجديدة بشأن الوضع في ليبيا خاصة مع أطلاق المجلس الرئاسي للحكومة عملية عسكرية تحت مسمى عاصفة الوطن، بهدف ملاحقة بقايا مقاتلي تنظيم داعش المتواجدين غربي ليبيا، بعد تكرار قيام التنظيم بعمليات إرهابية هناك. في ظل التكهنات والتساؤلات حول أهداف هذه العملية ووجهتها، وطبيعة القوات المشاركة فيها.
وحسب بيان المتحدث باسم المجلس الرئاسي الليبي محمد السلاك، فإن نطاق عمليات قوة مكافحة الإرهاب التابعة لرئيس المجلس، ستبدأ في تمشيط المناطق الممتدة من بوابة الستين شرق مصراتة، مروراً بمدن بني وليد، ترهونة، مسلاته، الخمس، وأفاد بيانه بأن قوة مكافحة الإرهاب طالبت كافة جهات الدولة بالتعاون معها، للتعامل مع كل الأهداف المحتملة في هذه المناطق.
وقد يكون هدف العملية الأكبر هو إثبات قوة حكومة الوفاق وسيطرتها على المجموعات المسلحة في الغرب الليبي، في حين رأى البعض أنها محاولة جادة لاستهداف التنظيم الإرهابي بعد تنفيذه لعمليات في غرب البلاد”، لكن عدم الحديث عن دور لقوات “البنيان المرصوص” في هذه العملية أثار بعض التساؤلات، خاصة أن هذه القوات قامت بطرد التنظيم من مدينة سرت من قبل خلال شهور قليلة جداً، وسط إشادة محلية ودولية بدورها، فلماذا أهملتها حكومة الوفاق هذه المرة؟ وهل للعملية العسكرية الجديدة علاقة بعملية “حفتر” التي أطلقها من قبل تحت مسمى “عاصفة الصحراء”؟.
غياب حفتر عامل محفز لبروز السراج
يؤدي غياب خليفة حفتر إلى ضعف نتائج عملية عاصفة الصحراء فى الجنوب الليبي، وبالتالي فإن المجلس الرئاسي يؤكد على بعداً استراتيجياً سياسياً وراء إطلاق هذه العملية وتسيرع وتيرتها الآن، حيث يستهدف عدة أهداف من بينها:
1. محاولة تأكيد سلطات حكومة الوفاق على وجود قوات لها توازي القوات العسكرية الخارجة عن سيطرتها، خاصة قوات الكرامة بقيادة حفتر.
2. إطلاق هذه العملية في المنطقة الوسطىر بليبيا، لضبط أي تمدد لقوات الكرامة في هذه المناطق، وستكون العملية ستكون بمثابة قطع الطريق على حفتر من جهة، وعلى مقاتلي داعش من جهة اخرى، لمنعهم من التمدد في الغرب الليبي، مؤكدا أن “القوة التي ستقوم بالعملية هي قوة مستقلة تتبع رئاسة الأركان، وفيها عناصر من “البنيان المرصوص”.
3. محاولة إبراز السراج نفسه كرجل قوي يمكن المراهنة عليه في المرحلة المقبلة حال غياب خليفة حفتر. حيث كان يفترض أن تشمل العملية مناطق أوسع، وعدم توسعة نشاطها في محاربة الإرهاب في مناطق نفوذ حفتر، هو أمر يعكس احتمالين، الاول محاولة تهرب “السراج من المواجهة، الثاني التنسيق للتصدي لنمو الإرهاب المستفيد من غياب حفتر.
وفي النهاية وبالرغم من التأييد الواضح والعلني لخليفة حفتر من قبل مصر والامارات، تضع كل منهما هذا التأييد علي أرضية تأييد مؤسسات الدولة الشرعية وليس تأييد لشخص خليفة حفتر، وهو ما قد يساعدهما على اختيار البديل على أرضية تأييد مؤسسات الدولة الشرعية في سياق تسوية الصراع السياسي في ليبيا، كما بات ضرورياً أن تتواصل كل من مصر والإمارات مع كل الأطراف بالتساوي حتي يتمكنا من التحرك علي مستويات متعددة في الشأن الليبي. ولعل مجمل التحرك المصري في ليبيا يدفعنا للتساؤل حول ما إذا كان هناك رؤية مفصلة لدى الدولة المصرية لرعاية مصالحها في ليبيا في مرحلة ما بعد التسوية السياسية.
ليبيا بعد حفتر، توافق مصرى وإقليمى لمجابهة الجماعات المتطرفة
كتب: مصطفي صلاح
أثارت الأنباء المتضاربة حول تعرض المشير” خليفة بلقاسم حفتر” لسكته دماغية أو وفاته العديد من التساؤلات حول مستقبل التحالفات الإقليمية الجديدة، خاصة في ظل الصراع الدائر في شرق ليبيا بين اللواء حفتر من جهة وكتائب إسلامية مختلفة متطرفة من الجهة الأخري.
وعليه برزت التساؤلات حول مستقبل التحالفات الإقليمية في ليبيا وما يمكن أن تقدمه الأطراف الإقليمية والدولية للقوات الموالية لحفتر في مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة.
وفي ظل النزاع القائم تعتقد الدول الداعمة لحفتر مثل روسيا والإمارات ومصر بأن اللواء حفتر، الوحيد القادر علي عودة الاستقرار للجبهة الداخلية الليبية ومقاومة الجماعات الإرهابية في ظل حالة التشرذم وانعدام مركزية السيطرة في الداخل الليبي.
إعادة رسم المشهد
في ظل حالة الغموض التي تتصدر المشهد الليبي بعد التصريحات المتضاربة حول مصير اللواء خليفة حفتر، باتت الدول الإقليمية والدولية التي تتحالف مع حفتر، أكثر حاجة إلي إعادة تقييم الوضع الداخلي الليبي في إطار داعم للأمن القومي الليبي، وفي نفس الوقت للحفاظ علي المكتسبات الميدانية والسياسية التي حققتها في مواجهة الجماعات الإرهابية المتشددة في طبرق ودرنة ومصراتة.
وفي هذا الشأن، هناك العديد من الاحتمالات المتوقعة بشأن العديد من الدول وملفات الأمن الإقليمي فيما يتعلق بدول الجوار أو مواجهة الجماعات الإرهابية الموجودة هناك.
ويمثل اللواء خليفة حفتر والقوات الموالية لها أهم الحلفاء الليبيين بالنسبة لمصر في مواجهة الجماعات الإرهابية، حيث قامت القوات الجوية المصرية باستهداف المناطق التابعة لمجلس شوري مجاهدي درنة، والقوي الداعمة لها.
حيث قامت مصر والإمارات بعملية مشتركة لمواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة في أغسطس 2014م، بالإغارة الجوية علي الجماعات المتشددة في عملية “فجر ليبيا” للسيطرة علي العاصمة الليبية طرابلس بما فيها المطار.
كما قامت القوات الجوية المصرية في فبراير 2015م، وعلي خلفية ذبح 21 مواطنا مسيحيا مصريا علي ساحل درنة، بقصف مواقع الإرهابيين، وذلك بالتنسيق مع الجيش الليبي بقيادة اللواء حفتر.
وفي مايو 2017م، هاجمت مصر العديد من المعسكرات المتطرفة، وقامت بتوجيه ضربة عسكرية للمعسكرات التي يتم التدريب فيها لتوجيه ضربات ضد مصر، وتأتي الضربات المصرية عقب استهداف مسلحين لحافلة تقل أقباطا في طريقهم إلي دير “الأنبا صموئيل المعترف” في محافظة المنيا، بصعيد مصر يوم الجمعة 26 مايو، وأسفر عن مقتل 29 وإصابة 24 أخرين. وهو الهجوم الذي أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنه. كما أعلنت مصر مجلس الأمن بأن الضربات لمواقع “الإرهابيين” في شرق ليبيا جاءت في إطار الدفاع المشروع عن النفس.
إن الإمارات ومصر من أكثر الدول تحفزا لقتال “الميليشيات الإسلامية المتطرفة” في ليبيا، وتقديم الدعم اللوجيستي والعسكري من جانبهم للواء “خليفة حفتر” الذي خاض معركة “الكرامة” في سعيه للقضاء علي “الميليشيات الإرهابية”.
ولعل استقبال ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للمشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، أبرز إشارة إقليمية لافتة علي طريق حسم مسارات الصراع الليبي الراهن.
إن الموقف الرسمي المصري – الإماراتي في الشأن الليبي، يمتد ليعبر أيضا عن تيار سياسي إقليمي دولي بات يري في دعم حفتر شرطا من شروط عودة الاستقرار إلي ليبيا ومكافحة الإرهاب الذي يهدد ليبيا ومنطقة شمال أفريقيا.
وعليه، يمكن للدولة المصرية أن تتدخل ميدانياً لدعم الاختيارات الجديدة التي يمكن أن تخلف اللواء حفتر، كما إن مصر قد تتدخل في إختيار من سيتولى هذا الملف، خاصة في ظل علاقات مصر القوية والمنظمات المسيطرة ميدانياً، فمصر تسعي إلي الحفاظ علي الأمن القومي المصري والأمن القومي الليبي كامتداد وعمق استراتيجي لها من الجهة الغربية.
روسيا تساند من جديد
قديما وقف الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ضد تدخل حلف شمال الأطلسي في ليبيا، فبعد أن كانت قد استعادت لنفسها موطىء قدم في ليبيا في نهاية التسعينات من القرن الماضي أُقصيت روسيا منها لفترة من الزمن بعد التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي والإطاحة بالعقيد معمر القذافي سنة 2011م.
ولعل زيارة القائد العسكري الليبي خليفة حفتر لحاملة طائرات روسية في 11 يناير 2017م، بمثابة دفعة رمزية له وتذكرة دخول روسيا مجددًا لليبيا وفي الوقت نفسه أظهرت اهتمام موسكو بالقيام بدور أكبر في المنطقة في أعقاب تدخلها في سوريا ويتمتع حفتر بعلاقات وثيقة مع بعض الدول العربية، كما عمل علي تعزيز صداقته مع روسيا فزار موسكو مرتين لطلب العون في حملته المناهضة لفصائل الإرهابيين.
وكانت زيارته للحاملة “أدميرال كوزنتسوف” في البحر المتوسط أبلغ استعراض لدعمه من جانب روسيا حتي الآن. إن الرئيس الروسي بوتين يهتم أيضا باستعادة نفوذ بلاده في ليبيا، فقد كان الزعيم الليبي السابق معمر القذافي حليفًا قديمًا للروس.
تورط تركي
في 10 يناير 2018م، نشرت وكالة رويترز للأخبار، أن اليونان ألقت القبض علي سفينة لنقل المتفجرات من تركيا إلي ليبيا، وكانت السفينة محملة بمواد تستخدم لصنع متفجرات والتي كانت ترفع علم تنزانيا، وتحتوي السفينة 29 حاوية بها مواد منها نترات الأمونيوم وأجهزة تفجير غير كهربائية و11 خزانا فارغا لغاز البترول المسال. في حين يفرض الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة حظرا علي بيع ونقل وتوريد الأسلحة إلي ليبيا منذ 2011م.
وتشير بوليصة شحن السفينة التي كانت ترفع علم تنزانيا، إلي أنها أخذت حمولتها من ميناءي مرسين والإسنكدرونة التركيين، وحددت الوجهة في جيبوتي وعمان. وأوضح خفر السواحل اليوناني علي لسان الأميرال” يوانيس أرغيريو”، أن تحقيقا أوليا وجد أن الربان تلقي أوامر من مالك السفينة بالإبحار إلي مدينة مصراتة الليبية لتفريغ الحمولة بأكملها، في إشارة إلي تورط تركيا في دعم الجماعات الإرهابية بالسلام وتهديد الأمن الإقليمي في منطقة الشمال الإفريقي.
ولعل هذه العملية أضحت أكثر تعبيرا عن ضرورة الحضور المصري والإقليمي في مواجهة الدول الداعمة للإرهاب والجماعات المتطرفة، وإعادة ترتيب البيت الليبي من الداخل لما يتوافق مع الأمن القومي الليبي.
إجمالاً إن أي تراجع في الدور الإقليمي العربي وخاصة الدور المصري لمساندة القوي الوطنية الليبية المناهضة للإرهاب والجماعات المتطرفة، قد يؤدى إلى تنامى دور هذه الجماعات على الساحة الليبية بما يهدد أمن واستقرار المنطقة.
وفي هذا السياق، يظهر أهمية الدور الذي يمكن أن تؤديه مصر في الوصول إلي حل يحقق الاستقرار الداخلي من جهة ودعم الأمن القومي المصري من جهة أخري، خاصة وأن هذا الدور يحظى بدعم توافقي للدول الكبرى، إن العلاقات المصرية الليبية علي قدر كبير من الوثاقة ولذلك تعمل العديد من الدول الإقليمية والدولية علي دعم الدور المصري في معالجة الأزمات الإقليمية في تلك المنطقة.
الأمم المتحدة وجهود تحقيق السلام في ليبيا
كتب- محمود جمال عبد العال
شهد أواخر عام 2015 منعطفًا هامًا في عملية الحوار السياسي في ليبيا؛ حيث أنجز الليبيين في مدينة الصخيرات المغربية اتفاقًا سياسيًا يقضي بإنهاء حالة الفوضى وعدم الاستقرار الذي تشهده ليبيا منذ سقوط معمر القذافي عقب ثورة 17 فبراير . ورغم حالة التوافق التي أفرزها الاتفاق لكن ظهرت نقاط الخلاف مؤخرًا خاصة فيما يتعلق بجدلية العملية السياسية ومقوماتها، وكذلك الترتيبات الامنية التي تتصل مباشرة بانتشار السلاح وضرورة دمج المقاتلين تحت لواء الجيش الوطني.
مبعوثو الامم المتحدة إلى ليبيا
رغم تعيين الأمم المتحدة لأربعة مبعوثين أمميين لليبيا، لكن لم تسفر هذه الجهود عن نتائج إيجابية حقيقية حتى الآن، وفي الحالات الثلاث اُنهيِت مهام المبعوثين الخاصين بليبيا نتيجة خلافات مع القوى السياسية هناك. ظلت مهمة المبعوث الأممي موضع تشكيك محلي ليبي نتيجة اتهامات البعثة بالتحيز للأطراف الليبية المختلفة. وجاءت تسمية المبعوث الرابع للأمم المتحدة بليبيا غسان سلامة (لبناني الجنسية) بعد فشل الإيطالي برناردينو ليون، والألماني مارتن كوبلر ، حيث رأى أنطونيو جوتيريس ضرورة منح الفرصة لمبعوث عربي، واعتبر أن هذه الخطوة قد تؤتي بنتائج إيجابية خاصة بعد تعثر تنفيذ اتفاق الصخيرات وتجمد مواقف الأطراف السياسية.
أفاد المبعوث الأممي في كلمته لمجلس الأمن أن هناك حالة من عدم اليقين لدى الأطراف الليبية حول ما تعنيه نهاية المرحلة الانتقالية التي نص عليها اتفاق الصخيرات السياسي. وترعى الأمم المتحدة الحوار بين الأطراف الليبيين لتعديل الاتفاق، وقد انعقدت أولى هذه الجلسات في تونس سبتمبر 2017.
وساطة حيادية
ويحاول مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف؛ حيث تشاور مع فايز السراج رئيس حكومة الوفاق وممثلي مجلس نواب طبرق للتوصل إلى توافق ليبي يفضي إلى إنهاء الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. من ناحية أخرى، التقى غسان سلامة بالمشير خليفة حفتر في بنغازي والقاهرة وباريس، للتشاور حول خارطة عمل الامم المتحدة لحل الأزمة في ليبيا. وترتكز خطة سلامة في ليبيا على المضي قدمًا لتطبيق خطة العمل من أجل ليبيا التي أقرتها الامم المتحدة، وهي تقوم على إجراء الاستفتاء على الدستور الدائم والانتخابات. ولكن هناك خلاف ما بين القوى السياسية حول هذه الخطة؛ حيث تتصارع حكومتي طبرق وطرابلس الليبيتين على الاعتراف الدولي. ترفض الحكومة المؤقتة المدعومة من مجلس نواب طبرق استئناف العملية السياسية وتتمسك بإدخال تعديلاتها على اتفاق الصخيرات السياسي، وهو ما ترفضه حكومة السراج المعترف بها دوليًا.
جهود ممتدة
تنجلي مهمة المبعوث الأممي في ليبيا على تهيئة الأجواء السياسية للعملية السياسية التي ستضمن إقرار الدستور وبدء العملية الانتخابية. لذا، يسعى المبعوث الأممي للتأثير على حكومة شرق ليبيا المؤقتة من خلال التواصل مع مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة للوساطة. وفي هذا السياق، التقى المبعوث الأممي أثناء زيارته للقاهرة أواخر عام 2017 وزير الخارجية سامح شكري واللواء محمد الكشكي مساعد وزير الدفاع للشئون الخارجية كممثل عن الفريق محمد فريد حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية. واقترح المبعوث الأممي تنفيذ خطة الامم المتحدة للسلام في ليبيا بالتنسيق مع اللجنة المصرية المعنية بملف الأزمة الليبية، وهو ما رحب به الكشكي معتبرًا أن جهود مصر لحل الأزمة الليبية تندرج تحت مظلة الأمم المتحدة وجهودها الرامية لتحقيق السلام. جدير بالذكر الإشارة إلى ما تمثله الازمة الليبية من خطر على دول الجوار سيما مصر التي تخوض حربًا شرسة على الإرهاب في سيناء، وتمثل الحدود الليبية منفذًا لدعم هذه الجماعات سواء من ناحية تسرب المقاتلين الأجانب أو تهريب الأسلحة.
يعتبر غسان أن أي تعديل في اتفاق الصخيرات يجب أن يتم برعاية أممية وبضوء أخضر من الأمم المتحدة. لذا تتلخص دعوة المبعوث الأممي للمؤتمر الوطني الجامع الممثل لكافة الأطراف الليبية وفق ثلاث خطوات أولها؛ تعديل اتفاق الصخيرات خاصة فيما يتصل بالجوانب المتعلقة بشاغلي المناصب الأمنية والعسكرية، ثم عقد مؤتمر وطني جامع يضم أطيافًا قبلية وسياسية ومدنية جديدة، والثالثة الذهاب إلى انتخابات عامة، في حال فشل الخطوتين السابقتين.
حفتر والأمم المتحدة
في ضوء تضارب الأنباء حول صحة المشير حفتر، وتصاعدها حد إعلان وفاته بجلطة دماغية في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، نشرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا اليوم بيانًا يشير إلى إجراء المبعوث الأممي اتصالًا هاتفيًا بالمشير حفتر. وتطرق الاتصال، وفق بيان البعثة الدولية المعنية بليبيا، إلى البحث في الأوضاع العامة على الأراضي الليبية، ومناقشة ترتيبات العملية السياسية وما أسفرت عنه من تطورات.
ورغم اهتمام بعثة الأمم المتحدة بصحة المشير حفتر، لكن المتابع لتعاطي البعثة مع الأطراف الليبية يلحظ أنها تقوم على تنويع اتصالاتها وتفاعلاتها مع الأطراف الليبية كافة دون الاعتماد على أحد الأطراف دون غيره، بما يعني أن الوضع الليبي بالنسبة للامم المتحدة لم يتغير كثيرًا سواءً بوجود حفتر أو غيابه.