أقلام وأراء

الأسرى مسؤولية الجميع

بقلم  د. دلال صائب عريقات *- 11/4/2021

سيحيي الفلسطينيون الأسبوع القادم يوم الأسير الفلسطيني. منذ عام ١٩٧٤ أقر المجلس الوطني الفلسطيني، السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوم السابع عشر من نيسان/أبريل، يومًا وطنيًا للوفاء للأسرى وتضحياتهم، باعتباره يوماً لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، ولتكريمهم وللوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم وعائلاتهم.

من غير المقبول ان نكتفي بالاحتفاء والترحيب بهؤلاء الأبطال الصابرين عند إطلاق سراحهم. الأسرى بحاجة لتسليط الضوء عليهم أكثر بكثير من أي ملف أو قضية وطنية أخرى، كثيراً ما طالبنا بترتيب الأولويات الوطنية، وكان الأسرى دائماً على رأس سلم الأولويات، نُجمع على الحاجة الى الوحدة الوطنية، فالوحدة هي قانون الانتصار، وإنهاء الانقسام مطلب وطني وهناك الاستحقاقات الديمقراطية وضرورة الانتخابات والاصلاحات المختلفة وهذا كله ممكن داخلياً اذا توفرت الارادة السياسية، ولكن علينا وضع ملف الأسرى في أعلى الهرم، فهذا ملف الإنسانية. اكثر من ٥٠٠٠ أسير/ة في سجون الاحتلال الاسرائيلي، منهم اكثر من ١٠٠ طفل أسير، وحوالي ٤٠ امرأة أسيرة منهن ١١ أما، ولا أنسى الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم في الثلاجات الذين يتجاوز عددهم الثمانين.

ملف الأسرى هو أحد أهم القضايا الفلسطينية في المحكمة الجنائية الدولية، وبدلاً من أن تقوم مؤسسات المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال لإطلاق سراح الأسرى، وبدلاً من محاسبة اسرائيل على جرائمها، يواجه الأسرى وعائلاتهم هجمة دولية مالية بعد أن تلقت منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية انتقادات شتى لدعمها الذي تقدمه كرواتب للأسرى وعائلاتهم اعتقاداً من المجتمع الدولي أن رواتب الأسرى هي بمثابة تغذية وتحريض ‘للعنف’ حيث تمكنت الولايات المتحدة وإسرائيل ان تقنع العالم بضرورة الضغط على السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير من خلال اقتطاع اسرائيل للمبلغ الذي تقدمه “م ت ف” للأسرى وعائلاتهم من عوائد ضرائب الفلسطينيين التي تجبيها اسرائيل باسم فلسطين.

في الواقع، دولة الاحتلال هي من يمارس ‘العنف’ على أسرانا بكافة الوسائل، وكافة أشكال الحرمان من الحاجات الانساني الاساسية وما يتعرضون له من التعذيب الذي يفقدهم قواهم الذهنية والبدنية.

بعد الوباء العالمي، وتجربة كل انسان في الحجر المنزلي وبعد الحرمان من حرية التنقل ومخالطة الآخرين، تتجلى الحقيقة أن لا أحد يختلف أن الأسرى هم الأولوية وأن صحة الأسرى هي الأهم. ولهذا علينا فضح دولة الاحتلال، فالأسرى يعانون شتى أشكال الإهمال الطبي والتعذيب الممنهج الذي يؤثر على صحتهم الجسدية والنفسية والعقلية، ومن هنا مطلوب من هيئة شؤون الأسرى ومن نادي الأسير ومن مؤسسة الرئاسة ومنظمة التحرير ومجلس الوزراء وكافة المؤسسات الرسمية أن تضع ملف الأسرى على رأس الأولويات، فعليها متابعة قصص الأسرى ومعاناتهم ومآسيهم لعكس حقيقة السجان وفضح الجرائم التي ترتكبها اسرائيل بحق أسرانا البواسل مخالفين ميثاق جنيڤ وما نص عليه من الشروط الصحية والرعاية الطبية في المادة (٩١) بضرورة توفر عيادة مناسبة في كل معتقل، يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية وكذلك على نظام غذائي مناسب وعزل صحي ومستشفيات ورعاية لا تقل عن الرعاية التي تقدم لعامة السكان، ويفضل أن يقوم على علاج المعتقلين موظفون طبيون من جنسيتهم، وتخالف اسرائيل كل هذه الحقوق!

ما شهدناه هذا الاسبوع من قهر عذابات السجن التي تجسدت في الأسير المحرر “منصور الشحاتيت” هو مسؤولية الجميع. من غير المقبول أن يُترك الأسير/ة الفلسطيني حتى يفقد صحته البدنية كانت او النفسية، الأسرى هم ثمرة النضال الوطني وتقع علينا جميعاً مسؤولية العمل حتى نيل الحرية.

على القيادة وعلينا جميعاً تقع مسؤولية متابعة شوون الأسرى وتفاصيل نضالاتهم اليومية وتسليط الضوء على قصصهم الإنسانية وتوجيه رسائل ومطالبات لممثلي الصليب الأحمر والجهات الدولية الإنسانية والأمم المتحدة للمطالبة بالإفراج عن الأسرى السياسيين المهددين بسبب ڤيروس كورونا وكافة أشكال التعذيب والجرائم الإسرائيلية بحقهم.

لا بد من استمرار النداءات لضرورة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين القابعين وراء القضبان، فهم يتحدون الاحتلال الاسرائيلي من جهة، ويتحدون وباء الكورونا العالمي من جهة أخرى. ملف الأسرى السياسيين هو ملف الإنسانية.

*د. دلال عريقات أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى