أقلام وأراء

الأردن يتصـدى للمؤامرة الخطيرة على القدس.. كما يكتب د. زاهر زكار

(الكاتب/ د. زاهر ناصر زكـار)

لا جدال في القول،أن الأردن يخوض اليوم بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين،صاحب الولاية والوصاية الهاشمية على القدس ومقدساتها،معارك عـدة مشرفة في الدفاع عن القدس ومقدساتها وعن القضية الفلسطينية وعروبتها،وحقق في ذلك انجازات كثيرة تشهد لأصالة الهاشميين في الدفاع عن القدس ومقدساتها على مدى العقود الماضية.
وكان لا يمكن تصور الأوضاع في المدينة المقدسة،لولا هذه الجهود الأردنية المستمرة،فقد كان لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلال القدس في العام1967،ان تغير في الوضع القائم على الأرض لو لم تكن،صلابة المواجهة الأردنية في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية في كافة المحافل الدولية،ولو لم يتخذ الأردن بقيادته الهاشمية كافة الخيارات الدبلوماسية والقانونية،ولو لم يستثمر علاقاته المميزة مع عواصم صنع القرار الدولي،والتأثير فيه خلال العقود والسنوات الماضية..!.
وكانت المملكة الأردنية الهاشمية،تضطلع بدور الوصاية على المقدسات في القدس، بموجب معاهدة السلام الأردنية-الإسرائيلية،التي وقعت بوادي عربة،التي تعترف بموجبها إسرائيل بوصاية المملكة الأردنية الهاشمية على الأماكن المقدسة التي كانت تتبع(إدارياً)الأردن قبل الاحتلال الإسرائيلي في عام1967.
وقد رفضت القيادة الأردنية القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل،وأكدت أن قرار الادارة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها،يمثل خرقا فاضحا لقرارات الشرعية الدولية،وميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد على أن وضع القدس يتقرر بالتفاوض،وتعتبر جميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف فرض واقع جديد على الأرض باطلة ومرفوضة.
وكان الأردن قد حذر قبل صدور القرار الأمريكي بشان القدس من خطورة هذا القرار، ففي الاتصال الذي أجراه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حذر جلالته من خطورة اتخاذ أي قرار خارج إطار حل شامل يحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس المحتلة، وشدد جلالته ـ حسب ما أعلنته وكالة الأنباء الأردنية ـ بترا” على ان القدس هي مفتاح تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وأكـد جلالة الملك عبد الله الثاني على ان اتخاذ هذا القرار سيكون له انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة، وسيؤدي الى تقويض جهود الإدارة الأمريكية لاستئناف العملية السلمية، ويؤجج مشاعر المسلمين والمسحيين.
وفي الإطار ذاته،صرح وزير الدولة لشؤون الإعلام، والناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، بعد صدور القرار الأمريكي، لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) قائلاً:” أن المملكة ترفض القرار الأمريكي الذي يزيد التوتر ويكرس الاحتلال الإسرائيلي.وأضاف:ان القرار الذي يستبق نتائج مفاوضات الوضع النهائي،يؤجج الغضب ويستفز مشاعر المسلمين والمسيحيين في العالمين العربي والإسلامي.وان المملكة الأردنية الهاشمية تؤكد، أن القدس قضية من قضايا الوضع النهائي،يجب ان يحسم وضعها في إطار حل شامل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي،يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران1967،وعاصمتها القدس الشرقية سبيلا وحيدا، لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام،ووفق قرارات الشرعية الدولية،ومبادرة السلام العربية.
وشدد الناطق الرسمي الأردني في بيانه،على ان اعتراف أي دولة بالقدس عاصمة لإسرائيل لا ينشئ أي أثر قانوني في تغيير وضع القدس كأرض محتلة،وفق ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن،ومحكمة العدل الدولية،في قراراها حول قضية الجدار العازل.
وأضاف:أن هــذا الاعتراف باطل قانونا،كونه يكرس الاحتلال الإسرائيلي للجزء الشرقي من مدينة القدس الذي احتلته اسرائيل في عام1967،مذكرا أن قرار مجلس الأمن رقم”478″ينص على عدم الاعتراف بالقانون الأساسي الإسرائيلي حول القدس،ويدعو الدول التي أنشأت سفارات في القدس لإغلاقها.
واستطرد المومني قائلا:أن المملكة تؤكد على ضرورة ان تمارس الولايات المتحدة دورها الأساسي وسيطا محايدا لحل الصراع،وتحقيق السلام على أساس حل الدولتين،الذي أجمع العالم أنه السبيل الوحيد لحل الصراع وتحقيق السلام. وأكـد،ان الأردن سيستمر في بذل الجهود الممكنة واتخاذ جميع الخطوات المتاحة،وبالتعاون مع المجتمع الدولي للوصول إلى هذا الحل،وتلبية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق.
وقال المومني ان المملكة وبالتنسيق مع الأشقاء في السلطة الوطنية الفلسطينية،دعت إلى عقد جلسة طارئة للمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية في القاهرة،لتنسيق المواقف إزاء القرار الأمريكي،وللاتفاق على آلية عمل جماعية للحد من آثاره السلبية،ومحاصرة تبعاته.
وكان الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين،قد دعا لاجتماع للجامعة العربية، لبحث قرار ترامب الأخير بشأن القدس،وكذلك منظمة التعاون الإسلامي لمناقشة قرار الرئيس الأمريكي.
ان الخطر الذي تعرض له القدس الشريف،إثر قرار الرئيس الأمريكي،يواجهه الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين،باعتبار ذلك من ضمن المسؤوليات التي قام بها الأردن على الدوام بكل أمانة وشرف المسؤولية،وحقق فيها انجازات كثيرة في هذه المسيرة التاريخية المشرقة للقيادة الهاشمية من المواقف والتضحيات الأردنية،والتي هي في الحقيقة في هذه المرحلة مسؤولية جماعية،تقع عل عاتق الدول العربية والإسلامية ممثلة في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي،فقد بدأ الأردن مشاورات مكثفة،لعقد اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لمواجهة الموقف الخطير،وكذلك لعقد اجتماع خارجية منظمة المؤتمر الدول الإسلامية،والذي عقد بالفعل في تركيا،وألقى خلاله صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين خطابا قال فيه:”انه يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته،ازاء تداعيات الأزمة الخطيرة الذي حدثت جراء قرار الرئيس الأمريكي المتضمن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل،ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
لقد أكد صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني،على الدوام بأن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة،وأنه لا سلام واستقرار دون حلها حلا عادلاً وشاملاً،يضمن إقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران من العام1967،وعاصمتها القدس الشرقية.
فالأردن كان وسيبقى في أوائل الصفوف في الدفاع عن القدس ومقدساتها،والحرص على إرساء السلام العادل والشامل في المنطقة،كمصلحة عربية وإقليمية ودولية.
كما رحب الأردن بقرار الأمم المتحدة الأخير الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وضع القدس،ورأى فيه تجسيدا لإرادة الشرعية الدولية،وهو القرار الرافض لقرار الإدارة الأمريكية الأحادي،باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.
ان القرار الجديد للجمعية العامة للأمم المتحدة- حسب رؤية الأردن- يجسد إرادة الشرعية الدولية، بتأكيد عدم قانونية أي إجراء يستهدف تغيير الوضع القائم بمدينة القدس،أو يغير حقائق جديدة فيها، حيث أوضح محمد المؤمني،وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة،ان القانون الدولي يعد القدس أرضا محتلة،وان تحقيق السلام الشامل يرتبط،بأن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران1967،وعاصمتها القدس الشرقية.
فالأردن بقيادة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني،لم يتوقف يوما عن نصرة القدس والحفاظ على مقدساتها والدفاع عنها،سواء بمقدساتها أو لمكانتها السياسية كرمز للسلام،وجوهر لعدالته وشموليته.
لقد كثفت الدبلوماسية الأردنية عقب صدور قرار الرئيس الأمريكي الأرعن،الاتصالات وتسعى لحشد التأييد للتأكيد والتحذير من تداعيات هذا القرار،الذي أدى إلى نسف عملية السلام،وجهودها برمتها، وإدخال المنطقة والعالم بأسره في آتون أزمة كبيرة لا يحمد عقباها.
والحقيقة،ان التحركات الأردنية تجاه القضية الفلسطينية والقدس،ليست بالمطلق مجرد كلام لا يتطابق مع أفعال،او أنه يأتي من باب المناورات السياسية،فالموقف القومي الشجاع والفعال للأردن قيادة وحكومة وشعباً ليس جديداً،بل هو امتداد لتلك المواقف القومية المبدئية،التي التزمت بها القيادة الأردنية دوما انطلاقا من استشعارها بمسؤوليتها القومية في مناصرة قضايا الحق العربي،وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني،والتزامها بحماية وصون المقدسات الإسلامية.
ان هذا الجهد الأردني المشرف تجاه القدس والمقدسات،يأتي( للأسف)وسط صمت تام للأمة العربية والإسلامية،وغياب مريب للعالم أجمع عن الخطر الداهم على حرمة المسجد الأقصى المبارك، وتلاشي بيانات الاستنكار والشجب واستجداء المواقف الدولية.
وفي هذا الظرف الصعب،يبرز الموقف الأردني الرسمي والشعبي الشجاع والشهم في مواجهة هذا الاعتداء الإسرائيلي السافر والهمجي،بالمواقف الواضحة والتحركات الدبلوماسية المكثفة والنشطة بلغة صريحة واضحة، تؤكد ان القدس هي خط أحمر،ومن غير المسموح المساس بالمسجد الأقصى الشريف قبلة المسلمين الأولى،والمسجد الذي كان نقطة الانطلاق لمعراج نبيهم الكريم صلوات الله عليه وسلامه من الأرض إلى السماء….!
لقد ظل صوت الأردن مرفوعا بقوة وشجاعة في قول كلمة الحق،دون خوف أو تردد في الدعوة الصادقة إلى التضامن والوحدة بين أبناء الأمة العربية الإسلامية،في مواجهة التحديات والمخاطر التي تحدق بهم على اكثر من صعيد ومكان،للوصول إلى ما يحقق مصلحة الأمة والانتصار لقضاياها وخاصة القضية الفلسطينية ونصرة الشعب الفلسطيني.
والآن وفي هذه اللحظات الصعبة،يقف الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني في مواجهة المؤامرة على المسجد الأقصى،والمخطط الذي يهدف إلى تهويد القدس،وطمس كل ما ينتمي للهوية العربية والإسلامية في فلسطين المحتلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى