أقلام وأراء

الأردن .. لماذا ؟

نبيل عمرو *- 6/4/2021

كل شيء يحدث في منطقتنا له صلة بالمواقف والسياسات والاجندات، فإن ما حدث في الأردن وما وصف على أنه محاولة انقلابية او لإحداث زعزعة في الكيان الأهم، أثار ردود أفعال واسعة شملت العالم كله؛ ما أكد مكانة الأردن ودوره المركزي في تثبيت الاستقرار النسبي في منطقة كانت وما تزال أكثر مناطق العالم اضطرابا وانتاجا للخطر.

كان رد الفعل الفلسطيني على كل المستويات وخصوصا الشعبي هو الاعمق والاوسع، ذلك أن كل حركة وسكنة تحدث في الاردن تقاس عند الفلسطينيين هنا بأكثر الموازين دقة وحساسية؛ فالأردن ليس مجرد دولة جوار يجري التعامل مع احداثه بذات مقاييس التعامل مع أي دولة أخرى، بل انه مؤثر مصيري في حياة الفلسطينيين من كل النواحي بما في ذلك قضيتهم الأساسية.

علاقة الفلسطينيين بالأردن والتي عبرت بكل كفاءة ونجاح سلسلة عواصف وانواء وزلازل، استقرت في وقتنا هذا على أرضية يقين بمنفعة متبادلة لا يمكن استبدالها ولا حتى التقليل من تأثيرها المباشر بدءا من ابسط مقومات الحياة اليومية الى اكثر الشؤون السياسية تعقيدا والحاحا، فإن نظرت الى القلب ترى القدس التي للأردن له ما له من دور فيها برضى الفلسطينيين جميعا، واذا ما نظرت الى الشرق فترى أطول خط تماس بين الضفتين وترى الجسور التي هي البوابة الوحيدة على العالم، واذا ما نظر الى التصاهر واختلاط النسب والدم فسوف تجده الأكبر والاعمق في حياة الشعبين، واذا ما نظرت الى توق الفلسطينيين لكيان حر مستقل يتوجون به كفاحهم الوطني فترى الأردن اول من ارسى حجر أساس السفارة الفلسطينية على أراضيه بل ان شعاره ما يزال فاعلا وقويا « لا استقرار في المنطقة دون انهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».

أرى حكايتنا مع الأردن اعمق من صفقة القرن التي قوضناها معا ولم نهب ردود الفعل على ما فعلناه حتى لو جاءت من اقوى قوى العالم.

السياسة متغيرة ومتقلبة ورمالها دائمة الحركة، اما الحياة الاوسع فإن الذي يصنع قوانينها مصالح الناس ووعيهم لها فهي الأكثر ثباتا وعمقا من السياسة ولعل هذه هي كلمة سر العلاقة الفلسطينية الأردنية التي صمدت وها هي تتعزز وتترسخ في احرج الظروف وامام اعتى التحديات.

لعل الأردن هو اكثر بلد في الإقليم وربما في العالم من تعرض لموجات عاتية من محاولات الانقلاب والحصار والعزل وتهميش الدور والعمل على تفتيت نسيجه الاجتماعي الأردني الأردني، والأردني الفلسطيني، والأردني المكتظ بالعرب الذين ضاقت بلدانهم ونظمهم بهم، ولأن حاجة الناس له كانت اقوى بكثير من الانسياق للفتن والتدخلات والاجندات، صمد هذا البلد ونجا شعبه من الحرائق المهلكة التي تحيط به من كل جانب وخصوصا في الزمن الذي اسميناه دون تدقيق بالربيع العربي، وحين ينجو الأردن ينجو الفلسطينيون بأهدافهم وتطلعاتهم ومصالحهم.

بكل الحب والإخلاص والوفاء، اختتم بالقول لنحمي التوأم الخالد الأردن وفلسطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى