أقلام وأراء

اكرم عطا الله يكتب – نقاش هاديء مع حركة حماس

اكرم عطا الله ٣٠-٨-٢٠١٨

السياسة الحكيمة هي ابنة الواقعية السياسية والمرونة والفهم الدقيق للأحداث والمناخ السياسي ودون ذلك تصبح السياسة هي أقرب لعلم الخيال ويصبح صانعوها بعيدون عن الوقائع وما بين حق الحركة في أن تكون المكون الأكبر في النظام السياسي الفلسطيني وفقاً لنتائج 2006 وما بين امكانية نجاحها وقدرتها على الحكم وسط هذه البيئة السياسية تبدو الهوة كبيرة لأن البيئة المحيطة بالحركة في حالة عداء معها.

لا أحد يستطيع أن يقصي حركة حماس بل أن ذلك مفهوماً يمس بجوهر الديمقراطية فهي وان اختلفنا معها تمثل كتلة اجتماعية من الشعب الفلسطيني تعبر هذه الكتلة عن نفسها بشكل سياسي وان أي نظام سياسي يتشكل هو تعبير عن كل التكتلات الاجتماعية للشعوب والتي يختلف عليها الجميع بل ويسعى الجميع الى تنميط الآخر والغاء جوهر تفكيره لصالحه.

لكن الواقع السياسي في هذه المنطقة المعقدة والتي زادها تعقيداً طرد حركة حماس للسلطة من قطاع غزة شكل فرصة ثمينة ولحظة لن تتكرر لكل خصومها بعد أن تم استدراجها لحكم غزة لوحدها شكل فرصة لحشرها واغلاق كل الأبواب عليها ووضع المفاتيح في أيدي خصومها ولا صديق في البيئة الاقليمية التي تعمل فيها وهنا كانت مأساتها منذ أحد عشر عاماً لكن المأساة الأكبر أن صراع الارادات كان يدور على جثة مليونين من البشر في قطاع غزة.

أخطأت الحركة عندما طردت السلطة وأخطأت حين تصورت أنها يمكن أن تنجح وسط الخصوم الثلاثة فالسلطة هي خصماً لدوداً تم الاعتداء عليها وعلى قواتها وارزاحتها بالقوة لا أحد يتوقع أن تمد يد العون ومخطيء من يعتقد ذلك بل أن ألف باء السياسة تقول أن السلطة ستستمر في عصر حركة حماس حتى النهاية وأن ممكنات القوة تساعدها على ذلك وأيضاً مصر التي رأت في حماس أنها امتداد لحركة الأخوان المسلمين وأن تجفيفها مصلحة أمن قومي مصري يتعلق بالاستقرار في مصر وكذلك الضلع الثالث اسرائيل التي تعتبر حركة حماس واحدة من ألد أعدائها.

ربما أن هناك من ساعد الحركة في البدايات حتى تنشيء جهازها الأمني والاداري ولتقف على قدميها أو لنأخذ الوقت المطلوب متوهمة النجاح لكن في لحظة كان ما يجب أن تعرف أن الأمر ليس أكثر من كمين تم استدراجها اليه وتسعى منذ مبكرا للتخلص من تلك الورطة التي وقعت بها أو التي حرضها مجهول معروف على الوقوع بها.

منذ البدايات فرضت اسرائيل الحصار مستغلة حكم حماس وتنصلها من الاتفاقيات فرفعت الحركة منذ البداية شعار كسر الحصار وقد سمعنا على ألسنة العديد من المسئولين ذلك الوعد بكسر الحصار لكن مزيداً من الوقت أثبت أن الحصار يزداد شراسة وأن الوضع ينهار أكثر وأن الصورة تزداد وضوحاً وأن كل أصدقاء الحركة لم يستطيعوا فعل شيء وأن مليونين هم سكان غزة تحولوا الى بقايا شعب قتلهم الجوع والفقر والدمار.

 الأهم من هذا ونحن نراقب منذ سنوات طويلة أن كل المحاولات باءت بالفشل والافشال وأن لا خلاص من هذا الحصار وبات من الواضح بالنظر الى موقع غزة أن الأمر قد يستمر لسنوات طويلة قادمة فلا مشكلة للعالم باستمراره مقابل التلذذ بفشل حماس ولا أحد في عجلة من أمره ليقدم لها خشبة النجاة.

صراع الارادات هو مسألة مرافقة للعمل السياسي ولكن حين يكون الثمن باهظاً على أكتاف شعب ينبغي اعادة النظر في كل المسألة فلو استمر الخنق سنة أو عدة سنوات كان يمكن تحمله لكن أن يبدأ في العقد الثاني فتلك مسألأة لا يمكن فهمها والأهم ألا يبدو في الأفق أن هناك زمن محدد لانهاء الأزمة وفك الحصار الذي لن يكون الا بتسلم السلطة لغزة يصبح التفكير ملحاً بما العمل.

واذا قدر لي تقديم نصيحة وأنا أدرك تماماً طبيعة البيئة غير الصديقة للحركة والتي تحيط بها ولن تقبل بالافراج عنها هو أن تسلم حركة حماس قطاع غزة للسلطة كما تريد الأخيرة بل وتسرع في ذلك وأمامها التجربة الطويلة التي يجب أن تراجعها لاستخلاص العبر وتذهب بسرعة للانتخابات لتكون جزء من النظام السياسي وهو الحل الوحيد لها الاندماج فيه وليس الاستفراد بمنطقة ما وتشكيل نظام خاص بها، فتلك ان طالت ستكون أكبر ضربة توجهها لنفسها ولن يكتب لتجربتها النجاح هل تعرف ذلك ؟ واذا كان الأمر كذلك يجب انهاء معاناة هذه الملايين بلا مزيد من اهدار الوقت …!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى