أقلام وأراء

اكرم عطا الله يكتب – مشهد السياسة الساخر..!

اكرم عطا الله ١٦-٨-٢٠١٨

حركة السياسة نشيطة لدينا،  حجيج الى المدن والعواصم تصادفت مع موسم الحج الى مكة والمشهد يبدو ساخراً من غزة بعضهم الى القاهرة والآخر الى رام الله في حالة انفصال تام هو تجسيد لحالة الفانتازيا التي تتجسد ، وفي كل جانب من جانبي الوطن المنقسم فصيلاً كبيراً يقبض على السلطة والحكم والشعب وتدور في فلكه فصائل صغيرة لا حضور  لها ، ولكن في زحمة الانقسام يحتمل الأمر قدراً من العبث.

هنا حركة حماس التي تتفاوض بشكل غير مباشر مع اسرائيل بعد أن أدركت أن كل المفاتيح بيد تل أبيب ولا مجال الا بمهادنتها كي تسير الحياة بغزة وتلك حكمة كانت تستدعي كل هذا الوقت الطويل وكل تلك التجربة والخسارات فمن كان يعتقد أنه يحكم تحت الاحتلال يمكن أن يدير نظام حكم وحياة لابد وأن يمر بتلك التجربة .

وهناك حركة فتح تدعو لمجلس مركزي على هذه الدرجة من الضعف والفقر في التمثيل تراقب مفاوضات حركة حماس بنوع من الحسد لأن حكومة اسرائيل توقفت عن مفاوضتها فلم يعد لديها ما تفاوض عليه وتلك هي السياسة وهي أن الناس تفاوض من يضع الأزمة وقف توقفت حركة فتح عن صناعتها منذ مغادرة الزعيم عرفات الذي كان يعرف بمن يدفع بالأمور نحو حافة الهاوية.

حماس ذهبت للقاهرة ومعها فصائلها التي سافرت جنوباً تتفق على تحديد العلاقة مع اسرائيل وفتح ذهبت شمالاً ومعها فصائلها لتتفق على قضايا أخرى في المجلس المركزي الذي قاطعته فصائل كانت جزء من تراثه الطويل وهما فصيلي اليسار اللذان تشتتا بين هذا وذاك ولا هما مع هذا ولا مع الآخر في حالة لا تقل كاريكاتورية عن المشهد العام.

تفاوض حماس عن غزة وكأنها تملك كل الحق في الذهاب الى حيث تريد أو كأن طردها للسلطة قبل أحد عشر عشر عاماً فوضها أن تتحدث وحدها باسم الناس الذين كانت سبباً في معاناتهم كل تلك المرحلة التي سيطرت فيها على الحكم هنا ، أما فتح فهي تدير المنظمة وصندوقها القومي وكأن المؤسسة واحدة من فروع التنظيم ومن حقها أن تذهب فيها حيث تريد من عملية فك وتركيب شهدناها قبل حوالي مائة يوم.

حماس تفاوض على قضايا انسانية كانت متحققة قبل كل تلك المغامرة وأكثر كان لدينا مطار وهذا أصبح واحداً من الأحلام وأقصى طموح لدى الحركة حتى أن جناحها العسكري ذات مرة في احدى الحروب كان يشترط الموافقة على المطار لتقف الحرب،  فقد كان لنا مطار بلا حرب وكانت كل القضايا الانسانية قد أصبحت خلف ظهورنا،  أما حركة فتح في الضفة لم تعد تتحدث أو تفاوض على أي شيء وحتى الكفاح السلمي الذي أقرته في مواجهة الاستيطان لم تنفذه كما كل قرارات المجالس المركزية التي تحولت الى فشة خلق على الطريقة الفلسطينية تنتهي ببيان وتصفيق حاد وحار فيما الاستيطان اقتلع كل شيء.

أن يكون لديك سلطة تحت الاحتلال هذا يعني أن تلتزم بشروطه حتى تستمر في الحكم وكل ما فعلته اسرائيل أنها استطاعت أن تقنع القوى الفلسطينية بجدارة الحكم وضرورة الحفاظ عليه وهذا يتعلق بالاستجابة لمتطلباتها لأن مفاتيح الحياة بيدها هكذا قررت الاتفاقيات،  معبر كرم أبو سالم في غزة والمقاصة للضفة فقد تحولت هذه الى نقطة الضعف الأكبر وتمسكهم اسرائيل من اليد التي تؤلمهم.

أن تكون سلطة ونظام حكم يتحكم الاحتلال ببواباتها وامكانياتها أن تبدأ بالتأهيل لمقايضات استمرار الحكم ودفع فاتورته،  هذا هو جوهر ما فعلته اسرائيل في اتفاقيات أوسلو وجوهر العلاقة معها والتي يمكن اختزالها بأن روح السلطة معلقة في يد الاسرائيلي ولنا أن نفهم هذه المعادلة،  وعنوانها العريض الذي بدأ مع السلطة وانتهى مع حركة حماس والأمن مقابل الغذاء هذا كان قد بدأ في الضفة والآن تنتقل العدوى لغزة.

هذا هو حالنا بإختصار وخسائر في كل الإتجاهات إن بقيت السلطة خسارة وإن تم حلها خسارة وإن فاوضنا خسارة وإن توقفنا خسارة فكل الخيارات أمامنا قد تم اعدادها بعناية فائقة ونحن الأكثر احترافاً في الوقوع بسرعة شديدة لمجرد ما يلوح في الأفق أي شيء تلك هي الحقيقة الساخرة التي تتجلى في موسم الحجيج الوطني..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى