أقلام وأراء

اكرم عطا الله : أيقتتلون على شهيدة؟ ما هذا..!

اكرم عطا الله ٧-٦-٢٠١٨م

لم يكن لحركة فتح أن تنحسب من لجنة العمل الوطني في هذا الظرف بالذات والذي نبحث فيه عن بقايا وحدة حتى لو كانت كإبرة في كومة قش وهي كذلك فتلك اللجنة هي بمثابة الفقر الوطني في التنسيق بين الفصائل وعلى الأقل إن لم تضمن عمل موحد في زمن انهيار الفعل الموحد فهي تمكن من معالجة بعض الحلول الموضعية لخلافات قد تنشأ وتحل بعيدا عن الإعلام.

ولكن الأهم أن ملاحقة حركة حماس وإثارتها تلك الأزمة في بيت عزاء الأيقونة رزان النجار أثار قدر من تسميم الأجواء لتتساقط القصص تباعا حتى تصل الى اعتقال الأسير المحرر ومسئول حركة فتح في شرق خانيونس إبراهيم أبو علي وهو الذي أمضى أكثر من عقدين في السجون الإسرائيلية بسبب إصراره على احتضان عزاء الشهيدة والتي كان لصدى استشهادها وقعا كبيرا ولأنها وعائلتها من حركة فتح وأرادت حركتها أن تقوم بما تقوم به الفصائل تجاه شهداءها لكن يبدو أن حركة حماس منعت ذلك وداهمت ما كان يخضر من حفل تابين  وهنا بدأت الأزمة..

ما هي التفاصيل لا يهم كثيرا ؟ بقدر ما أن هناك خلافا نشب على قبر شهيدة الواجب الوطني والطبي في مشهد أصبح مخجلا ويعكس هذا القدر من العقل الطفولي الذي لم تغادره فصائل لم تتحرر بعد من عقدة الظهور والتفرد بعد هذه التجربة التي يفترض أنها كسرت رأس الجميع وأحدثت ما يكفي من الإفاقة بعد الدروس المكلفة التي تلقتها غزة من حصار ودمار وفقر وإفقار وتجويع كان يفترض أن تعيد صياغة العقل في هذه المنطقة بشكل مختلف يجعل التقارب أكبر بعد أن بدأت الفوارق تأخذ طريقها للذوبان بين الأخوة المتناحرين بلا رحمة.

المؤسف أن حركة حماس التي راهننا كثيرا على نضوج تجربتها بفعل الواقع والحياة والحكم والاحتكاك والنموذج الذي تحقق بكل هذه التعقيدات وخرجت من غيتو الجماعة الخاصة نحو إدارة شعب وبين هذه وتلك فارق بين السماء والطارق لكن يبدو أن التجربة لا زالت متوقفة عند نموذج نعتقد أحيانا أنه تخثر عند مرحلة ما ، كلنا نريد الحركة أن تغادر نحو العمل الجماعي لان لا خيار سوى هذا الطريق ولأنها جزء من تكوين المجتمع الفلسطيني وهي جزء من النظام السياسي راهننا ومستقبلا وفي كل مرة ستخرج من صندوق الانتخابات لتكون جزء من مركبات العمل السياسي وهذا يفرض عليها حتى بعد كل هذه السنوات إعادة تقييم التجربة بعيدا عن عقل الهيمنة والجماعة.

هناك اتهامات لحركة حماس بتفردها بكل شيء في غزة وقد طالت هذه الاتهامات الفصائل التي عملت مع الحركة خلال مسيرات العودة وذلك ربما منع الكثير من المشاركة في هذه المسيرات وقد حاول الكثيرون ومنهم سياسيون وكتاب نفي هذه التهمة لإبراز نموذج مختلف في الشراكة ولكن الحركة تعيد إحراج حتى الذين يعملون معها عندما تصدر بعض التصرفات التي تعيد تأكيد الاتهامات وهذا يجعل العمل الوطني في غزة محل ملاحظات وانتقادات دائمة.

إن القوى التي تتصارع على تبني شهيد أو شهيدة بحاجة إلى وقفة أمام هذا المستوى من الأداء .. إن قوة تعتقل أسيرا أو خصما سياسيا بسبب تبني الشهيدة تأكل كثيرا من رصيدها والحق أن حركة حماس فيما فعلته خلال الشهرين الماضيين من فعل وصدى لمسيرات العودة ظهرت كأنها تحمل مشروعا وطنيا أعاد للقضية وهجها هذا الفعل خرق حالة السكون التي كانت قائمة تنتظر هجوما سياسيا أميركيا وهنا السؤال كيف من يصعد حاملا مشروعا وطنيا بهذا القدر من الاحترام يهبط في اليوم نفسه لفتح معركة على تبني شهيدة ؟ وكيف يمكن لمن يعاند حركة التاريخ الظالم بإصرار على اقتحام الحدود بلحمه الحي أن يقتحم عزاء شهيدة ؟ الأمران لا يستويان هناك خطأ ما ..

وبدل تصحيح الخطأ تقوم  باعتقال مسئول فتح بالمنطقة وشقيقه وابن شقيقه هذا يعني أن الأمر مقلق بالسلوك المتعلق بالخصومة السياسية والمعارضة والتجربة التي لم تتطور أو تتقدم سوى بالكم لكن بالكيف لا جديد إذ يجري الاعتقال بلا اتهامات أو أسس وبعيدا عن القانون كما يحصل مع صالح ذيب من المنطقة الشمالية وهو رجل متقاعد في العقد السادس من عمره من كوادر حركة فتح إذ اعتقله الأمن منذ شهرين ونصف وحتى الآن لا أحد يعرف ما هي التهمة الموجهة له ما يستوجب إطلاق سراحه فغزة لا تحتمل هذا المستوى من الآداء ويكفيها ما تتعرض له من الجميع بما فيها قصة الرواتب التي كسرت أنف الكثير من أرباب العائلات وليسوا بحاجة للمزيد من الانكسار بسبب سيف الامن.

على حركة حماس أن تتفهم الظرف الصعب الذي تعانيه غزة والذي لها نصيب منه فهي التي أدت بطردها للسلطة الى هذا الوضع  وهذا يفرض عليها أن تكون أكثر هدوء مع هؤلاء الذين ساهمت بوضعهم في هذا السجن ووفرت مبرر لكل من أراد أن ينال من غزة ،فليس معقولا أن الاسرائيلي يحاصرها من الخارج  وحماس تفعل هذا في الداخل ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى