افتتاحية هآرتس – جهاز الامن لليمين
هآرتس – افتتاحية – 2/8/2018
جهاز الامن العام في المطار أوقف شاعرا ونشيطا يساريا، حقق معه على ارائه وعلاقاته السياسية وحذره من “منحدر سلس”، من شأنه ان يدهوره الى اماكن خطيرة والى التورط مع السلطات. لقد كانت أزمنة، ارتبطت فيها مثل هذه الاحداث بدول غير ديمقراطية كالصين، روسيا، ايران ومصر، التي ترى في حرية التعبير وفي حق الاحتجاج تهديدا على النظام. اما اليوم فهذا يحصل في اسرائيل، التي تعرف نفسها بانها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط.
ان ما قدمه موريئيل روتمن – زخر هذا الاسبوع من تفاصيل على توقيفه في مطار بن غوريون يجب أن يقلق الجمهور بأسره، بما في ذلك المتحفظون على نشاطات منظمات احتجاج مثل “نحطم الصمت” وامثالها. ويتضح من تقريره أنه، المواطن الاسرائيلي الذي يسكن في الولايات المتحدة، ليس مشبوها في نشاط غير قانوني؛ فقد جرى التحقيق معه على علاقاته مع منظمات تعمل وفق القانون وحذر عمليا بان نشاطه يجعله هدفا مشروعا لجهاز الامن العام “الشاباك”. اضافة الى ذلك، طلب المحقق منه ان يسلمه اسماء نشطاء مركزيين في منظمة “All That’s Left“، وقد رفض.
ليست هذه حالة وحيدة، بل هناك سلسلة من التقارير التي تشير الى ان جهاز الامن العام – “الشاباك”، مع شرطة الحدود، يجعلان بوابة الدخول الى اسرائيل مرشحا يستهدف ابعاد من يشتبه بارائهم او تكون اراؤهم اشكالية في نظر السلطة. وفي الاسبوع الماضي بلغ عن مواطن امريكي، رفيع المستوى في الجالية اليهودية، مؤيد لاسرائيل ومتبرع لها، اوقف في مطار بن غوريون بعد أن عثر في حقيبته على نشرة من بيت لحم مكتوب فيها “فلسطين”. تكفي الان كلمة واحدة كي تجعل كل انسان مشبوها، جديرا بتوقيف مهين وتحقيق مزعج.
اذا كان ثمة “منحدر سلس”، فان الدولة، بمنتخبيها، خادميها وحامي حدودها، هي التي تسير فيه. فقد بدأ هذا بتوقيف تلقائي بلا تمييز لفلسطينيين وعرب اسرائيليين، تدهور الى قوائم سوداء لمؤيدي المقاطعة ممن حذر دخولهم، وينزلق الان الى التحقيق مع اسرائيليين بسبب ارائهم السياسية. ليست هذه مبادرة محلية، بل تعبير امين عن سياسة الحكومة والائتلاف: الاشتباه بمنظمات الاحتجاج بشكل عام وتلك العاملة ضد الاحتلال بشكل خاص بعداء لاسرائيل بل وبنية المس بها وخيانتها. فالتحقيق مع روتمن زخر هو مثابة رصاصة تحذير، على سبيل ان يروا ويخافوا، غايتها ردع اصحاب الرأي المشابهين.
وعلى حد قول جهاز الامن العام فقد عمل المحققون “وفق غاية” الجهاز. يتبين ان التحقيق مع الاسرائيليين على ارائهم السياسية تم باذن وبصلاحية. ولكن ما يحصل في مطار بن غوريون لا يبقى هناك: اذا لم يلجم افراد الشرطة والمحققون، فستقصر الطريق الى دق الابواب في منتصف الليل على المواطنين الذين تشذ اراؤهم عن المسموح به، مثلما في اكثر الدول ظلامية.