أقلام وأراء

اشرف صالح يكتب – غزة والأمن القومي المصري

أشرف صالح ٨-١٠-٢٠١٨

سؤال يعيش مع الفلسطينيين وخاصة في غزة , أحيانا يبقى قيد الصمت لأشخاص لا يحبون الحديث في السياسة , وأحيانا يجهرون به من يحبون الحديث في السياسة , وهو , لماذا مصر مصرة على تحقيق المصالحة ؟ ورغم الفشل في محاولات متقطعة منذ إثنا عشر عاما , والفشل في محاولات متواصلة منذ أكتوبر العام الماضي , إلا أن مصر مصرة على مواصلة جهودها , ولم ولن تتوقف بحسب تصريحاتهم .

إن ملف المصالحة مرتبط ارتباطا وثيقا بملف الأمن القومي المصري , لاعتبارات كثيرة منها سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية , وعندما نتحدث عن مصالحة فنحن نتحدث عن ملف يعتبر مدخل رئيسي لتحقيق أمن مصر القومي عبر بوابة معبر رفح وإثنا عشر كيلوا متر من الحدود الفاصلة بين غزة ومصر , فغزة أصبحت شريكة في ملف الأمن القومي المصري , سواء كانت قوية أو كانت ضعيفة .

نظرتنا كفلسطينيين لغزة تختلف عن نظرة المصريين لها , فنحن ننظر لغزة كونها تحت سيطرة كاملة من قبل حركة حماس , أما المصريين ينظرون لغزة بنظرة أمنية بامتياز وبمعزل عن حركة حماس , فمصر تدرك تماما أن غزة أصبحت أرض خصبة للجماعات الجهادية والتي ترتبط إرتباطا وثيقا بشبه جزيرة سيناء , وعلى رأسها داعش , بالإضافة الى الأحزاب السياسية وفصائلها المسلحة , سواء كانت في إطار منظمة التحرير أو خارج الإطار , ومن هنا فمصر تفرق بين أهداف الجماعات السلفية الجهادية وأهداف الأحزاب الأخرى , مع مراعات أن كلاهما يشكل خطرا على أمن مصر ولكن بطرق مختلفة , فالجماعات السلفية والجهادية وخلايا داعش في غزة تعمل ضد الأنظمة الحاكمة في غزة وفي مصر بشكل مباشر , أما الأحزاب والفصائل المقاومة في غزة قد تشكل خطرا على أمن مصر بطريقة غير مباشرة وغير مقصودة , وهذا في حال حرب رابعة تطيح بأهل غزة وترمي بهم الى أحضان وصدور المصريين طلبا بالحماية , وهكذا تكون غزة في عهدة وحماية المصريين في حال وجود حرب أجبرت الناس على التدفق  الى معبر رفح والحدود بيننا وبين مصر .

بالإضافة الى ما ذكرت , فإن عودة السلطة لغزة تعيد هيبة النظام السياسي المصري بما يخص التعامل مع غزة جغرافيا وسياسيا , فمصر معنية أن تتعامل مع غزة عبر قناة السلطة الشرعية , بالإضافة الى ذلك فإن وجود السلطة في غزة سينهي جميع البدائل المطروحة في غزة بعيدا عن المصالحة , لأن هذه البدائل بحد ذاتها قد تشكل خطرا على أمن مصر القومي , فمثلا ؟ الجوع والفقر والبطالة في غزة قد ترمي الشباب في أحضان الجماعات السلفية الجهادية وداعش للتخلص من الواقع , وأيضا قد ترمي بالفصائل بالانفجار في وجه إسرائيل في أي لحظة , وقد ترمي بحركة حماس بتحريك الشارع على الحدود كفجوة خلاص من الواقع , وتخفيف الضغط عنها , وبالفعل قد حدث ذلك من خلال استغلال مسيرات العودة لهذا الهدف , وهذه البدائل باختلافها ستؤذي الأمن القومي المصري , ووجود السلطة في غزة سينهي هذه البدائل المطروحة , والمصالحة هي بوابة وجود السلطة في غزة .

إذا فنحن أمام ظواهر كثيرة في غزة تربطها بأمن مصر القومي  , فمصر تتعامل مع غزة بكل تفاصيلها , إنسانيا وسياسيا وأمنيا وعسكريا وجغرافيا , حتى أصبحت مصر شريكة في قرارات حركة حماس بحكم هذا التقارب , وآخر ما تغشاه مصر من غزة هي حركة حماس , فمصر تجد في حماس الأكثر ليونة وبساطة وطوعا , وخاصة بعد وثيقة حماس الأخيرة والتي تؤكد من خلالها أنها تنهي علاقتها بالإخوان وتتقرب من النظام المصري القائم “السيسي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى