ترجمات عبرية

اسعد غانم / هذا هو علمنا، عليكم التعود على ذلك

هآرتس – بقلم  اسعد غانم  – 17/8/2018

عبد ل. عزب يعرض في مقاله الاخير في هآرتس في 15/8 استخذاء يطرح هوية مشوهة، عربية اسرائيلية، له ولمجمل المواطنين الفلسطينيين، التي هدفها ارضاء الشارع الاسرائيلي، من بنيامين نتنياهو وحتى  آخر اليسار الصهيوني. من اجل تحقيق ذلك هو يطرح صورة تاريخية مشوهة لتاريخ العلم الفلسطيني وكأن ياسر عرفات هو الذي اخترع هذه الاقوال التي لا اساس لها. بداية العلم الفلسطيني كانت في 1917 قبل وقت طويل من ولادة عرفات.

عندما كنا نريد الخروج من البيت والسفر الى تل ابيب من اجل المشاركة في المظاهرة التي نظمتها لجنة المتابعة العليا للجمهور العربي في اسرائيل لفت انتباهي أن احدى بناتنا اخذت علم فلسطين، الذي كان موضوعا على الرف في المكتبة. قلت لها إن هذا ممنوع حسب قرار منظمي المظاهرة. لكنها اصرت للحظة، حيث أنني بنفسي عارضت هذا القرار، وتحدثت ضده في مقابلات في وسائل الاعلام وفي لقاءات قبيل المظاهرة. مع ذلك، قلت لابنتي إن هذا قرار ويجب الامتثال لصوت المنظم الجماعي الذي خرج من اللجنة المنظمة. ابنتي تنازلت واستبدلت العلم بوشاح بألوان العلم الوطني. ابنتي الثانية لفت كوفية على عنقها كتعبير عن هويتنا.

لم أفكر في أي يوم أن الرموز هي الاساس، خلافا لكثير من الاشخاص الذين عرفتهم في حياتي، لست مستعدا لادارة صراع أو أن اعاقب بالسجن بسبب العلم أو بسبب أي رمز آخر. أنا مستعد لأن اناضل وأن ادفع أي ثمن من اجل الحرية والمساواة، ومن اجل منع هدم منازل، وبالتأكيد من اجل منع سحب المواطنة أو الترحيل، لا سمح الله. أنا اطلب من الناس في كل مناسبة أن يكونوا مستعدين للتضحية من اجل كرامة الانسان وليس من اجل شعارات قومية متطرفة التي أدت الى كوارث. اذا واصل نتنياهو وثلته طريقهم فهم سيؤدون فقط الى صراعات عنيفة وسفك الدماء بين الشعبين.

في المقابل، بالطبع أنا اؤمن برمزية العلم: هذا هو الشعار الوطني للفلسطينيين، بما في ذلك العرب في اسرائيل، وليس هذا هو علم السلطة الفلسطينية أو م.ت.ف وبالتأكيد ليس علم حماس. هو افضل ممثل لحقوقنا للتنظيم والنشاط الجماعي، داخل اسرائيل وخارجها، في المناطق المحتلة وفي الشتات الفلسطيني. المصالحة الفلسطينية التي نرغب فيها تقوم على مصالحة بين من يمثلون هذا العلم والكثير من الشعارات الاخرى وبين من يمثلون الشعارات التي يصر اليهود على رفعها. في هذه البلاد يعيش شعبان، عربي فلسطيني ويهودي اسرائيلي، ومن لا يرى ذلك فهو إما قومي متطرف فاشي وعنصري وإما اعمى لا يعرف أي شيء في التاريخ الحديث.

المطالبة بمصالحة تاريخية بين الهويتين، بين التجمعين، هي ايضا ليست هدف بحد ذاتها. تقرير مصير الشعوب هو اداة للمواطنين من اجل تحقيق الحرية والمساواة في بلادهم. من المفهوم أن هناك موجود الخيار الليبرالي لتنازل متبادل من قبل الشعبين، كل واحد عن هويته الجماعية، وتبني هوية مدنية مشتركة كقوة منظمة بواسطتها يحققون اهدافهم. لكن للاسف هذا الخيار غير مقبول في العصر الحديث، بالتأكيد لا يمكن تطبيقه في الحالة الفلسطينية – الاسرائيلية، التي جوهرها صراع قومي بين جماعتين، ويبدو أنه سيرافقنا لفترة طويلة. ليس هناك مناص من اعطاء الشرعية للطرفين في حق عرض رموزهم القومية، وادارة ذاتية في مجالات الدين والثقافة، والسيطرة على مناهج التعليم، وقيادة قومية معروفة وبشكل عام تقرير مصير واثق من نفسه، رقيقة في قوميتها ومرنة في علاقتها مع الآخر. قومية كهذه تمكن التجمعين من العيش في بلاد مشتركة.

من يريد التعاون مع الفلسطينيين في اسرائيل، من يريد أن نتعامل مع اسقاط الحكومة القومية المتطرفة لنتنياهو، من يريد أن يرى هنا سلام مدني وازدهار للديمقراطية – سواء في دولتين أو في دولة واحدة مشتركة – عليه الاصرار على حق الطرفين في احضار رموزهما ومطالبهما في كل النشاطات والى كل مكان، بما في ذلك المظاهرات والاعتصامات واتفاقات فائض الاصوات في الانتخابات أو تنظيم شراكة برلمانية ضد اليمين المتطرف.

بالطبع دهشت من طبيعة رد عدد من زعماء القيادة العربية، بما في ذلك رد عدد من اعضاء الكنيست في القائمة المشتركة الذين كانوا يخشون من التحريض في وسائل الاعلام الاسرائيلية، وعدد كبير من السياسيين اليهود برئاسة المحرض نتنياهو ضد رفع الاعلام في المظاهرة. عدد منهم خضع لاملاءات من يجرون المقابلات اليهود وتحريض نتنياهو. وشرحوا بأن مجموعة قومية متطرفة فقط رفعت اعلام صغيرة. هذا كان خطأ شديد وكذلك تضليل غير ضروري بالمطلق. اغلبية ساحقة في اوساط الفلسطينيين الذين شاركوا في المظاهرة كانت فخورة بالعلم، وإن اعتقدوا مثلي أنه يجب الخضوع لتعليمات المنظمين. نحن لا نريد للقائمة المشتركة أو جزء منها أن تكون مثال محسن للقوائم العربية التي اقيمت من قبل مباي. لقد تغيرنا، ولن نعود الى الوراء: العلم يمثل هويتنا، ونحن لن نخبئه حتى لو صمم كل اليهود الشركاء لنا في النضال القيام بذلك. من يريد النجاح في تغيير اسرائيل، وليس فقط جلب مقعد أو مقعدين جديدين لصالح معسكر السلام، يجب عليه الاصرار على وجود علمنا في كل مناسبة وعدم اخفاء مغزى وجوده.

الحزب الشيوعي وحداش، وهما طليعة سياسة الفلسطينيين في اسرائيل، على الاقل على المستوى الفكري، اجتازوا طريق طويلة في هذا المجال. من التمسك بالعلم الاسرائيلي في مؤتمراتهم، والنضال ضد الاشخاص الذين رفعوا علم فلسطين في المظاهرات في البلدات العربية، لقد تحولت الى حملة العلم الفلسطيني ومن تصر على وجوده في النشاطات العامة، ليس هناك أي منطق في الزام رفع العلم في سخنين والناصرة ومنع رفعه في تل ابيب والخضيرة. الناصرة الكبرى والجليل بشكل عام هي ارض يهودية – عربية، فلسطينية – اسرائيلية، وكذلك الامر بالنسبة لتل ابيب والخضيرة. نحن نريد تغيير الواقع في كل مكان، بحيث أن البلاد جميعها تكون مكان للعيش المشترك للتجمعين، وفقط تشريعهما بكل رموزهما سيمكن من تطوير مجتمع متساوي وديمقراطي لنا ولم سيأتون بعدنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى