اسرائيل اليوم : من سيرث قيادة السلطة الفلسطينية؟

بقلم : آساف غولان ، إسرائيل اليوم 21/5/2018
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) أدخل المستشفى خلال الأسبوع المنصرم ليس أقل من ثلاث مرات، وذلك إثر سلسلة طويلة من المعالجات في البلاد وفي الخارج.
هذا الواقع يشير إلى وضع صحي متدهور، هذا الوضع بالإضافة إلى تقدمه في السن يثيران السؤال: من قد يرث أبو مازن في اليوم التالي؟ هذا السؤال ليس سؤالًا فلسفيًا عميقًا؛ له أثر مباشر على إسرائيل. على هذه الخلفية توجهنا إلى الخبراء من أجل فهم ما الذي سيحدث، وإلى أي حد يمكن التقدير، ومن سيحكم السلطة في اليوم الذي يلي وفاة محمود عباس.
السلطة ستتبدد وتختفي
المستشرق د. مردخاي كيدار (محاضر في قسم اللغة العربية في جامعة بار ايلان، وزميل باحث في مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية في الجامعة ذاتها) يتوقع أن السلطة وبشكل عملي ستتبدد، وعلى إسرائيل ان تستبدلها بحكام بلديات محلية حسب نمط العشيرة، وهو النمط الحاكم الآن على الأرض.
“مبدئيًا، يوجد اليوم في السلطة شخص واحد قوي يحكم جميع الأجهزة، ويمكنه ان يفرض سلطانه في اليوم الذي يلي أبي مازن؛ يدور الحديث عن رئيس الأجهزة الأمنية ماجد فرج، الذي حاولوا اغتياله قبل شهرين على مدخل غزة، عندما دخلها مع رامي الحمد الله، رئيس حكومة السلطة.
إلا أن فرج لديه مشكلتيْن ستمنعانه على ما يبدو من أن يصبح شخصية شرعية: أنه معروف كمتعاونٍ مع إسرائيل، فهو من يتصل بها على الدوام ويمسك المنطقة بقوة، بحيث لا تقع فيها عمليات. عدا عن ذلك، فلا أحد يحب الحكم، وفرج يعتبر ممثلًا للحكم، ورجلًا شريرًا، لذلك فعلى ما يبدو فإن السيناريو المعقول هو ضعف السلطة، وتبددها في اليوم الذي يلي أبا مازن.
ليس للسلطة علاقة بالسكان، وليس لها شرعية على الأرض، فهي تعتبر من قبل سكان الضفة الغربية مجرد صراف آلي يدفع لهم النقود، عندما تحدث مشاكل أو خلافات لا يتوجه أحد إلى الجهاز القضائي التابع للسلطة، وإنما إلى المشايخ وزعماء الحواميل المحليين، إذ أنهم هم من يحكم بالفعل. لذلك يجب إقامة إمارة محلية في كل مدينة فلسطينية على اساس الحواميل القوية في المدينة، وإسرائيل تكون قريبة طوال الوقت، حيث تقترح المواطنة لـ 10% من المشايخ في القرى خارج المدن.
حينها تُقام في أريحا إمارة برئاسة حمولة صائب عريقات، وفي نابلس تترأس المنظومة عائلة المصري، وطوقان والشقعة هما حمولتيْ نابلس، وجميعهم تحت إمرة منير المصري، في رام الله تقام إمارة لصالح الحواميل: البرغوثي وأبو عين والطويل (العائلات الأكبر في رام الله)، وواحدة أخرى تكون في طولكرم لصالح حمولة كرمي، في الخليل تقام منظومة مستقلة لصالح حمولة الجعبري والقواسمي وأبو سنينة والنتشة والتميمي وهلم جرا في قلقيلية وفي جنين؛ هكذا يكون حكم يعتمد عليه الجمهور، وهو الذي يدير اليوم المنطقة عمليًا بدلًا من السلطة، وطبعا ستكون إسرائيل في الخارج، وسنعترف طبعًا بدولة غزة التي سنعيش إلى جانبها في حالة من الردع. في الحقيقة، في العام 2007 بانقلاب حماس في غزة، أطلقت رصاصة على رأس السلطة الفلسطينية وقتلتها” أجمل كيدار.
حمام دماء وليس لنا ان نتدخل
البروفيسور أفرايم عنبر (خبير في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، ومدير مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية) يقول بأن نقل الحكم سيكون لمن يمتلك بنادق أكثر والقوة في مناطق السلطة، “أولًا يجب ان نقول بأننا لسنا أنبياء، ويجب ان نتحلى بالصبر. بعد هذا التحفظ، يجب ان نقول بأنه في الأنظمة غير الديمقراطية وغير الملكية ليس هناك نمط منظم لانتقال السلطة؛ لذلك فإن الذي سيحدث في الواقع ان من يمتلك القوة العسكرية والسياسية الأكثر صلابة هو من سيسيطر في نهاية المطاف على لجام السلطة وسيواصل طريقه.
في حالة السلطة الفلسطينية، ربما يكون هذا سياسيًا قويًا، ويكون لديه دعم عسكري أو ربما يصل واحد من رؤساء الأجهزة الأمنية إلى مقدمة المسرح. كما افترض أن حماس ستحاول ان تتدخل رغم ان إسرائيل والسلطة تحاربانها وتقصان أجنحتها أولًا بأول في الضفة الغربية. على أية حال، إن لم تكن حماس، أوصي إسرائيل بشدة بعدم التدخل في صراعات القوى هذه، وأن تعطي القوي حقًا ان يمسك بزمام الحكم”.
هذا هو الأفضل، لأنه لا يوجد هنا أي طرف متطرف، كما ان التجربة تعلمنا ان أي مكان حاولت فيه إسرائيل ان تهندس فيه الحكم بالسلطة الفلسطينية أو بالشرق الأوسط فإن أي محاولة كهذه انتهت بشكل سيء للغاية؛ لذلك يمكن الانتظار على الأرض وإعطاء الميليشيات المحلية فرصة الحسم بأنفسها لأنفسها. ربما لن يكون الأمر لطيفًا، لكنه الأفضل من أي تدخل نقوم به” أجمل.
السلطة ستنقسم إلى عدة كيانات مستقلة
المستشرق بنحاس عنبري (باحث في مركز يورشلايم للشئون العامة والدولة) يقول بأنه حتى لو اختير وريث بالتوافق فإنه لن يحقق إجماعًا على الأرض، وكل مدينة في الضفة الغربية ستعمل حسب قوتها؛ إذ أنها لن تكون مستعدة لإخضاع نفسها لقيادة تجلس في مدينة أخرى.
“لن يكون هناك وريث متفق عليه لأبي مازن والسلطة ستتبدد، ربما ستكون لدينا فترة صعبة مع الواقع الجديد على الأرض؛ ليس فقط ان ليس هناك وريث، وإنما أيضًا لا يوجد نظام لانتخاب وريث. اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير اجتمعت وقررت وريثيْن لأبي مازن، وهما اللذان يخلفانه ببساطة في القائمة (المقصود عزام الأحمد وصائب عريقات)، حيث يجب ان يكون عزام الأحمد على ما يبدو رئيس السلطة القادم؛ هذا لن يحدث ببساطة، إذ ليس لديه قوة أو تأييد شعبي.
ليست هذه هي الآلية الوحيدة لإعداد وريث، مجلس فتح المركزي أيضًا انعقد وقرر ان محمود العالول هو الوريث؛ هكذا فقد أصبح لدينا أسلوبيْ اختيار مختلفيْن ووريثيْن، ولكن جبريل الرجوب يزعم بأنه هو عمومًا من يجب ان يكون الوريث، لماذا؟ في الضفة الغربية وليس هناك، لأنه أكثر من مكث لأطول وقت في السجون الإسرائيلية. في هذا الوضع، لدينا هنا عرض مختلف لكل مدينة، وليس هناك أي احتمال على الإطلاق لأن توافق نابلس أن تحكمها رام الله أو جنين، وهكذا دواليك.
إذًا، ما الذي قد يحدث؟ ربما يكون هناك توافق على واقع حكم ثلاثي، غير ان هؤلاء الأشخاص الثلاثة يمثل كل واحد منهم قوة مختلفة في الضفة الغربية، لكن هذا الأمر سيكون تقنيًا للغاية وغير عملي، وسريعًا جدًا سيعيش كل طرف مع نفسه فقط. ليست هذه بالضرورة بشائر خير لإسرائيل، ربما يكون هناك هرج ومرج في المنطقة، ولكن هذا هو ما أقدر بأنه سيحدث في الواقع” لخص.