اسرائيل اليوم – مقال -7/11/2012 تفاوض من اجل السلام: واقع وهمي
بقلم: ايلي حزان
الفلسطينيون هم الذين رفضوا دائما مفاوضة اسرائيل والتخلي عن حق العودة ومع ذلك فان اليسار الاسرائيلي لا يتهم بافشال المفاوضات سوى الحكومة الاسرائيلية.
كانت احدى طرق ياسر عرفات لتحقيق خطة المراحل التي اتُخذت في حزيران 1974 وكانت ترمي الى الدفع الى الأمام بالسيطرة على اسرائيل بكل صورة تضمن ذلك، كانت مُحكمة فقد أوحى الى العالم من جهة برسائل وأقوال سلام وكأنه المهاتما غاندي. واهتم من جهة اخرى بأن يضمن ان تستمر م.ت.ف بشتى منظماتها على تشجيع الارهاب بل أن ينفذ الارهابيون الاعضاء فيها في جزء كبير من الحالات عمليات كهذه. وتوجد على ذلك أمثلة كثيرة. وبلغت هذه الطريقة ذروتها حينما نشبت انتفاضة الاقصى المنظمة التي قُتل في نهايتها أكثر من ألف اسرائيلي وجُرح أكثر من ثمانية آلاف. وفي غضون ذلك جعل توجهه القتالي شعبه ضحية الارهاب ايضا، لأنه لم يُصب ويُقتل المتعاونون مع اسرائيل فقط بل آلاف الفلسطينيين الأبرياء الذين تمت التضحية بهم على مذبح ارهاب م.ت.ف.
ان الذي برز في خلال تلك السنين هو محاولة يساريين في اسرائيل ان يبرهنوا مرة بعد اخرى على ان عرفات متجه الى السلام لكن الواقع برهن على عكس ذلك برهانا قاطعا. وفي كل مرة تمت فيها محاولة للبرهان على زعم سلام عرفات، لطمهم الواقع على وجوههم: ذلك ما كان في ايام اوسلو مع “باب الارهاب الدائري” وفي ايام الانتفاضة الثانية القاتمة. وليس عجبا ان يتمدح وزير الدفاع اهود باراك بزعمه انه هو الذي “كشف عن وجه عرفات الحقيقي وانه لا يوجد في الحقيقة شريك في السلام”.
توجد صلة وثيقة بين توجه الفلسطينيين وجهات من اليسار الاسرائيلي في الماضي وبين الوضع اليوم وبخاصة بعد المقابلة الصحفية التي أجراها رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن للقناة الثانية والتي تخلى فيها في ظاهر الامر عن حق العودة، لأنه لم يكد يمضي زمن قصير على المقابلة حتى برزت ثلاثة اشياء بصورة واضحة أولها معارضة الشارع الفلسطيني السافرة للتخلي عن هذا الحق في ظاهر الامر. والثاني إنكاره للتخلي فورا بعد ذلك. والثالث محاولة خلاقة من جهات في اليسار لاحداث واقع وهمي يقول انه تم احراز تقدم مهم في توجه أبو مازن. فقد كتب دافيد غروسمان أمس في صحيفة “هآرتس” يقول “ما الذي تنتظره يا بنيامين نتنياهو؟ ان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قال في مقابلة صحفية مع التلفاز الاسرائيلي انه مستعد للعودة الى صفد مسقط رأسه سائحا. وسُمع في كلامه أصرح تخلي عن حق العودة قبل بدء التفاوض”. أو رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت الذي قال ان “أبو مازن قد تخلى عن حق العودة واسرائيل تقوي حماس”.
وفي هذا السياق تُسأل الاسئلة الجوهرية التالية: هل تخلى أبو مازن حقا عن حق العودة؟ واذا كان قد فعل فهل يقف الفلسطينيون من وراء هذا التخلي؟ ألم نتعلم من حالات الماضي عن التصريحات من جهة والاعمال من جهة اخرى؟ وأكثر من ذلك ان رئيس الدولة شمعون بيرس بعد المقابلة الصحفية فورا دعا الى تجديد التفاوض مع الفلسطينيين.
ينبغي ان نؤكد ان اسرائيل قد خطت في الحقيقة خطوات عملية لضمان تجديد التفاوض حينما أعلن رئيس الوزراء مبدأ الدولتين بل فعل ما لم يفعله أحد قبله بأن جمد البناء في يهودا والسامرة تسعة أشهر. ان الفلسطينيين هم الذين لم يتخلوا عن حق العودة على الدوام وهم الذين يرفضون تجديد المحادثات، لكنكم لن تسمعوا انتقادا عليهم من اليسار. أهذا لأننا قبل انتخابات؟ ربما.