اسرائيل اليوم – مقال – 7/11/2012 الفرق بين خط أحمر وضوء أخضر
بقلم: يورام اتنغر
ان عدم نصب الولايات المتحدة خطا أحمر لايران يشجعها على العصيان والمضي الى الأمام في برنامجها الذري وسيفضي ذلك الى حرب ذرية مدمرة.
ان اقامة خط أحمر تُضائل كالنور الاحمر على الشارع، احتمال الصدام العسكري مع ايران الذرية. وان خطا أحمر مصمما في مواجهة طهران يُحسن صورة الردع الامريكي ويُحسن الاستعداد في مواجهة عدوان ايران. وفي المقابل فان عدم وجود خط أحمر هو ضوء أخضر للتطرف الايراني.
كي نفهم مبلغ أهمية وضع خط أحمر في الساحة الدولية، يمكن ان نفحص عن عدد من الامثلة من الماضي. فعلى سبيل المثال منحت الولايات المتحدة غزو العراق للكويت في الثاني من آب 1990 خطا أخضر بعدما لم ترسم خطا أحمر في اللقاء بين صدام حسين وسفيرة الولايات المتحدة في العراق، إبريل غلسبي، في الخامس والعشرين من تموز. ففي اللقاء الذي تم في ذروة ازمة الحدود بين العراق والكويت رددت السفيرة سياسة وزير الخارجية جيمس بيكر الذي آمن بالتحادث فقالت: “لا نلتزم موقفا فيما يتعلق بالصراعات العربية كما بين العراق والكويت… كلنا أمل ان يُحل النزاع بتوسط الجامعة العربية أو الرئيس مبارك… ونطمح الى ان يكون الحل سريعا…”. وقبل اللقاء بيّنت وزارة الخارجية انه ليس للولايات المتحدة أي التزام أمني للكويت، بيد ان نصب خط أحمر صارم لو كان لردع صدام حسين عن غزو الكويت ولمنع حرب الخليج الاولى (1991) والثانية ايضا كما يبدو في 2003 وجنّب كلفتهما الفظيعة.
ان عدم وجود خط أحمر امريكي في مواجهة الارهاب الاسلامي ودوام البيت الابيض على محادثة نظم حكم اسلامية تعتدي على القانون يُضعفان من قوة الردع ويوحيان باعطاء ضوء أخضر لزيادة الارهاب الاسلامي المعادي لامريكا، هكذا كان في المحاولة الاولى لتفجير برجي التوائم في 1993، وقتل 19 جنديا امريكيا في السعودية في 1996؛ وقتل المدنيين الـ 300 بتفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في 1998، وقتل 17 بحريا امريكيا بالعملية الانتحارية على المدمرة الامريكية “يو.اس.اس.كول” في 2000. ان عدم وجود خط أحمر ورد عسكري مناسب مهد الطريق في نهاية الامر لأحداث الحادي عشر من ايلول 2001.
ان عدم وجود خط أحمر لمواجهة الخطر الواضح الفوري على الدبلوماسيين الامريكيين في ليبيا، وتعبيد السياسة الامريكية الأحادية لسياسة متعددة الجنسيات (الامم المتحدة) واعتماد محاربة الارهاب على التحادث بدل القضاء، كل ذلك رآه الارهاب الاسلامي ضوءا أخضر للهجوم على السفارة الامريكية في بنغازي وقتل السفير الامريكي والحراس الثلاثة في هذا العام. كان يمكن منع الحرب العالمية الثانية لو ان رئيس الوزراء البريطاني تشمبرلن أقام في وجه هتلر خطا أحمر صارما ولم يوحي بالمهادنة. ان تحدي بريطانيا وفرنسا المشترك لهتلر قبل الحرب لو وُجد لمنح القيادة العسكرية الالمانية التي كانت تزن التمرد، الدعم.
يجب على الولايات المتحدة كي تكون فعالة ان ترد على تجاوز ايران للخط الاحمر بضربة رادعة غير تناسبية بغير قوات برية. ان غزو العراق لايران في 1980 وحّد الشعب الايراني ونظام آيات الله المستبد لمواجهة تهديد الاحتلال. لكن عدم مشاركة القوات البرية بضربة رادعة سيُبين ان ليس الحديث عن احتلال بل عن تحطيم لحكم آيات الله الذي يبغضه أكثر الشعب الايراني، ولن يفضي التفاوض أو العقوبات الى اسقاط النظام.
في 2009 اعتمد معارضو آيات الله على الولايات المتحدة التي تخلت عنهم في ذروة الهبة الشعبية. وهم لم يكرروا محاولتهم فرفضت الولايات المتحدة الهجوم. وهم يخشون ان تكون واشنطن قد تمسكت باختيار التفاوض والعقوبات الذي أفضى الى حصول كوريا الشمالية على القدرة الذرية. ستكون ضربة رادعة من غير قوات برية انحرافا حادا عن عدم اكتراث 2009 وهي شرط مسبق لتبديل السلطة في طهران. ان ضربة رادعة من غير قوات برية ضرورية لمنع حرب ذرية في ايران التي توجهها رؤيا مفزعة بخلاف كوريا الشمالية.
ان السعودية والكويت والبحرين ودبي وأبو ظبي وعُمان الموالية لامريكا تأمل – في لقاءات مع مُشرعين امريكيين – بضربة رادعة من الولايات المتحدة تُخلصها من تهديد قاتل، كما فعلت اسرائيل في 1981 حينما جنبتها تهديدا ذريا قاتلا عراقيا. فهل تستجيب الولايات المتحدة لرجاء الشعب الايراني وحليفاتها في الخليج وتمنع بذلك إضرارا بالغا بمصالح امريكية حساسة اقتصادية وامنية؟.