اسرائيل اليوم – مقال – 6/3/2012 لا يقين في تركيا في هذه الاثناء
بقلم: يوسي بيلين
تركيا دولة كبيرة مهمة في المنطقة تخلت اسرائيل عن العلاقة بها بسبب حماقة كبيرة لكن ما يزال ممكنا اعادة العلاقات الى سابق عهدها.
ان تركيا في مطلع 2012 هي دولة تختلف عن تلك التي عرفناها قبل سنة فقط. ففيها صلف أقل كثيرا وعلامات سؤال وتساؤلات أكثر، وهي ما تزال ترى نفسها قدوة للآخرين ولا سيما في كل ما يتعلق بالربيع العربي. لكنها تدرك أنه سيكون أصعب على العالم العربي ان يقبل الطريقة التركية كما هي. يتحدث كثيرون عن زيارة رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان للقاهرة: في بداية الزيارة انتظره الجموع؛ وحينما تحدث عن مصر الديمقراطية والحرة هتفوا له؛ لكن حينما تحدث عن الحاجة الى دولة علمانية يستطيع فيها الجميع اقامة معتقداتهم بقي وحده في المطار.
تفخر تركيا بالنمو الاقتصادي السريع، وهو الثاني في العالم. فهي جزيرة استقرار في عالم متأرجح، لكنها تعلم ايضا ان المنعة لا تدوم أبدا وأن النمو في السنة القادمة قد لا يزيد على 4 في المائة. فجزء كبير من التصدير والاستيراد متصل باوروبا واوروبا مريضة.
تنفق تركيا على التربية وتريد ان تشتري تابليت لكل ولد لكنها تعلم ان الفرق بينها وبين الغرب في هذا المجال ما يزال كبيرا جدا وان اسطنبول هي نوع من واجهة عرض لكن الضواحي بعيدة جدا عما تحتاجه الدولة.
الديمقراطية موجودة وفي الانتخابات يمكن تبديل السلطة، والنتائج نتائج حقيقية. لكن كثيرين يتحدثون عن ان الحديث عن سلطة حزب واحد وان وسائل الاعلام تراقب نفسها وان 68 صحفيا يمكثون في السجن وان شعور الحرية هش جدا.
ان الكثير متعلق بشخص واحد هو اردوغان، وهذا الشخص مريض، وهناك من يقولون انه مريض جدا ومن الصعب ان نعلم ماذا سيحدث اذا اضطر الى انهاء ولايته قبل نهايتها بكثير.
لم يتم طي حلم الانضمام الى الاتحاد الاوروبي، لكن كثيرين يعتقدون انه أخذ يبتعد. وهناك غضب على المانيا وفرنسا لكن لا تنازل عن الرغبة في التوصل الى هذه الغاية المرجوة. ويوجد اشتغال كبير بالمسألة الكردية والجبهة السرية الكردية وخشية من ان يثور هذا الشأن من جديد ويورط تركيا في مواجهة عنيفة.
ويرفض موضوع المحرقة الارمنية ان يختفي ايضا. ان الخشية على البوسفور هي من وجود معركة عالمية شديدة على تركيا في سنة 2015 حينما يكون قد مر 100 سنة منذ وقع قتل 1.5 مليون أرمني، وانه يجب عليها الاستعداد لذلك ولو باعتراف جزئي. ويقول آخرون انه لا مكان لأي اعتذار أو نصف اعتذار، ولا ينقطع الجدل.
ان دستور الحزب الحاكم يوجب على اعضائه ترك البرلمان بعد ثلاث فترات ولاية. وفي القريب ستنتهي الولاية الثالثة لكثيرين منهم ولا يعلم أحد من سيحل محلهم وماذا سيكون إسهام اعتزالهم في عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. هناك من يقترحون الغاء الدستور، لكن قادة الحزب يُصرون على تحقيقه من اجل التمكين من تبادل النوبات في مجلس النواب. ويسهم هذا ايضا في عدم وضوح المستقبل القريب.
جاء وزير الخارجية احمد داود اوغلو معه بفكرة صفر الاحتكاكات، لكن بلده اليوم يُحاكّ دولا كثيرة فهناك المواجهة مع اسرائيل والمواجهة الشديدة مع سوريا واختلافات اخرى.
يسهل ان يستقر الرأي على عدم الخصومة ويصعب كثيرا الوفاء بذلك. في حديث معه يشتكي من ان اهود اولمرت فضل عملية “الرصاص المصبوب” في غزة على السلام مع سوريا (الذي كان وسيطا فيه). ولديه الكثير من الاعتراض الموجه على اسرائيل لكن يتبين من كلامه ايضا رغبة في التغلب على الخلافات.
انها دولة ضخمة فيها 76 مليون من السكان المسلمين، قريبة منا قربا شديدا ولها اهتمام بعلاقة مع اسرائيل، وتوجد فيها اجهزة ديمقراطية كما لا توجد في دول كثيرة اخرى في منطقتنا – فكيف مكّنا من التخلي عنها بهذه السهولة، بسبب حماقة حقيقية؟.
ينبغي ألا نقول “هم بدأوا” وألا نقول “هم يطلبون منا اعتذارا غير عادل”، حتى لو كان الامر صحيحا. فالخطأ السياسي في التخلي عن تركيا لا يمكن تفسيره لكن ربما ما يزال من الممكن اصلاحه.