اسرائيل اليوم – مقال – 24/10/2012 من هو الزعيم الذي يتمناه اليسار
بقلم: ايلي حزان
كيف يتمنى اليسار الاسرائيلي عودة اهود اولمرت الى السياسة وعودته اضرار قيمي بصورة اسرائيل كلها؟!.
يشعر اهود اولمرت، رئيس الوزراء السابق، بشوق للعودة الى العالم السياسي. وهو ما يزال، بحسب تقارير مختلفة يريد ان يُهييء الارض ويُجري فحوصات قانونية وتقنية من اجل تحقيق الهدف. وفي نفس الوقت يشتاق مؤيدون ينتمون الى اليسار الاسرائيلي عودته عن شعور بأنه هو وحده قد يهزم بنيامين نتنياهو.
لكن تصاحب عودته المحتملة – والنقاش فيها ايضا – معانٍ قيمية واخلاقية بعيدة المدى لا في الجانب السياسي وحده بل فيما يتعلق بالمجتمع الاسرائيلي كله ايضا.
لا يجوز لنا ان ننسى ان رئيس الوزراء السابق حوكم بعد نضال عنيد من أفراد وجهات ضاقوا ذرعا بالعلاقة بين المال والسلطة وإفساد الجهاز السياسي والمخصص في الأصل لخدمة الجمهور. ان جهد اجهزة الحفاظ على القانون في استنفاد محاكمة ساسة فسدوا مثل ابراهام هيرشيزون وعمري شارون وموشيه قصاب وحاييم رامون وآخرين أعاد ولو شيئا قليلا من ثقة الجمهور التي فُقدت، بمنتخبي الجمهور.
من المهم ان نؤكد ان الأكثرية المطلقة من منتخبي الجمهور في اسرائيل ليسوا فاسدين. وان عودة اولمرت الى الجهاز قد تكون ضربة قاضية لتلك الثقة لأنه لا يجوز لنا ان ننسى ان اولمرت برغم ارادته ان يشوه الواقع، هو أول رئيس وزراء أُدين بجناية وما تزال تنتظره اجراءات جنائية في قضية اخرى لا تقل خطرا هي قضية هولي لاند.
وأكثر من ذلك انه في اثناء المحاكمة التي أُدين فيها، طلبت النيابة العامة ان تتراجع عن نيتها الأصلية وهي وصمه بالعار بسبب رسالة أرسلها محاموه أعلنوا فيها انه مستعد للتخلي عن الافضالات المختلفة التي يستحقها بفعل كونه رئيس وزراء سابقا. وكان ذلك اجراءا تهكميا لجذب الانتباه. وقد استقال اولمرت ايضا في الماضي بسبب تحقيقات جنائية معه – فاذا انتُخب فهل سنشهد مرة اخرى مشاهد محزنة لمنتخب جمهور مركزي يتم التحقيق معه؟.
يجب ان نتساءل في القضية ايضا بازاء موقف مؤيدي اليسار الصهيوني الذين يطلبون الى اولمرت ان يعود متوقعين ان يُخلص دولة اسرائيل. ان تجاهلهم قضية الاستقامة الشخصية مقلق جدا. هذا الى ان اليسار الصهيوني كان يتمنى زعيما يضع قبل كل شيء دولة اسرائيل في مقدمة فرحه ولا يضع طالبي مساءتها. ونقول لمن نسي ان اولمرت اقترح على أبو مازن اقتراحا سياسيا بعيد المدى يُعرض مصالح دولة اسرائيل للخطر. وهذا أمر مشروع لكن الاشكالية انه برغم رفض أبو مازن مبادرة السلام هذه، بدأ رئيس الوزراء السابق حملة دعائية تحرج دولة اسرائيل. فقد نشر مقالة في صحيفة “نيويورك تايمز” قبل نحو من سنة عُرفت بأنها “مقالة ضد اسرائيل”. وتوسع في هذا الشأن بن درور يميني في يوم الجمعة الاخير بقوله: “يصعب ان ننسى ويصعب ان نغفر (لاولمرت) سلسلة عروضه ولا سيما في الولايات المتحدة التي تتلخص بخدمة أبو مازن دعائيا”.
بعد إدانة اولمرت بجنايات قال صديقه الطيب أمنون دانكنر انه يجب “على المدعي العام للدولة موشيه لادور ان ينتحر”. وهذا القول وإن كان مجازا فانه قول لا حاجة اليه، يجب علينا التنديد به، لكنه قول رمزي ايضا يمكن ان نستعمله بطريقة عكسية وان نسأل – هل نريد بمجرد قبولنا عودة اولمرت ان ننتحر قيميا أو ننتحر سياسيا أو هل نريد كليهما معا؟.