ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – مقال – 2/3/2012 أبو مازن: رئيس حملة نفي الهيكل


بقلم: دوري غولد

    هدف نفي الفلسطينيين لصلة اليهود بالقدس واضح: اضعاف اسس الدولة اليهودية.

       في خطاب القاه في مؤتمر “حماية  القدس” في قطر في 26 شباط استأنف رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن الهجوم الفلسطيني الذي يرفض الصلة التاريخية لليهود بالقدس. استخدام هذه الاستراتيجية الدبلوماسية بدأها سلفه في المنصب، ياسر عرفات، الذي شكك في قمة كامب ديفيد في تموز 2000 بوجود الهيكل في القدس: “لا يوجد شيء هناك”. وبعد ذلك اضاف بان الهيكل الذي بناه سليمان كان في نابلس وليس في القدس.

          بعد سنتين من ذلك قال عرفات لصحيفة “الحياة”: “لم نجد حتى ولا حجر واحد يثبت بان الهيكل كان هناك”. بعد شهر من كامب ديفيد واصل ابو مازن الخط الايديولوجي لعرفات، حين قال دون تردد ادنى لصحيفة عربية اسرائيلية: “هم يدعون انه كان لهم قبل الفي سنة هيكل. انا اتحدى هذا الزعم”.

          عمليا، زعماء كثيرون في السلطة الفلسطينية (وليس فقط) يعتبرهم الغرب معتدلين نسبيا، تبنوا هم ايضا هذه الفكرة كجزء من خطوة استراتيجية.

          عندما تحدث نبيل شعث مع صحيفة “الايام”، عقب على الزعم الاسرائيلي بشأن “الهيكل المزعوم” الذي كان ذات مرة في القدس. صائب عريقات، رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض أعلن هو ايضا: “من ناحية الاسلام لم يكن هيكل في القدس، غير المسجد الاقصى”. ياسر عبد ربه قال لـ “لو موند” في ايلول 2000: “لا توجد آثار تدل على أنه كان في أي مرة هيكل في الحرم”. وفي ظهور في التلفزيون الفلسطيني في 16 اذار 2011 اضاف مدعيا ان اسرائيل تعتزم بناء “هيكل زائف” كي تحقق الاسطورة.

          الان، في خطابه في قطر، يعيد ابو مازن تحريك الاستراتيجية التي تتحدى الادلة على وجود تاريخ يهودي في القدس: “ورغم كل القدرات الهائلة التي وضعتها سلطات الاحتلال تحت تصرف المتطرفين لتنفيذ الحفريات التي لا تنقطع، والتي تهدد أساسات المسجد الاقصى لايجاد أدلة تدعم الرواية الاسرائيلية اليهودية، فقد فشلوا فشلا ذريعا”. بعد هذا التصريح اضاف ابو مازن بان السلطات في اسرائيل تعمل “على اعداد نماذج لما يسمونه الهيكل لبنائه على خرائب الاقصى”.

          أمر برز في الخطاب هو عدم قدرة ابو مازن على التطرق للهيكل، وتطرقه لـ “ما يسمونه هيكل” أمر كان مؤشرا لعدم استعداده للاعتراف بان الهيكل كان قائما ذات مرة. ولم يرفض فقط الاعتراف بالهيكل بل وايضا تبنى الاكاذيب عديمة الاساس التي تدعي ان اسرائيل تعمل على تعريض وجود المسجد الاقصى للخطر.

          مركز الثقل التاريخي

          في أثناء العقد الاخير، منذ أعلن عرفات لاول مرة لكلينتون بان الهيكل لم يكن قائما ابدا، بذل جهد واسع النطاق من جانب القيادة الفلسطينية لتجذير نفي الهيكل من خلال التلفزيون الفلسطيني ومن خلال تقارير في منشورات فلسطينية رسمية وفي الخطب في المساجد. في 2009 أعلن زعماء الدين الفلسطينيين المرة تلو الاخرى، من فوق كل منصة بانه لم يعثر على أي ادلة على صلة تاريخية يهودية بالقدس او أدلة على وجود الهيكل. المفارقة التي في الرواية الفلسطينية الجديدة لتاريخ قدس عاصمتنا هي وقوفها على نقيض من تقاليد الاسلام الاصيل.

          الطبري، المفسر الرائد للقرآن واحد كبار المؤرخين للاسلام، يصف في كتاباته احتلال القدس من قبل الخليفة الثاني، عمر بن الخطاب، الذي يقترب من “المنطقة التي دفن فيها الرومان الهيكل (بيت المقدس) في عهد بني اسرائيل” (الاقتباس عن المصدر).

          أمر مذهل آخر في الحملة الحالية للسلطة لنفي الصلة اليهودية بالقدس هو حقيقة أن الخليفة عمر نفسه هو الذي سمح لليهود بالعودة الى القدس بعد أن منعهم الرومان والبيزنطيون من دخولها على مدى نحو 500 سنة.

           لا يدور الحديث فقط عن التاريخ القديم: في العام 1935 (قبل 77 سنة بالاجمال) نشرت اللجنة الاسلامية العليا في القدس، تحت قيادة المفتي سيء الصيت والسمعة الحاج امين الحسيني، كتاب دليل محترم بسط تاريخ الحرم. وقضى الكتاب بان “تماثل المكان مع موقع هيكل سليمان لا يخضع على الاطلاق للخلاف”.

          من المهم أن نفهم الخطوة التي تجري هنا. اذ واضح أنه حتى في زيارته التالية الى روما سيزور ابو مازن باب تيتوس وينظر الى أدوات الهيكل المحفورة فيه، بما فيها المنورة، (معمدان الشموع)، المحمول على اكتاب الجنود الرومانيين في مسيرة النصر بعد الخراب، فان شيئا لن يغير رأيه.

          كما أنه لا يمكن لجولة موجهة مع رئيس وزراء تركيا اردوغان الى المتحف في اسطنبول، حيث تنصب لوحة من الهيكل ذات الفي سنة تحذر الاجانب من عدم دخول نطاق “الهيكل” (مشكوك أن يكون اردوغان نفسه على علم بذلك). الهوس الفلسطيني في نفي الصلة اليهودية بالقدس ليست محاولة لتقويض الحقيقة التاريخية، بل هجمة سياسية مخططة ومحسوبة.

          الفلسطينيون على وعي جيد باهمية القدس بالنسبة لاسرائيل، ربما أكثر من قسم من الاسرائيليين أنفسهم. وهم يعرفون انه من الناحية التاريخية لعبت القدس دورا مركزيا في بلورة الهوية اليهودية.

          في صراع عسكري تكون الضربة لـ “مركز الثقل” للخصم لدفعه الى الانهيار هي هدف استراتيجي اول في سموه. مبعوث ابو مازن الى لبنان، عباس زكي، قال في 7 ايار 2009 ان انسحابا اسرائيليا من القدس سيكون بداية انهيار الفكرة الصهيونية. بمعنى، ان هدف الهجوم على تاريخ القدس هو ضرب مركز ثقل اسرائيل واضعاف اسس الدولة اليهودية وكما أسلفنا ليس محاولة مجردة لكسب رأي الاسرة الدولية مثلا.

          في السنوات الاخيرة تبين لزعماء السلطة بان معظم اقوالهم بالنسبة لاسرائيل، مثل المقارنة بالابرتهايد في جنوب افريقيا استقبلت دون انتقاد واسع. وعليه يوجد اساس لامالهم في أن نفي الصلة اليهودية بالقدس سيحظى هو ايضا، في مرحلة معينة، بتأييد العالم.

          يتعين على اسرائيل أن تفهم جيدا وجه المعركة غير البسيطة التي فرضت عليها ومطالبة ممثليها بالاعتراف وتكرار حقوقها التاريخية الهامة على القدس. هذه هي الحقوق التي كانت معروفة ومعترف بها من جيل احد كبار السياسيين في اسرائيل أبا ايبان، والرئيس السابق حاييم هيرتسوغ، ولكنها لاسفي نسيت في السنوات الاخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى