اسرائيل اليوم – مقال – 23/10/2012 الوكيل من قطر: زيارة شاذة لغزة
بقلم: إيال زيسر
تلعب قطر وأميرها لعبة متشابكة الخيوط فهي من جهة تدعم حماس ومن جهة اخرى تستضيف أكبر قاعدة امريكية في الشرق الاوسط.
اعتمدت حركة حماس سنين كثيرة على ايران وعلى سوريا حليفتين منحتا الحركة غطاءا وتمويلا بل وسائل قتالية متقدمة. وقد أبعدت صلة قادة حماس الوثيقة بايران وسوريا عنها أكثر الدول العربية بل تلك التي شعرت بقرب عقائدي ديني منها كالعربية السعودية.
لكن كل ذلك تغير في أعقاب نشوب الربيع العربي، ففي مصر حلت سلطة الاخوان المسلمين وهي الحركة الأم لحماس محل سلطة حسني مبارك. أما في سوريا فنشبت ثورة شعبية ذات صبغة اسلامية اضطرت حركة حماس الى الانفصال عن احتضان الدب لبشار الاسد بصورة أغضبت وآلمت الايرانيين، ويجب ان نضيف الى ذلك محاولة رئيس وزراء تركيا اردوغان، وهو حليف عقائدي لحركة حماس ايضا، ان يبسط رعايته على الحركات الاسلامية السنية في العالم العربي.
لكن تركيا ومصر ايضا لا تُسرعان الى ملء الفراغ الذي خلفته سوريا وايران. فلم ينتج شيء عن وعود اردوغان في أعقاب أحداث “مرمرة” لكسر الحصار. أما الرئيس المصري محمد مرسي فيحصر عنايته في إقرار سلطته ومكافحة الارهاب الاسلامي المتطرف في سيناء ولهذا فليس قطاع غزة وحركة حماس في مقدمة اهتماماته.
يريد أمير قطر ان يملأ الآن الفراغ الذي نشأ وهو الذي سيأتي الى قطاع غزة في زيارة تاريخية. وأهمية هذه الزيارة، وهي اول زيارة من رئيس دولة للقطاع تحت سلطة حماس، مضاعفة. ففيها في البداية ما يمنح حركة حماس الشرعية، لكنها تُبشر فوق كل شيء بدعم اقتصادي حسن من قطر لحماس يساعد الحركة بلا شك على تثبيت مكانتها في القطاع.
ليست المتضررة الرئيسة هي اسرائيل فقط بل السلطة الفلسطينية ايضا، فزيارة أمير قطر هذه كلها على حسابها. ولم يبق لهاتين الاثنتين سوى ان تنظرا في تطلع كيف أصبحت قطر هي التي تمنح حركة حماس الرعاية والدعم والشرعية وتقف على رأس مؤيدي الثورة السورية وداعميها ايضا وذلك بعد ان منحت التدخل الاوروبي في ليبيا الذي أسقط نظام معمر القذافي، الشرعية قبل ذلك.
ان قطر تسلك وكأنها قوة من القوى الكبرى الاقليمية ذات أهمية وقوة دونما تناسب مع كبر هذه الامارة وقوتها الحقيقية. فقد كانت الاولى مثلا بين دول الخليج التي عقدت صلات مع اسرائيل، واستضافت ساسة اسرائيليين وافتتحت مفوضية اسرائيلية في الدوحة. وكانت موجودة حتى عملية “الرصاص المصبوب” في مطلع سنة 2009. وقد عملت قبل ذلك على الدفع الى الأمام بالتحادث بين ايران والعالم العربي. لكنه توجد في قطر في نفس الوقت قيادة القوات الامريكية في الخليج الفارسي.
ان لعبة قطر واضحة. فالحديث عن التأليف بين المطامح الآخذة في الكبر للأسرة المالكة ورئيسها، والعقيدة الوهابية التي يتمسك بها حكام الامارة. لكن يتم الحديث ايضا عن لعبة بقاء أساسها ضمان أمن قطر ووجودها. ان أكثر سكانها عمال اجانب يقيمون في الامارة لكنهم لا يتمتعون بثمرات الوفرة والثراء اللذين يُسهمون أكثر من أبناء قطر أنفسهم في احرازهما.
كل ما بقي لحكام قطر هو ان يستمروا بكل ثمن في العرض وعلى السلوك مثل قوة كبيرة اقليمية عظيمة القوة وان يأملوا ألا يستيقظ أحد ليتبين أن الملك – أو الأمير في حالتنا – عارٍ.