اسرائيل اليوم – مقال – 18/10/2012 اننتعاش قبل المعركة الحاسمة
بقلم: زلمان شوفال
ستتناول المواجهة التالية بين مرشحي الرئاسة الامريكية الشؤون الخارجية فقط ومن المؤكد أنها ستكون حامية الوطيس وستتناول الشرق الاوسط بعامة واسرائيل بخاصة.
كانت تلك ليلة اوباما. لم تكن النتيجة 6: 0 كما في لعبة اسرائيل الاولى مع لوكسمبورغ لكنها تعادل على الأقل وربما مع تفوق صغير للرئيس. فقد كان اوباما هذه المرة مستعدا بصورة جيدة من جهة مضمون الكلام وصورة عرضه. كان هو “محارب الشارع” المهاجم من شيكاغو في مواجهة الرجل المهذب المتزن والمعتدل من ولاية ماين. وكان الاطار هذه المرة ايضا لصالح الرئيس فلم تكن مواجهة فقط بل ما يشبه منزلا كبيرا مع اسئلة من الجمهور وقد خدم ذلك اوباما السياسي المحنك وكان في غير مصلحة رومني الذي هو أبعد.
كان اوباما هذه المرة واثقا بنفسه وجهد في ان يهاجم خصمه تحت الحزام احيانا، في شؤون مثل اقتراحاته المتعلقة بنظام الضرائب الذي يُحسن كما يرى الرئيس للأغنياء ويظلم الطبقة الوسطى الدنيا. ولم ينسَ بالطبع ان يُذكر رومني بزلة لسانه غير الناجحة قبل بضعة اسابيع عن ان مؤيدي اوباما هم في الأساس اولئك الـ 47 في المائة من السكان الذين لا يدفعون ضرائب ألبتة، بل اتهم رومني بعدم الاكتراث لوضع الشيوخ والمرضى والمُعسرين.
لم يدَع رومني الرد على ذلك في الحقيقة وجاء في هذا السياق بمعطيات مفحوصة تثبت ان السياسة الاقتصادية في السنين الاربع الاخيرة خاصة عمقت الفقر في الجمهور الامريكي وسببت زيادة نسب البطالة، لكن اوباما بذل جُل استطاعته كي لا يجعل الحقائق تبلبله وتبلبل الجمهور. وكانت أكثر اقناعا من جهة رومني المعطيات التي عرضها عن الزيادة الملحوظة التي طرأت على العجز القومي في الولايات المتحدة خلال ولاية اوباما الاولى. لكن نشك في ان يكون “الرجل في الشارع” منتبها للآثار الخطيرة التي قد تكون لعجز التريليونات المنفوخ هذا على وضع أبنائه وأحفاده.
لم تكد تُثار الشؤون الخارجية في المواجهة، وينبغي ان نفترض ان يكون المرشحان معا قد استقر رأيهما على ان يدَعا جُل سلاحهما في هذه القضايا للمواجهة في الاسبوع القادم المخصصة بحسب تخطيط مسبق لتناول اسئلة في هذه الشؤون فقط. ان الامور الفاضحة حول قضية بنغازي قد أُثيرت مدة قصيرة وكان من الصعب التخلص من انطباع ان الموجهة كاندي كراول التي هي مجرية لقاءات كبيرة في شبكة الـ “سي.ان.ان” بذلت أقصى جهد لها لتخليص اوباما من حرجه في هذا الشأن.
وفيما يتعلق باسرائيل كان هناك تناول واحد لذلك على لسان رومني حينما قال ان اوباما انشأ حاجزا بينها وبين امريكا، في تطرقه كما يبدو الى المقولة المهينة على لسان الرئيس في حينه عن الطلب الاسرائيلي لرسم “خط احمر” أمام النشاط الذري الايراني، أي ان “امريكا لا تنوي الاستماع لضجيج من الخارج”. وينبغي ان نفترض ان الشأن الذري الايراني مع شأن بنغازي ايضا، سيتم الحديث عنهما حديثا عاليا جدا في المواجهة القادمة، بسبب كلام نائب الرئيس بايدن الهاذي في مواجهته مع المرشح الجمهوري مول ريان ايضا – أي ان الايرانيين فضلا عن أنهم ما يزالون بعيدين عن هدف تخصيبهم لليورانيوم، فانهم اذا توصلوا الى هدفهم في هذا السياق، “فماذا سيفعلون بذلك؟”.
الى ان حدثت المواجهة في جامعة هوبسترا في ليلة أول أمس بدأت تُظهر استطلاعات الرأي تفوقا طفيفا لرومني لا على المستوى القطري فقط بل في بعض الولايات الرئيسة مثل فلوريده، لكن ينبغي ان نرى الآن هل ستتغير هذه الاتجاهات في أعقاب المعركة الاخيرة. من الواضح انه سيهمنا بصورة خاصة الكلام الذي سيقوله المتنافسان في المواجهة الاخيرة في شؤون تتعلق بنا مباشرة، لكن سواء أفاز اوباما في السادس من تشرين الثاني أم فاز رومني، فلا يمكن ان نعلم مسبقا ما هو المتوقع في مجال السياسة الخارجية الامريكية. هل سيكون اوباما ملتزما بخطوطه وتصوراته العامة السابقة في شؤون العالم بعامة والشرق الاوسط بخاصة برغم خيبات الأمل والاخفاقات التي أصابته أم يحاول هو ومن سيحل محل هيلاري كلينتون في وزارة الخارجية ان يخطا اتجاهات جديدة؟ وهل سيريد رومني اذا تم انتخابه، وبعد ان تنشأ ادارته وقد يطول ذلك ثلاثة اشهر أو ستة، ان يجري تعديلا أساسيا على سياسة سلفه الخارجية، أم يتمسك بمتابعتها؟.
مما يثير الاهتمام ان صحيفة “واشنطن بوست” الليبرالية خصوصا (أي اليسارية بمصطلحات اسرائيلية) نشرت أمس مقالة افتتاحية تدعو فيها رئيس الولايات المتحدة القادم الى اصلاح العلاقات مع بنيامين نتنياهو. فعلى كل حال يجب على اسرائيل ان تكون مستعدة لجميع الامكانات وفي ضمن ذلك الشأن الايراني، ولكون التصريحات المختلفة للمرشحين قبل الانتخابات ليست هي بالضرورة علامة طريق للسياسة التي سيستعملانها بعد ذلك.