ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – مقال – 17/2/2012 هل ستؤثر العقوبات الاقتصادية في سلوك ايران؟



بقلم: دوري غولد

العقوبات الاقتصادية تحتاج الى وقت طويل بين 9 سنين الى 12 لتؤثر في الجهة التي تُستعمل عليها العقوبات، فهل تنجح العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب مؤخرا على ايران في ثنيها عن إتمام مشروعها الذري؟.

       لم تمنع العقوبات الجديدة التي تقترحها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي على برنامج ايران الذري، لم تمنع الرئيس محمود احمدي نجاد من ان يقول متحديا يوم السبت الاخير: “سنشهد في الايام القريبة افتتاح واستعمال مشروعات ذرية جديدة في ايران”.

          في الذكرى السنوية الـ 33 للثورة الاسلامية تابع معلنا: “يجب ان يعلم العالم ان ايران برغم جميع الضغوط لن تتراجع سنتيمترا واحدا عن مبادئها وحقوقها”. وأضاف في استخفاف قائلا “كل هذه الضغوط بلا فائدة”.

          هل العقوبات الاقتصادية هي بلا فائدة حقا كما حاول ان يزعم احمدي نجاد؟ بحسب تحليل نشر في صحيفة “نيويورك تايمز” في الثامن من شباط، ما تزال ادارة اوباما تؤمن بجدواها. ويتم الحديث في تقرير صحفي عن مسؤولين امريكيين كبار يقولون لاسرائيليين ان من المهم اعطاء العقوبات الاقتصادية الجديدة فرصة لاضطرار الايرانيين الى العودة الى طاولة التفاوض أو الى التخلي عن البرنامج الذري نهائيا.

          تخضع ايران لعقوبات منذ زمن طويل. فقد بدأت الولايات المتحدة تفرض عقوبات اقتصادية في الثمانينيات من القرن الماضي، لكن العقوبات الاقتصادية الاولى التي تم تبنيها في الأساس ردا على البرنامج الذري والتي حصلت على تأييد مجلس الامن قد تم اتخاذها في 2007 فقط.

          فشلت عقوبات الامم المتحدة في محاولتها وقف ايران فاستمرت في تخصيب اليورانيوم بكميات أخذت تزداد. هل يوجد أساس لافتراض ان العقوبات الاقتصادية الجديدة التي تهدد لاول مرة بيع النفط الايراني، ستغير السلوك الايراني في الشأن الذري؟.

          هل توجد سوابق لعقوبات اقتصادية فعالة؟ ان الحالة الأشهر التي بدا فيها ان العقوبات نجحت في ان تغير سلوك نظام كليا كانت مع ادارة الفصل العنصري في جنوبي افريقيا.

          بدأ مجلس الامن فرض حظر سلاح شامل على جنوب افريقيا في 1977. وفرضت اوروبا وعصبة الشعوب البريطانية عقوبات اقتصادية وتجارية واسعة في 1985. لكن جنوب افريقيا ألغى في سنة 1994 فقط وبصورة رسمية نظام الفصل العنصري وعرض دستورا جديدا، أي ان العقوبات احتاجت الى تسع سنين تقريبا حتى أصبح لها تأثير حقيقي في سياسة جنوب افريقيا. فاذا قسنا ايران على جنوب افريقيا تبين ان ليس محتملا توقع تغيير جدي في السلوك الايراني حتى 2016.

          ان العراق مثال أحدث على عقوبات دولية. ففي نهاية حرب الخليج الاولى في 1991 تبنى مجلس الامن القرار 687 الذي أفضى الى هدنة بين صدام حسين وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة. وقضى القرار بأن على العراق ان يُبين عن كل نظم الوسائل الذرية والكيماوية والبيولوجية وعن الصواريخ البعيدة المدى التي يملكها وأن يُدمرها؛ وحُظر على العراق ان يبيع دولا اخرى نفطا حتى يوافق مراقبون دوليون على تلك الخطوات.

          وبرغم العقوبات الشديدة، رفض صدام في الـ 12 سنة التالية التعاون تعاونا كاملا مع مراقبي الامم المتحدة، ولم يستطيعوا ان يصدقوا انه دمر كل السلاح الذي حُظر عليه ان يملكه. ولم تفض العقوبات الى النتيجة السياسية المطلوبة وكان ارتياب اجهزة الاستخبارات الغربية بأن العراق ما يزال يملك هذا السلاح أحد اسباب الحرب في العراق في 2003.

          ان السوابق التي تُبين ان الوقت الذي تحتاجه العقوبات لتؤثر هو 9 سنين أو 12 سنة تبرز مشكلة جدية في حالة ايران. فالخبراء مختلفون في آرائهم في الوقت الذي تحتاجه ايران لاستكمال برنامجها الذري: فهناك من يقولون ان طهران تستطيع في غضون بضعة اشهر ان تستخلص اليورانيوم المخصب بدرجة عسكرية وربما تستطيع بعد سنتين ان تركب رأسا ذريا على صاروخ “شهاب 3” يستطيع ان يصل الى اسرائيل.

          في مساءلة تمت أمام مجلس النواب الامريكي في 31 كانون الثاني اعترف رئيس وكالة الاستخبارات المركزية، الجنرال ديفيد باتريوس، انه في حين أصبحت العقوبات الجديدة “تقضم” الاقتصاد الايراني، ما يزال السؤال الحاسم الذي تجب الاجابة عنه هو هل ستوجب العقوبات الاقتصادية تغييرا في سياسة النظام الايراني.

          في تلك المساءلة حاول رئيس الاستخبارات القومية جيمس كلابر ان يخفض التوقعات من نتائج الخطوات الجديدة فقال: “ان العقوبات الاقتصادية كما طُبقت حتى الآن، لم تجعلهم يغيرون سلوكهم أو سياستهم”.

          لا شك في ان أحد العوامل المؤثرة في اتخاذ القرارات في ايران هو حقيقة انه لا يوجد تأييد شامل في المجتمع الدولي لفرض العقوبات الاقتصادية الآن بخلاف العقوبات الاقتصادية من قبل الامم المتحدة على العراق في التسعينيات.

          ان ايران تصدر 2.3 مليون برميل نفط كل يوم. وقد ينتهي استعمال اوروبا لـ 600 ألف برميل نفط كل يوم حتى نهاية شهر تموز. ويتوقع ان تستمر الصين والهند اللتان أعلنتا رفضهما طاعة العقوبات الاقتصادية الجديدة، في ان تستوردا معا نحوا من 860 ألف برميل نفط ايراني كل يوم، فالحديث اذا عن ثقب ضخم في نظام العقوبات الاقتصادية.

          تستطيع العقوبات الاقتصادية ان تعمل لكن لا في فراغ. ان العوامل التي ساعدت على تغيير حسابات حكومة الفصل العنصري في جنوب افريقيا كانت انهيار الاتحاد السوفييتي وتضاؤل التهديد من دول مجاورة مثل انغولا وموزنبيق. وفقدت فكرة ان نلسون مانديلا والمؤتمر الوطني الافريقي عملا في خدمة السوفييت كل ثقة بها.

          كان التهديد باستعمال القوة احيانا حاسما في مسألة وجود العقوبات. فبعد ان طرد حاكم العراق صدام حسين مراقبي الاونسكوم من العراق في 1998 اضطر التهديد الامريكي البريطاني بهجوم جوي النظام العراقي الى اعادتهم. وبنفس القدر، لو ان العقوبات على ايران فُرضت في 2009 حينما واجهوا في طهران انتفاضة داخلية لكانت احتمالات تأثيرها أعلى.

          ان المفتاح الرئيس لجدوى العقوبات هو فهم الرسالة التي يتلقاها العدو: فحينما يُفهم ان العقوبات تمثل تصميم المجتمع الدولي وأنها قد تفضي الى خطوات أشد فقد يكون لتلك العقوبات تأثير ما.

          لكن اذا كانت العقوبات تُرى عملا في الحد الأدنى يستعمله الغرب لاسقاط الواجب فمن المحتمل ان نفترض ان العقوبات لن تفضي الى أي تغيير. يتوقع ان تفحص ايران في الاشهر القريبة عن تصميم الغرب لضمان ان تحرز العقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليها الهدف منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى