اسرائيل اليوم – مقال -15/10/2012 مواجهة ثانية: اختبار زعامة اوباما
بقلم: ابراهام بن تسفي
سيطمح اوباما في مواجهته الثانية لرومني الى ازالة تأثير المواجهة الاولى التي كانت لمصلحة رومني وسيصعب عليه ان يفعل ذلك.
تقول احدى المواضعات الراسخة في السياسة الامريكية ان المنافسة على الرئاسة تُحسم على أساس تقديرات اقتصادية تتعلق مباشرة برفاهة المواطن ومستوى حياته، وبمقدار ثقته بسياسة الادارة في هذا الصعيد ايضا. فالرئيس جيمي كارتر الذي خسر في 1980 والرئيس جورج بوش الأب الذي هُزم في 1992 عُزلا بسبب ازمة اقتصادية شديدة كان يصاحبها شعور عميق من الجمهور بعدم الثقة بقدرة واشنطن على توجيه الاقتصاد الى شاطيء الأمان.
لكن برغم هذا الاعتقاد الأساسي قد تكون المواجهة الثانية في التلفاز بين الرئيس براك اوباما والمنافس في المنصب رومني محصورة في قضايا الخارجية والامن خاصة. وسبب ان هذه المواجهة تثير اهتماما جماهيريا كبيرا جدا لا يكمن فقط في حقيقة ان ظهور رومني الجمهوري المؤثر في المواجهة الاولى (في مقابل أداء الرئيس غير المكترث والمقطوع عن الواقع) غير تغييرا حادا وجهة المنافسة كلها وجعله يقف في موقف انطلاق واعد، بل في ان رومني جعل الجدل في هذا السياق ايضا استفتاءا للشعب في زعامة الرئيس اوباما.
دُفع الرئيس الآن الى موقف دفاعي في الحلبة التي يتمتع بها البيت الابيض بميزة مهمة مستمرة في استطلاعات الرأي خصوصا وذلك لأن اوباما قد اضطر ولا سيما على أثر الهجوم الارهابي في بنغازي الى ان يُسوغ ويُفسر الآن اجراءاته في الصعيدين الاستراتيجي والدبلوماسي التي تشهد في ظاهر الامر على التهاوي السريع لعصر الهيمنة الامريكية تحت صولجان ادارته. ان الزخم الكبير الذي يتمتع به الآن حاكم ماساشوسيتس السابق عقب نجاحه المفاجيء في دنفر قد تسرب وتغلغل اذا الى الجبهة السياسية والامنية ايضا. وهكذا بعد اسابيع طويلة من المفاسد والاخفاقات، استطاع رومني ان يستعمل سلاح الديمقراطيين مع عرض مواقف معتدلة ومتفق عليها جدا في المجالين الاجتماعي والاقتصادي (بعيدة سنوات ضوئية عن المواقف العقائدية غير المهادنة لليمين المحافظ)، ومع التأليف بين الخطاب ومسائل سياسية وأمنية محددة في سياق واسع في مركزها مسائل صائبة تتعلق بمبلغ قدرة الرئيس الـ 44 على قيادة الأمة الامريكية والنظام الدولي كله.
تحولت قضية سلوك الادارة في المحيط الخارجي من وجهة النظر العامة من مركز تأييد داخلي واسع الى نقطة ضعف اخرى في البيت الابيض. وتحول النقد اللاذع للاخفاقات الاستخبارية والاستعدادات المختلة عشية الهجوم الارهابي في بنغازي سريعا الى لبنة واحدة فقط في مجموع أوسع من علامات السؤال المقلقة المتصلة بصورة الاستراتيجية الامريكية ونوعها في تعلقها بافغانستان والعراق وايران بالطبع. وفي هذا السياق أسهمت المواجهة بين النائبين في تعظيم معضلة الزعامة الرئاسية. وبرغم ان مجالات تخصص المرشح الجمهوري بول ريان راسخة كلها في الواقع الاقتصادي بعامة وفي صعيد الميزانية بخاصة، فقد نجح في ان يُظهر في خلال المواجهة خبرة مدهشة بطائفة واسعة متنوعة من الشؤون السياسية والامنية. وتلاشت جميع جهود خصمه جو بايدن ليطرح عن جدول العمل مسألة الخفوت السريع في ظاهر الامر للعصر الذهبي الامريكي.
أصبحت المواجهة من الغد نافذة الفرص الاخيرة لاوباما ليعيد بناء مكانته باعتباره زعيما بازاء وضعه الصعب في استطلاعات الرأي. سيطمح الرئيس الى محو أثر المواجهة الاولى، لكن كل محاولة منه للانتقال الى اظهار صرامة وحزم أكبر قد تُرى غير صادقة وانتهازية وتعبيرا عن الضعف خاصة.