اسرائيل اليوم – مقال – 12/11/2012 مصلحة الولايات المتحدة واسرائيل
بقلم: زلمان شوفال
ستكون فترة رئاسة اوباما القريبة فترة تعاون وثيق بينه وبين رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو لأن التعاون بينهما مصلحة امريكية اسرائيلية.
كان مقررو السياسة في القدس مستعدين لفوز اوباما في الانتخابات. وكان آخر لقاء تم بين رئيس الوزراء وساسة امريكيين قبل الانتخابات مع ثلاثة شيوخ ديمقراطيين كبار لم يعتقد أحد منهم ان نتنياهو يتدخل في المعركة الانتخابية الامريكية لصالح ميت رومني.
أكد الديمقراطيون اشتراك المصالح بين الولايات المتحدة واسرائيل. وقد عبر كاتب هذه السطور في الاشهر الاخيرة – بالكتابة والمحاضرة والاحاديث الخاصة مع ناس من الادارة في واشنطن عن ان اسرائيل ترى كل من سيُنتخب في تشرين الثاني حليفا لها. ينبغي ألا نُنكر انه وُجد عدم اتفاق واختلافات في الرأي شديدة احيانا، في شؤون حيوية مختلفة، ومن الواضح انه ينبغي منع المواجهات مع حليفتنا بكل ثمن تقريبا، لكن لا يمكن احيانا حينما قد تفضي خطوة خطأ الى إحداث واقع كارثي في الأمد البعيد – لا يمكن الامتناع عن ذلك.
لم يوجد قطع للاتصال طول سنوات ادارة اوباما وحكومة نتنياهو كلها؛ لا في شؤون أمنية التي ازداد التعاون عليها خاصة، ولا في الشأن الفلسطيني الذي تمت فيما يتعلق فيه مشاورات دائمة واضحة بين مبعوث رئيس الوزراء الكبير والقيادة العليا السياسية في الولايات المتحدة. ومن الطبيعي مع ذلك انه كانت لاسرائيل في شؤون كالربيع العربي باعتبارها “جانبا مهتما” مباشرا تقديرات تختلف عن تقديرات ادارة اوباما.
ان قضية ايران مختلفة في الحقيقة، لكن يبدو انه تم بشأنها في المدة الاخيرة تقارب مشترك ما بين الولايات المتحدة واسرائيل (كان نتنياهو قد أبلغته الادارة مسبقا عن أمر مبادرات واشنطن المختلفة في الشأن الايراني) وخطبتا نتنياهو واوباما في الجمعية العامة للامم المتحدة شهادة على ذلك. في الاشهر أو ربما حتى في الاسابيع القريبة سيتبين اذا كان في هذا التقارب رد كافٍ على الموقف الاسرائيلي الذي يرى أن “الخط الاحمر” ذا الصلة في شأن جُهد طهران الذري هو النقطة التي يكون لها عندها مادة لانتاج عدة قنابل ذرية بخلاف التوجه الامريكي الذي يرى انه بعد ان تبلغ ايران هذه النقطة ايضا سيبقى وقت كافٍ لمنع انتاج السلاح الذري.
أُثيرت في الايام الاخيرة رسائل متناقضة في الشأن الايراني. فمن جهة عززت الادارة الامريكية العقوبات، ومن جهة اخرى تكثر الأنباء – في طهران وفي واشنطن ايضا – عن جولة جديدة من المحادثات الدبلوماسية التي ستستغلها ايران كما كانت الحال في الماضي بيقين من اجل الدفع الى الأمام ببرامجها الذرية. وقد أحصى نيكولاس بيرنز، نائب وزير الخارجية في ادارة بوش الابن وهو الآن استاذ جامعة كبير في جامعة هارفارد، في المدة الاخيرة في مقالة نشرها، أحصى تحديات اوباما الملحة في السنوات الاربعة القريبة في مجال السياسة الخارجية وهي افغانستان والدوامة في الشرق الاوسط، ومن ضمن ذلك الشأن السوري. وقد غاب الصراع الاسرائيلي الفلسطيني عن قائمته. ويشاركه الرأي في ذلك كثيرون في الولايات المتحدة خلافا للموقف الذي كان رائجا هناك منذ وقت قريب وهو ان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو مصدر جميع المشكلات في الشرق الاوسط، والسبب الرئيس، إن لم نقل الوحيد، لعداوة امريكا. ينبغي ان نفترض ان يكون اوباما ومستشاروه ايضا متنبهين لهذه التقديرات. يمكن ان نشك في ان يريد الرئيس والمشكلات الاقتصادية الضاغطة في مقدمة اهتماماته، ان يدخل في شرك النار الفلسطيني في ولايته الثانية.
ان العلاقات الوثيقة المتوقعة بين اوباما ونتنياهو، الى جانب جهد دبلوماسي ودعائي ذكي من قبل اسرائيل، قد يفضيان الى تناول أكثر عملية للواقع على الارض ولمواقف اسرائيل الأساسية. ان جاهلا مطلقا، ويوجد أشباه له عندنا، يستطيع ان يعتقد ان اوباما “سينتقم” من اسرائيل في ولايته الثانية. فالسياسي الجدي، واوباما كذلك، لا يحدد سياسته بحسب الحب أو الكره، والصلة الوثيقة باسرائيل وبمن يرأسها مصلحة امريكية واضحة، ويدرك اوباما ان نتنياهو سيكون شريكه ومُحادثه طول فترة الرئاسة القريبة كلها. وهذا ما سيوجه سياسته. ان ساسة اسرائيليين يُشيعون تنبؤات كئيبة بحرب عالمية تقريبا بين واشنطن والقدس ويحاولون ان يبنوا أنفسهم سياسيا بذلك، سيضطرون كما يبدو الى ان يأكلوا قبعاتهم.