اسرائيل اليوم – مقال – 1/11/2012 اوباما وضعضعة النظام العالمي
بقلم: دانيال دورون
ينفذ اوباما خطة تآمرية لضعضعة قوة الولايات المتحدة واضعاف النظام القائم واحلال نظام آخر محله بحسب نظرية استاذه وكاهنه سول الينسكي.
“لتكن النتيجة في الانتخابات ما كانت، فسيكون لاسرائيل صديق في البيت الابيض في كانون الثاني 2013…”، هذا ما جزم به عوديد عيران وايفان ألترمان من معهد ابحاث الامن القومي في جامعة تل ابيب، على أثر تحليل قاما به بعد المواجهة الاخيرة بين رئيس الولايات المتحدة براك اوباما ومنافسه ميت رومني. وقد جاء في التحليل أنهما استنتجا هذا الامر من التصريحات الايجابية عن اسرائيل التي صدرت عن المتنافسين.
هناك مخاطرة بالطبع في الاعتماد على تصريحات ساسة عشية انتخابات ولا سيما اذا كانوا محتاجين الى الصوت اليهودي. ولذلك من المناسب ان نكمل صورة مواقف المرشح بحسب افعاله وتصريحاته في الماضي.
لم يحدد رومني قط سياسة الولايات المتحدة الخارجية لكنه أظهر في تصريحات كثيرة فهما عميقا لوضع اسرائيل الجغرافي السياسي الصعب، أما اوباما الذي حدد سياسة الولايات المتحدة في الشرق الاوسط فانه يُمكّننا من ان نستنتج من افعاله وتصريحاته انه لا يتميز بتأييد خاص لاسرائيل. يمكن بالطبع ان يتم الزعم انه يطلب مصلحة اسرائيل بحسب رأي اولئك الذين يعتقدون ان اسرائيل ستبلغ الخلاص فقط اذا ساعدت على انشاء دولة عربية اخرى الى جانبها. لكن الضغط العنيف الذي استعمله على اسرائيل وطريقة معاملته لها ولا سيما في خطبته في القاهرة حيث شبّه اللاجئين العرب الفلسطينيين بلاجئي المحرقة، لا يجعله يحظى بصفة “صديق”.
اشتُقت نظرة اوباما لاسرائيل من تصور عام يعبر عن عداوة للغرب “الرأسمالي”، الذي يراه نظام استغلال وشر واستعباد للعالم الثالث. وهناك خشية معقولة من ان يكون اوباما باعتباره صديقا مقربا من البروفيسور رشيد الخالدي الذي كان مقربا من عرفات وطالبا لادوارد سعيد، يرى انشاء اسرائيل غزوا من الاستعمار للعالم الاسلامي، وهو يطلب ان تعوض اسرائيل الفلسطينيين بانشاء دولة عربية عن الظلم الذي أوقعته بهم. والخطر الكبير في ان تسيطر حماس على هذه الدولة وتقوم منها بحرب تجبي ضحايا كثيرين لا يقلقه كما يبدو.
حدد تصور اوباما العام العمل الذي اختاره بعد حياة اكاديمية مجهولة وقبل انضمامه الى السياسة الفاسدة في شيكاغو. فقد أصبح اوباما “منظما اجتماعيا” وهذا عمل أبدعه سول الينسكي، وهو مفكر يهودي لخص في كتابه “مباديء عمل للراديكاليين” كيف يمكن تحويل النظام الاجتماعي القائم بمساعدة كوادر من النشطاء المتطرفين يُجندون شبابا من الاتحادات المهنية ومن الجامعات ومن الكنائس بل من عصابات الشوارع، من اجل نشاط تآمري لا كوابح له.
زعم الينسكي ان “مكيافيلي ألف كتاب الأمير للحفاظ على قوة أصحاب القوة. ويرمي كتابي الى مساعدة عديمي القوة على السيطرة على الحكم… وهو مخصص لاولئك الذين يريدون تغيير العالم عما هو عليه، ليصبح ما يؤمنون بأنه يجب ان يكون عليه”.
كي ينجح “المنظم الاجتماعي” الراديكالي في الثورة يجب ان يكتسب قبل ذلك ثقة الجهاز الموجود ثم يهدمه من الداخل بتأجيج الكراهية والاختلاف اللذين يحثان الشباب على التمرد وهدم النظام الاجتماعي القائم. “الخطوة الاولى للتنظيم الاجتماعي هي هدم الجهاز القائم”، قال الينسكي. ولا شك في ان لينين وستالين لو كانا حيين لهزا رأسيهما رضاً (ودوستايفسكي مؤلف “الأشباح” في نفور)، برغم ان الينسكي فوضوي أكثر من ان يكون ماركسيا.
ان تصور اوباما العام مهم لأنه يمكن بمساعدته فقط ان نفهم ان الرئيس ليس فاشلا كما يزعم معارضوه بل هو شخص موهوب جدا نجح في ان يسيطر على رئاسة الولايات المتحدة من لا مكان، وفي ان يضعضع في غضون اربع سنوات النظام العالمي ويجعل اقتصاد الولايات المتحدة متعلقا بادارتها وذلك كي يبني على أنقاض النظام القائم عالما جديدا تسيطر فيه طائفة “المنتخبين” سيطرة مطلقة على مصير “الشعب” كما تقول نظرية استاذه وكاهنه الينسكي.
حاول اوباما “ان ينقذ” الاقتصاد الامريكي الذي هو سر قوة الولايات المتحدة، من ازمة شديدة بتأميم الجهاز الصحي وزيادة الدين القومي بخمسة تريليونات دولار أغرقت الاقتصاد بمال بلا دعم (سيفضي الى تضخم مالي سريع مُدمر)، وبزيادة الرقابة التنظيمية وتثقيل الضرائب على الاعمال الصغيرة، التي هي منتجة العمل الرئيسة في كل اقتصاد. والنتائج الى الآن مدمرة.
حول اوباما الولايات المتحدة لتصبح ضعيفة حتى إن ايران لتستخف بها وتتحداها الصين وروسيا بلا انقطاع. وقد ساعد المتطرفين الاسلاميين ايضا على السيطرة على “الربيع العربي”. وهذه انجازات لا يستهان بها لـ “منظم اجتماعي”. فاذا انتخب رئيسا مرة اخرى فسيُستكمل الدمار.