اسرائيل اليوم / لنهزم حماس على المستوى الاخلاقي

اسرائيل اليوم – بقلم حنان شاي – 24/6/2018
امام ارهاب الطائرات الورقية تعمل اسرائيل بعقيدة الاستنزاف، التي هي نقيض عقيدة الحسم الاسرائيلية التقليدية، والتي سمحت بانتصاراتنا الكبرى. في عقيدة الاستنزاف يقوم النصر على ردع العدو (بلا هزيمته المادية) من خلال استنزافه وتآكله، ولا سيما نفسيا، في مسيرة طويلة.
مصدر قوة حماس هو القانون الدولي، الذي يقوم على اساس القيم اليهودية – المسيحية للاخلاقيات التي تقدس الحياة. ولكن حماس تخرق قوانين القضاء هذا على رؤوس الاشهاد من خلال تفعيل قنابل بشرية، دروع بشرية، مبادرات بشرية لاقتحام الاسيجة، اطلاق طائرات ورقية والونات حارقة الى مناطق مدنية، جعل المدارس والمستشفيات مجالات عسكرية وما شابه. اما اسرائيل، الملزمة باطاعة القانون الدولي، فتجد نفسها عديمة الوسيلة.
ومن اجل تعطيل “الحائط الواقي” الذي يمنحه القانون الدولي لحماس، على اسرائيل أن تبدأ بمعركة دولية متداخلة، دبلوماسية، اخلاقية – ثقافية وقانونية، قد تكون الاصعب التي تخوضها منذ المعركة لتحقيق الاغلبية لاستقلالها. وهدف هذه المعركة سيكون حرمان منتهك القانون الدولي الغزي (وحزب الله ايضا) من حقه في الحصول على حماية هذا القانون.
حجتان لرفع الحصانة القانونية عن حماس: الاولى، الحماية التي يوفرها القانون الدولي لحماس تحث اخلاقيات تقديس الموت لديها – اخلاقيات معاكسة للاخلاقيات الغربية، التي تقدس الحياة كأساس للنظام الاجتماعي، ومنها تنبع قوانين الحرب. اما الحجة الثانية فهي الحفاظ على قوانين الحرب في الوقت الذي تنتهكها حماس، تفرض على اسرائيل اخلاقيات الموت غير الانسانية والحماسية، ما يجعل حامي اسرائيل ومؤيدي حماس في الغرب شركاء في هذا الفرض.
ليس أخلاقيا قتل اطفال العدو الذين يشكلون “درعا بشرعا” لابائهم، ولكن ايضا ليس اخلاقيا ان يقتل اطفال اسرائيل بدلا من اطفال العدو. ليس اخلاقيا قتل “متظاهرين” يركضون نحو الجدران في غزة، ولكن ايضا ليس اخلاقيا السماح لهم بالتسلل وقتل جنود ومدنيين اسرائيليين. ليس اخلاقيا قتل اطفال يطلقون الاف الطائرات الورقية الحارقة والمتفجرة نحو اسرائيل، ولكن ايضا ليس اخلاقيا السماح باستمرار سياسة “الارض المحروقة” لابائهم.
ان الاخلاق الكونية التي تقبع في اساس ميثاق جنيف تستوجب من الانسان ان يدافع عن حياته، اذا انه إن لم يفعل ذلك فانه يشارك في قتل نفسه، مثل قاتله فينتهك هو ايضا فريضة “لا تقتل”. ان مأساة اسرائيل هي انه حتى لو كان قتل “من ينهض ليقتلك” شرعيا – فان حماس تجبر اسرائيل على قتل اطفال وفتيان! أي تفرض عليها نهجها غير الانساني، الذي يتعارض والثقافة التي تقدس الحياة. ينبغي ان نشرح للعالم بلغة ليست هي السلامة السياسية، فانه على طول جدران غزة تجري حرب حضارية – وللدقة، حرب بين الحضارة وبين اناس انسحبوا منها. وهي تشبه الحرب التي دارت على طول “سور ادريانوس” والتي ألقى فشلها بالغرب 500 سنة من العصور الوسطى. ان اسرائيل تحمي في غزة ليس فقط حياة مواطنيها وارضها بل وايضا قيم الحياة التي جاء فيها اباؤها الاولون الى العالم الغربي قبل الاف السنين ومنحوه ازدهاره.
تشرتشل من عرابي تصريح بلفور، قال عن هذه القيم: “نحن مدينون لليهود بالطريقة الاخلاقية التي حتى اذا فصلناها تماما عن ما فوق الطبيعة، فانها تبقى الذخر الاعز للانسانية وتفوق بقيمتها مبلغ كل الحكم والتعاليم الاخرى. على هذه الطريقة، ومن خلال هذا الايمان، بنيت كل حضارتنا الحالية على خرائب الامبراطورية الرومانية. وقال ايضا انه مع اقامة الدولة اليهودية “سيقع في تاريخ العالم حدث سيكون مجديا وخيرا من كل نقطة نظر”.
انطلاقا من الالتزام بهذا الدور على اسرائيل أن تتوقف عن الدفاع عن نفسها والاعتذار، وان تخرج الى مواطني العالم، الذين يعيش بعضهم حالة تشوش اخلاقي عميق، محذرة بان الدعم لسلوك الفلسطينيين غير الانساني يعزز ثقافة الموت، يؤدي الى انتشارها السريع في العالم (بما في ذلك في اوروبا) ويهدد باعادة الانسان الى الوراء.