ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم / غونين سيغف، الانكشاف الاخلاقي لاوسلو

اسرائيل اليوم – بقلم  مارتين شيرمن  – 20/6/2018

حتى يوم أمس كنا نعرف أن اتفاقات اوسلو – التي منحت المجد لعظيم القتلة عرفات، كلفت الاف الاسرائيليين حياتهم، سمحت لعصابات القتل المسلحة بالانتشار في اطراف عاصمتنا – جاءت الى هواء العالم بسبب تاجر مخدرات مدان خان ناخبيه، الذين بعثوا به الى الكنيست كي يمنع بالضبط ما سمح به بخيانته.

ابتداء من أول أمس نحن نعرف، بان هذه الاتفاقات اللئيمة، التي اغرقت شوارع البلاد بالدم والدموع، لم تقم فقط باقلام من تاجر بالمخدرات وخان ناخبيه، بل باقلام من، أغلب الظن، خان دولته.

بمفاهيم عديدة، فان غونين سيغف واتفاق اوسلو هما الانكشاف الاخلاقي الواحد للاخر. مثلما كان سيغف هو وصمة عار على الحياة العامة في البلاد، نقطة درك أسفل من الغش والخداع، هكذا هي اتفاقات اوسلو – وصمة عار على حياتنا الوطنية، ذروة اهانة من الوعود العابثة، التضليل والوهم الذاتي. لا وجود للواحد دون الآخر. مثلما ما كان يمكن لاوسلو أن يكون دون سيغف وميوله الخيانية عديمة الكوابح، هكذا ايضا دون اوسلو والارادات اليائسة عديمة اللجان لمهندسيه، ما كان سيغف ليكون من منصب وزير، الذي اعطاه مسلكا للاطلاع على المعلومات كي يتاجر بها مع العدو. بالضبط مثلما تبنينا في اوسلو عدوا مريرا في حضننا، هكذا سيغف هو الاخر.

لقد كان اوسلو نقطة انعطاف في تاريخ الصهيونية؛ بعده، لم يكن أي شيء مثلما كان من قبل. كل ما اعتبر قيمة منشودة – كالاستيطان والعلاقة بارض الوطن – أصبح محتقرا او مرفوضا. سيغف هو الاخر كان بقدر كبير نقطة انعطاف في تاريخ السياسة الاسرائيلية، نقطة انصرف فيها الخجل عن ناخبينا، وبعدها اصبح العهر السياسي مفهوما بل ومقبولا. فالوعود أصبحت عديمة القيمة، والمباديء والالتزام الايديولوجي ليس اكثر من اوراق مساومة، قابلة للاستبدال في اول فرصة مجدية. الطموح الشخصي وتحقيقه بكل ثمن، اصبح قيمة عليا دحرت كل عائق وأزالت كل أثر اخلاقي وضميري.

التقيت بسيغف في بداية العام 1992، عندما كنت امينا عاما لحركة تسوميت. فقد جاء من اللامكان، بعد أن كان لا يرى على الاطلاق في النشاط الحركي او السياسي، كي يتنافس على المكان الثاني في قائمة الحزب للكنيست (في صالح القراء الذين لا تصل ذاكرتهم الى أبعد من 25 سنة الى الوراء، فقد كانت تسوميت حزبا صقريا علمانيا، عارض بشدة مبدأ “الارض مقابل السلام”).

في نظر الكثيرين – بمن فيهم رئيس الحركة، رئيس الاركان الاسبق رفائيل (رفول) ايتان – اتخذ سيغف صورة “ملح الارض”: طبيب شاب، موهوب وجذري، ذو ماض قتالي في الجيش الاسرائيلي، وسيم، مثقف وذو حضور. الكثيرون – وعلى ما يبدو رفول ايضا – وقعوا ضحية لسحره، وتضللوا وراءه حتى تحطم حركتهم والمباديء التي آمنوا بها.

هكذا اعتبرت ايضا اتفاقات اوسلو في نظر الكثيرين – وعلى ما يبدو في نظر اسحق رابين ايضا – كبشرى جديدة ومنعشة، خطوة سياسية بعيدة النظر والاثر، من شأنها أن تحقق عهدا جديدا من الثراء والسعادة، السلام والسكينة، و “شرق اوسط جديد” يمتد من الكويت وحتى الدار البيضاء، من المغرب وحتى الخليج. مثلما في حالة سيغف، هكذا في حالة اوسلو، وقع الكثيرون ضحية سحره، وسمحوا له بان يضللهم حتى انكسار حلمهم.

اذا سمح لي بلحظة من انعدام التواضع – بخلاف الكثيرين، لم اقع ضحية سحر/فتنة سيغف. العكس هو الصحيح: سرعان ما لاحظت فيه كاذبا أصيلا، أعطى للخداع سمعة سيئة.

والدليل، في تلك اللحظة حقا، حين انتخب سيغف بدعم من رفول الى المكان الثاني في قائمة تسوميت للكنيست – بدلا من صديقة يوآش تسيدون، احد البرلمانيين اللامعين الذين عرفتهم الكنيست – تبلور في قلبي قرار باني لا يمكنني أن ادعو شعب اسرائيل لان يصوت لمثل هذا الرجل، ولهذا فقد سحبت اسمي من مواصلة التنافس، واستقلت من منصبي كأمين عام.

الباقي تاريخ. في احيان غير قليلة أتساءل، كم يمكن له أن يتغير، لو أن الناس كانوا صحوا في الوقت المناسب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى