ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – غموض مزعوم

اسرائيل اليوم– بقلم  ايال زيسر  – 19/4/2021

” ما اوقف الاسد ونصرالله في الماضي ويوقف الايرانيين اليوم هو قدرة الردع لاسرائيل وتفوقها الاستخباري والعملياتي. هذه  – وليس الغموض المزعوم – هي التي تقيد قدرة رد العدو “.

       يمكن انتقاد سياسة الحكومة في المسألة الايرانية، ولكن الى جانب النقد مرغوب فيه ايضا طرح بديل – يتجاوز التوصية بتبني سياسة “اقعد ولا تفعل شيئا” على أمل أن ينقضي التهديد الايراني من تلقاء ذاته، أو ان تعالجه واشنطن نيابة عنا. وبشكل عام يجدر الاعتراف بان السياسة الاسرائيلية في العقود الاخيرة نجحت في تأخير ذي مغزى لطريق ايران نحو النووي، وكذا لكبح تموضع طهران في سوريا. صحيح ان الحديث يدور عن كبح وليس عن توقف تام، ومع ذلك توجد ايران في تخلف من نحو 20 سنة في السباق الى النووي، بينما في سوريا تتخبط في  الوحل المحلي منذ نحو عقد.كل ذلك، دون أن تؤدي مساعي اسرائيل لكبح الايرانيين الى مواجهة جبهوية تحذر منها الكثيرون من بين المنتقدين.

       والان اضيفت حجة جديدة: الحكومة تمس بالغموض بمجرد تصريحاتها (“المتبجحة”) وهكذا تدفع الايرانيين الى الرد. غير أن الغموض قد يكون موجودا في العناوين الرئيسة في الصحف في اسرائيل أو في اوساط اولئك الذين لم يتعلموا بعد قراءة ما بين السطور. ولكن في طهران، في دمشق او في بيروت لا يوجد غموض ولم يكن ابدا. والدليل هو انه حتى بدون تبني المسؤولية الرسمية، يدحرج السوريون بل والايرانيون على نحو دائم تقريبا المسؤولية نحو اسرائيل. وبالمناسبة، غير مرة كان الامريكيون بالذات هم المسربون للانباء عن مسؤولية اسرائيل على هذا الهجوم او ذاك، في مسعى لابعاد كل تهديد عن جنودهم المرابطين في المنطقة.

       يمكن أن نفهم بان لماذا اختارت اسرائيل الابقاء على الغموض في الكثير من اعمالها في الجبهة الداخلية للعدو. فهي غير معنية للسماح بدوخان اعلامي، كفيل بان يكشف امام العدو كم هو هش ومخترق امام القدرات الاستخبارية والعملياتية لديها. اعتبار آخر هو الرغبة في الامتناع عن “دس اصبع في العين” للسوريين او للايرانيين، كي لا تدفعهم نحو الزاوية وتجبرهم على الرد. يحتمل أنه كان مكان لهذه الاعتبارات عندما بدأت اسرائيل  المعركة ضد “محور الشر” قبل قرابة عقدين. ولكن المعركة بين الحروب تلك، لم تعد منذ زمن بعيد سرية بل وخرجت عن نطاق عمليات منفردة وموضعية.

       للغموض توجد ايضا اهمية في  الجانب السياسي، إذ انها تعفي عن اسرائيل النقد بل والقرارات المنددة بها في المؤسسات الدولية. وفضلا عن ذلك فان التصعيد اللفظي في شكل أخذ المسؤولية بشكل مباشر وف من شأنه أن يؤدي الى تدهور غير مرغوب فيه. ولكن ليس الغموض هو الذي منع بشار الاسد من ان يرد بعد الهجوم على المفاعل النووي في 2007، وليس الغموض هو الذي منع نصرالله من الرد على تصفية رئيس اركان حزب الله عماد مغنية  الذين نسبه هو نفسه لاسرائيل. ما اوقفه في حينه ويوقف الايرانيين اليوم هو قدرة الردع لاسرائيل وتفوقها الاستخباري والعملياتي. هذه  – وليس الغموض المزعوم– هي التي تقيد قدرة رد العدو.

       وبالذات لهذا السبب فان الادعاءات التي طرحت مؤخرا في وسائل الاعلام الاسرائيلية، وكأن الحكومة بتصريحاتها تدفع ايران لتصعيد زائد، بعيدة عن الحقيقة. اولا، مسموح لزعماء الدولة ان يعززوا الجمهور الذي يتعرض في كل يوم للتهديدات من طهران بانها ستشطب اسرائيل من على الخريطة. ثانيا، في اسرائيل فقط يقررون السياسة وفقا لعناوين الصحف ويخرجون بسببها الى الحرب ايضا، مثلما حصل في تموز 2006 لحكومة اولمرت. اما في طهران وفي بيروت، بالمقابل، فيرون الافعال، يسمعون التصريحات، ولكن ايضا وبالاساس يدرسون موازين  القوى، يفهمون الخطوط الحمراء لاسرائيل ويجتهدون الا يجتازونها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى