ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم: سنة 2023 لن تكون سنة 1973 في السياسة الاسرائيلية

اسرائيل اليوم  21/7/2025، آفي بار ايليسنة 2023 لن تكون سنة 1973 في السياسة الاسرائيلية

الحرب الحالية وحرب يوم الغفران، ستكونان كما يبدو متعاكستان من حيث تاثيرهما على سياسة اسرائيل. رئيس المعارضة في حينه مناحيم بيغن الذي ايد نظرية “ولا شبر واحد”، انتقل بعد حوالي اربع سنوات، في 1973، كرئيس للحكومة، الى الانسحاب من شبه جزيرة سيناء والى “خطة الحكم الذاتي”.

هذه الانعطافة نقلت الى اليسار (بالمعنى السياسي لهذا المصطلح) مركز ثقل السياسة الاسرائيلية. فقد دفعت الى الهامش “اليمين السياسي”، التيار الذي قبل ذلك مثله بيغن وحتى أنه قام بتعزيزه من خلال تشكيل الليكود (غاحل قبله)، وربط “الليبراليين” بعربة نظرية “لن تتم اعادة ارض تم تحريرها”.

لكن بدلا من ان يحرك بيغن بهذه الصورة المؤسسة الاسرائيلية نحو اليمين، كما ارتسم بالخطأ بعد حرب يوم الغفران والصعود الى الحكم في 1977، حدث العكس: المؤسسة السياسية الاسرائيلية نقلها في حينه الى اليسار بيغن والليكود.

حركة موازية الى اليسار ظهرت في حينه ايضا في الجانب الاخر: في النصف الثاني من السبعينيات سيطرت “الحمائم” على حزب العمل. حتى ذلك الحين كان اقلية هامة ولكن غير حاسمة في حزب السلطة في ظل رؤساء الحكومة “الصقوريين”، واذا شئتم “اليمنيين”، ليفي اشكول وغولدا مئير. الآن قاد “الحمائم” حزب العمل الى الطرق السياسية لمبام وراتس (التي اصبحت ميرتس)، وحتى احدثوا فيها تطرف يساري.

في عملية مهمة نقل الحمائم الى جانبهم شمعون بيرس واسحق رابين، الزعيمان اللذان قادا الحزب في العقود التالية. بيرس ورابين حولوه بالتدريج وغيروا هويته الى حزب يمثل في الساحة السياسية حركة “السلام الان”. كل حركة العمل تبنت للمرة الاولى في تلك السنوات “توجه فلسطيني” لتسوية النزاع مع العرب، مرورا باتفاقات اوسلو بعد عقدين. صحيح انه الى جانب هذه التطورات في قيادة “غوش ايمونيم” التي اقيمت ايضا في تلك السنوات، مرت الصهيونية الدينية بعملية تطرف يمينية. صحيح أنه رغم الاعتدال السياسي لبيغن الا ان الليكود برئاسته عزز جدا، مع الصهيونية الدينية، مشروع الاستيطان في يهودا والسامرة، وهو المشروع الذي بدأته القيادة الصقورية السابقة لحزب العمل.

لكن من ناحية سياسية، خلافا للناحية الاستيطانية، لا يمكن عدم رؤية التوجه “الحمائمي” نسبيا الذي مالت اليه السياسة الاسرائيلية بعد حرب يوم الغفران.

الاحزاب الرئيسية تبنت بدرجة مختلفة التوجه الذي طرحته حركة “السلام الان”، ورفضت بشكل قاطع النهج السياسي الذي طرحته غوش ايمونيم، وقبلها الحركة من اجل ارض اسرائيل الكاملة. السياسة الاسرائيلية كلها بدأت تتبنى بالتدريج شعار “الارض مقابل السلام”، وحتى “دولتان” – وهي الشعارات التي اصبحت نموذج سياسي اسرائيلي، وفي اعقاب ذلك نموذج عالمي. اسرائيل هي التي اعطت الدبلوماسية الدولية صيغة “الدولتان” (لكن ليس بالتحديد “لشعبين”) كمبدأ شبه ديني وطريقة لتجاوز رفض العرب للتسليم بالدولة اليهودية.

نهاية 1973 هي الوقت الرئيسي لحل لغز تجذر هذا النموذج الحمائمي في اسرائيل. الطريقة لسيطرة الحمائم على الخطاب هي اتهام غولدا مئير بـ “رفض السلام” الذي انتهى بالحرب وحافة الهزيمة واتهامها بـ “المفهوم” (الحمائم الان يحاولون الصاق هذا المفهوم بنتنياهو). الحمائم من حزب العمل ومبام تحدوا توصيات لجنة اغرانات التي ركزت على الاخفاقات الاستخبارية والعملياتية. هم نسبوا الرفض الاجرامي لـ “ملكة الحمام”، هكذا سميت غولدا في حينه، والآن اثبت المؤرخون ان هذه هي اتهامات كاذبة.

ما سمح بهذا التلاعب للحمائم في الخطاب السياسي هو ليس فقط التعب من الحرب التي “لم يقولوا لها في أي يوم كفى”، بل الادعاء الذي كان مستوعبا والذي حتى ذلك الحين لم يجربوه، وهو السلام. كان لديهم وعد ناجع للخروج من طريق ما بعد الحرب التي هاجمت اسرائيل رغم النصر في 1973. وهذا بالضبط هو الفرق بين 1973 و2023.

الان مثل هذا الادعاء غير مستوعب. خلفنا الاخفاقات الذريعة لاوسلو والانفصال. الادعاء بان فظائع 7 اكتوبر تنبع منها مقنعة اكثر من تجاهل اليسار. الاحزاب التي ستسبح ضد هذا التيار سيتم ضربها في صناديق الاقتراع.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى