ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم يوآف ليمور – اسرائيل – ايران ، نهاية الغموض

اسرائيل اليوم – بقلم  يوآف ليمور  – 7/11/2019

لا حاجة لعين حادة او اذن موسيقية كي تميز بان شيئا ما اساسيا في سياسة الامن الاسرائيلية تغير في الاسابيع الاخيرة. فالحرب ما بين الحروب – تلك التي كانت درة التاج في النشاط الامني على مدى سنين – تذوب امام ناظرينا، دون أن يتم وضع سياسة بديلة لها.

لقد ولدت الحرب ما بين الحروب في بداية العقد الماضي، ولكنها تضخمت واتخذت شكلا ومضمونا في اثناء الحرب الاهلية في سوريا. فقد استغلت اسرائيل سنوات الحرب النازفة كي تحقق مصالحها، وعلى رأسها ثلاث مصالح: منع نقل وسائل قتالية متطورة الى حزب الله في لبنان، منع تثبيت وجود ايران وفروعها في سوريا، ومنع اعمال ارهابية معادية على حدود اسرائيل في الجولان.

ان التعليمات الواضحة للحرب ما بين الحروب كانت “العمل دون حافة الحرب”. العمليات والنشاطات كانت تقر حين كان واضحا انه حتى لو انكشفت او تعقدت – لن تؤدي الى الحرب. وفي احيان نادرة فقط اقرت اعمال مكشوفة بوضوح. وفي ظل الحرب ما بين الحروب نفذت في السنوات الاخيرة الاف النشاطات. القسم الاكبر منها قام بها سلاح الجو. ولكن كانت اعمال اخرى – من سايبر، عبر عمليات خاصة وحتى خطوات دبلوماسية، اقتصادية، اعلامية وبالوعي. كل هذه جمعت في معركة مرتبة، وان لم تستبعد التهديدات الا انها اخرتها وشوشتها.

ولكن في الفترة الاخيرة كادت الحرب ما بين الحروب تختفي. فلو كان في الماضي مر اسبوع دون عملية واحدة على الاقل نسبت لاسرائيل في المجال، ففي الاسابيع الاخيرة تفرض اسرائيل على نفسها لجما ظاهرا. وقد نبع هذا من فترة الانتخابات ومن الرغبة في السماح للاعياد بان تمر دون تصعيد امني، ولكن الصورة الكاملة اكثر تعقيدا. فالامتناع الاسرائيلي عن العمل ينبع من الفهم بان الحرب ما بين الحروب في صيغتها المعروفة – العمل دون حافة الحرب – باتت ذات صلة اقل، وكل عمل اسرائيلي من شأنه ان يؤدي الى التصعيد، بل وربما الى الحرب.

وتنطبق الامور اساسا على ايران. فحتى وقت أخير مضى درجوا في الجيش الاسرائيلي على الحديث عن “الكرت”، والتي يوجد لاسرائيل فيها عددا معينا من النقاط (أي العمليات). وفي هذا الكرت كان يمكن لاسرائيل أن تعمل بحرية، ومع انتهائه كانت تنتظر الرد. وقد عبر هذا عن نفسه بالارقام: بينما ضربت اسرائيل لعدد كبير من المرات المصالح الايرانية بشكل مباشر وغير مباشر في المنطقة، لم ترد ايران الا أربع مرات في السنتين الاخيرتين بهجمات نحو اسرائيل.

أما الان، فقد طرأ تغيير في السياسة الايرانية والفهم في اسرائيل هو أنه على كل هجوم سيأتي رد فوري. هذا التغيير ينبع من الثقة التي جمعتها ايران مؤخرا في اعقاب سلسلة خطوات لم تكن ترتبط باسرائيل، وعلى رأسها هجوم الحوامات والصواريخ الجوالة على البنى التحتية النفطية في السعودية – والذي لم يكن عليه رد. كانت هذه ذروة الحرب ما بين الحروب الايرانية – والتي يقودها قائد قوة القدس، قاسم سليماني، والذي يسعى هو الاخر لتحقيق مصالح بلاده دون أن يورطها في الحرب.

كجزء من هذه الحرب ما بين الحروب، نشر سليماني قوات ووسائل قتالية ليس فقط في لبنان وفي سوريا، بل وايضا في العراق وفي اليمن. والفكرة هي التهديد، وعند الحاجة العمل ايضا، من غير الاراضي الايرانية، وهكذا الابقاء على بعد من الغموض حول هوية المنفذين وابقاء ايران خارج دائرة الرد المحتمل. تستوجب هذه السياسة من اسرائيل ايضا تغيير سياستها. اذا لم تكن الحرب ما بين الحروب ان تتم بحجوم واساليب تمت فيها في الماضي خوفا من التصعيد، فان على اسرائيل أن تجد وسائل اخرى لصد السياقات المتطرفة التي تتصدرها ايران وحلفائها، كي تتمكن من الدفاع عن مصالحها.

مطلوب استراتيجية جديدة

قد يكون لضبط النفس المؤقت الذي تفرضه اسرائيل على نفسها مؤخرا فضائل في المدى القصير، ولكن اضراره قد تكون كبيرة في المدى البعيد. مثال على ذلك جاء في الاسبوع الماضي في لبنان، عندما اطلق حزب الله صاروخ ارض – جو نحو طائرة بلا طيار في جنوب لبنان.

كان الحديث يدور عن تغيير فظ في السياسة من جانب المنظمة التي اختارت استخدام السلاح الذي ابقته للحرب. اما اسرائيل فاختارت الا ترد على هذا الاستفزاز، والكثيرون في جهاز الامن يعتقدون بان هذا كان خطأ:  وانه كان من الواجب التدمير الفوري لوسيلة الاطلاق التي اطلقت النار من أجل الايضاح لحزب الله بانه اجتاز خطا أحمر، حتى بثمن تصعيد موضعي.

اعربت عدة محافل هذا الاسبوع عن القلق من الامتناع الاسرائيلي عن العمل في هذه الحالة وفي حالات اخرى. وهي تعتقد بان على اسرائيل ان تبلور لنفسها استراتيجية جديدة، وان تطبقها بسرعة. برأي هذه المحافل، رغم الخوف من التصعيد، لا يوجد لاسرائيل مفر من العمل.

لما كانت ايران مصممة على مواصلة سياستها، فانه لا توجد أي جهة اخرى غير اسرائيل – الامريكيون، الروس وبالتأكيد اوروبا –لتوقفها، واذا لم تضع اسرائيل امام الايرانيين شارة ثمن واضحة، وتعمل على الفور، فانها سرعان ما ستتبين بان المنطقة تتغير، في طالحها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى