ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم نداف شرغاي – صراع اردني – سعودي في الحرم

اسرائيل اليوم– بقلم  نداف شرغاي – 12/3/2021

هكذا تجد إسرائيل نفسها “قدم هنا، قدم هناك”، تراوح في هذا الصراع الإسلامي بين الأردن والسعودية، ترضي مرة هذا ومرة ذاك“.

حدثان ذوا معنى تاريخي – ديني، كادا، فقط كادا، يقعا في اليوم  الماضي، تأجلا في نهاية الامر، يلمحان كم هو عميق وخفي الصراع بين الاردن والسعودية حول الوصاية على الاماكن الاسلامية المقدسة في القدس – مساجد الحرم. والى هذا الصراع علقت بغير ارادتها اسرائيل ايضا.

الامير الحسين، نجل عبدالله ملك الاردن، كان يوشك ان يدخل أول امس بوابات الحرم، كي يؤكد امام العالم المكانة الرسمية التاريخية للاردن، كالوصي الحالي عن العالم الاسلامي على الحرم. غير أن في اللحظة الاخيرة، بذريعة “جدال حول ترتيبات الحراسة”، الغيت الزيارة. من زاوية النظر الاردنية فان “غرس العلم” العلني هذا كان  ضروريا على عجل، على خلفية انباء غير منفية في أن ولي عهد آخر، سعودي، محمد بن سلمان، يجري مفاوضات مع اسرائيل على مجرد عقد لقاء مع رئيس الوزراء نتنياهو. وفي الاتصالات مع السعوديين ايضا، يدرج موضوع الحرم. السعودية، كقوة عظمى اسلامية تسيطر منذ الان على مكة والمدينة، الموقعين الاوليين في قدسيتهما للاسلام، تبدي اهتماما متصاعدا بموطيء قدم هام في المسجد الاقصى ايضا، الموقع الثالث في قدسيته للاسلام. تسعى السعودية لان تقيم في الحرم وضع راهن جديد. وهي مستعدة لان تستثمر في القدس وفي الحرم مالا طائلا من عشرات مليارات الدولارات وان تقيم مع اسرائيل تطبيعا على مستوى ما.

المقابل الذي تطالب به ضمن امور اخرى  هو الشراكة الكبيرة، الى جانب اسرائيل، في الادارة الفعلية للحرم، بدلا من أو الى جانب الاردن. للسعودية ستجلب مكانة كهذه ربحا هائلا: مكانة قوة عظمى دينية، تسيطر على الاماكن المقدسة الاسلامية الثلاثة، وهزيمة تركيا اردوغان ايضا، الذي كما هو معروف لا يتوقف عن محاولاته “تحرير” الحرم من ايدي اسرائيل.

أما الاردن من جهته فغاضب على مجرد طرح الفكرة. فالسلالة الهاشمية خسرت للسعوديين منصب “حامي الاماكن الاسلامية المقدسة” في مكة وفي المدينة بعد الحرب العالمية الاولى.  و “واست  نفسها” بالوصاية الثانوية على الاماكن الاسلامية المقدسة في القدس. وابقيت لها هذه المكانة ايضا في اطار منظومة علاقاتها مع اسرائيل بعد 1967.  

واصل الاردن دورن في الادارة الدينية للحرم من خلال الاوقاف الاردنية. ونال الاعتراف بالمكانة العليا في الحرم في اطار اتفاق السلام مع اسرائيل في 1994، وهو مشارك نشط وذو رأي في سلسلة امور جارية تتعلق بالحرم. بدء بترميم اسوار الحرم، عبر مناورات مشتركة مع قوات انقاذ اسرائيلية في الحرم (هذا الاسبوع فقط) وحتى الفيتو الذي تستخدمه بين الحين والاخر على مخططات اسرائيلية حتى في “محيط  الحرم” (استبدال جسر المغاربة او اخلاء نفايات البناء من “الحائط الصغير”).

عندما بعث الملك خالد، ملك السعودية الرابع في بداية الثمانينيات بالرسل لمناحم بيغن وعرض عليه مالا طائلا لتطوير شرق اوسط جديد مقابل علم سعودي في الحرم، القى بيغن الرسل عن كل الدرج. اما اليوم فتغيرت الازمنة. نتنياهو ورجاله يشاركون في محادثات على امكانية ادراج السعودية كصاحب مكانة في الحرم. وقد بدأ هذا منذ الفترة التي اعدت فيها خطة القرن وتواصل حتى وقت اخير مضى.

تحولت اسرائيل عمليا الى نوع من “شرطي المرور” في الحرم.  وهي تحاول، وليس دوما بنجاح، الحرص على مكانتها كصاحبة السيادة في الحرم، والى جانب ذلك المراوحة بين مصالح متضاربة لجهات عربية واسلامية مختلفة، في هذه اللحظة – السعودية والاردن.

بالنسبة للاردن، الذي يساهم في الحدود الشرقية  بالهدوء معنا ويدير منظومة علاقات اقتصادية وامنية متفرعة مع اسرائيل فان الحرم ليس فقط رمزا تاريخيا بل وايضا مرسى وضمانة لاستقرار الحكم في المملكة؛ حكم تثور ضده غير مرة محافل الإسلام المتطرف. وهكذا تجد إسرائيل نفسها “قدم هنا، قدم هناك”، تراوح في هذا الصراع الإسلامي بين الأردن والسعودية، ترضي مرة هذا ومرة ذاك.

الى أن تكون حاجة الى حسم آخر– ويحتمل ألا  تكون هذه اللحظة بعيدة  – الأردن لا يزال الشريك المفضل على إسرائيل في الحرم. وذلك رغم أنه يحتاج إسرائيل، ليس اقل ويبدو اكثر مما تحتاج إسرائيل له.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى