اسرائيل اليوم – بقلم ليمور سميان درش – بداية عصر الاحتواء

اسرائيل اليوم– بقلم ليمور سميان درش – 3/10/2021
” ليس فقط العودة الى الاتفاق القديم، الاشكالي والخطير لاسرائيل، تبدأ في ان تصبح حقيقة ناجزة في السلوك الحالي بل يبدو أن التطلع الايراني هو لنيل اعتراف اضافي، هذه المرة كـ “دولة حافة نووية “.
“الاتفاق لم يكن الحل، ولهذا فان الخروج (للولايات المتحدة) من الاتفاق ليس المشكلة”، قال سفير الولايات المتحدة السابق في اسرائيل ديفيد فريدمان حين سئل مؤخرا عن الاتفاق النووي مع ايران. وبالفعل، فان هذا اتفاق مثقب، عديم وسائل الرقابة الحقيقي. ان الاتفاق الذي اعطى شرعية لعودة ايران الى حضن دول العالم مع مليارات الدولارات لمواصلة تمويل عدواناتها. وفوق كل شيء، إذن مجلس الامن في الامم المتحدة لمواصلة تخصيب اليورانيوم وتطوير برنامج نووي “لاغراض سلمية”.
ولكن في السنوات الاخيرة، في اطار الصراع السياسي الاسرائيلي الداخلي هناك من يطورون رواية كاذبة وكأن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 بضغط اسرائيل هو بالذات ما خلق المشكلة وادى الى خروقات الاتفاق من جانب ايران.
منذ تشرين الاول 2015، بعد نحو ثلاثة اشهر من التوقيع على الاتفاق نشر زعيم ايران الاعلى، خامينئي، رسالة الى الرئيس روحاني مع تسعة شروط لتطبيق الاتفاق، تلغي عمليا ما جاء فيه. ضمن امور اخرى، تأجيل اخراج اليورانيوم المخصب من ايران الى موعد غير معروف، تأجيل الالتزام بتغيير هدف المفاعل في اراك وغيرها. عندما تعلن ايران، بالتالي، في 2019 ان في غضون اسبوعين ستستأنف النشاط في المفاعل، واضح ان هذا ليس خرقا للاتفاق في ضوء خروج الولايات المتحدة منه. فلو كانت هدمت المفاعل كما تعهدت، لما كانت امكانية لاستئناف اعماله في زمن قصير كهذا.
توجد وفرة اخرى من الدلائل على أن الاتفاق لم يطبق ابدا من جانب ايران. فالارشيف الذي وضعت اليد عليه كشف النوايا العسكرية للبرنامج النووي – وفوق كل شيء توجد حقيقة أن الاتفاق لم يقره خامينئي ابدا. و “الفتوى” التي وعد بها لم تنشر في اي قناة رسمية. ومثلما لم تبدأ ايران في خرق الاتفاق في 2018 فقط، هكذا ايضا لم يبدأ تشكله بعد انتخاب روحاني في 2013 فقط وفي ضوء “الخط المعتدل” الذي عرضه. فمنذ 2012 وافقت، او لعلها استسلمت، ادارة اوباما واعترفت بحق ايران في تخصيب اليورانيوم، الشرط الذي رفضته الاسرة الدولية على مدى السنين، وفي اعقاب رسالة سرية نقلت الى ايران، صدر ضوء اخضر لبدء المفاوضات.
وبالتالي فان الاتفاق النووي لم يكن ابدا حلا لمنع المشكلة الايرانية. فقد الغى مطلب “منع” ايران نووية وادى الى خطاب بديل يتمثل بـ “تأخير” الموعد الذي يحصل فيه هذا. فضلا عن ذلك من الصواب ان نرى فيه كنتيجة لتخطيط مسبق ومتفق عليه من عموم قيادة النظام الايراني بين المعتدلين والمحافظين، ادى الى الهدف الحقيقي – رفع كل العقوبات التي فرضت على ايران والاعتراف بالبرنامج النووي “المدني” لديها مقابل وثيقة لم يكن في نيتها احترامها منذ يومها الاول.
لا غرو إذن في ان ايران لم تعلن ابدا عن الغاء الاتفاق من جانبها: لا بعد خروج الولايات المتحدة منه ولا بعد فرضها العقوبات عليها. العكس هو الصحيح، واصلت ايران افراغه من محتواه مع علمها انه سيكون من الصعب حتى المتعذر الغاء ما نص عليه في قرار لمجلس الامن في الامم المتحدة.
في ضوء كل هذا يجدر بنا ان ننظر جيدا الى المباحثات حول الاتفاق اليوم. فحسب تقري معهد “ممري” من شهر آب فان ايران لا تطلب فقط ابقاء اتفاق 2015 على حاله. فمنذ كانون الثاني من هذا العام، اعلن خامينئي بان الهدف الرئيس هو الالغاء الفوري لكل العقوبات (تلك المتعلقة بالموضوع النووي وتلك التي فرضت بسبب الارهاب وخرق حقوق الانسان). بعد الغائها وطلب التعويض عليها، ستتفضل ايران بالموافقة على اتفاق جديد ينص على حقها في ان تكون دولة حافة نووية (مثل المانيا واليابان).
بكلمات اخرى، فليس فقط العودة الى الاتفاق القديم، الاشكالي والخطير لاسرائيل، تبدأ في ان تصبح حقيقة ناجزة في السلوك الحالي بل يبدو أن التطلع الايراني هو لنيل اعتراف اضافي، هذه المرة كـ “دولة حافة نووية”. فلئن كان في عهد اوباما استهدف الهدف الاعلى “لمنع” بالمساومة على “التأخير” البرنامج النووي الايراني، في عهد ادارة بايدن من شأننا ان نجد انفسنا على عتبة عهد جديد:عهد “الاحتواء”. والاتفاق النووي القديم او الجديد بهذه الروح، ليس فقط لا يشكل حلا للخطر الايراني، بل يبدأ في أن يكون جزءا من المشكلة.